الألعاب الشعبية المنتشرة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الألعاب الشعبية المنتشرة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الألعاب الشعبية المنتشرة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
كان الناس في الماضي مشغولين معظم أوقاتهم بالبحث عن لقمة العيش، فكان معظم نهارهم ينقضي في العمل الشاق المضني، وعندما يأتي المساء يكون التعب قد أنهكهم، والإعياء قد أخذ منهم كل مأخذ، ولهذا يخلدون إلى الراحة مبكرين ويذهبون إلى مضاجعهم بعد صلاة العشاء مباشرة. وعلى الرغم من ذلك كانوا عندما تحين الفرص يمارسون بعض الألعاب، ومنها:
 
أ - اللحس والليزمان: 
 
هذه اللعبة كان يمارسها الصغار والكبار، ويلزم لها فريقان، يُسمى الفريق الأول بـ (الفريق القابض)، وقد يتكون من شخص واحد فقط، والفريق الثاني يُسمى (اللاحس)، ويُقسم الميدان إلى قسمين؛ قسم لكل فريق. ومهمة اللاحس أن يدخل إلى منطقة القابض ويضربه بيده قائلاً: (ألحسك ألزمك) ويعود بسرعة إلى منطقته، وبهذا يسجل نقطة لفريقه، أما الفريق القابض فمهمته أن يقبض على من يدخل إلى منطقته، وإذا قُبض عليه انتهى دوره وعليه أن يجلس جانبًا.. وهكذا حتى ينتهي القبض على مجموعة اللاحس. واللعبة تعلم المراوغة، واللياقة البدنية، وتُظهر القيادات بين الأطفال.
 
ب - قُوق وقيق: 
 
هذا اللعبة معروفة في معظم مناطق المملكة ولكن بأسماء مختلفة مثل (شرعت) و (الغميضي)، إذ يقول اللاعب: (قوق) ثم يتخفَّى، وعلى اللاعب الآخر البحث عنه، وإذا استطاع المتخفِّي أن يصل إلى المكان المتفق عليه والمسمى (الأم) فإنه يفوز، وإذا أدركه اللاعب الآخر قبل أن يصل وقبض عليه فإنه يخسر ويقول: (قيق) أي استسلمت. وكانت ممارسة هذه اللعبة ممتعة في البيوت القديمة لوجود كثير من الأشياء التي يمكن أن يختفي الشخص فيها أو خلفها.
 
ج - الذئب عدا عالرعيان:
 
تتكون هذه اللعبة من لاعب يُسمى (الذئب)، ومجموعة لاعبين يُسمَّون (الرعيان؛ جمع راعي باللهجة المحلية) فيجتمع الرعيان مكوِّنين دائرة متماسكة ويدورون وهم يرددون: (الذيب عدا عالرعيانِ)، ومهمة الذئب أن يقترب منهم ويخطفهم واحدًا تلو الآخر، ولا يجوز له أن يخطف أي لاعب يصيبه برِجله أثناء الدوران، ولهذا عليه أن يختار الوقت المناسب للانقضاض، وآخر لاعب يبقى في الدائرة يتحول إلى ذئب، وتُعاد اللعبة... وهكذا دواليك.
 
د - القطرة: 
 
القطرة لعبة معروفة في كثير من مناطق المملكة، وهي نوعان: أم ثلاث وأم تسع، بحسب عدد الأحجار التي يتم اللعب بها. يلعب هذه اللعبة لاعبان، وتكون لكل لاعب أحجار مختلفة في لونها عن أحجار اللاعب الثاني، ويبدأ الاثنان بوضع أحجارهما على الرقعة، والرقعة هنا حجر رقيق يُدهن بأوراق بعض النباتات حتى يصبح أخضر اللون، ثم يُخطَّط بحجر صلب خطوطًا متقاطعة وواضحة، أو تُرسم الخطوط على التراب، وأول لاعب يضع حجرًا هو الأول الذي يحق له أن يحرك أحد أحجاره، ويحاول كل لاعب أن يقطع الطريق على خصمه لكي لا يصفَّ ثلاثة أحجار في صف واحد؛ لأنه كلما استطاع اللاعب أن يصفَّ ثلاثة أحجار في صف واحد فإنه يحذف من أحجار الخصم حجرًا واحدًا، ولكن لا يجوز له أن يأخذ من الأحجار الثلاثة المصفوفة في صف واحد.
 
هـ - الزِّقِطة (اللُّقُطة): 
 
هذه أيضًا من الألعاب المعروفة في كثير من مناطق المملكة، وبعضهم يسميها (اللُّقُطة)، والزقطة نوعان: أم خمس وأم عشر، بحسب عدد الأحجار التي يتم اللعب بها، وتكون أحجارًا دائرية بحجم اللقمة تقريبًا. يقوم اللاعب الأول بإلقاء الأحجار على الأرض، ثم يأخذ منها واحدًا، ويقوم بقذفه إلى أعلى ويلتقط حجرًا من الأحجار الملقاة على الأرض ثم يتلقف الحجر الذي رماه إلى أعلى، وفي المرة الثانية يلتقط حجرين حجرين، وفي الثالثة ثلاثة ثم واحدًا، وفي الرابعة يلتقط الأربعة كلها، وبعدها يقوم بإلقاء حجر إلى أعلى ووضع البقية على الأرض ثم يتلقف الحجر الذي في الأعلى ويقوم بذلك عددًا من المرات حسب ما يُتفق عليه، وفي المرحلة الأخيرة يشكل من الإبهام والسبابة في اليد اليسرى ما يشبه نصف دائرة، ثم يلقي بالأحجار جميعًا بيده اليمنى أمام نصف الدائرة هذا، واضعًا يده اليمنى من خلف اليسرى وهي ملتفة عليها من الأمام أثناء الرمي، وعلى الخصم أن يختار واحدًا من تلك الأحجار ويسميه (الجدة)، وعلى اللاعب أن يُدخل الأحجار الأخرى أولاً من نصف الدائرة الذي تشكله يده اليسرى، ويجب أن يتجاوز الحجر مساحة الكف الأيسر عندما يُبسط على الأرض، ويحق للَّاعب أن يُدخل الأحجار ما عدا (الجدة) على مراحل، ولكن لا يحق له أن يلمس (الجدة) أو يحركها، ولهذا يجب على الخصم أن يختار (جدته) بعناية، وأن تكون في مكان بحيث يصعب على اللاعب الآخر إدخالها أو تفادي لمسها، كأن تكون عند مدخل الأحجار الأخرى الذي تشكله اليد اليسرى بشكل نصف دائرة، ويجب على اللاعب إذا انتهى من إدخال الأحجار الأخرى أن يُدخل الجدة مرة واحدة، وإذا أخفق أو لمس الجدة أو أخفق في إحدى المراحل السابقة بأن يسقط منه أحد الأحجار أثناء اللعب فإن اللعبة تنتقل إلى الخصم، وإذا أنهى العملية بنجاح فإنه يعيدها إلى أن يخطئ، ولهذا قد يتمكن اللاعب الماهر من اللعب عددًا من المرات ويسجل ضد خصمه عددًا من الأشواط.
 
و - المطارحة: 
 
كانت هذه اللعبة تُمارَس قديمًا من قبل الصغار والكبار، وهي لعبة تشبه المصارعة، إذ يتقابل شخصان - قد يكونان كبيرين وقد يكونان صغيرين - ويتماسكان بطريقة متعادلة بحيث يضع كلٌّ منهما يدًا فوق كتف خصمه وأخرى تحت إبطه، وعند البدء يحاول كل منهما أن يطرح خصمه أرضًا وعندها يفوز. وقد يتنازل الشخص القوي لخصمه بأن يضع كلتا يديه من تحت الإبطين وتُسمَّيان (الدخليتين)، وبهما يتمكن الشخص من السيطرة على خصمه، ولكن الشخص المتمرس يصعب طرحه أرضًا فهو يجيد المراوغة واستخدام جسمه في الالتفاف وتجنب السقوط، وكان يوجد أناس يفتخرون أن أحدًا لم يستطع وضع جنوبهم على الأرض رغم نحافة أجسامهم.
 
ز - مراوغة الكُباب:
 
الكُباب - بضم الكاف - جمع كُبابة، وهي القطعة الصغيرة المتماسكة من التراب، وغالبًا ما تظهر تلك القطع عند حرث الأرض بسبب تبلل التربة، وكان الكبار يقذفون بالكُباب على الصغار، وعلى الصغير مراوغة الكُبابة وتجنب الإصابة بها، وكلما نجح الصغير في تجنب ذلك كان أفضل من غيره. ويقوم الكبير بقذف الكُباب على الصغار واحدًا واحدًا، والذي تصيبه يخرج من المسابقة، إلى أن يبقى آخر الصغار ويُعد هو الفائز. والهدف من هذه اللعبة هو تدريب الصغار على مراوغة الحجارة عندما ينشب قتال جدِّيٌّ ويقذف الخصم بالحجارة على الآخرين ليوقع الأذى بهم.
 
ح - رمي المثل:
 
المثل هنا يعني الهدف، وبعضهم يسمي هذه اللعبة (رمي الشارة)، وخصوصًا في البادية، حيث يقوم مجموعة من الأشخاص بنصب حجر في مسافة يمكن أن يصلها الرمي باليد، ويقومون برمي ذلك الهدف بأحجار مناسبة في حجمها والذي يصيبه يُعد فائزًا، وتكرر العملية عددًا من المرات. والهدف من هذه اللعبة - بالإضافة إلى التسلية - الاعتياد على إجادة إصابة الخصم عندما ينشب قتال حقيقي، وهذه اللعبة كانت تُمارَس بالبنادق في الأعراس والأعياد، إذ يوضع الهدف في مكان بعيد ويقوم المتنافسون بالتصويب عليه، والذي يصيبه يُعد فائزًا، ويفخر به قومه وجماعته. ورماية المثل بالبنادق عادة معروفة في كثير من مناطق المملكة مع اختلاف في التسمية، فبعضهم يسميها (الشارة)، وبعضهم يسميها (الهدف)، وبعضهم يسميها (المثل).
 
مظاهر الثبات والتغير
 
اختفى كثير من الألعاب الشعبية القديمة مثل اللحس والليزمان، ومراوغة الكُباب، والذئب عدا عالرعيان. ولا يزال الناس يمارسون بعض تلك الألعاب مثل الزقطة، والقطرة، ورمي المثل. وفي رمي المثل أصبح الناس يعمدون إلى الذهاب إلى الأودية البعيدة لممارسة هوايتهم المفضلة، وخاصة في مواسم الأعياد. ولا يزال الصغار يمارسون بعض الألعاب مثل (قوق)، ولكن حلت الكرة - وبخاصة كرة القدم - والألعاب الإلكترونية محل كثير من الألعاب القديمة.
 
شارك المقالة:
190 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook