الأسباب المعينة على طلب العلم

الكاتب: المدير -
الأسباب المعينة على طلب العلم
"الأسباب المعينة على طلب العلم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: فإن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به، الناس في كل الأوقات وفي كل الأزمنة مولعون بالعلم والمعرفة، ينقِّبون في الكهوف ليتعرفوا على أخبار الأمم الماضية، يخترعون المراكب الفضائية ليكتشفوا النجوم والشموس والأقمار والكواكب، فهلّا كانوا مهتمين بمعرفة ربهم وخالقهم؟!

 

كثير من الناس كما قال تعالى عنهم: ? يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ? [الروم: 7].

 

وأيّ جهلٍ أعظم من جهل الإنسان بربِّه ومولاه، وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن مع العلم بالله ينفعك قليل العمل وكثيره، ومع الجهل بالله لا ينفعك قليل العمل ولا كثيره.

 

ونحن في طريق العلم نحتاج أن ندعوا الله عز وجل أن يعيننا، لأن العلم يحتاج إلى صبر يحتاج إلى ثبات، ولذلك نحتاج في كل عمل إعانة من الله تبارك وتعالى ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول لمعاذ - رضي الله عنه -: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ[1].

 

الإنسان عندما يقوم بأي عمل صالح أي طاعة؛ صلاة، صيام، طلب علم، دعوة إلى الله، وغيرها من الأعمال يحتاج أن يدعو الله عز وجل أن يثبِّتَه ويُعِينَه على هذا العمل، ثم عليه أن يأخذ بالأسباب التي تعينه على الثبات، ونحن الآن بصدد الحديث عن طاب العلم، ما هي يا تُرى هذه الأسباب المعينة على طلب العلم والثبات على هذا الخير؟

 

1-الاستعانة بالله-تعالى-على الطلب:

العلم نعمةٌ من الله تبارك وتعالى ومِنَّةٌ منه عزوجل، لذلك على الإنسان أن يستعين بالله ويدعوه ويفتقر إليه ويتوكل عليه في أمر تحصيل العلم، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَارْزُقْنِي عِلْمًا يَنْفَعُنِي»[2]، نستعين بالله عز وجل، ندعوا الله تبارك وتعالى أن يثبتنا لأن كثير من الناس يطلب العلم ثم يترك، يبدأ ويكون نشيط في البداية ثم يكسل ويفتر ولذلك نحتاج للثبات، من أين سيأتي الثبات؟ من عند الله، إذًا نحتاج أن نستعين بالله أن ندعوا الله عز وجل أن نتوكل عليه، لا تركن إلى نفسِك ولا إلى قدراتِك العقلية ولا إلى أمورِك المادية، إنَّما توكل على الله، لأنَّه عز وجل هو الذي يعين، هو الذي يؤيِّد، هو الذي ييسر للعبد طريق الخير وطريق الفلاح، ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? [الفاتحة: 5].

 

2-الإخلاص لله -عزوجل-:

العلم عبادة ولذلك يحتاج إلى إخلاص وكل العبادات مّبْنَاها على الإخلاص، والله عز وجل يقول: ? وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ? [البينة: 5] ولذلك نحتاج في بداية الطلب إلى الإخلاص، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ تعلَّمَ العلْمَ ليُباهِيَ بِهِ العلماءَ، أوْ يُمارِيَ بِهِ السفهاءَ، أوْ يصرِفَ بِهِ وجوهَ الناسِ إليه، أدخَلَهُ اللهُ جهنَّمَ[3]، أي: تعلَّمَه مِن أجْلِ المُفاخَرةِ والمُباهاةِ أمامَ العُلماءِ، أو يُمارِيَ به السُّفهاءَ المُماراةُ: المُجادَلةُ والمُحاجَّةُ، أي: لكي يُجادِلَهم ويُخاصِمَهم، أو يَصرِفَ به وُجوهَ الناسِ إليه، أي: لِيَلْفِتَ أنظارَ الناسِ إليه، أدخَلَه اللهُ جَهنَّمَ؛ لأنَّه لم يُخْلِصْ في طلَبِ العلْمِ، ولم يَجعَلْه خالصًا لوجْهِ اللهِ تعالى، وفي الحَديثِ: الحثُّ على إخلاصِ النِّيَّةِ للهِ في طلَبِ العلْمِ.

 

3-الاجتهاد والبذل:

العلم يحتاج إلى اجتهاد، إلى بذل، إلى علو همة، يجتهد الإنسان في حضور دروس، يجتهد في المذاكرة في التحصيل، لا يركن إلى انشغالات الدنيا، لا يركن إلى الكسل ومرادات النفس من حبِّ الراحة وحب الكسل والتسويف، سوف أفعل، سوف أتعلم، سوف أذاكر، التسويف هذا آفة من الآفات، وكما قيل: لا يُستطاع العلم براحة الجسد، وقيل أيضًا أعطِ العلم كلَّك يعْطِكَ بعضَه، وأعطِه بعضَك يَفُتْكَ كلَّه أعطِ العلمَ كلَّ شيء في حياتك؛ أوقاتِك، طاقاتِك، مالَك، جهدَك، كل شيء، تنفق كل شيء في سبيل تحصيل هذا العلم الذي تكون به حياتُك في الدنيا وفي الآخرة، فإذا أعطيتَ العلمَ كلَّ شيء في حياتك يعطيك بعضًا منه، وإذا أعطيتَه بعضَك وتركتَ للعلم فضول أوقاتك وفضول ساعاتك وفضول طاقاتك، ما الذي سيحصل؟ يّفُتْكَ كلُّه، لن تحصّل العلم إلا لمَّا تهتم، وتحرص على البذل، وعلى حضور مجالس العلم، مجلس العلم هذا فيه بركة، التلقي المباشر هذا فيه بركة، الله عز وجل يذكر هؤلاء الذين يجلسون في مجلس الذكر وتحيط بهم الملائكة يذكرهم الله فيمن عنده وتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة كل هذه البركة، الإنسان يفهم المعلومة التي تُلقى عليه، بخلاف أنه يقرأ من كتاب بدون أن يكون عنده الأصل الذي يرجع إليه في الفهم، يكون عنده المنهج الصحيح الذي تلقاه عن أساتذتِه وأشياخه.

 

قال الإمام الشافعي رحمه الله في أبيات من الشعر هكذا تلخص لنا الأمور التي يحتاج إليها طالب العلم في طلبه قال:

أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ
سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ
وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ

 

ستة أمور يحتاجها طالب العلم، تريد أن تعرف هذه الستة التي تؤهلك إلى طلب العلم سأخبرك عنها، يكون عندك ذكاء تكون حريص على الفهم بعيد عن البلادة وكما قيل: (إنما العلم بالتعلم)، البعض يشتكي من ضعف الذاكرة والنسيان المستمر، الذاكرة هذه مثل العضلة تماما إذا قمنا بتحفيزها تعمل وإذا تركناها تكسل وتنسى، فكلما أعطيتها معلومات وذاكرتَ واجتهدتَ هذا يجعل الذاكرة تزيد قوتها أكثر، فيقول أول شيء يحتاجه طالب العلم هو (ذكاء).

 

وحرص:يكون عندك حرص على الطلب وعلى جمع العلم ومذاكرة المسائل والفوائد وعلى صون الوقت، مثل ما عندك حرص على الأولاد والأهل والبيت والوظيفة والأعمال والأموال، يكون عندك حرص أيضا على تعلم هذا الدين.

 

واجتهاد: يكون عندك اجتهاد وجِد في المذاكرة والتحصيل وحضور مجلس العلم مستفرغًا الوسع، وباذلا بلا تقصير، قال تعالى: ? خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ? [البقرة:63]، وقد قال الإمام يحي بن أبي كثير رحمه الله: (لا يُستطاع العلم براحة الجسد).

 

وبُلغة: يعني أشياء تُبَلغني فقط، آخذ من الطعام ما يبلغني، آخذ من النوم والراحة ما يبلغني، فقط الأمور الضرورية، أكتفي بما أحتاج إليه، وأستغني عن فضول الكلام والمنام والطعام والخُلطة بالناس، هذه الأمور ستضيع الوقت الذي من المفترض أن أطلب فيه العلم.

 

وصحبة أستاذ: لابد من صحبة أستاذ – شيخ - معلم، والمقصود بهم شيوخ العلم، وأصحاب الفقه، العلماء الربَّانيِّين، علماء أهل السُّنةـ أصحاب المنهج القويم والفهم السليم لأن الإنسان لمَّا يقرأ هكذا وحده من الكتب بدون أن يتلقى أصول العلم لن يتعلم، وكما قال السلف رحمهم الله:( من دخل العلم وحده خرج وحده )، يعني من دخل وحده بلا أستاذ خرج وحده بلا علم، وقال الشافعي رحمه الله: (من تفقه من بطون الكتب، ضيّع الأحكام).

 

وطول زمان: إياك أن تستعجل، إياك أن تتعجل هذا الأمر، العلم يحتاج إلى وقت إلى مدارسة إلى تدريب.

 

4-ومن الأمور المعينة على طلب العلم ترك المعاصي:

قال تعالى: ? وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ ? [البقرة:282]، قال ابن مسعود رضي الله عنه: إِنِّي لَأَحْسَبُ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ كَانَ يَعْلَمُهُ بِالْخَطِيئَةِ يَعْمَلُهَا[4].




ما سبب نسيان العلم؟

الذنوب والمعاصي.

 

ما سبب البلاءات والمصائب والمشاكل في بيوتنا ومع أولادنا؟

كل هذه المصائب بسبب الذنوب والمعاصي، إذًا من الآن فصاعدا نريد أن نتعلم؟ إذًا لابد أن نتَّقِي الله عز وجل قدر استطاعتنا، لا نتكلم إلا فيما يرضي الله عز وجل، لا نذهب إلى أي مكان إلا في مرضاة الله تبارك وتعالى، لا نجلس مجلسًا إلا إذا كان يرضى عنه الله تبارك وتعالى في طاعة من الطاعات، لا نسمع ولا نشاهد إلا ما يرضي الله تبارك وتعالى حتي يفتح الله عز وجل لي هذا الطريق إلى العلم.

 

ومما يروى في ذلك وهي قصة ضعيفة لا تثبت أن الإمام الشافعي رحمه الله كان له شيخ اسمه وكيع رحمه الله فاشتكى الشافعي يومً لأستاذِه، كما نفعل نحن طلاب العلم، كثيرًا ما نشتكي لعلمائنا وأساتذتِنا من كثرة النسيان وضعف الحفظ، هذه الشكوى متكررة من طلاب العلم وخاصة من النساء، فهو كان يشتكي من نفس الأمر، فماذا كان رد شيخه وكيع-رحمه الله-؟ هل قال له مثلا خذ دواء معين أو اشرب شراب معين حتى يقوي الذاكرة ويزداد الفهم والحفظ؟ بل أرشده إلى ترك المعاصي، يقول الإمام الشافعي في أبيات شهيرة له- رحمه الله -:

شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي
فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ
ونورُ الله لا يهدى لعاصي

 

إذًا نترك المعاصي حتى يفتح الله لنا بابًا إلى العلم وإلى الدعوة يثبتنا في الدنيا والآخرة بإذنه تبارك وتعالى.

 

5-تقييد العلم بالكتابة:

أيضًا من الأسباب المعينة على طلب العلم، أن العلم يحتاج إلى تقييد مثل الصيد، لابد له من قيد حتى لا يهرب من الصياد أو يفلت منه، كذلك العلم، وقد قيل:

العلمُ صيدٌ والكتابة قيدُهُ
قيِّدْ صيودَك بالحبال الواثقهْ
فمن الحماقة أنْ تصيدَ غزالةً
وتفكَّها بين الخلائق طالقهْ

 

إذن لابد من التدوين والكتابة حتى لا ينسى الإنسان ما تعلمه.

 

قال عمرُ بن الخطاب: قيِّدوا العلمَ بالكتاب[5].

 

نماذج من حرص السلف على طلب العلم واجتهادهم في تحصيله:

عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين يقول: كنت أنا وجار لي من الأنصار -وهو أوس بن خولي الأنصاري - في بني أمية بن زيد -وهي من عوالي المدينة- وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك.

 

قال الشافعي رحمه الله تعالى: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين.

 

محمد بن سلام شيخ من شيوخ الإمام البخاري رحمه الله تعالى، كان في حال الطلب جالسًا في مجلس الإملاء، فانكسر قلمه، فأمر أن ينادى: قلم بدينار.

 

فتطايرت إليه الأقلام.

 

فهو لا يريد أن يضحي بلحظة واحدة، حتى لا يفوته فيها سماع حرف من الحديث أو كلمة أو جملة، ويعتبر هذه مصيبة لا يعوضها مال الدنيا، فأراد أن يغري الذين يسمعونه فرفع سعر القلم إلى ثمن كبير جدًا، فقال: قلم بدينار.

 

فتطايرت إليه الأقلام من كل صوب، وذلك كي لا يفوته شيء من مما يمليه الشيخ.

 

يحى ابن معين –رحمه الله- قيل له: (كم كتبت من الحديث؟) قال: كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث! وقديمًا كان ليس عندهم مطابع ولا أجهزة كمبيوتر ولا أي شيء، كانوا يكتبون بالأيدي وينسخون الكتب بالأيدي، قال كتبت ستمائة ألف حديث، كم حديث كتبنا نحن؟.

 

وذكر داود بن رشيد: أن يحيى بن معين خلّف له أبوه ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فأنفقه كله على الحديث، حتى لم يبق له نعل يلبسه!.

 

عبيد ابن يعيش – رحمه الله-:انظر إلى همة السلف في طلب العلم، الهمم العالية التي تناطح السحاب – عبيد ابن يعيش قال: أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل، كانت أختي تلقمني وأنا أكتب الحديث ، ليس سنة، ليس شهرا، تخيل أن إنسان لا يستطيع أن يأكل لمدة شهر أو شهرين، لمدة سنتين لمدة ثلاثة، هذا ثلاثين سنة لا يأكل بيده، أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل يعني هذه الوجبة الأساسية ما كان يأكلها بيده، نحن نأكل ونشرب ونرتاح ونتكلم وهو لا يجد وقت حتى يضع الطعام في فمه، أخته تضع له الطعام وهو يكتب ويقرأ ويقابل الكتب ببعضها ويشتغل بطلب العلم.

 

وكان داود الطائي يستف الفتيت -وهو بقايا الخبز وفتاته-، فما كان يأكل لقمة الخبز الكبيرة، وإنما كان يستف الفتيت، فيضعه في يده ويتناوله بلسانه، فيقول: بين سف الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية.

 

قال الحافظ ابن كثير: كان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه فيوقد السراج فيكتب الفائدة تمر بخاطره ثم يطفئ سراجه، ثم يقوم مرة أخرى، حتى كان يتعدد منه ذلك قريبًا من عشرين مرة.

 

قال النووي رحمه الله تعالى وهو يحكي عن أوائل طلبه للعلم: وبقيت سنتين لم أضع جنبي على الأرض.

 

بقي سنتين لم يضع جنبه على الإطلاق على الأرض، وإنما كان ينام وهو جالس، ثم لا يلبث أن يستيقظ للاستمرار في طلب العلم.

 

وحكى البدر بن جماعة أنه سأله رحمه الله تعالى عن نومه فقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: إذا غلبني النوم استندت إلى الكتب لحظة وأنتبه.

 

وقال البدر: وكنت إذا أتيته أزوره يضع بعض الكتب على بعض ليوسع لي مكانًا أجلس فيه.

 

الخليل ابن أحمد رحمه الله قال: ما سمعتُ شيئًا إلا كتبتُه، ولا كتبتُ شيئًا إلا حفظتُه، ولا حفظتُ شيئًا إلا انتفعتُ به [6] أي شيء من العلم يسمعه لابد أن يدوِّنه ويكتبه، ولما يكتب يحفظ ويذاكر ويدوّن في ذهنه كما دوَّن في كتابه، ثم يعمل بما سمع وكتب.

 

قيل لابن المبارك-رحمه الله: يا ابن المبارك إلى متى تكتب العلم؟ فقال: أرجو أن تروني فيه إلى أن أموت، أليس يقال له طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في الماء، أفلهذا مترك؟ .

 

الحافظ ابن منده بدأ رحلته في طلب العلم، بدأ يرتحل في طلب العلم ويسافر إلى البلاد ويستمع إلى العلماء، وهو ابن عشرين سنة وعاد إلى بلده وإلى بيته، وهو ابن خمس وستين سنة، وقال رحمه الله:( طفتُ الشرق والغرب مرتين)، كم رحلنا نحن في طلب العلم؟ وكم كتبنا من كتب أهل العلم؟ وكم ذاكرنا؟ وكم تعلمنا؟ وكم حفظنا؟ وكم درسنا؟ وكم نشرنا العلم؟

 

نحن والله مقصرون، نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا تقصيرنا وأن يعفو عنا وأن يرحمنا وأن يهدينا سواء السبيل وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علما.




[1] صحيح أبي داود (1522) من حديث معاذ بن جبل.

[2] رواه النسائي والحاكم، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

[3] صحيح الجامع(6158)، أخرجه أبو داود (3664)، وأحمد (8457) بمعناه، وابن ماجه (260) باختلاف يسير.

[4] الزهد لأحمد بن حنبل، ص 129.

[5] (مصنف ابن أبي شيبة - جـ 9 - صـ 49)، نقلا عن شبكة الألوكة:

https://www.alukah.net/culture/0/109867/

[6] تقييد العلم - للخطيب البغدادي - صـ 11، نقلا عن شبكة الألوكة:

https://www.alukah.net/culture/0/109867/


"
شارك المقالة:
49 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook