ارتبطت التغيّرات السياسيّة الناجمة عن الثورة الفرنسيّة، وحروب نابليون بظهور التطوّرات الاقتصاديّة في قارّة أوروبا في نهايات القرن الثامن عشر حتى القرن التاسع عشر، كظهور الثورة الصناعيّة، والتطوّر التجاريّ، ويشار إلى أنّ النمو السكانيّ للأوروبيين الذي يقدّر بنسبة 50-100% كان سبباً في إدخال عناصر زراعيّة جديدة إلى الاقتصاد الأوروبيّ كزراعة البطاطا، فتأثّر الفلّاحون والمزارعون الأوروبيّون بهذا التحوّل الاقتصاديّ، فاتّجهوا للبحث عن أعمالٍ أخرى للحصول على المال، هذا إلى جانب ميلهم للتصنيع الغذائيّ وتوزيعه في الأسواق.

كما أدّت هذه التغيّرات إلى خلق تصنيفٍ سكانيّ جديد في أوروبا، كمدنيين مالكين، وقرويين مأجورين، وظهرت العديد من أساليب الاستهلاك المسيطرة على السوق الأوروبيّ في تلك الفترة، حيثُ اتجّه الريفيون غير المالكين لاستهلاك اللباس، على عكس المدنيين من أبناء الطبقة الوسطى الذين اتّجهوا لشراء الكتب، وألعاب الأطفال، وتعدُّ صناعة القماش، والخيوط، والأدوات، من الصناعات الأوروبيّة المنتشرة في تلك الفترة، إذ عمل القرويّون بالأعمال الحرفيّة تحت إشراف التجّار المدنيين، وتطوّرت هذه الصناعات لينتشر تسويقها وتوزيعها في المتاجر والأسواق البعيدة.

الثورة الصناعيّة

تعدّ الثورة الصناعيّة سبباً في تغيّر مجرى الحياة الاقتصاديّة والصناعيّة من الزراعة والصيد إلى التصنيع بالآلات، وتمتدّ هذه الفترة من ثلاثينات إلى خمسينيات القرن التاسع عشر، حيث امتازت فترة الثلاثينيات بصناعة النسيج، والبخار والحديد، أمّا خمسينيات القرن فامتازت بظهور ثورةٍ صناعيّة أكبر، شملت صناعة الكهرباء، والفولاذ، والسيارات.

المناطق الصناعيّة في أوروبا

تعتبر الأقاليم الأوروبيّة سبباً في التوزيع الصناعيّ في البلاد، وتشمل هذه الأقاليم ما يلي:

مناطق غرب وسط أوروبا

تعدّ مناطق غرب وسط أوروبا من أضخم المناطق اقتصاديّاً، إذ تنمو الصناعة في أوكرانيا، وروسيا الأوروبيّة، وإنجلترا، وشمال إيطاليا، وتُعدّ المناطق الوسطى من القارة الأوروبيّة كفرنسا الشماليّة والشرقيّة، وموانئ هامبورغ، وبحر أمستردام، وروتردام، وأنتويرب من أكثر الأقاليم المتطورة صناعيّاً

مناطق شمال وشرق أوروبا

تعتبر أوروبا من أكثر القارات امتلاكاً للمعادن، إذ تُنتج ثُلث كمية الفحم العالميّ، ويعدّ تصنيعه رئيسيّاً في بولندا، والتشيك، وألمانيا، كما تشتهر السويد، والنرويج، وجبال الألب بتوفير نسبةٍ كبيرةٍ من الفحم والطاقة النوويّة المستخدَمة في توليد ما يزيد عن 25% من طاقة الكهرباء في أوروبا، ومن الجدير بالذكر إلى وجود النفط والغاز بكثرة في المناطق الشرقيّة من القارة، حيث اشتهرت رومانيا بمواردها النفطيّة، إلى أنّ تفوّقت عليها دول بحر الشمال كبريطانيا، كما تشتهر الدول الإسكندنافيّة والأقاليم الجبليّة بتصنيع الخشب، إضافةً إلى الصيد الذي يعدّ الحرفة الأساسيّة في سواحل المحيط الأطلسيّ، وبحر الشمال.