احكام الصيام

الكاتب: مروى قويدر -
احكام الصيام

احكام الصيام.

 

 

حكم الصيام:

 

ينقسم الصيام بالنظر إلى حُكمه إلى عدّة أنواعٍ، بيان وتفصيل كلٍّ نوعٍ منها، فيما يأتي:

  • الصيام الواجب: ويُنقسم إلى قسمَين؛ فإمّا أن يكون صياماً واجباً، وله أصلٌ شرعيٌّ؛ ويتمثّل بصيام شهر رمضان، وإمّا أن يكون صياماً واجباً، بسببٍ من المكلّف؛ وهو صيام الكفّارات والنُّذور، ومن أمثلة صيام الكفّارات: كفارة اليَمين، وكفّارة القَتْل الخطأ، وكفّارة الظِّهار، وكفّارة الجِماع في نهار رمضان، وفدية الأذى للمُحرم، وفِدية لِمَن لم يجد الهَدْي، وفِدية جزاء قتل الصيد حال الإحرام.
  • الصيام المستحبّ: وهو صيام التطوّع، بشرط ألّا يكون في يومٍ حُرّم صيامه، وقد بيّنت الأحاديث فَضْل صيام التطوّع، منها: قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ ، عزَّ وجلَّ باعدَ اللَّهُ وجهَهُ من جَهَنَّمَ ، سبعينَ عامًا)، ومن الصيام المستحبّ: صيام ستة أيّامٍ من شوّال؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)، ومن الصيام المستحبّ أيضاً: صيام أوّل ثمانية أيّامٍ من شهر ذي الحِجّة، بالإضافة إلى يوم عرفة لغير الحاجّ، قال الرسول -عليه السلام-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ)، ومن الأيّام المستحبّ صيامها: التاسع والعاشر من شهر مُحرّم، والشهر بعمومه، ويومي الاثنين والخميس، وثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وصيام يومٍ وإفطار يومٍ آخرٍ.
  • الصيام المكروه: ويُكره الصيام في عدّة أيّامٍ وأحوالٍ؛ منها: صيام الدَّهر؛ أي مُواصلة الصيام كلّ يومٍ دون انقطاعٍ، باستثناء الأيّام المنهيّ عنها، وكذلك يُكره صوم الوصال؛ أي صيام يوميَن متتاليَين، دون الفِطْر بينهما، كما يُكره صيام يوم عرفة للحاجّ، وصيام يوم الجمعة منفرّداً، أو السبت منفرداً، وتخصيص شهر رجب بالصيام.
  • الصيام المحرّم: إذ يُحرّم صيام يومي العيديَن، وأيّام التشريق؛ وهي: الحادي والثاني والثالث عشر، من شهر ذي الحِجّة، وكذلك يُحرّم صيام يوم الشكّ؛ وهو اليوم الثلاثون من شهر شعبان.

 

أحكامٌ متعلّقةٌ بالصيام:

 

حكم صيام المسافر

 

يجوز للمسافر الإفطار في نهار رمضان، باتّفاق الأمّة، ويتساوى في الحكم القادر والعاجز، سواءً حصلت المشقّة أم لا، ويعتبر الشخص مُسافراً عُرفاً، مسافةً يتجاوز فيها البلد، وما اتّصل فيه من البناء، وألّا يكون سفره لتحقيق معصيةٍ ما، وألّا يقصد بالسفر التحايل لأجل الفِطْر، وإن سافر الصائم في النّهار، وكان مُقيماً؛ يجوز له الفِطْر، وإن وصل المسافر إلى مكان إقامته نهاراً؛ فمن السّنة أن يُمسك؛ مراعاةً لحُرمة الشهر، وعليه القضاء، سواءً أفطر أم لا.

 

حكم صيام الحامل والمُرضع

 

يجوز للحامل والمُرضع الإفطار في نهار رمضان، باتّفاق الفقهاء، ويُشترط لذلك أن تخافا على نفسيهما، أو على ولدهما، أو على ولدهما ونفسسيهما معاً، من المرض، أو زيادته، أو من الضرر، أو الهلاك، أو المشقّة، وكَرِهَ الحنابلة صومهما، واعتبر المالكيّة الحَمْل مرضاً حقيقةً، والرِّضاع بحُكم المرض، وليس مرضاً حقيقةً.

 

حكم صيام الحائض والنفساء

صيام الحائض والنّفساء لا يجوز، ولا يصحّ، إذ عليهما الإفطار وقت الحيض والنّفاس، ويجب عليهما قضاء الصيام دون قضاء الصلاة؛ لِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).

 

حكم صيام المريض وكبير السِّن

 

يختلف حكم صيام المريض وكبير السِّن بالنظر إلى حال المرض والمريض، بيان وتفصيل ذلك فيما يأتي:

  • المرض المزمّن الذي لا يُرجى الشفاء منه: فالمريض مرضاً مُزمناً، لا يرجى شفاؤه منه؛ يُفطر في رمضان، وعليه القضاء إن استطاع، وإلّا إطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ أفطره، لقول الله -تعالى-: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، وتجدر الإشارة إلى أنّ تحديد درجة المرض تكون من قِبَل الأطباء الثقة المؤتمنون.
  • المرض الذي يُرجى الشفاء منه: يجوز للمريض الإفطار في نهار رمضان، على أن يقضيَ الأيّام التي أفطرها بعد شفائه.
  • صيام الكبير في السِّن: لا يجب الصيام على كبير السِّن إن لم يستطع الصيام، ويجوز له الإفطار في رمضان، على أن يُطعم مسكيناً عن كلّ يومٍ، نصفُ صاعٍ، ممّا يَقتات به أهل البلد، سواءً من التمر، أو الأرز، أو غيرهما، ويقدّر بكيلو ونصفٍ تقريباً، أمّا إن كان فقيراً؛ فلا شيء عليه، كما بيّن ذلك الصحابة -رضي الله عنهم-، وتجدر الإشارة إلى أّن الإطعام يُمكن أن يؤدّى لشخصٍ واحدٍ، أو أكثر.

 

حكم استعمال القَطْرات أثناء الصيام

 

بيّن علماء العصر الحديث حكم استعمال القطرات من قِبَل الصائم، بالنظر إلى نوع القَطْرة، وبيان ذلك فيما يأتي:

  • قَطْرة العين: بيّن العلماء حكم قَطْرة العين قياساً على الاكتحال، وذهبوا في ذلك إلى رأييَن، بيانهما آتياً:
    • الرأي الأول: قال كلٌّ من الحنفيّة، والشافعيّة، والظاهرية؛ بأنّ قطرة العين لا تُفطر الصائم، قياساً على أنّ الاكتحال لا يُفطر، سواءً وُجد طَعْمه في الحَلْق، أم لا، كما أنّ العين لا تعتبر منفذاً للحلق.
    • الرأي الثاني: قال المالكيّة، والحنابلة؛ بأنّ الكحل يُفطر، إن وُجد طعمه في الحَلْق، وإن لم يُوجد الطعم فلا يُفطر، وعلى ذلك تُقاس قطرة العين.
  • قطرة الأنف: قال كلٌّ من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة؛ بأنّ ما يصل إلى الجوف من الأنف؛ يُفسد الصيام، وإن لم يصل؛ فلا يُفسد الصيام.
  • قطرة الأُذن: اتّفق العلماء على أنّ ما وصل إلى الجوف من الأُذن؛ فيُفطر، وإن لم يصل؛ فلا يُفطر.

 

استخدام الحقُن العلاجيّة أثناء الصيام

 

الحقُن العلاجيّة ثلاثة أنواعٍ؛ وريديّةٌ، وعضليّةٌ، وجلديّةٌ، وقد استخدم مصطلح الحُقنة قديماً للحُقنة الشرجيّة، أمّا في العصر الحديث فيُراد بالحُقنة؛ الإبر المُستعملة لإدخال السوائل والعلاجات إلى الجسم، وقد اختلف الفقهاء في حُكمها؛ فمنهم مَن قال بأنّ الحُقن جميعها لا تُفطر؛ لأنّها ليست أكلاً ولا شُرباً، ولم تَصِل إلى الجوف، ومنهم: محمد شَلتوت، ومحمد بخيت المُطيعي، وأحمد الشرباصيّ، ويُوسف القرضاويّ، وفرّق آخرون في نوع الحُقنة؛ ومنهم: ابن عثيمين، وابن باز، وعبد الحليم محمود، ومحمد عُقلة، ومحمد أبو زُهرة؛ فقالوا بأنّ المغذّية مُفطرةٌ؛ إذ يُستغنى بها عن الطعام والشراب، وغير المغذّية؛ غير مُفطرةٍ.


أمّا حَقْن الدم ونقله؛ فاختلف العلماء في اعتباره مُفطراً أم لا، وذهبوا في ذلك إلى قولَين؛ الأوّل: وقال به: ابن باز، وعبد العزيز آل الشيخ، ومحمد التويجري، وغيرهم؛ فقالوا إنّ نقل الدم يُفطر ويُفسد الصيام؛ باعتباره خُلاصة الغذاء، والثّاني: وقال به: ابن عثيمين، وأحمد حطيبة، وخالد المصلح، وغيرهم؛ فقالوا: لا يُفطر الصائم بنقل الدم؛ لأنّه ليس أكلاً، ولا شُرباً، ولا يدخل في معناه.

 

غسيل الكلى أثناء الصيام

 

غسيل الكِلى يُفطر الصائم؛ لأنّ السائل المُستعمل في الغَسْل يعتبر من السوائل المُغذّية، كما أنّ فيه دخولاً لأجسامٍ إلى الجوف، ومع ذلك فيُستحبّ لِمَن غسل الكِلى إمساك بقيّة اليوم، إن كان قادراً، مع وجوب القضاء عليه بعد رمضان، وإن كان صيام رمضان يُلحق به، وبصحّته الضرر، بالاستناد إلى أقوال الأطباء؛ فلا يصومه، وتترتّب عليه الفِدية.

 

حكم استعمال التحاميل الشرجيّة أثناء الصيام

 

اختلف العلماء في حكم استعمال التحاميل في نهار رمضان، إن كانت تُبطل الصيام أم لا، وذهبوا في ذلك إلى قولَين بيانهما آتياً:

  • القول الأوّل: إنّ التحاميل الشرجيّة تُفسد الصيام؛ وذلك لأنّها دخلت إلى الجوف، من أحد منافذ الجسم، سواءً كانت مطعوماً أم لا، وهو ما أفتت به دائر الإفتاء الأردنيّة.
  • القول الثاني: لا يفسد الصيام بالتحاميل الشرجيّة؛ لعدم تحقّق علّة الغذاء فيها، فلا تأخذ حكمه، وهو قَول الدكتور يوسف بن عبد الله الشُبيليّ.

 

حكم استعمال معجون الأسنان أثناء الصيام

 

بيّن العلماء حكم استعمال الصائم فرشاة ومعجون الأسنان؛ قياساً على استعمال السواك، بالنظر إلى أنّ الغاية من كلا الأمريَن تتمثّل في تنظيف الأسنان، فقالوا بأنّ كلا الأمريَن لا يُفسدا الصيام، مع الحرص على عدم دخول شيءٍ إلى الجوف، بعدم اعتبار الفم جزءاً من الجوف.

 

استعمال العطر في نهار رمضان

 

استعمال الصائم للعطور والبخور؛ لا يُفطّره، إلّا إن ابتلع عين دُخان البخّور، ودخلت جوفه، إلّا أنّ استعماله للروائح العِطريّة والبخور؛ ممّا يُسنّ تركه؛ من باب تعويد النّفس على مخالفة الهوى والشّهوات؛ تحقيقاً لمقاصد الصيام.

شارك المقالة:
79 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook