لم يقتصر نتاج الحفريات والتنقيبات الأثرية بمنطقة المدينة المنورة على الآثار المعمارية فقط، ولكن عُثر أيضًا على كمٍّ كبير من المعثورات الفنية مختلفة الأنواع توضح دون شك نمط الصناعات القائمة في المنطقة في العصور الإسلامية المبكرة، وهذه المعثورات الفنية عبارة عن كسر لأوانٍ فخارية وخزفية وخشبية، وقطع الأواني المصنعة من الحجر الصابوني، وكسر زجاجية، وأجزاء من الحلي وأدوات الزينة، بالإضافة إلى بعض قطع العملة، وهي متشابهة في معظم المواقع الأثرية بالمنطقة ويتشابه معظمها مع ما أخرجته حفائر موقع الربذة.

 

وتدل هذه المعثورات الفنية في مواقع طريق الحج كذلك على وجود كثافة بشرية استخدمت الطريق ومحطاته، سواء كان ذلك من المسافرين وكثرة ترددهم على المنازل والقرى، أو من السكان الأصليين الذين سكنوا تلك الأمكنة وتعايشوا مع الحجاج والمسافرين في العصور الإسلامية المبكرة بالبيع والشراء وتبادل المنافع كافة.

 

وقد أشار الجغرافيون المسلمون إلى بعض الأسواق التي قامت بمنطقة المدينة المنورة مثل العلا إحدى محطات طريق الحج الشامي التي كانت تضاهي محطة فيد على طريق الحجاج العراقي، كما سبق القول.

 

وهناك أيضًا قرية السوارقية  التي قال عنها الجغرافي السلمي وهو خير من قدم وصفًا لها في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي): " وهي قرية غَنّاء كثيرة الأهل فيها منبر ومسجد جماعة وسوق كبيرة يأتيها التجار من الأقطار "  ،  كما يذكر الحربي عن السفرة وهي لمدة قريبة من بطن نخل الحناكية: " وبالسفرة قصور وحوانيت وسوق كبيرة... "  

 

من أهم المواقع الأثرية بمنطقة المدينة المنورة التي عثر بها على كمٍّ كبير من المعثورات المنقولة موقع الربذة، وبعضها محفوظ والآخر معروض الآن بمتحف قسم الآثار والمتاحف في جامعة الملك سعود بالرياض، إضافة إلى مهد الذهب (معدن ابن سليم) ومواقع القصور التاريخية في وادي العقيق، وخيف البصل، ووادي النقمي، ووادي الخنق، ومنطقة العروة أيضًا، وروامرة وغيرها، وفيما يأتي استعراض لأهم هذه المعثورات المنقولة وهي: الفخار والخزف، والزجاج، والمعادن، والمسكوكات