الآثار المنقولة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الآثار المنقولة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الآثار المنقولة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
يوجد في المنطقة - كشأن سائر المناطق الأخرى في المملكة - كثير من مخلفات الآثار المادية المنقولة، ولا سيما في تلك المواقع التي تمر عبرها طرق الحج والتجارة. ونظرًا لطبيعة هذه المواد الفنية الهشة القابلة للاندثار، إلى جانب قلة الحفائر الأثرية التي أجريت في هذه المنطقة، فإنه من غير اليسير التعرف بشكل دقيق إلى الخصائص والمميزات الفنية لهذه المعثورات. وعلى الرغم من ذلك فإن المسوحات الميدانية والمجسات الأثرية القليلة التي أجريت هناك قد كشفت عن نماذج من أجزاء المعثورات التي يمكن من خلالها استقراء بعض المعلومات الأساسية عن الفنون الإسلامية وأساليبها في صناعة الخزف وزخرفته واستخدامه، وكذلك الفخار، والزجاج  ،  والأحجار، والمعادن، وذلك على النحو الآتي:
 
أ - الفخار والخزف:
 
تُعد الكِسَر الخزفية والفخارية أكثر أنواع الملتقطات السطحية المنتشرة على مواقع الآثار الإسلامية في القصيم، وخصوصًا تلك الواقعة على دروب الحج وطرق التجارة؛ حيث تنتشر فيها نماذج من هذه الكِسَر، كما هي الحال في الأسياح وأوثال وعيون الجواء والقريتين وضرية  والفوارة وغيرها. ويمكن تصنيف الكسر الفخارية إلى نوعين أساسيين هما: الفخار غير المطلي والفخار المطلي (المزجج). فالفخار غير المطلي (العادي) توجد منه نماذج من الكسر ذات العجينة الحمراء والبيضاء وذات السطح الخشن، تتمثل في أبدان الجرار، وأواني الطبخ، وجرار التخزين، وهناك نماذج ذات عجينة نقية مع رقة في سُمْك جدرانها، وهي تمثل أجزاء من الأطباق والزبديات والأكواب ونحوها  
 
وفي المقابل نجد أن الفخار المزجج يظهر بأنواع وكميات كبيرة، منها الخزف المزجج  بالطلاء القلوي بلونٍ واحد كالأخضر أو الأزرق، ومنها الخزف المطلي بألوان متعددة، والخزف ذو الطلاء الزجاجي القصديري، والخزف ذو البريق المعدني. وتغطي هذه القطع الفترة الممتدة بين مطلع القرن الثاني الهجري ومنتصف القرن الرابع  .  وعلى الرغم من أنه لم تتم معرفة قطع متكاملة، إلا أن ما تم العثور عليه من كسر تمثل أبدان الأواني أو قواعدها أو شفاهها أو مقابضها، تعطي تصورًا شاملاً عن الأواني التي تمثلها، فمنها الأطباق والزبديات، والأكواب، والجرار، والأزيار وغيرها. كما أنه يمكن من خلال هذه الأجزاء معرفة أساليب الصناعة التي أنتجت بها، حيث يلاحظ أن معظمها مصنوع بالعجلة (الدولاب)، في حين يظهر بعضها، خصوصًا المبكر منها، أنه مصنوع باليد مباشرة. أما عن أساليب زخرفتها، فيكثر استخدام الحز والحفر باستخدام الفخار، أما في الخزف فيبرز استخدام الخطوط الأفقية والبقع والنقاط الغائرة والبارزة  
 
ب - الزجاج: 
 
تنتشر في معظم المواقع الإسلامية في القصيم عينات غير قليلة من كسر الأواني الزجاجية التي تمثل أبدان وحواف وقواعد أوانٍ زجاجية متباينة في الشكل والحجم والاستخدام، من قبيل الدوارق والكؤوس والأطباق والقناني والمساعط والخرز وغيرها. وتظهر بألوان عدة منها الأخضر والأصفر والأزرق والأبيض، ومعظمها شفاف ورقيق، في حين تقل الكسر السميكة غير الشفافة. وكما هي الحال في الخزف والفخار، فإنه يمكن من خلال الكسر الزجاجية الصغيرة معرفة أساليب صناعتها وزخرفتها، إذ يبدو أن الصناعة بطريقتي النفخ الحر والنفخ بالقالب هما الأكثر استخدامًا للزجاج في هذه المنطقة، ويظهر ذلك جليًا في استدارة جدران الأواني، وهكذا في آثار أدوات الصناعة كأنبوب النفخ  .  إلى جانب هذا الأسلوب استخدم أسلوب القطع البارد، خصوصًا في صناعة الخرز، وفي صناعة بعض الجرار الصغيرة. أما أساليب الزخرفة فيكثر استخدام طريقة الزخرفة بالحز السطحي؛ لعمل أشكال الزخارف الهندسية من قبيل الخطوط الأفقية والمتقاطعة، إلى جانب استخدام طريقة الزخرفة بالحبال أو الخيوط المضافة.
 
ج - المعادن:
 
يقل وجود القطع المعدنية كملتقطات سطحية، ويعود السبب في ذلك إلى إمكانية استخدام القطع والكسر المعدنية، أو إعادة استخدامهما، وكذلك إلى سرعة تأكسدها واندثارها. ومهما يكن من أمر فإن المنطقة لا تعدم وجود بعض القطع المعدنية أو أجزائها من قبيل المراود والملاعق الصغيرة والإبر إلى جانب الصفائح النحاسية أو الفضية والقطع البرونـزية والحديدية  . 
 
د - الأحجار:
 
أما فيما يتعلق بالمصنوعات الحجرية المستخدمة في حياة الناس اليومية فقد عرفت منها نماذج كاملة أو جزئية، وذلك في كثير من المواقع الإسلامية المنتشرة في المنطقة، وخصوصًا تلك المتاخمة لطرق الحج والتجارة. ولعل أبرز المصنوعات الحجرية هي: الرحى، والمجارش، والمناحيز (النجور)، والمساحن، بالإضافة إلى بعض الأدوات البسيطة المصنوعة من الحجر الصابوني: كالأسرج، وقدور الطبخ، وأوعية حفظ الطعام وتقديمه، ولعب الأطفال ونحو ذلك  
إن معظم نماذج الفخار والخزف والزجاج التي عُثر عليها في المنطقة لا تختلف - من حيث موادها الخام وأساليب الصناعة والزخرفة وكذا الاستخدام - عمّا يحيط بها من مناطق أخرى داخل المملكة، وكذلك مع المواقع الإسلامية المتاخمة لها في العراق والشام وغيرهما. وهذا يعني من ناحية، أن مجالات الفنون في الفترات الإسلامية المبكرة متشابهة إلى حد كبير ويتأثر بعضها ببعض، ومن ناحية أخرى لا يستبعد أن تكون نسبة كبيرة من المعثورات، خصوصًا تلك التي عثر عليها في مواقع على طرق الحج، قد جلبت من تلك البلدان الإسلامية التي تربطها آنذاك روابط دينية وسياسية، وإدارية متينة  .  كذلك تتمثل في كون المصنوعات التقليدية في معظم المجالات - ولا سيما تلك التي اشتهرت في هذه المنطقة كالمعدنية والجلدية والخشبية - امتدادًا متواصلاً لما كان يتداول في المنطقة في الفترات الإسلامية الماضية.
 
 
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook