يرتبط بأذهان كثير من الناس أن المناطق الرملية بأشكالها المختلفة مرادفة للمناطق الصحراوية، مع أن الأشكال الرملية لا تشكل أكثر من 20% من مساحات المناطق الجافة وشبه الجافة في العالم

وتأخذ التجمعات الرملية عدة أشكال وأسماء كثيرة، وذلك حسب ظروف السطح والمناخ وموارد الرمال والموقع، وتنبع أهمية دراسة أشكال التجمعات الرملية من أنها العوامل المؤثرة في ازدياد رقعة التصحر بزحفها على الأرض الزراعية، إضافة إلى إعاقتها لطرق المواصلات، وفيما يأتي عرض لأهم مناطق توزيع الأشكال الرملية وأنواعها وحركتها في منطقة مكة المكرمة

 

 

تتوزع مواقع تجمع الرمال وحركتها في منطقة مكة المكرمة في كل من السهل الساحلي على البحر الأحمر وفي سهل ركبة شرق المنطقة إضافة إلى جنوب شرق المنطقة، ويتميز السهل الساحلي باتساعه وانخفاضه مما يسمح لمياه المد بتغطية مساحة واسعة من الساحل الأمامي الذي تترسب عليه رواسب رملية ألقتها مصبات الأودية الممتدة من جبال السروات والحجاز، مما يعطي الفرصة للرياح لنقل هذه الرمال بعد جفافها عند حدوث الجزر، أما سهل ركبة فهو مستوى أساس لعدد من الأودية المنحدرة على السفوح الشرقية لجبال الطائف وجنوب شرق حرة رهاط، مما يسمح بتوفير مادة أولية من الرمال التي تقوم الرياح بتذريتها في أطراف السهل المذكور، وتختلف طريقة تشكل الرمال في السهل الساحلي عن كل من سهل ركبة وجنوب شرق المنطقة؛ ففي حين تنتقل الرمال في السهل الساحلي عكس الانحدار من خط الساحل نحو الداخل، تنتقل حبيبات الرمال في الداخل مع الانحدار العام للمنطقة نحو الشرق، حيث تتجمع كميات ضخمة من الرمال في عروق رملية، كما هو الحال في المجاري الدنيا لأودية بيشة ورنية وأودية حرتي النواصف والبقوم، حيث عروق سبيع  ونفود المنثورة

أما في السهل الساحلي فتتوزع الأشكال الرملية في جنوب مصب وادي الصفراء، ومصب وادي قديد، ومصب وادي خليص، وطريق جدة - مكة المكرمة، وشمال مصب وادي الليث والقنفذة، كما توجد في عدد من المواقع عند التقاء السهل الساحلي مع الجبال التهامية

 

 

 

تتعدد أشكال التجمعات الرملية تبعًا لتغير شدة الرياح واتجاهاتها، إضافة إلى اختلاف مصادر الرمال والتضاريس التي تنشأ فوقها، ومن ثم هناك الغطاء الرملي والدكاك والكثبان والجبال الرملية والأبارق

ولا يختلف كل من الغطاءات الرملية والدكاك بعضها عن بعض سوى أن الأولى متموجة ومتحركة وتسودها التجعدات الرملية، بينما تكون الثانية ثابتة ومتكدسة وتنمو فيها النباتات والشجيرات، وتنتشر كلتاهما في جميع مناطق التجمعات الرملية

أما الكثبان الرملية فتتعدد أشكالها بحسب اتجاه هبوب الرياح على محاورها، فهناك كثبان طولية وأخرى عرضية وهلالية وغيرها، ومنها ما هو متحرك ومنها ما هو ثابت كما يأتي

 

1 - الكثبان الطولية: 

تمتد محاور الكثبان الطولية مع اتجاه الرياح السائدة على العكس من الكثبان العرضية أو المستعرضة، ويراوح طولها بين بضع مئات من الأمتار ومئات الكيلومترات، أما عرضها فيراوح بين بضع عشرات من الأمتار وعدة كيلومترات، كما ترتفع من بضعة أمتار إلى مئات الأمتار، وغالبًا ما تتطور الكثبان الطولية الصغيرة عن كثبان هلالية، بينما تسمى الكثبان الكبيرة منها بالعروق، ويتشكل كلاهما من هبوب رياح ثابتة من اتجاه معين وموازية لمحاور الكثبان، إضافة إلى وجود مصادر دائمة وغزيرة للرمال

وتوجد الكثبان الرملية الطولية شمال القنفذة والمظيلف وجنوب الليث وجنوب وادي الصفراء، أما إلى الشرق من جبال السروات والحجاز فتوجد في نفود الحورية شمال سبيع والمجرى الأدنى لوادي بيشة

أما العروق فتتشكل في عروق حنجران ونفودها على الطرف الغربي لمصب وادي بيشة وفي عروق سبيع شمال مصب وادي رنية ونفود الحورية

 

2 - الكثبان العرضية:

تتعامد محاور الكثبان العرضية باتجاه الرياح السائدة، وتتكون من سفحين مختلفين في الانحدار، يكون الأقل انحدارًا مواجهًا للرياح، بينما الأشد انحدارًا في ظل الرياح، وتمتد الكثبان العرضية على شكل سلاسل طويلة وقد تتلاحم أحيانًا مع مجموعة من الكثبان الهلالية، وتوجد في مواقع الكثبان الأخيرة نفسها إلا أنها ليست ملازمة لها بالضرورة، وتتوزع إلى الجنوب من طريق جدة - مكة المكرمة وشمال الليث، وعند مصب وادي خليص

 

3 - الكثبان الهلالية:

تتوزع الكثبان الهلالية في منطقة مكة المكرمة بين وادي الشاقة اليمانية جنوبًا مرورًا ببلدة القوز جنوب القنفذة وشمال مصب وادي الليث، ومصب وادي خليص وقديد

وتعد الكثبان الهلالية من نوع الكثبان العرضية، وتعرف باسم القوز في تهامة، وتتكون من سفحين ينحدران في اتجاهين مختلفين، الأول مواجه للرياح ويسمى الكاسح لكسح الرمال منه وهو الأقل انحدارًا، والثاني يسمى الصباب لانصباب الرمال عليه من الكاسح وهو أشد انحدارًا من الأخير، ويمتاز الكثيب الهلالي بقرنين منخفضين يمتدان مع اتجاه الرياح وهو ما يعطيه الشكل الهلالي، ويستدل من هذين القرنين على اتجاه الرياح السائدة، ويراوح ارتفاع الكثبان الهلالية بين متر واحد وأكثر من 40م، كما يراوح عرضها بين 15م وأكثر من كيلومتر واحد، وتتعدد أشكال الكثبان الهلالية بين كثبان قبابية وبيضاوية وجنينية وبسيطة ومركبة، وهي تمثل المراحل التي يمر بها الكثيب الهلالي، ويعد هذا الكثيب شديد الحساسية لأي تغيرات في انحدار السطح الذي يعلوه أو في شدة الرياح

 

4 - الكثبان الرملية العالية: 

توجد الكثبان الرملية العالية في منطقة مكة المكرمة عند المجرى الأدنى لوادي بيشة، ويراوح ارتفاعها بين بضع عشرات وبضع مئات الأمتار فوق السطح العام، وتنشأ الكثبان الرملية العالية غالبًا من تراكم كثبان هلالية عملاقة بعضها فوق بعض، وتأخذ أشكالاً متعددة كالهرمي والبيضاوي واللولبي

 

5 - الأبارق:

تنتشر الأبارق بكثرة على أطراف أو أقدام الجبال والتلال التي تحد السهل الساحلي من الشرق، والأبرق تل صخري تحيط بسفوحه الرمال، وقد استمد تسميته من الفارق اللوني بين صخور التلال الداكنة ولون الرمال الفاتح، وينشأ عن تذرية الرياح للرمال التي تتراكم أسفل هذه السفوح وتصعدها أحيانًا، ومن أهم الأمثلة عليه أبرق الرغامة إلى الشرق من جدة في السهل الساحلي، وأبرق البراعم شمال شرق الخرمة

 

ج - حركة الرمال:

تتسبب حركة الكثبان الرملية في كثير من المشكلات، قد يكون أهمها الزحف على الأراضي الزراعية وطرق المواصلات  ، وهو ما يشاهد على الطريق من شمال الليث إلى جنوب القنفذة، وعادة ما تتم حركة الكثبان الرملية باتجاه الرياح السائدة في مناطق وجودها، وغالبًا ما تتحرك الكثبان مع محافظتها على شكلها العام على الرغم من أن بعضها قد تغير أشكالها مع الحركة، ولعل أهم العوامل المؤثرة في حركة الكثبان تتمثل في حجمها وظروف الرياح السائدة والرطوبة والتضاريس إضافة إلى مواقعها النسبية