الآثار المنقولة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الآثار المنقولة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الآثار المنقولة بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
تشتمل المادة الأثرية المنقولة العائدة إلى العصور التاريخية المبكرة على الأواني الفخارية وحطامها، وأواني الحجر الصابوني وحطامها، والمواد الأثرية الأخرى التي عُثر عليها خلال المسوحات الميدانية والتنقيبات الأثرية التي نُفّذت في المنطقة.
 

الأواني الفخارية

 

 فخار عصر فجر السلالات

 
عُثر في الطبقات السفلى من تل تاروت على أوانٍ فخارية كبيرة ذات أبدان جؤجؤية وحواف مثلثة الشكل تمثل الأصناف المميزة لفخار حضارة جمدة نصر 3100 - 2900 ق.م في وادي الرافدين. كما اكتشفت أسفل أساسات قلعة تاروت مجموعة من الأواني الفخارية ذات اللون الأصفر - البرتقالي من نوع فخار عصر فجر السلالات 2900 - 2350 ق. م  .  وعُثر في مدافن الرفيعة بجزيرة تاروت على جرة صفراء، برتقالية، قرنفلية حافتها مطوية، وهي تُذَكّر بفخار عصر فجر السلالات الأول من مقابر جمدة نصر في أور، وفخار عصر فجر السلالات الثاني والثالث في ديالي، وهناك جرة فخارية طويلة برتقالية اللون يمكن مقارنتها بفخاريات من عصر فجر السلالات الأول والثاني في ديالي  .  وعثرت البعثة الدنماركية في موقع الرفيعة كذلك على مزهرية كروية البدن ومدهونة، تحمل إفريزًا من الماعز الجبلي، وتشبه إلى حدٍّ كبير فخار حضارة أم النار في أبو ظبي  
 
وفي موقع الربيعية بجزيرة تاروت عُثر على كِسر فخارية تشبه فخاريات مواقع جنوب الظهران ومواقع أخرى في منطقة الخليج في الفترة المبكرة من العصر البرونـزي القديم، وقد وجد أن بعض تلك الكسر مصقول ومغطى بطبقة رقيقة من طلاء خفيف غير ملون، وبعضها الآخر أشهب اللون أو أحمر، وبعض الكسر من زبديات منبعجة الشكل، إلى جانب أكواب صغيرة من الفخار الرمادي المدهون والفخار الأحمر الناعم، وهذا الصنف من الفخار يشبه فخار حضارة الوركاء في بلاد ما بين النهرين، وبعض الكسر الفخارية من الربيعية تظهر تشابهًا مع فخار البحرين وفخار أم النار في الإمارات العربية المتحدة من الفترة نفسها  . 
 
وفي مدافن جنوب الظهران عُثر على فخاريات تعود إلى فترة حضارة أم النار تتمثل في كوب من فخار بعجينة حمراء رقيقة ومزخرف باللون الأسود، وكسرة فخارية مزخرفة بخطوط هندسية سوداء، وجرة فخارية عجينتها حمراء ومزخرفة باللون الأسود  
 

فخار دلمون

 
أما فخار النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد، المعروف باسم (فخار دلمون) فقد أثبتت المسوحات الميدانية والحفريات الأثرية وجود هذا النوع من الفخار الدلموني الباكر والمتأخر بكميات كبيرة في المواقع الأثرية المختلفة بالمنطقة الشرقية، مثل: تل تاروت، والرفيعة، والربيعية، وفريق الأطرش بجزيرة تاروت، ومدافن بقيق، ومدافن جنوب الظهران  .  ويُظهر الفخار من الطراز الدلموني في المنطقة الشرقية تنوعًا في أشكاله؛ حيث يشتمل على جرار أسطوانية، وجؤجؤية، ومضلعة، وزبديات عميقة ذات جوانب شبه مستقيمة، بالإضافة إلى أوانٍ صغيرة، مثل: الأطباق المقوسة الجوانب والأكواب.
 
وقد عُثر في موقع فريق الأطرش على بُعد 1.5كم من مدينة تاروت الحالية، على فخاريات شبيهة بتلك التي وُجدت في البحرين؛ منها مزهرية صغيرة من الفخار الأحمر، ذات عنق ضيق، وبدن كروي، وتنتهي بقاعدة دائرية الشكل، من الصنف الذي عُرف في تلال مدافن الألف الثالث قبل الميلاد في البحرين. كما عُثر على كسرتين من الفخار الأحمر الداكن مزينتين بزخارف هندسية سوداء من النوع المعروف في مستوطنات جزيرة البحرين من الفترة نفسها  
 
وقد وجدت مجموعة فخارية في أحد المجسات الاختبارية في جزيرة تاروت من نوع فخار باربار المضلع الدلموني، وأنواع أخرى تعود إلى الفترة المتأخرة للألف الثالث قبل الميلاد في وادي الرافدين شبيهة بفخار بمبور الرمادي جنوب شرق بلاد فارس  .  وفي موقع الربيعية وجد بعض الكسر الفخارية التي تشبه فخار باربار المحزز، الذي وجد نظير له في وادي السند، وأُرّخ بأواخر الألف الثالث وأوائل الألف الثاني قبل الميلاد  
 
وفي مدافن جنوب الظهران وجدت كميات كبيرة من الأواني الفخارية المتنوعة العائدة إلى فترة حضارة دلمون وتشمل جرارًا أسطوانية خالية من الزخارف ومضلعة، وأواني كمثرية مختلفة الأنواع شبيهة بفخار باربار في البحرين. ووجدت كذلك الزبديات الجؤجؤية المتنوعة الأشكال وذات الحواف المثلثة المطلية التي يوجد لها أمثلة مشابهة في معثورات قلعة البحرين، والجرار الصفراء المائلة إلى اللون البرتقالي، والأواني الصغيرة (العُلَبية أو الحُقيّة) المدهونة، وأوعية ذات صنابير وجد لها ما يماثلها في قلعة البحرين، وكؤوس فخارية حمراء أو رمادية مصنوعة بالعجلة ومزينة بتصميمات سوداء، وأوعية مبطنة ومزخرفة باللونين الأسود والأحمر في شكل خطوط أفقية يحيط بها مثلثات محزوزة أو رسوم أشجار أو صفوف من النقط.
 
كما وجدت أيضًا كميات كبيرة من الأكواب المطلية والمزينة بخطوط عمودية باللون الأسود، وجرار التخزين الكبيرة المبطنة باللون الأبيض (الكريم) وذات الخطوط الأرجوانية الأفقية، وعدد من الأكواب الصغيرة المتنوعة الشكل من ذوات الأفواه المفتوحة إلى ذوات العنق الضيق والحافة المقلوبة للخارج، وغالبًا تكون حافة الأواني مطلية باللون الأسود أو الأحمر  .  وعُثر في مدافن جنوب الظهران أيضًا على جرار فخارية وسلال مطلية بالقار وُجد مثيل لها في مقابر بقيق، ومدافن سار الجسر في البحرين  .  وتُؤرّخ هذه المادة الفخارية من مدافن جنوب الظهران إلى الفترة ما بين الألف الثالث والألف الثاني قبل الميلاد، ويُظهر بعض منها تشابهًا كبيرًا بفخاريات جزيرة البحرين وبلاد ما بين النهرين وبلاد فارس.
 
واكتُشف في أحد مدافن جنوب الظهران مزهريات وأقداح فخارية من ذوات القاعدة المستديرة تعود إلى العصر الكاشي، وجميعها مصنوعة بالعجلة وذات عجينة صفراء مائلة للون البرتقالي ممزوجة بحبيبات رملية، وتتميز قواعدها بأنها قصيرة ومقطوعة بالخيط  . 
وقد وجدت في مدافن بقيق بعض الأوعية الخزفية المعالجة بالقار، وفي مدافن الظهران عُثر على بعض السلال المطلية بالقار إضافة إلى جرار فخارية مصنوعة من نوعية السلال نفسها.
 

أواني الحجر الصابوني

 
اكتشفت في كثير من مواقع المنطقة مجموعات من الأواني الحجرية المصنوعة من الحجر الصابوني التي يعود تاريخها إلى فترة الألف الثالث قبل الميلاد، وتنقسم من حيث أسلوبها إلى أوانٍ على شكل كؤوس مزخرفة بصف واحد من الدوائر متحدة المركز، ولها أربعة مقابض محزوزة، وزبديات مخروطية الشكل ومستديرة القاعدة ومزخرفة بدوائر متحدة المركز وخطوط أفقية وعمودية غائرة التحزيز  
 
وعُثر في موقع الرفيعة بجزيرة تاروت على مجموعات كبيرة من أواني الحجر الصابوني المزخرفة بأشكال أسطورية أو هندسية معقدة التركيب، وأخرى غير مزخرفة. وتشتمل الأنماط الزخرفية على أواني الحجر الصابوني من الأشكال الدائرية متحدة المركز، ورسومات الحصير والنسيج بأقواس أو من دونها، والتظليل المتعارض، والزخارف المدرجة، وأشكال النباتات وبخاصة أشجار النخيل، والحيوانات والطيور الجارحة.
 
وتُوحي التنقيبات الأثرية التي قامت بها إدارة الآثار والمتاحف عام 1395هـ /1975م باحتمال صناعة هذه الأواني محليًا، إذ عُثر بموقع الرفيعة على معثورات مصنعة غير مكتملة من حجر اللازورد، وكُشف أيضًا عن عدد من القطع الخشنة والغليظة من الحجر الصابوني، بالإضافة إلى أوانٍ نصف مشكلة أو مصنعة معدة للنقل إلى أمكنة أخرى ربما لاستكمال تصنيعها، وآنية أخرى تم طلاؤها وتشطيبها من الداخل، وأوانٍ مرممة محليًا بمسامير نحاسية  
 
وعثرت البعثة الدنماركية في موقع الرفيعة على قطعة من الحجر الصابوني مزينة بزخرفة نافرة على هيئة مدخل (doorway) من النوع المميز لآنية من الحجر الصابوني العائدة إلى عصر فجر السلالات، وفي موقع فريق الأطرش عثرت على إناء من الحجر الصابوني شبه مكتمل بجوانب مستديرة وأربعة مقابض (حوامل) مثقوبة وموضوعة بشكل رأسي على أكثر نقاط البدن اتساعًا، والإناء مزخرف بدوائر متحدة المركز حول الحافة وهي النمط المميز لأواني الحجر الصابوني من فترة الألف الثالث قبل الميلاد  
 
تعود أواني الحجر الصابوني إلى الألف الثالث قبل الميلاد من خارج جزيرة تاروت قليلة العدد وأحيانًا تكون نادرة، فقد عُثر في إحدى المقابر المحفورة في بقيق على مقبض إناء مستدق الطرف ومثقوب من طرفيه، وكُشف كذلك عن عدد من الأواني المصنوعة من الحجر الصابوني بموقع العُبيد بالقرب من الخبر، كما أظهرت التنقيبات في موقع تل الرمادية بواحة الهفوف كِسر عدد من الأواني من الحجر الصابوني، وشظايا لآنية صغيرة مقلدة، وعُثر كذلك على كِسر من الحجر الصابوني بأرض المدافن جنوب الظهران  .  ومن مُكتشفات التنقيبات في مدافن جنوب الظهران عُثر في المدفن (أ /8 /3) على غطاء من الحجر الصابوني وإناء مكتمل من المادة نفسها، كما عُثر في المدفن (أ6) على وعاء من الحجر الصابوني الأخضر قاتم اللون له عُرى تعليق  
 

الأدوات المعدنية والأختام

 
عُثر في مدافن تل الربيعية على عدد كبير من القطع البرونـزية المتأكسدة يُعتقد أنها أجزاء من دبابيس ومسامير ومشابك زينة، بالإضافة إلى خرزة من العظم المصقول  
وتُعَدّ الأختام من أبرز الشواهد على الصلات التجارية والحضارية بين شرق الجزيرة العربية وبلاد ما بين النهرين والهند، حيث وُجد عدد من الأختام في المناطق الساحلية من شرق الجزيرة العربية من نماذج أختام ما بين النهرين؛ ففي منطقة الظهران تم التعرف إلى ختم يعود إلى حضارة جمدة نصر في وادي الرافدين، وختم آخر رصاصي يعود إلى عهد متأخر من حضارة الوركاء - جمدة نصر  .  وكشفت المسوحات والتنقيبات الأثرية في الساحل الشرقي للجزيرة العربية عن وجود ستة أختام (واحد من جزيرة تاروت، واثنان من شمال الظهران، وثلاثة من ندقان في الربع الخالي)، وهذه الأختام يعود بعضها إلى فترة حضارة أم النار وبعضها الآخر إلى فترة حضارة دلمون 
 

التماثيل

 
من أهم الآثار المنقولة المكتشفة تحت أساسات قلعة تاروت تمثال من الحجر الجيري يحمل سمات التماثيل المميزة للحضارة السومرية  فهو يمثل رجلاً واقفًا عاري البدن طوله 94سم، مُتصالب اليدين بوضع خشوع، وتوجد حول خصره ثلاثة حزوز ربما تدل على وجود حزام، ويؤرخ هذا التمثال بعصر فجر السلالات الثاني أو الثالث إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، ولعله أرسل من أحد سكان بلاد ما بين النهرين إلى شخصية مرموقة في دلمون دليل صداقة ومودة  .  وتمثال نصفي آخر من اللازورد عُثر عليه في تاروت، لرجل له مؤخرة خنـزير وذقن طويلة، ويُذَكّر شعر التمثال وعيناه وأنفه بالتماثيل النصفية الحجرية من فترة عصر فجر السلالات الثاني من ديالي. وعُثر كذلك في تاروت على رأس ثور مصنوع من البرونـز أو النحاس يذكّر عمومًا برؤوس ثيران ثقافة العُبيد، وخفاجة، وأور، وتلّو في بلاد ما بين النهرين  
 

أدوات الزينة والحلي

 
عُثر أيضًا في مدافن جنوب الظهران على عدد من القطع المصنوعة من العاج، يبدو أنها مكاحل فقد وجدت معها مراود نحاسية، ووجدت أيضًا أعداد كبيرة من الخرز في تلك المدافن شملت حجر العقيق المزين بإطار، وخرزًا أسطوانيًا بسيطًا من الحجر الصابوني، والعقيق الأحمر، وأنواعًا من العقيق المحفور، وعددًا من الخرز الصيني يشمل أنواعًا مفصصةً، وعددًا كبيرًا من الخرز الصوفي، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الحُلي والجواهر الذهبية كالخواتم والأساور وأقراط الأنف والأذن التي ربما تعود إلى عصور لاحقة  
 
ومن المواد الأثرية المنقولة التي عُثر عليها خلال التنقيبات الأثرية في مدافن جنوب الظهران قشور بيض النعام المستخدمة غالبًا أواني للماء، فقد عُثر على وعاءين من هذا النوع شبه كاملين قابلين للترميم في أحد المدافن (أ - 4)، والأواني المستعملة من قشور بيض النعام والمطلية والمخططة أحيانًا معروفة في مدافن البحرين.
 
وعُثر كذلك في مواقع مختلفة من المنطقة على مواد أثرية منقولة تعود إلى الفترة الكاشية 1595 - 1157 ق.م أواخر الألف الثاني وأوائل الألف الأول قبل الميلاد؛ فقد عُثر في سطح موقع منجم الملح الأثري الواقع بين الظهران والعُقير على ختم أسطواني خزفي مزخرف بنمط بسيط من الحليات الشاريّة تم تحديد تاريخه بالقرن الثالث عشر أو الثاني عشر قبل الميلاد استنادًا إلى نظائر له من (تشوجا زنبيل) و (تل زبيدي)  .  وعلى سطح موقع أثري بالقرب من جبل كنـزان شمال شرق الهفوف وُجد رأس سهم برونـزي مستدق الطرف ومنقوش عليه حرف (ز) بخط المسند من الأنواع التي ثبت وجودها في محيط وادي السوق في شبه جزيرة عمان  
شارك المقالة:
54 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook