استقبال أهل المدينة المنورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
استقبال أهل المدينة المنورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المملكة العربية السعودية

استقبال أهل المدينة المنورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المملكة العربية السعودية.

 
 
فرح الأنصار رضي الله عنهم فرحًا شديدًا بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم، ويصف أحد الصحابة المشهد فيقول: "ما رأيت أهل المدينة المنورة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله "  وكان الأهالي يكبرون ويقولون: الله أكبر، جاء رسول الله، الله أكبر جاء محمد، الله أكبر جاء رسول الله  .  وجاء في بعض المصادر أن الرسول صلى الله عليه وسلم استقبل بهذا النشيد:
 
طلـع البدر علينا     من  ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا     ما  دعـا لله داع  
وسجلت مدونات السنة وكتب السيرة صورًا رائعة لاستقبال الأنصار للرسول وصحابته،
ولقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم في قباء من الاثنين إلى الجمعة كما ذكر ابن إسحاق وقيل غير ذلك، فقد ورد أنه أقام بضع عشرة ليلة  ،  ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة بعد الجمعة فلا يمر بدار من دور الأنصار  ،  إلا أخذوا بزمام راحلته يدعونه للنـزول عندهم حتى بركت الناقة في أحياء بني النجار عند مكان مسجده، وبادر أبوأيوب الأنصاري - رضي الله عنه - إلى رحل النبي صلى الله عليه وسلم فأدخله بيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع رحله  .  ونـزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب الأنصاري، قيل: شهرًا، وقيل: سبعة أشهر  ،  ثم انتقل بعد بناء المسجد وحجر زوجاته إلى مسكنه الجديد في ظل رعاية الله ثم حفاوة الأنصار وترحيبهم، وقد شملت هذه الحفاوة أصحابه المهاجرين من مكة المكرمة، فقد اقترعت الأسر الأنصارية   على سكنى أولئك المهاجرين عندها لأن عدد الراغبين في الإيواء أكثر من عدد المهاجرين، ولقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، فلم يكتف صلى الله عليه وسلم بمجرد الحث على التآخي بل عمد إلى تفعيل ذلك في الواقع للحاجة الشديدة إلى خطوة من هذا القبيل، ولأن الأنصار أسرًا وأشخاصًا كانوا مهيئين لذلك فقد نجحت المؤاخاة، وظلت بيوت الأسر الأنصارية تؤوي المهاجرين حتى ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه المتفرقين في دور الأنصار دورًا في الأراضي التي وهبها الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم  
 
ووسط هذا الاستقبال الكريم الرائع من قبل الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتجه إلى بناء مسجده عند المكان الذي بركت فيه ناقته في أرض كانت لغلامين يتيمين من بني النجار، وهي مربد للتمر فابتاع المكان منهما، ويبدو أن المكان احتوى أيضًا على قبور ونخيل، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتجهيز الموقع وتهيئته وتسوية الأرض وإزالة ما فيها من القبور والنخيل، ثم شرعوا في العمل ببناء المسجد بسرور بالغ، مستخدمين المواد المتاحة من حجارة ولبن وجذوع النخيل وجريدها، وقد بلغ عرض المسجد 60 ×70 ذراعًا، وكانت قبلته أول الأمر إلى بيت المقدس، وقد استغرق البناء خمسة عشر يومًا، وبنيت بجوار المسجد حجرتان لسودة بنت زمعة وعائشة بنت أبي بكر، وهما أول بيتين بنيا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم  
 
لقد نشطت حركة البناء والعمران في المدينة المنورة نتيجة الهجرة؛ فبنى الناس دورهم بأنفسهم وبمساعدة معارفهم دون أجر، كذلك   نشط البناء فيما حول المسجد في مركز المدينة المنورة. على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كره أن تعرَّى المدينة المنورة، أي أن تترك بعض أحياء المدينة المنورة خالية من السكان وطلب من بني سلمة لما أرادوا التحول إلى قرب المسجد النبوي البقاء في أمكنتهم  .  ووسع المسجد بعد ذلك بعد أن كثر عدد المسلمين إثر فتح خيبر ليصبح المسجد 90 ×100 ذراع، أي 45 ×50م. وكانت حجرات نساء الرسول صلى الله عليه وسلم تبنى تباعًا في فناء واسع بالجانب الشرقي من المسجد، كما اتخذ صلى الله عليه وسلم غرفة خاصة به تسمى المشربة أو العلية  
 
وقد انتشرت في محال المدينة المنورة عدة مساجد، أشهرها: مسجد قباء،  مسجد الفتح، مسجد القبلتين،  مسجد بني حرام، ومسجد الإجابة  .  والمهم أن بناء المسجد النبوي وسط المدينة المنورة أكسبها رمزًا خالدًا يجسد مكانتها وفضلاً وشرفًا لا ينتهيان 
 
وعلاوة على ما حازته تلك البلدة المباركة من الفضائل والمناقب فقد نالت دار هجرة المصطفى شرفًا وفضلاً بوجود النبي صلى الله عليه وسلم ونصرتها له واختيار الله لها لتكون دار الهجرة ومحل نشاط الدعوة في دور جديد حققت فيه شرط بناء الأمة ذات الكيان الآمن المتميز الذي تطبق فيه الأحكام الشرعية وتنتظم فيه الحياة على أسس إسلامية، ومما أكرم الله به المدينة المنورة نـزول جزء من التنـزيل في بقاعها وتحريم قتل صيدها وقطع عضاها وأخذ لقطتها إلا على سبيل التعريف، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ما بين لابتيها (أي الحرتين) حرمًا كما حرم إبراهيم عليه السلام مكة  .  ولقد ظفرت المدينة المنورة بفضائل مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم سجلها العلماء والحفاظ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الإيمان ليأرز إليها كما تأرز الحية إلى جحرها"  ،  وقوله: "إنها طيبة - يعني المدينة المنورة - وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة"  ،  ولما واجه المهاجرون حمى يثرب دعا لها رسول الله قائلاً: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها لنا وانقل حماها إلى الجحفة  ،  وورد أيضًا أنه لا يصبر على لأوائها أحد فيموت إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة
 
شارك المقالة:
93 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook