يعتقد معظم الأشخاص أن درجة حرارة الجسم الطبيعية هي درجة الحرارة الفموية (أي المقاسة عن طريق الفم) وهي 37 درجة مئوية، لكن في الحقيقة هذه القيمة هي درجة حرارة الجسم الطبيعية الوسطية، وتعتبر درجة حرارة جسمك طبيعية إن كانت أقل أو أكثر من 37 بحدود 0.6 درجة مئوية، أي تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية بين 36.4-37.6 درجة مئوية.
تتغير درجة حرارتك الطبيعية خلال اليوم بمقدار 0.6 درجة مئوية وذلك اعتماداً على ما تفعله (مستوى نشاطك) وعلى الوقت الذي تقاس فيه درجة الحرارة، كما أن درجة حرارة الجسم حساسة جداً للتغيرات الهرمونية.
لذلك من غير المستغرب أن تجد أن درجة حرارة جسمك الطبيعية تتأثر بعدة عوامل كالجهد، والطعام، والنوم، والدورة الشهرية.
تكون درجة الحرارة أعلى ما يمكن في تمام الساعة السادسة مساءً، وأقل ما يمكن في تمام الساعة الثالثة فجراً، كما تكون درجة حرارة جسم المرأة بعد الإباضة (النصف الثاني للدورة الشهرية) أعلى بنصف درجة من درجة حرارتها خلال النصف الأول للدورة الشهرية.
تتم المحافظة على درجة حرارة الجسم الطبيعية عن طريق عمليات الهدم والبناء المتوازنة للمواد الغذائية وخاصة الغلوكوز (الذي يعتبر وقود الجسم)، ويتحكم بهذه العملية مركز تنظيم حرارة الجسم الذي يتوضع في الدماغ بمنطقة تدعى تحت المهاد، ويتأثر هذا المركز بعدة عوامل خارجية وداخلية، مما يسبب انخفاضاً أو ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم.
يمكن قياس درجة حرارة الجسم بمقياس الحرارة الزئبقي، وهناك عدة طرق لقياس درجة الحرارة: فموية، إبطية وشرجية وغيرها.
أكثر طرق قياس الحرارة شيوعاً من ناحية الاستعمال هو القياس الفموي للحرارة حيث يتم وضع ميزان الحرارة تحت لسان المريض ويغلق فمه لمدة 3 دقائق على الأقل، ومن ثم يتم إخراج ميزان الحرارة من الفم وقراءة درجة الحرارة عند الرقم الذي وصل له الزئبق المتمدد بفعل الحرارة.
تستخدم طريقة القياس الفموي والإبطي لقياس درجة الحرارة عند الكبار والأطفال، أما عند الرضع فنلجأ إلى القياس الشرجي للحرارة حيث نُدخل ميزان الحرارة 1-2 سم داخل الشرج وننتظر 3 دقائق قبل سحب الميزان وقراءة درجة الحرارة.
تكون درجة الحرارة المقاسة شرجياً أعلى قليلاً من تلك المقاسة فموياً، بينما تكون درجة الحرارة المقاسة تحت الإبط أخفض قليلاً من تلك المقاسة فموياً. أما الطريقة الأكثر دقة لقياس درجة الحرارة هي عن طريق الشرج.
تُعرَّف الحمى عند الكبار بأنّها تجاوز درجة حرارة الجسم المقاسة فموياً 38 درجة مئوية، أو تجاوز درجة الحرارة المقاسة عبر الشرج 38.3 درجة مئوية.
كما تُعرّف الحمى عند الأطفال بأنّها تجاوز درجة الحرارة المقاسة شرجياً 38 درجة مئوية.
من الضروري قبل متابعة الحديث عن الحمى توضيح بعض المفاهيم المتداولة بكثرة في موضوع الحمى.
بما أن الحمى (fever) عبارة عن ارتفاع درجة حرارة الجسم الداخلية أكثر من الطبيعي، فيطلق عليها أيضاً اسم الحمى الداخلية (internal fever).
الحمى الداخلية هي إحدى دفاعات الجسم الطبيعية ضد الجراثيم والفيروسات التي لا تستطيع أن تعيش في درجة حرارة عالية، لذلك يجب عدم علاج الحمى إلا إذا ترافقت مع أعراض وعلامات مزعجة.
يجب تفريق الحمى الداخلية عن مصطلح آخر يدعى فرط الحرارة (Hyperthermia) وهو خلل في عملية تنظيم جسمك للحرارة، والذي ينتج عنه ارتفاع درجة حرارة الجسم. ينجم فرط الحرارة عادة عن مصادر خارجية كالتواجد في بيئة حارة، والإصابة بضربة الحرارة (أو ضربة الشمس)، من الأسباب الأخرى لفرط الحرارة التأثيرات الجانبية لأدوية معينة.
يجب عدم الخلط بين الحمى الداخلية والتعرق الليلي (night sweats) والهبات الساخنة (hot flashes) التي تحصل نتيجة التغيرات الهرمونية عند النساء في فترة انقطاع الطمث (سن اليأس)، حيث تتميز الهبات الساخنة بإحساس مفاجئ بالحرارة وقد تترافق مع توهج واحمرار الجلد (وخصوصاً الوجه) ومع التعرق، وهي تختلف عن الحمى.
القشعريرة، والتي قد تسمى أيضاً الحمى الباردة (rigor) عبارة عن نوبة من الارتعاش والارتجاف الشديد والتي قد تحدث في حالات الحمى الشديدة.
إن الارتجاف يعد منعكساً فيزيولوجياً طبيعياً يحصل عندما يشعر شخص ما بالبرد ويهدف إلى رفع درجة حرارة الجسم.
يُصاحب محاولات الجسم رفع درجة الحرارة الداخلية استجابات انعكاسية أخرى مألوفة كانقباض الأوعية المحيطية وتقلص العضلات الناصبة للأشعار، ويحدث ذلك أيضاً في بعض حالات الحمى الشديدة، هذا الأمر يسبب شحوب الجلد مع إحساس بالبرودة، مع أن درجة حرارة الجسم تكون مرتفعة داخلياً.
تدل القشعريرة (الحمى الباردة) على عدوى جرثومية شديدة عادةً، فهي لا تحصل في جميع حالات الحمى بل بالشديدة منها فحسب، ولذا يجب عدم إهمالها.
هي مرض خطير وقاتل، يشبه الانفلونزا، ينتقل عن طريق البعوض.
يتميز هذا المرض بالحمى واليرقان. إن اليرقان عبارة عن تلون الجلد والعينين باللون الأصفر، ولذلك تدعى هذه الحمى بالحمى الصفراء.
كثيراً ما تنتشر الحمى الصفراء في أفريقيا وجنوب أمريكا، وهي غير قابلة للعلاج في حال أصيب الشخص بها، لكن يمكن الوقاية منها عن طريق اللقاح.
العامل المسبب للحمى الصفراء هو الفيروس المُصفِّر (Flavivirus)، وينتقل هذا الفيروس إلى البعوضة عندما تلدغ إنساناً أو قرداً مصاباً، وعندما تعود البعوضة لتلدغ إنساناً آخر تنقل إليه هذا الفيروس. وبذلك فإنّ الحمى الصفراء تنتقل حصراً عن طريق لدغة البعوضة ولا تنتقل من إنسان لإنسان.
تتطور الحمى الصفراء سريعاً خلال 3-6 أيام من التعرض للدغة البعوضة، وتكون الأعراض الأولية للمرض مشابهة لتلك التي لفيروس الانفلونزا: صداع، آلام عضلية ومفصلية، قشعريرة وحمى.
تستمر الأعراض السابقة في الطور الحاد (Acute phase) للمرض كما يحدث في هذا الطور نقص شهية وآلام الظهر.
في نهاية الطور الحاد الذي يستمر 3-4 أيام تبدأ الأعراض بالزوال التدريجي، وقد تختفي بمجملها ويشفى المريض تماماً، إلا أنّ بعض المرضى (15%) يدخلون بمرحلة جديدة للمرض تدعى بالطور السمّي (Toxic phase) حيث تبدأ أعراضاً جديدة بالظهور ألا وهي: نقص كمية البول، وألم بطني، قيء (أحياناً مع دم)، واضطرابات في دقات القلب، واختلاجات، وهذيان، ونزيف من الأنف أو العين أو الفم.
لا بد من مراجعة الطبيب في حال حدوث أعراض مشابهة لأعراض الانفلونزا بعد عودة حديثة من بلد عالي الخطورة بالنسبة للحمى الصفراء.
يقوم الطبيب عند الاشتباه بإصابتك بالمرض بطلب تحاليل دموية حيث يتم البحث في عينة الدم عن الفيروس أو الأجسام المضادة لفيروس الحمى الصفراء.
في الواقع لا يوجد علاج شافٍ للحمى الصفراء إلى الآن، وتكون المعالجة داعمة عموماً بالإكثار من السوائل، والحفاظ على أكسجة جيدة للمريض وضغط دموي طبيعي إلى جانب تعويض السوائل وريدياً في حال هبوط الضغط، وقد يضطر أحياناً الطبيب إلى نقل الدم أو التحال الدموي (تصفية الدم بدل الكلية) في حال حدوث اضطراب في وظائف الكليتين.
تتم الوقاية من الحمى الصفراء بلقاح الحمى الصفراء، ويتكون اللقاح من الفيروس الحي المضعف (بحيث أنّه إذا دخل الجسم فلا يسبب المرض النموذجي بل قد يسبب أعراضاً خفيفة لكنّه يحرض الجسم على تشكيل مناعة تجاهه) ويعطى اللقاح بجرعة وحيدة لكل الأشخاص (بعمر من 9 أشهر إلى 59 سنة) المسافرين إلى منطقة عالية الخطورة لفيروس الحمى الصفراء أو للأشخاص القاطنين في تلك المناطق.
الأشخاص الذين يعتبرون تحت خطر عالٍ للإصابة بالحمى الصفراء هم الأشخاص غير الملقحين بلقاح الحمى الصفراء، والذين يعيشون في مناطق موبوءة بالبعوض الناقل لفيروس الحمى الصفراء.
للحمى أسباب عديدة جداً، نذكر منها:
تُدعى الحمى المستمرة التي لا يمكن العثور على سبب واضح لها بعد القيام بفحوصات واستقصاءات شاملة ومتكررة بالحمى مجهولة السبب (fever of unknown origin).
تجدر الإشارة إلى إن التسنين (teething) ليس سبباً للحمى كما يعتقد غالبية الناس.
تعتبر العدوى أشيع سبب للحمى، وإليكم بعض عوامل الخطر المختلفة:
تؤدي الحمى إلى اضطراب معمم بحالة الجسم، وتترافق بمجموعة من الأعراض والعلامات نذكر منها:
لا بد من الانتباه خاصة عند الأطفال لبعض الأعراض المرافقة للحمى والتي تشير إلى عدوى فيروسية أو جرثومية مثل:
تترافق الحمى عالية الدرجة (أعلى من 40 درجة مئوية أو 104 فهرنهايت) مع:
تعتبر الحمى مصدر قلق عند الرضع والأطفال أكثر من الكبار.
اتصل بطبيب الأطفال في الحالات التالية:
في أغلب الحالات لا توجد أسباب تستدعي القلق للحمى عند الأطفال، إلا أنّه لا بد من مراقبة الطفل بشكل جيد خلال فترة الحمى، مع الانتباه للتواصل البصري معك ولتجاوبه مع صوتك وتعابيرك الوجهية خلال هذه الفترة.
اتصل بطبيب الأطفال في حال كان طفلك:
لا بد من مراجعة الطبيب في حال:
يمكن قياس درجة حرارة الجسم بطرق مختلفة وباستخدام أنواع مختلفة من موازين الحرارة؛ القياس الفموي، والإبطي، والشرجي، والأذني (قياس الحرارة قرب غشاء الطبل)، وأخيراً قياس حرارة مقدم الرأس (قرب الشريان الصدغي).
بالرغم من أنّ قياس الحرارة الفموي والإبطي لا يعتبر طريقة دقيقة، إلا أنّه طريقة شائعة الاستخدام ومفيدة:
يستخدم ميزان الحرارة الشرجي (المستقيمي) عند الرضع:
لقد تطورت وتنوعت طرق علاج الحمى على مر الأزمان، فهناك طرق طبيعية لعلاج الحمى بالمنزل، وهناك أدوية كثيرة قادرة على خفض الحمى.
يمكنك استخدام أياً من الطرائق التالية لخفض الحمى بالمنزل:
1- الماء البارد (Cool Water):
ملاحظة: يجب الانتباه لخطورة استخدام الماء البارد جداً لأنّ ذلك قد يزيد درجة الحرارة الداخلية.
2- الريحان أو الحبق (Basil):
تمتلك عشبة الريحان خاصية خفض الحرارة المرتفعة وبشكل سريع، هذه العشبة تمتلك فعالية العديد من المضادات الحيوية الموجودة في الصيدليات.
3- خل التفاح (Apple Cider Vinegar):
إنّ خل التفاح مادة رخيصة، وفعالة جداً في خفض الحمى، لأنّ الحمض الموجود بالخل يساعد على فقدان الحرارة عن طريق الجلد، كما أنّ الخل غني بالمواد المعدنية فهو يعوض الجسم عن المعادن التي خسرها خلال الحمى.
4- الثوم (Garlic):
يمكن للطبيعة الحارة للثوم التي تُحفِّز التعرق أن تخفض حرارة الجسم المرتفعة، كما أنّ الثوم يحتوي على مواد مضادة للجراثيم والتي قد تكون السبب من وراء الإصابة بالحمى.
5- الزبيب (Raisins):
يساعد الزبيب الجسم على مكافحة العدوى وعلى إنقاص الحمى، فهو يحتوي مواداً عديدة مضادة للجراثيم ومضادات أكسدة.
6- الزنجبيل (Ginger):
يساعد الزنجبيل الجسم على طرد الحرارة، وبالتالي خفض الحمى.
يمتلك الزنجبيل خصائص مضادة للجراثيم والفيروسات، ويحفز الجهاز المناعي على مقاومة العدوى.
7- النعناع (Mint):
تساعد الخصائص المبردة للنعناع بالحفاظ على برودة الأجهزة الداخلية للجسم:
8- بياض البيض (egg White):
يمكن لبياض البيض أن يخفف الحمى حيث يعمل كجل بارد يمتص الحرارة من الجسم. خلال نصف ساعة، يستطيع بياض البيض أن يسحب الحمى من الرأس إلى القدمين.
9- الكركم (Turmeric):
يعتبر الكركم من العلاجات المنزلية الممتازة لخفض الحمى، فهو يحوي مادة الكركمين التي تلعب دوراً مضاداً للجراثيم والفيروسات والفطور ومضادة للأكسدة، وهذا يحفز الجهاز المناعي للقضاء على العدوى. كما يساعد الكركم على تجنب مضاعفات الحمى وتقصير أمدها.
10- علاج الحمى بالبصل:
يمكن علاج الحمى طبيعياً باستخدام البصل حيث إنّ البصل يمتص الحرارة المرتفعة ويعزز دور الجهاز المناعي بمقاومة العدوى، يمكن تجربة الطريقة التالية:
ينبغي عدم معالجة الحمى خفيفة الدرجة، لأن الحمى كما ذكرنا هي إحدى وسائل الجسم لمقاومة العدوى، لكن عندما تكون الحمى شديدة أو مصحوبة بمضاعفات فيمكن معالجتها بمجموعة من الأدوية والتي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، نذكر منها:
قد تسبب الجرعة المفرطة من الباراسيتامول (تناول 20 حبة فأكثر) أذية كبدية صاعقة قد تؤدي للوفاة.
في حال لم تنخفض الحرارة بعد استعمال هذه الأدوية لا تقم بزيادة جرعات هذه الأدوية بل اتصل بالطبيب واستشره.
في حالة الحمى التي تتجاوز 38.9 درجة مئوية يجب مراجعة الطبيب فوراً لتحديد سبب الحمى والحصول على المعالجة المناسبة.
من الممكن الوقاية من الحمى، وذلك بالحد من التعرض للأمراض المعدية، وإليكم بعض الوسائل الوقائية:
على الرغم من شيوع الحمى، إلا أنّها تعد عرضاً خطيراً ويجب الانتباه لها، وذلك لما قد تسببه من مضاعفات هامة.