قد تشعر في بعض الأحيان بحرقة شديدة أثناء التبول، أو برغبة ملحة في دخول المرحاض مراراً وتكراراً بشكل قد يؤثر على أداء واجباتك اليومية، ومن المؤكد أن القلق سيجتاحك عندما تلاحظ أن البول صار بلون الدم أو أنه بات عكراً على نحوٍ مفاجئ.
كل هذا يمكن أن يشير لإصابتك بالتهاب البول (أو نسميه بشكل أدق عدوى المسالك البولية Urinary tract infection)، ولا عجب لإصابتك بهذا النوع من الالتهاب، حيث يعتبر أكثر الالتهابات شيوعاً بعد التهابات الحلق، وتقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأمريكية أن التهابات البول مسؤولة عن 8 ملايين زيارة للمشافي في الولايات المتحدة وحدها.
قد تظهر الإصابة بالتهاب المسالك البولية في أي جزء من الجهاز البولي، وتسبب الجراثيم الغالبية العظمى من حالات التهاب البول، مع أنها تحصل أحياناً بسبب فيروسات أو فطريات.
الكليتان عضوان لهما شكل يشبه حبة الفاصولياء، توجدان في منطقة البطن، واحدة على كل جانب من العمود الفقري. تُنقِّي الكليتان الدم وتزيلان منه الفضلات والمواد الفائضة كالماء والأملاح والبوتاسيوم واليوريا ومواد أخرى، وبعدها تقومان بطرح الفضلات على شكل بول باتجاه الحالبين.
الحالبان عبارة عن أنبوبان رفيعان يحملان البول من الكليتين إلى المثانة.
أما المثانة فهي عضو صغير يشبه البالون يوجد في الحوض. وتتواجد المثانة عند النساء أمام الرحم، بينما عند الرجال فتكون فوق غدة البروستاتا تماماً.
يطرح الجسم البول من المثانة إلى خارج الجسم عن طريق أنبوب اسمه الإحليل. وهو أقصر عند النساء مقارنة بالنساء، ويمر الإحليل عند الرجال عبر غدة البروستاتا والقضيب.
قد يصيب التهاب كلاً من:
البول الإحليل (التهاب الإحليل Urethritis)
المثانة (التهاب المثانة Cystitis)
الكليتين (التهاب الحويضة والكلية Pyelonephritis).
علماً أن حالة الإصابة تكون خطيرة إن شمل الالتهاب الكليتين.
يحدث التهاب البول عادةً عندما تدخل الجراثيم إلى المسالك البولية عبر الإحليل وتبدأ في التكاثر في المثانة.
بالرغم من أن الجهاز البولي قادر على حماية نفسه من تلك الكائنات المسببة للمرض، إلا أن دفاعاته تفشل في بعض الأحيان، ويمكن للجراثيم حينها أن تنجو وتتكاثر بشكل مريح في المسالك البولية.
تحدث غالبية حالات التهاب البول عند النساء وتؤثر على الإحليل والمثانة، وتتمثل أسباب الإصابة لديهن في:
التهاب المثانة: يحدث هذا النوع من التهاب البول عادة بسبب جرثومة الإشريكية القولونية (Escherichia coli)، وهي نوع من الجراثيم التي توجد في الجهاز الهضمي عادة، وقد تسبب جراثيم أخرى المرض أحياناً.
قد يؤدي الجماع إلى الإصابة بالتهاب المثانة، كما تعتبر النساء بشكل عام الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب المثانة، وذلك بسبب قصر طول الإحليل لديهن وتواجد فتحته قرب الشرج وفتحة المهبل.
التهاب الإحليل: يمكن أن يحصل هذا النوع من التهاب البول عندما تنتشر الجراثيم الهضمية من الشرج إلى الإحليل.
ولأن الإحليل قريب من المهبل عند النساء، يمكن للأمراض المنتقلة عن طريق الجنس (مثل الهربس والسيلان والمتدثرة والمفطورة) أن تسبب التهاب الإحليل.
التهاب البول عند الرجال أقل شيوعاً مقارنة بالنساء، وذلك بسبب طول الإحليل لديهم وابتعاد فتحته عن منطقة الشرج، إلا أن هناك أسباب أخرى تزيد من خطر إصابتهم بالتهاب البول مثل:
تضخم غدة البروستاتا: قد يعيق تضخم غدة البروستاتا إفراغ المثانة من البول، وعندها سوف يركد بعض البول في المثانة، وركوده يسمح للجراثيم بالتكاثر فيه والتسبب بعدوى.
مشاكل المثانة أو الكلية: وهذا يرفع من فرص الإصابة بالتهاب البول، فقد يحدث في حال الإصابة بالحصيات الكلوية أو المشاكل التي تعيق طرح البول على سبيل المثال.
تركيب قثطار بولي (urinary catheter): القثطار عبارة عن أنبوب رفيع مرن، يمرره الطبيب من الخارج إلى المثانة. يُستعمل القثطار لمساعدة المريض على تفريغ البول في عدد من الحالات. تركيب قثطار بولي هو السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالتهاب البول عند المقيمين في المستشفى.
ضعف جهاز المناعة: يزيد ضعف جهاز المناعة من خطر الإصابة بجميع أشكال العدوى، بما في ذلك التهاب البول. يحصل ضعف جهاز المناعة مثلاً عند مرضى الإيدز أو عند الذين يتلقون معالجة كيميائية للسرطان.
قد يسبب أي أمر يقلل من إفراغ المثانة أو يسبب الضرر للمسالك البولية من ارتفاع خطر الإصابة بالتهاب البول.
لذلك توجد عوامل كثيرة ترفع خطر الإصابة بالمرض، نذكر منها:
جنس المريض
احتمال إصابة النساء بالتهاب البول أعلى بكثير منه عند الرجال، لأن الحالب عندهن أقصر. التهاب البول عند الرجال أقل احتمالاً ولكن يكون أخطر منه عند النساء.
الانسدادات
ترفع الانسدادات من خطر الإصابة بالتهاب البول، إذ يصاب عندها الشخص بصعوبة في التبول بسبب حصيات الكلى أو تضخم البروستاتا أو الإصابة بأنواع معينة من السرطان.
النشاط الجنسي
يمكن للضغط على المسالك البولية أثناء ممارسة الجنس أن يسبب تهيج فتحة الاحليل، الأمر الذي يسهل دخول الجراثيم إلى الاحليل وانتقالها إلى المثانة. سوف تتواجد الجراثيم في البول لدى معظم النساء بعد الجماع، لكن يستطيع الجسم أن يتخلص من تلك الجراثيم في غضون 24 ساعة تقريباً.
النظافة الشخصية
المسح من الخلف إلى الأمام بعد دخول المرحاض قد يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بالتهاب البول. حيث تسحب هذه الحركة الجراثيم من منطقة الشرج إلى الإحليل، لذا يجب عليك المسح من الأمام إلى الخلف دائماً.
مبيدات النطاف
تزيد مبيدات النطاف من خطورة الإصابة بالتهاب البول، فهي تسبب تضرر الجلد عند بعض النساء، الأمر الذي يرفع من خطر دخول الجراثيم إلى المثانة وإصابتها بالالتهاب.
الواقيات الذكرية
تسبب الواقيات الذكرية المصنوعة من اللاتكس ازدياد الاحتكاك أثناء الجماع، كما أنها قد تسبب تضرر الجلد، وهذا يزيد من خطورة الإصابة بالتهاب البول عند بعض النساء.
مرض السكر
يعتبر المصابين بمرض السكري من أكثر الفئات خطراً للإصابة بالتهاب البول أيضاً، إذ أن مرض السكري يرفع بدوره من خطر الإصابة بالتهاب المسالك البولية.
نقص الإستروجين
يسبب نقص الإستروجين بعد سن اليأس حصول تغيرات في الجراثيم الطبيعية في المهبل، وهذا يزيد من خطورة الإصابة بالتهاب البول.
الاستخدام المستمر للقثاطر البولية
يزيد الاستعمال المستمر للقثاطر البولية من خطورة الإصابة بالتهاب البول. فهذا يجعل دخول الجراثيم إلى المثانة أسهل، ويحتاج علاج التهاب البول الناجم عن القثاطر البولية سحب القثطار.
ممارسة الجنس تعتبر سبباً شائعاً لإصابة النساء بالتهاب البول، لأن الجماع يساهم في إدخال الجراثيم إلى المسالك البولية الخاصة بالمرأة.
يصبح الإحليل أثناء ممارسة الجنس على تماس مع جراثيم الموجودة في المنطقة التناسلية والشرج، مما يسمح لها بدخول الإحليل، وحتى إلى الكلية أحياناً، لتسبب الإصابة بالالتهاب.
تدل الدراسات على أن 80% من النساء المصابات بالتهاب البول قبل سن اليأس كنَّ قد مارسن الجنس قبل ظهور المرض بـ24 ساعة.
تعرف على أهم العلامات والأعراض المرتبطة بالإصابة بكل منطقة من أجزاء المسالك البولية:
يشمل التهاب المسالك البولية السفلية التهاب الإحليل والمثانة، وأهم الأعراض المرتبطة بذلك:
وهي حالة شديدة تصيب الكليتين حيث تتطور الأعراض بسرعة ويمكن أن تتضمن هذه الحالة أعراض التهاب المسالك البولية السفلية أو لا تتضمنها.
أهم الأعراض للإصابة بالتهاب المسالك البولية العلوية:
عند حديثي الولادة والرضع والأطفال والمسنين، قد لا نجد الأعراض الكلاسيكية لالتهاب البول. وتتمثل العلامات الأخرى التي تشير لالتهاب البول في:
الحوامل تعتبر تحت خطر أكبر للإصابة بالتهاب البول بدءاً من الأسبوع 6 من الحمل وحتى الـ 24.
التهاب البول أكثر شيوعاً عند الحوامل بسبب التغيرات في المسالك البولية التي تحدث أثناء الحمل. حيث يتوضع الرحم عند الحامل أعلى المثانة مباشرة، ومع ازدياد حجم الرحم يزداد الثقل الملقى على المثانة مما قد يعيق إفراغ البول من المثانة تماماً ويتسبب بالإصابة في التهاب البول.
يمكن أن تعاني الحامل عند إصابتها بالتهاب البول من واحد أو أكثر من الأعراض التالية:
يمكن أن يؤدي ترك التهاب البول دون معالجة إلى التهاب الكليتين، والذي قد يتسبب بولادة مبكرة وانخفاض وزن الجنين.
إذا عالج الطبيب التهاب البول باكراً وبشكلٍ صحيح، فلن يتسبب التهاب البول بأية أذية أو ضرر على الجنين.
يمكن بواسطة فحص عينة البول (Urine sample) تشخيص التهاب البول، كما بإمكان زرع البول تحديد الجرثومة التي تسببت بالعدوى.
عادة لا يوجد ضرورة لإجراء فحوصات أخرى في حال عدم وجود مشاكل مرافقة ولم تتكرر العدوى. بيد أن الطبيب يمكن أن يوصي بفحوص وتحاليل للكلية أو غدة البروستاتا أو المثانة لو اشتبه بوجود مشكلة أو مرض كامن.
يكون وجود مشكلة كامنة مرجحاً أكثر إذا لم يُشفَ التهاب البول باستخدام المضادات الحيوية، أو إذا كان عند المريض:
وقد تتضمن الفحوصات التي قد يطلبها الطبيب في هذه الحالات:
تشكل المضادات الحيوية عادة الخط الأول في علاج الالتهابات المسالك البولية. تعتمد الأدوية التي يصفها الطبيب ومدة استعمالها على حالة المريض الصحية وعلى نوع الجراثيم الموجودة في البول.
تعرف على الادوية التي توصف لعلاج التهاب البول وفقاً لحدة وشدة المرض:
تتضمن الأدوية التي يصفها الطبيب عادة لعلاج التهاب البول البسيط:
تُشفى الأعراض غالباً في غضون أيام قليلة من المعالجة. غير أن المريض قد يحتاج للاستمرار بالعلاج بالمضادات الحيوية لأسبوع أو أكثر، ويجب على المريض أخذ الكورس العلاجي كاملاً كما وصفه الطبيب.
من أجل علاج التهاب البول غير المترافق مع مضاعفات أو مشاكل صحية أخرى، يمكن أن يوصي الطبيب بكورس علاجي أقصر، مثل تناول المضادات الحيوية لفترة تستمر من يوم إلى ثلاثة أيام، وتعتمد نجاعة هذا الكورس العلاجي القصير على الأعراض عند المريض وتاريخه المرضي.
كما يمكن أن يصف الطبيب المسكنات من أجل تسكين المثانة والإحليل بهدف تخفيف الحرقة أثناء التبول، بيد أن الألم يزول بطبيعته سريعاً بعد البدء بالعلاج بالمضادات الحيوية. تتمثل إحدى الآثار الجانبية الشائعة لتسكين المسالك البولية في تلون البول باللون البرتقالي أو الأحمر.
يمكن أن يوصي الطبيب في حال إصابة المريض بالتهابات بولية متكررة بعلاجات خاصة مثل:
قد يحتاج المريض في حال إصابته بالتهاب البول الشديد للعلاج بالمضادات الحيوية الوريدية في المستشفى.
تُستخدم المضادات الحيوية من أجل علاج التهاب المسالك البولية عند الأطفال، وقد تٌستعمل في حالات معينة من أجل الوقاية من تكرارها. يجب تجنب الأدوية ذات السمية الكلوية قدر الإمكان. قد تستخدم الأدوية المسكنة في بعض الأحيان من أجل تسكين الأعراض.
يبدأ الطبيب بوصف المضادات الحيوية بعد إجراء تحليل البول وأخذ عينة بولية لإجراء الزرع. يُوصى بإعطاء كورس علاجي من المضادات الحيوية لمدة 7-10 أيام حتى في حال إصابة الطفل بالتهاب بول غير مترافق بمضاعفات.
في بعض الاحيان يتم علاج الفتيات في سن المراهقة من الإصابة بالتهاب المسالك البولية عن طريق استخدام المضادات الحيوية، ولكن ينبغي الانتباه إلى ارتفاع معدلات تطوير المقاومة للمضادات الحيوية واختيار مضاد حيوي يتناسب مع هذا الواقع.
يجب الأخذ بعين الإعبار احتمال وجود مقاومة للمضادات الحيوية عند اللجوء إلى المعالجة التجريبية (empiric therapy)، لاسيما عند استخدام البنسلين. تساعد معرفة المقاومة المحلية للمضادات الحيوية على اختيار المعالجة المناسبة بالمضادات الحيوية.
لا يشكل العلاج بالمضادات الحيوية الخيار الوحيد أمامك للتخلص من أعراض التهاب البول.
إذ لا تحتاج بعض العلاجات لوصفة طبية، ويمكنك أن تضيف بعض هذه العلاجات إلى الأدوية التي يصفها الطبيب لتحصل على نتائج أفضل. لكن يجب أن تحرص على استشارة طبيبك قبل تطبيق تلك الأدوية المنزلية كي تتفادى أي تداخلات غير مرغوبة.
استُخدم التوت البري لعلاج التهابات المثانة منذ وقت بعيد. وأظهر بحث حديث أن عصير التوت البري وأقراص التوت البري تحمل خصائص علاجية جيدة عند استعمالها لعلاج النساء اللواتي يشتكين من التهابات متكررة في المثانة.
الثوم يعد واحداً من أقوى المضادات الحيوية الطبيعية.
يمكنك هرس فصوص الثوم وتركها جانباً لـ10 دقائق، لأن هذا يسمح بتشكل مادة قوية مضادة للجراثيم اسمها الأليسين.
تناول فص ثوم مهروس 3 مرات في اليوم، ويمكنك أن تزيد الجرعة إلى فص كل ساعتين.
تشفى معظم النساء تماماً بعد أيام قليلة من تناول فصوص الثوم المهروسة ثلاث مرات يومياً.
خل التفاح يعد وسيلة طبيعية فعالة أخرى لعلاج التهاب البول. وهو يفيد عن طريق تحريض طرح الجراثيم ومنع التصاقها بالمسالك البولية. كما يفيد عن طريق جعل البول حمضي أكثر، ما يجعله بيئة غير مناسبة لنمو الجراثيم. عليك أن تتناول ملعقتين صغيرتين من خل التفاح يومياً.
توجد خطوات عديدة يمكن اتخاذها من أجل تقليل خطورة الإصابة بالتهاب البول:
يجب مراجعة الطبيب في حال ظهور أعراض التهاب البول لاسيما في حال ظهور أعراض قد تشير إلى الإصابة بالتهاب في الكلية (التهاب حويضة وكلية حاد).
نادراً ما يؤدي التهاب البول عند علاجه فوراً وبشكل مناسب إلى حدوث أية مضاعفات.
غير أن التهاب البول قد ينتهي بمضاعفات خطيرة في حال تركه دون معالجة، مثل:
تجدر الإشارة إلى أن معظم المرضى تتحسن حالنهم الصحية في غضون أيام قليلة من البدء بالعلاج، ويجب على المريض مراجعة الطبيب إذا لم تتحسن حالته بسرعة.
في حال عدم تحسن الأعراض على الرغم من تناول المضادات الحيوية فهذا يعني أن المريض يحتاج لعلاج بديل، ويحدث هذا لأن بعض الجراثيم تطور مقاومة لبعض المضادات الحيوية، ويمكن التأكد من تلك الحالة عن طريق تحليل العينة البولية.
تنتشر العدوى في بعض الأحيان وتسبب مضاعفات خطيرة. حيث يمكن لالتهاب المثانة مثلاً أن ينتشر من المثانة إلى الكليتين ليسبب التهاب حويضة وكلية، كما قد ينتشر الالتهاب عند الرجال ليصيب غدة البروستاتا بالالتهاب، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى تشكل خراج في غدة البروستاتا.