تُعرَّف الأُضحية بأنّها: ما يُذبَح تقرُّباً لله -تعالى- في أيام النَّحر، بشروطٍ وأحكامٍ مخصوصةٍ، وقد شُرِعت في السنة الثانية للهجرة، وثبتت مشروعيّتها في القرآن الكريم بِقَوْل الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، كما ثبتت في السنّة النبويّة؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا)، إضافة إلى أنّ عدداً من العلماء نقلوا الإجماع على مشروعيّتها، كابن قدامة، وابن المنذر، وابن عبدالبرّ، وشُرِعت الأُضحية؛ إحياءً لسُنّة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-؛ حين أمرَه الله بذَبح ابنه، فامتثلا لأمر الله -تعالى-، ففداه الله -تعالى- بِذبحٍ عظيمٍ، كما أنّ في الأُضحية شُكراً لله -تعالى- على ما أمَدّ عباده به من النِّعَم.
الأُضحية شعيرةٌ من شعائر الله -سبحانه-؛ قال -تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، كما أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حرص على الأُضحية، وحثّ عليها المسلمين، أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ)؛ فالتقرُّب إلى الله -تعالى- بالأُضحية من أعظم العبادات والطاعات، وأجلّها، ويدلّ على ذلك قَرْنها بالصلاة في عدّة مواضع؛ بياناً لمنزلتها العظيمة، ومكانتها الجليلة، قال -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
بيّن العلماء أنّ الأُضحية أفضل من التصدُّق بثمنها، كما صّرح بذلك الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة؛ استدلالاً بأنّ ترك شعيرة الأُضحية والتحوُّل إلى التصدُّق بثمنها يؤدّي إلى ترك سُنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ إنّه ضحّى لله -تعالى-، وضحّى الصحابة من بعده، ولو كان التصدُّق أفضل؛ لتصدّقوا بثمنها، كما أنّ الأُضحية يفوت وقتها بخلاف التصدُّق بالثمن؛ إذ إنّ وقته لا يفوت، بالإضافة إلى أنّ الأُضحية فيها جمعٌ بين إراقة الدم والتصدُّق؛ لتحقيق القُرب من الله، والجمع بينهما أفضل.
اختلف العلماء في حُكم الأُضحية عن الميّت، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، بيانها آتياً:
موسوعة موضوع