الأمثال الشعبية الشائعة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأمثال  الشعبية الشائعة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية

الأمثال  الشعبية الشائعة في منطقة الباحة في المملكة العربية السعودية.

 
الأمثال هي مستودع حكمة المجتمع، وخلاصة تجاربه، وفيها يُختصر كثير من المعاني في ألفاظ قليلة ذات دلالات قوية ونافذة، وقد عُرفت الأمثال في جميع الثقافات تقريبًا. والمثل هو (ما شُبِّه مضربه بمورده)، ويجتمع في الأمثال - كما يقول إبراهيم النظام - أربعة لا تجتمع في غيرها: "إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية"  . 
 
وفي منطقة الباحة أمثال كثيرة يستخدمها الناس في أحاديثهم لتدعمها وتقويها، ولتختصر بعض ما يريدون قوله، فمعنى المثل والدرس الذي يمكن أن يُؤخذ منه مفهومان غالبًا لمن يُوجَّه له الحديث.
 
وفيما يأتي بعض الأمثال الشعبية الشائعة في المنطقة:
 
 أحب مُرضي وأستحي من زاحم:
 
وأصل المثل أن شخصًا طُلب منه الإصلاح بين اثنين أحدهما اسمه مُرضي، والآخر اسمه زاحم، وعندما سُئل ماذا فعل قال: (أحب مرضي وأستحي من زاحم). ويُضرب في المجامل أو المداهن الذي لا يستطيع الصلح بين المتخاصمين لكثرة مجاملاته التي تمنعه من قول الحقيقة خشية أن يغضب أحدًا.
 
 إن حضر كفانا وإن غاب شفانا:
 
يُضرب في الرجل الكريم الذي يؤثر كرمه في أسرته بحيث إنها تكتسب عادة الكرم منه. وقصة هذا المثل أن مسافرين دخلوا إلى أحد البيوت طلبًا للضيافة، فلم يجدوا صاحب البيت، وإنما وجدوا زوجته، وعندما هموا بالخروج قالت الزوجة لهم: إن طعامكم قد جهز، فقالوا: إن الرجل غير موجود، فقالت المثل، ومعناه أن زوجها إذا كان موجودًا قام بما يجب عليه من الضيافة، وإذا غاب أوكل إليها القيام بذلك. وبعضهم يقول في مثل تلك الحالة: (فلان ما غاب إلا بثيابه)؛ أي أن بيته وكرمه موجودان حتى في غيابه، وما تحتاجونه في وجوده من طعام ومأوى لن تفتقدوه بغيابه.
 
 البرد من قيس اللحاف:
 
من قيس: أي على قَدْر. ومعنى المثل أن الذي يحدد درجة البرودة من الناحية النفسية هو اللحاف، فكلما زادت كثافة اللحاف زادت معرفة الإنسان بأن البرد قارس، ويُقال هذا المثل عندما يقدم الشخص لضيوفه طعامًا أقل مما يجب لعدم امتلاكه الطعام الكافي، ويُقال عندما تكون الحالة أقل مما يجب أن تكون عليه لظروف خارجة عن الإرادة. ومثل ذلك قولهم: (ما حلبت إلا ما وجدت).
 
 بير تشرب منها راس السنة لا ترمي فيها بحجر:
 
ومعنى المثل أن البئر التي تستفيد منها قليلاً - ولو مرة واحدة في السنة - لا تفعل ما يؤثر فيها أو يفسدها ولو كان شيئًا قليلاً مثل إلقاء حجر فيها؛ لأن الحجر مع الحجر مع تعاقب السنين وتعدد الناس قد يؤدي إلى حرمان الجميع من مياه تلك البئر ومنهم الذين ألقوا حجرًا أو أكثر فيها. وفي هذا المثل دعوة إلى المحافظة على البيئة بعناصرها المختلفة، ويُضرب هذا المثل كذلك لمن يُنتظر منه معروف ولو بعد حين، فلا يجب ذمه أو غيبته؛ لأن الذم والغيبة قد تذهب بذلك المعروف المنتظر، ويُضرب هذا المثل أيضًا لمن يتنكر لفاعلي المعروف.
 
 تحت الغارة ما ترعى البل:
 
البل: الإبل. ومعناه أن تسمين الإبل وإشباعها يجب أن يسبق المعركة بزمن وبشكل مستمر؛ لأنه لا فائدة تُرجى من رعيها عند المعركة أو قبيلها بعد إهمالها زمنًا، لعدم استفادتها من الرعي استفادة كاملة تساعد على كسب المعركة. ويمكن ضرب هذا المثل للطلاب الذين لا يذاكرون إلا في وقت الامتحان، ويُضرب كذلك لكل من لم يأخذ الحيطة مسبقًا ويحاول أن يبذل الجهد في اللحظات الأخيرة.
 
 تعود لامهاتها ولو قرحت:
 
يؤكد هذا المثل أن الطبع يغلب التطبع، وأن العرق دساس، وأن الأصل مهم، وأن الإنسان يرجع في سلوكه إلى أصله وإلى ما اعتاد عليه، وما أخذه من أصوله من قيم، وما ورثه من صفات سواء أكانت إيجابية أم سلبية. ولعل هذا المثل يشير - بالإضافة إلى عامل التربية - إلى تأثير العامل الوراثي، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس".
 
 الثوب الأبيض أدنى ما دنَّسه:
 
وكلمة أدنى تعني: أقل، ودنَّسه: أثر فيه ولوثه وغيَّر لونه. ويُضرب في الحض على المحافظة على الأخلاق الفاضلة، وعلى الشرف والسمعة، فالإساءة والخطأ - مهما كانا بسيطَين - يتركان أثرًا سلبيًّا على السمعة النظيفة، كالبقعة الصغيرة التي تترك علامة واضحة على الثوب الأبيض. وغالبًا ما يستخدم الآباء هذا المثل عند نصح أبنائهم، وتحذيرهم من كل ما يسيء إلى سمعتهم وشرفهم؛ لأن ذلك يبقى علامة بارزة مع الأيام، ولا يمكن إزالتها والتخلص منها.
 
 ثوب ورقعته من طرفه:
 
ويشير هذا المثل إلى التكامل بين الأقرباء، كما أنه يدعو إلى أن يتحمل القريب أخطاء قريبه. ويدعو أيضًا إلى الترغيب في زواج الأقرباء لأنهم أكثر تحملاً لبعضهم من غيرهم، وهو يخالف بهذا ما ينصح به الأطباء من البعد عن زواج الأقرباء كيلا تظهر الأمراض الوراثية في النسل، وقد جاء في الحديث الشريف: "اغتربوا لا تضووا" أي تضعفوا. ويمكن أن يُضرب هذا المثل في التكامل بين أجزاء الدولة أو المؤسسة الواحدة، فبدلاً من الاعتماد على المستورد أو على الأجنبي يتم الاعتماد على ما تنتجه الأجزاء الأخرى من البلاد مما تحتاجه الأقاليم التي لا يوجد فيها ذلك المنتج.
 
 جزا المعروف سبعة كفوف:
 
الكفوف: الصفعات. يُقال هذا المثل لمن يجحد المعروف، وغالبًا ما يقوله من يقدم معروفًا فيُقابَل بالجحود أو بالمنكر والأذى ممن قدم معروفه إليه، وبعضهم يقول: (لا تفعل خير، شر ما يجيك) وهذا مخالف لما يأمر به الدين والقيم والأعراف، فالإنسان يجب أن يقدم المعروف ويرجو الثواب من رب العباد، قال الشاعر العربي:
 
 
مـن  يفعـلِ  الخـيرَ لا يُعدَم جوازيَهُ     لا يـذهبُ العـرفُ بيـن اللهِ والناسِ
 جمل أبو شمام:
 
كان أبو شمام كبير قومه، ومن البدهي أن لكبير القوم منـزلة خاصة لدى القبيلة، وهذه المكانة والمنـزلة تنسحب على كل من له علاقة به من أقرباء وأصدقاء وحتى الحيوانات، وما دام الأمر كذلك فإن لجمله مكانة خاصة، ويجب أن يُكرم ولا يُطرد من المراعي إكرامًا لصاحبه. ويُضرب هذا المثل لمن يقدِّره الناس ليس احترامًا لذاته وإنما احترامًا لشخص آخر، مثل احترام ابن المدير في المدرسة لاحترام والده، ومثله قولهم: (من أجل عين تكرم مدينة).
 
 حبة على حبة تكيل، وقطرة مع قطرة تسيل:
 
يُضرب هذا المثل في عدم احتقار الأشياء الصغيرة التي قد تجتمع مع بعضها وتكوِّن شيئًا يُعتد به، ويُقال في مجال النصح في جمع المال، ويدعو المثل أيضًا إلى عدم التبذير.
 
 حزِّم والَّا ما تحزِّم والله إني مفشلك:
 
وأصل هذا المثل أن رجلاً ألبس ابنه سلاحًا وطلب منه مشاركة جماعته في الدفاع عن قريتهم من اعتداء محتمل من قرية أخرى، وأوصاه بأن يكون شجاعًا، وأن يرفع اسم والده عاليًا، فقال الابن هذا الكلام الذي أصبح مثلاً. ويُضرب فيمن لا يُؤمَّل منه إنجاز ما أُوكل إليه من مهام، فيقال للطالب الذي يحاول والده أن يهيئ له جميع سبل النجاح ولكن الابن لا يبذل الجهد، أو أن قدراته متواضعة، ويمكن أن يقوله المدير لموظفه الذي لا ينجز عمله على الوجه الصحيح على الرغم من التوصيات والتوضيحات أو التحذيرات، ويُضرب أيضًا فيمن لا يُوثَق به في كتمان السر.
 
ويوجد مثل قريب من هذا يقول: (انتهت المعركة وناصر يتلبس)؛ أي أن ناصرًا لكي يتفادى خوض المعركة قضى وقتًا طويلاً في لبس عُدَد الحرب، ويُضرب لمن يغيب لعذر مفتعل عن عمل ما حتى يتم إنجازه.
 
 الحجل بلاش والربق بلاش:
 
بعض الأشخاص عندما يريدون صيد الحجل (وهو نوع من الطيور) يضعون فخًّا، ويُسمى في اللهجة المحلية في منطقة الباحة بـ (الربق)، ويُضرب هذا المثل في الشيء الذي لا كلفة فيه، فإن تم فخير وبركة، وإن لم يتم فلا يوجد ما يدعو إلى الندم.
 
 خذ العلم من راعيه، ولا تأخذه من راويه:
 
يُضرب في التأكد من الأخبار التي تُروى، ولا يتم ذلك إلا من أخذها من مصادرها، ويُضرب في التقليل من أهمية الشائعات والأخبار المغرضة التي لم يتم التأكد منها من مصادرها الأساسية؛ فإنها قد توقع الفتن والمشكلات بين الناس، وقديمًا قيل: (وما آفة الأخبار إلا رواتها).
 
 خلال السنون ما يملا البطون:
 
أي أن بقايا الطعام بين الأسنان لا يمكن أن تُشبع. ويُضرب هذا المثل في الحث على ترك توافه الأشياء التي لا جدوى من الحصول عليها لأنها لا تُسمن ولا تُغني من جوع. ويحث المثل على ترك الأمور التافهة؛ لأن في بحثها ما يسبب الحرج دون الخروج بنتيجة.
 
 دمعة ما تبلّ حفافها:
 
الحُفاف: الجفن. ويُقال هذا المثل في الشيء القليل الذي لا يكفي صاحبه، ولهذا لا يمكن أن يُعطى منه للآخرين. وكان الناس في الماضي - وبخاصة الأقرباء والجيران - يشارك بعضهم بعضًا في القليل والكثير، أما إذا كان الطعام - أو المال - قليلاً جدًّا بحيث لا يقبل القسمة ولا يكفي بعض حاجة أهله؛ فيعتذر الناس من بعضهم بهذا المثل.
 
 الديرة وراعيها اثنين:
 
وهذا يعني أن الإنسان الذي عرف الأرض، وعرف مداخلها ومخارجها وطرقها ومنعرجاتها يمكن أن يستفيد من تلك المعرفة في قتال أعدائه، وكأن تلك الأرض تقاتل مع صاحبها، ويُضرب في الحروب؛ فالغازي الجاهل بالأرض ومسالكها يواجه عدوَّين: أهل الأرض، ومعرفتهم بها.
 
ويمكن أن يُضرب هذا المثل في المباريات والألعاب الرياضية، فالفريق الذي يلعب على أرضه يمكن أن يُقال فيه هذا المثل.
 
 راس ما يدخله الهوى موته وحياته سوا:
 
المقصود بالهوى هنا الحب، والحب - كما هو معروف - محرك مهم لكثير من الأعمال والحركة الإنسانية، فالحب يكون للوطن، وللدين، وللوالدين، وللزوجة، وللأبناء، وللسمعة والمجد والإنجاز، والمكانة، والمال... وغير ذلك من جوانب الحياة، وإذا فُقد هذا الحب من قِبَل الإنسان تجاه هذه الجوانب فُقدت فاعليته وعطاؤه وجهده، وعُدَّ في عداد الأموات، وتساوت حياته وموته؛ لأنه يصبح دون إحساس أو عواطف أو مشاعر. وربما كان المثل يركز على الحب العذري، ويُقال بهدف التقليل من لوم المحب، وهذا المثل غالبًا ما يردده المحبون أنفسهم؛ لأنه يعطي شرعية للوضع الذي هم فيه.
 
 الرجال ثلاثة محارث:
 
هذا المثل يُقال لتصنيف الناس، ويُستشهد به عندما تطابق إحدى هذه التصنيفات رجلاً ما، والمحارث هنا يُقصد بها النجوم التي يحرث المزارعون عند ظهورها، وتلك المحارث الثلاثة على النحو الآتي:
 
1 - محرث الحِفحَاف:
 
لا يرقد مكان يخاف، ولا يشبع ليلة يضاف، فذلك كامل الأوصاف.
 
2 - محرث الثريَّا:
 
إن دعيته قال هيَّا، وإن ثار البندق ما تفيَّا (أي ما هرب وتخفى)، وإن حلق الضيفان ما تعيَّا (أي: ما أصابه العيّ؛ وهو عدم القدرة على الكلام، أي أنه يرحب بالضيوف ولا يظل صامتًا).
 
3 - محرث الدّيبْراني:
 
إن أهريته قام هراني، وعظمه عن كل شي متواني (أي كسول ومتراخٍ)، وإن قمت قعد مكاني. (والدِّيبْرَان: تصغير دِبر: وهو نوع من الحشرات، وهريته: أمرته وطلبت منه القيام بعمل ما). ويُستخدم هذا المثل لاستنهاض همة الأبناء ليكونوا من الصنفين الأولين، وليبتعدوا عن الصنف الثالث؛ الصنف الكسول الذي لا همة ولا عزيمة له.
 
 زكاة الجربا منها:
 
هذا المثل مأخوذ من الحكم الفقهي الذي يرى أن زكاة الأغنام المصابة بالجرب تكون منها، والجرب - كما معروف - مرض يصيب الدواب، وهو مرض معدٍ. ويُضرب المثل عندما يوجد أناس متشابهون في صفات سلبية، وينوب عنهم أحدهم.
 
 زيادة كلب:
 
يُقال في الشيء الذي لا فائدة فيه، ولا قيمة له، ولا يضر ولا ينفع، إذ شُبِّه بزيادة في رِجل الكلب.
 
 السارق المزَّاح إن شيف والاّ راح:
 
يُضرب فيمن يقوم بعمل غير مشروع، وإذا تم اكتشافه غطَّاه بسبب يبدو مشروعًا، فالسرقة عمل غير مشروع، ولكن بعض الأشخاص إذا اكتُشف أمره قال: إنني كنت أمزح. ويُضرب في خيانة بعض الأصدقاء والأقرباء، ومن يمكن أن تكون العلاقة بهم سببًا لتغطية تجاوزاتهم. ويُقال هذا المثل أيضًا فيمن (يلعب على الحبلين) كما يقولون.
 
 السبَّة ما ترخي براس الجيد، والمدح ما يرفع براس الداني:
 
السَّبة: مأخوذة من السبّ، وهو الذم والقدح، وترخي: تنـزل، الدَّاني: الدنيء واللئيم الذي لا خير فيه. والمثل يؤكد أن الناس معادن، وأن الرجال الأكفاء لا يضرهم الذم؛ لأن الناس يعرفونهم ويعرفون قدرهم، ويعلمون أن من يسبهم إنما يسبهم حسدًا أو حقدًا، أو عن عدم مقدرة على أن يصل إلى مستواهم، فيحاول أن ينـزل بهم إلى مستواه. وكذلك المدح للإنسان الذي لا خير فيه لا يرفعه؛ لأنه معروف عند الناس بأفعاله وسلوكه وخصاله. ويؤكد المثل أن الحقيقة لا يمكن أن تخفى، وأن الشمس لا يمكن تغطية نورها بغربال، ويُضرب لمن يسب من لا يستحق السب، أو يمدح من لا يستحق المدح.
 
 السلف والعارة جميلة بلا خسارة:
 
كان الناس يعتمدون كثيرًا على بعضهم في مواجهة متطلبات الحياة وحل مشكلاتها، في ترابط يقوم على مبادئ الدين وعلى الدم والتاريخ والقيم والعادات، وهذا المثل يحث على تسليف المحتاج، وإعارة الأدوات والدواب لمن يحتاجها؛ لأن فيها كسبًا للجميل وعمل الخير والمعروف، ولا خسارة فيها، فالسلف لا بد من رده، والشيء المعار عائد إلى صاحبه بعد استخدامه.
 
 الشريف اللي ما يعرف الشريف:
 
أصل هذا المثل أن شيخ مشايخ زهران سابقًا (راشد أبو الرقوش) زار شريف مكة، وفي عودته استُقبل في طريقه من قبائل دوس، وطلبوا منه معرفة أخبار الشريف، فقال هذه المقولة التي أصبحت مثلاً. ويُضرب في النهي عن المنازعات؛ لأنها تؤدي إلى الوصول بالمتنازعين إلى الحاكم، والناس يقولون: (من حكم نفسه فلا حكم عليه)، ويقولون أيضًا: (الأمير الذي ما يعرف الأمير) لأن أمير المنطقة حل محل الشريف في إدارة شؤون الناس، والإنسان الذي يبتعد عن المشكلات ويخالق الناس بخلق حسن لا حاجة له إلى أن يذهب متخاصمًا أو يُذهَب به إلى الأمير، فهو أمير نفسه في هذه الحالة.
 
 شهر الجدة ما به عِدّة:
 
شهر الجدة: أي الشهر الجديد، ويُقصد به الفترة الأولى من العلاقة مع إنسان أو كائن أو آلة جديدة، والعدة: ما يُعتد به. ويُضرب هذا المثل في كل جديد، ويوصي بعدم إصدار الحكم عليه قبل التجربة الطويلة التي تُظهر معدنه وقدراته وصفاته المختلفة، فالزوجة لا يمكن معرفتها من الشهر الأول لزواجها، فقد تجتهد وتحاول إظهار نفسها بمظهر يختلف عن حقيقتها، ولكن الأيام سوف تُظهر أخلاقها وخصائصها الحقيقية، وكذلك المسكن، والسيارة، والجيران، والموظف، والمدير.
 
 الصداقات ثلاث: صداقة النايبات وجور الزمان، وصداقة حلَّه وملَّه ودلَّه، وصداقة مَرَه وبقره وثمره:
 
هذه من الأمثال والحكم التي يتداولها أبناء المنطقة، فالصداقة الأولى هي المطلوبة، وهي صداقة الصدق، ومدِّ يد العون في وقت النائبات وعندما تنقلب الظروف. أما الثانية فهي صداقة الزيارات والأكل والقهوة فقط، وهذا النوع من الصداقات كثير. وأما الثالثة فتعني الاهتمام بالمصالح الخاصة فقط، فهي صداقة هدفها الزواج فقط، أو شراء بقرة مثلاً، أو حصاد الزراعة، ثم تنتهي بانتهاء الغرض الذي قامت من أجله.
 
وفي هذا المعنى قال الشاعر الشعبي (جريبيع بن صالح الزهراني) حين كان سجينًا ولم يزره أحد من أصدقائه وأقربائه:
 
ذا ما يسرّ ابن عمه في نهار الزحام
إلى بدا مثل تالزَّحمه يشرِّف عليه
الصُّحبة اللي على القهوه وعند المسيد
والصحبة اللي حوالي الملّ بؤسٍ بها
 
والمقصود بالملِّ: المَلَّة.
 
 الصديق وقت الضيق:
 
وهو قريب من المثل السابق، وهذا المثل منتشر ومعروف في معظم البلدان العربية، ويقوله الصديق لصديقه عند وقوعه في ضائقة، وعند حاجته للمساعدة، وكذلك عند مدح الصديق الذي وقف مع صديقه عند الشدَّة، وهو يشبه قول الشاعر:
 
 
جــزى اللـهُ الشـدائدَ كـلَّ خـيرٍ     عـرفتُ  بهـا عـدوي مـن صديقي
 الضعيف تبكيه أمه:
 
يُقال هذا المثل عندما يتحدى أحد المتخاصمين خصمه عند وجود خلاف بينهما، واستنفار كل منهما كل طاقته وعلاقاته وجهده للفوز، وغالبًا ما يقوله من يظن أنه الأقوى وأنه سوف يفوز في الصراع.
 
 الضعيف ما ينجي الضعيف:
 
يقوله الشخص الذي لا يستطيع تقديم المساعدة؛ لأنه هو بحاجة إلى من يساعده، أو يقوله الضعيف عندما يعرض عليه المساعدة ضعيفٌ مثله، وفيه إشارة على أنه يجب أن يكون بجانب الضعيف قوي يساعده على أخذ حقه، أو انتشاله مما هو فيه من وضع سيئ.
 
 الطمع مزلقة:
 
مزلقة: أي ينـزلق بصاحبه إلى الهاوية. ويدعو هذا المثل إلى عدم الجشع، كما يدعو إلى الوسطية قولاً وعملاً، والطمع هنا يشمل المال والجاه والعلاقات ونحوها، فكم من طامع أدى به طمعه إلى السقوط وإلى الحرمان، وقديمًا قيل: (الطمع يذهب بما جمع).
 
 الطير ما يطير إلا بجناحه:
 
يُضرب في ضرورة التعاون والألفة بين الناس، ووقوفهم صفًا واحدًا ضد العدو الخارجي، ويقوله الكبير لجماعته ولقبيلته، فقد شبَّه نفسه بالطائر والجماعة أو القبيلة بالجناحين اللَّذَين لا يستطيع الطائر أن يطير من دونهما. ويُقال أيضًا لمن لا يهتم بجماعته، ولا يوقر كبيرهم، ولا يعطف على صغيرهم؛ وذلك لتنبيهه إلى خطئه وإلى أهميتهم له، فقد تجبره الظروف على الاستعانة بهم، وقد ترده الأقدار إليهم، وبعضهم يقول: (الصقر ما يطير إلا بجنحانه)، ويؤدي المعنى نفسه، لكنه أقوى، فالصقر هو ملك الطيور، وعندما يُستخدم هنا ففيه تشبيه لمن يُوجَّه إليه الكلام بأنه صقر بحاجة إلى جناحين، وهذان الجناحان هما جماعته، وكذلك فيه تحفيز وتشجيع للعودة إلى الجماعة، وللتكاتف والتكافل والتعاون.
 
 العاجلة تأكلها الطير:
 
وهذا المثل مأخوذ من البيئة الزراعية، إذ يوجد بعض سنابل الذرة التي تسبق غيرها في النضج، ولذلك تكون أول ما تأكله الطيور. وفيه تحفيز على التريث، وعدم الاستعجال، فالمستعجل يشبه تلك السنابل التي يأكلها الطير بسبب عجلتها، ويُقال في أهمية التريث وفي عدم إصدار الأحكام قبل توافر المعلومات اللازمة، والعرب تقول: (وقد يكونُ معَ المستعجلِ الزللُ). ويمكن أن يُضرب هذا المثل لمن يستعجلون في قيادة السيارات، مما يؤدي إلى الحوادث وهلاكهم وهلاك الآخرين. ويُضرب أيضًا فيمن يصدر حكمًا ثم يتبين عدم صحته.
 
 عصاة المصلح عُشُر:
 
عصاة: عصا، العُشُر (بضم العين والشين): نبات صيفي هش، المصلح: هو الذي يسعى بالإصلاح بين المتخاصمين.
 
ويشير المثل إلى أن الذي يسعى بالإصلاح بين الناس لا بد أن يعتمد على الحكمة والمنطق والإقناع، وهو لا يستطيع أن يفرض رأيه بالقوة؛ لأن من السهل رفضه، وكأنه بذلك يشبِّههُ بمن في يده عصا من نبات العُشُر الذي ينكسر بسهولة. وفيه إشارة إلى أن المصلح يجب أن يثبت حسن نيته، وأن هدفه هو الإصلاح وليس خدمة طرف على حساب طرف آخر، وكثيرًا ما يردد المصلحون بين الناس هذا المثل للإشارة إلى أنه من السهولة عليهم أن ينسحبوا لأنهم لا يملكون قوة فرض آرائهم على المتخاصمين.
 
 على طول المدى يقطع الحبل الحجر:
 
يُضرب للحث على الصبر، وعدم اليأس، وعلى ضرورة تكرار المحاولة حتى يتحقق الهدف المنشود، فالحبل الرقيق اللين يمكن - بتكرار المحاولات - أن يؤثر في الحجر الصلد وربما يقطعه، وكم يرى الناس ذلك في رؤوس الآبار؛ فحبال الدلاء والغروب تقطع الصخور والحجارة القاسية، وتُظهر فيها علامات بارزة. ولهذا فإن على الطالب أن لا ييأس عندما يرسب في الامتحان، وعليه أن يزيد من جهده، ويكرر محاولاته حتى يصل إلى هدفه، والموظف الصغير يجب أن يعمل باستمرار على تحسين أدائه حتى يصل إلى المراتب العليا، والمزارع يجب أن يحسِّن من إنتاجه ويعيد المحاولة عندما لا تنجح زراعته في المحاولات الأولى، وكذلك التاجر والصانع.. وغيرهم.
 
 الغالي يغليك والرخيص يرخصك:
 
يُضرب في الترغيب في اختيار الحسن والجيد مهما كانت تكاليفه، مثل الزوجة التي من أصل طيب، والتي تكون محافظة على دينها وقيمها وأخلاقها، والصديق المناسب، كما يدعو إلى حُسن اختيار الطعام والملبس والمسكن والمركب وإن غلا الثمن، وأن يبتعد الإنسان عن الرخيص ماديًّا ومعنويًّا؛ لأنه يخفض قيمة الإنسان ويهبط بمستواه.
 
 غبِّر يا ثور وعلى قرنك:
 
يُضرب لمن ضرره لا يعود إلا إليه، وأنه هو وحده الذي سوف يخسر بعدم اتباع النصح والإرشاد وتوجيهات العقلاء والأقرباء وأصحاب التجربة، وقد شُبه هذا النوع من الناس بالثور عندما يثير التراب ويعود بغباره على جسمه، ويكون هو أول من يجني ثمن فعلته.
 
 غرقه ما تبالي بالرشاش:
 
الرشاش: هو المطر الخفيف. فعندما يكون الإنسان مبتلاً بالماء من جراء المطر أو غيره ثم يصيبه مطر خفيف لا يبالي به لأنه لن يزيد من مشكلته شيئًا. ويُضرب فيمن لديه مشكلة كبيرة ويواجه مشكلة صغيرة، ومن عليه دين كثير ويطلب سلفة، ومن يقع في أخطاء متكررة، ويقول هذا المثل من يقع في مشكلة كبيرة ويهدده خصومه بمشكلة أخرى أصغر منها.
 
 فك الشر ساعة ينفك سنة:
 
الفتن والشرور لا يأتي منها خير لمن يؤجِّجها ولا لمن يصطلي بنارها، ولذلك فإن في إخمادها خيرًا كثيرًا، فإطفاء الفتنة المشتعلة في وقتها قد يؤدي إلى إخمادها إلى الأبد، وفي تأجيل حل بعض المشكلات مصلحة لأطراف النـزاع؛ لأن في ذلك امتصاصًا لغضبهم وثورتهم مما يسهِّل الحل فيما بعد.
 
كما أن تحمل بعض أخطاء الآخرين في حال فورتهم وغضبهم فيه خير كثير لهم ولمن تحمل خطأهم، فقد يعود هؤلاء إلى رشدهم في ساعة صفاء، ويراجعون أنفسهم فيجدون أنهم كانوا مخطئين، فيعتذرون لمن أساؤوا إليه. وفي المثل إشارة إلى أن يتحلى الشخص بالأناة والصبر والحكمة في تعامله مع الآخرين، وأن يبتعد عن الغضب.
 
 قال: قهقه، قال: في قلب من لا يفقه:
 
قهقه: أي تكلم، ومعناه أن الحديث والكلام والنصح لا يفيد من ليس له قلب يفقه ويعي ويدرك. ويُضرب فيمن يأتي بأعمال منافية للأخلاق وللعادات والتقاليد السائدة ولا يسمع النصح، ويقوله أحيانًا من يُطلب منه أن ينصح شخصًا آخر، ليشير إلى أنه فعل ذلك معه ولم يفد.
 
 قتل أبي وامسيت خايف:
 
يقوله من ضاع عليه حق وبدلاً من أن يطالب به فإنه يخشى أن يضيع عليه حق آخر أو يلحقه ضرر، فالشخص الذي له دين عند شخص آخر ويطالبه به، فبدلاً من أن يرده المدين أو يعتذر فإنه يهدد ويتوعد. والمثل يدعو إلى إعطاء الحقوق لأصحابها، ومثله (بغينا ابلهم وتسلَّبونا) أي أردنا أخذ إبلهم، ولكن بدلاً من ذلك سلبوا ما معنا.
 
 أمسك لي وأقطع لك:
 
يُضرب هذا المثل في تبادل المنافع وخاصة غير المشروعة منها، فالمدير والمحاسب قد يتقاسمان الرشوة، وقد يغطي كلٌّ منهما على الآخر، ويُقال المثل حكايةً عن حالهما، وقد كان بعض كبار القرى يساعد بعضهم بعضًا في أخذ أموال الضعفاء بحجة إنهاء مشكلة، وبحجة مساعدة ذلك الشخص على الخروج منها.
 
 قال: قم يا موت، قال: قومي يا علة:
 
ومعناه أن للموت أسبابًا مختلفة ومتفرقة، ولا مناص ولا هرب منه، وما العلل والأمراض إلا أسباب ومقدمات له، وهو يشبه قول الشاعر العربي:
 
 
ومـن لـم يمـتْ بالسيفِ ماتَ بغيرِهِ     تعـدَّدت  الأسـبابُ والمـوتُ واحـدُ
ويقول هذا المثل المعزون لمواساة مَن فَقَد قريبه، وأنه يجب عليه أن يرضى بما كتب الله له، فلا رادَّ لما كتب الله، قال تعالى: ﮢﮥﭩﰠﭣﰵﭰﮕﰙ ﭖﰺﭲﯹﮠﭮ ﭖﮢﮏﮩﭰﰨﭘ ﱊﮣﭚﰟﯝﮣﭓ ﮐﮩﭕﭑﰵﮥ ﭖﮢﮏﮩﭭﰹﮗﰰﭾﱇ ﮧﯰ ﯕﮟﯲﱄﭷﮤﭗﱊﮪﰖﯞﰴﮢﮒﮤ ﯪﮩﭔﰴﮤﮠﮊﭘ ﮢﮥﮧﯰ ﯕﮟﯲﱄﭷﮤﭙﱉﯚﰠﭲﰴﮡﮓﯫ ﰙﰞﰝﰘ  . 
 قوت لا يموت:
 
يُضرب في الحصول على الحد الأدنى من كل شيء، ويُقال في وصف حالة الطالب الذي لا ينجح إلا بالحصول على أقل الدرجات، ويُقال لوصف فقر شخص ما، وأنه لا يملك سوى قوت يومه، وذلك لتشجيع الآخرين على مد يد المساعدة له.
 
 كذب محكم خير من صدق ملشلش:
 
محكم: أي مبنيّ بناء قويًّا متماسكًا، ملشلش: ضعيف البناء ويمكن أن يسقط في أي وقت. ويدعو المثل إلى إيضاح الحقائق بشكل قوي وشائق يجذب المستمع ويقنعه، وذلك لكي يعلو الصدق ونستطيع التمييز بين الصدق والكذب؛ لأنه يوجد أناس يجيدون فن الكذب الذي قد يعده بعض الناس صدقًا فينجح كذبهم أكثر من الصدق الذي لم يُعطَ حقه في الإيضاح والبيان. ويُقال هذا المثل أيضًا عندما نسمع كلامًا منمقًا نكاد نصدقه، في حين أننا نعلم عدم صدقه لأننا نعرف حقيقة الأمر الذي يُتَحدث عنه، أو أن قائله مشهور بالكذب.
 
 كل تأخيرة وفيها خيرة:
 
يُضرب في الحث على عدم الاستعجال، ويُقال للتهوين على الشخص عندما يفوته أمر مهم مثل السفر، ويُقال عندما يُؤجَّل البت في بعض القضايا المهمة، وهذا لا يمنع من أن يملك الإنسان المبادرة، ويحسن توزيع وقته وبرمجته، بحيث لا يفوته شيء مهم بسبب التراخي وعدم أخذ الأمور بجدية وحزم.
 
 كل شاة معلقة بكراعها:
 
الكراع: الرِّجل. ويعني أن كل إنسان مسؤول عن فعله وعما جنت يداه، وأن الذنب عليه وحده دون سواه، ويُقال في النصح لمن يستمر في أخطائه ويظن أن غيره سيتحمل تلك الأخطاء، كما يُقال عند سماع معلومات عن وقوع جريمة قام بها شخص ما لإيضاح أنه وحده الذي سيتحمل مسؤوليتها، ومثله: (الذنب ذنبه، والرب ربه).
 
 كما حمار المذرِّيَّة:
 
المذرِّيَّة (بتشديد الراء المكسورة وفتح الياء): الذين يقومون بتصفية الحبوب من التبن (الرُّفة) بوساطة رفعه إلى أعلى، وعندها تذرو الرياح التبن بعيدًا عن الحَب الذي يسقط بشكل رأسي لثقله. وكان المزارعون لا يستغنون عن الحمير لنقل الأحمال من مكان إلى آخر، وعادة ما يكون الحمار موجودًا حول مكان العمل، وفي حالة تذرية الحصاد يغمض عينيه كيلا يقع فيها شيء مما تذروه الرياح، ولكنه على الرغم من ذلك يأكل من التبن.
 
ويُضرب فيمن يتجاهل فعله إذا أكل أموال الآخرين بطرق ملتوية وبمساعدة آخرين أحيانًا، فهو يفعل ما يفعل وكأنه لا يرى ولا يعلم بما يدور حوله. ويُضرب في الشخص الذي ظاهره الصلاح ولكن باطنه غير ذلك، ومثله قولهم: (لقّموني وأنا مغمض). ويُضرب فيمن يريد الشيء غير المشروع بطريق غير مباشر، مثل من يقول: إنه لا يقبل الرشوة ولكنه يقبلها إذا جاءت في صورة هدية مثلاً.
 
 لا بد صياد الفهود يصاد:
 
والمقصود أنه مهما كانت قوة المعتدي وقدرته فإن الله الواحد الأحد سوف يسلط عليه معتديًا أكبر وأعظم وأقوى منه. ويُضرب في النهي عن الاعتداء والتسلط والسعي إلى الإضرار بالناس، فـ (كما تدين تُدان). ويُضرب أيضًا في التهوين على البطل عندما يخسر معركة من المعارك، أو جولة من الجولات.
 
 لا وقعت يا فصيح لا تصيح:
 
لا: إذا، الفصيح: الذكي. ويُضرب للتهوين من الجزع عند حلول البلايا والمصائب، ويقوله أيضًا من وقع في ضرر لا ذنب له فيه على الرغم من أنه كان محتاطًا.
 
 لا تبني دارك حتى تنشد عن جارك:
 
تنشد: تسأل. وهذا من التراث الذي يدعو إلى معرفة الجيران، والسؤال عن أخلاقهم ومعدنهم، ومثله: (الجار قبل الدار)، فالجار الطيب أهم من الدار، فإنه إن كان من الصالحين كان جواره مفيدًا فهو يمنع أذاه ويبذل معروفه، وإن كان طالحًا كان جواره من أسباب نكد العيش فهو يمنع معروفه ويُظهر أذاه، والأحاديث والآثار التي توصي بالجار كثيرة؛ لأن علاقات الجوار من أهم أسباب صلاح المجتمع، فكل إنسان جار لغيره وله جيران من بداية التجمعات السكانية حتى نهايتها.
 
 لا تمدح يومك أو تسبّه حتى تغرب شمسه:
 
يُقال في التحذير من الاستعجال في إصدار الأحكام، ففي أحيان كثيرة لا تظهر الحقيقة إلا بعد مرور بعض الوقت، وتوافر الأدلة والبراهين والمعلومات، ومثله المثل الذي مر سابقًا ويقول: (شهر الجدَّة ما به عدَّة).
 
فالحكم على الزوجة قبل مرور وقتٍ كافٍ لمعرفة أخلاقها وخصائصها النفسية والروحية يُعد تسرعًا واستعجالاً وقد يجانف الحقيقة والصواب، ومثل ذلك الحكم على موظف جديد، أو سيارة جديدة. ويكثر استخدام هذا المثل من قبل الذين يُسألون عن أمر جديد لم تتوافر المعلومات الكافية عنه.
 
 لا ينقاد ولا ينساق:
 
يُضرب في المتصلب والمتشدد الذي يصعب التفاهم والتحاور معه وتوجيهه، وفيمن يعجز المصلحون عن إقناعه بالصلح، ومن يرفض نصائح المجربين وكبار السن ويعتمد على آرائه وقناعاته. وكانت - ولا تزال - في كثير من قرى منطقة الباحة مجموعات من أصحاب الرأي والحكمة ومعهم عريف القرية يقومون بإصلاح ذات البين، وحل الخلافات بين المتخاصمين وبخاصة حول حدود الممتلكات، والقضايا الأسرية، وعلاقات القربى، والعلاقات بين الجيران. وقد تم تشبيه الخارج عن الجماعة، غير القابل للحوار والتفاهم بالديك الذي لا يمكن أن تسوقه أمامك أو تقوده خلفك مثل بقية الدواب الأخرى.
 
 لا يسوق ولا يخرج من الحلوق:
 
يسوق: يسقي. ويبدو أن سبب وضع هذا المثل أن رجلاً اشترى ثورًا ليسقي به مزرعته، ولكن ذلك الثور لم يُدرَّب على هذا العمل، ولهذا أراد أن يبيعه، ولكنه لم يجد من يشتريه، فهو لم يستفد منه في سقاية الزرع ولم يستطع التخلص منه. ويُضرب هذا المثل في الإنسان الذي لا فائدة فيه ولا يمكن التخلص منه، مثل الابن الذي لا ينجح في دراسته ولا يفيد أهله في المنـزل أو العمل، ولا يمكنهم أن يتخلصوا منه.
 
 لو حسَّب الزرَّاع ما زرع:
 
حسَّب: دقق في تكاليف الزراعة. وفي هذا دعوة إلى المبادرة أحيانًا مع معرفة أن النتائج قد لا تكون مشجعة، فالفلاح الذي يريد أن يحسب تكاليف زراعته قد لا يشرع فيها؛ لأن التكاليف قد تكون أكثر من العائد، ولكن توجد أمور لا تدخل في الحساب مثل الاستمتاع والأجر الذي يجنيه من جراء أكل الطيور والدواب من زراعته، وحصول الفلاح على ناتج زراعي سليم وخالٍ من المواد الكيماوية والمبيدات الحشرية، علاوة على الربح الذي قد يكون خارج حساباته. ويُقال هذا المثل في التشجيع على عدم التردد؛ لأن التردد يضيع فرصًا مهمة في بعض الأحيان.
 
 لو كان شمس كانت أمس:
 
يُضرب فيمن ثبت بالتجربة أنه فاشل في أمر من الأمور، ويُقال عندما يريد ذلك الإنسان أن يعيد الكرَّة مرة أخرى، فالطالب الذي ينتظم في الدراسة عددًا من السنوات ويرسب، ثم يلتحق بالوظيفة ويحاول أن يتابع دراسته وهو موظف يُقال له: (لو كان شمس كانت أمس) أي أنه لم ينجح في سنوات التفرغ فلا يُتوقع منه النجاح في سنوات الانشغال. ويقوله الأب عندما يرى ابنه يحاول أن يكرر ما فشل فيه من قبل مع عدم وجود ما يدل على وجود أي تغير في سلوكه ودوافعه واستعداداته. ويُقال أيضًا لمن لا يستمع للنصح، ولمن لا خير يُرجى منه.
 
 ليته بحمله يقوم ولا يعلوى عليه:
 
العلاوة: الزيادة في حمل الدابة وتُوضع في الأعلى، ولذلك سميت علاوة. والمثل مأخوذ من حمل الجمل الضعيف الذي يناسب قوته وقدرته المتواضعة. ويُضرب هذا المثل في كل من لا يستطيع أن يقوم بأكثر من الحد الأدنى مما يُكلف به، فإذا كان يوجد موظف يقوم بعمل بالكاد ينجزه، وجاء من يقترح تكليفه بعمل آخر إضافي يُقال: (ليته بحمله يقوم ولا يعلوى عليه)، أو (ليته بحمله يقوم) فقط.
 
 "ما أدري" ترفع قدري:
 
أي يجب على الإنسان أن لا يخوض فيما لا يعرف، وأن لا يقدم معلومات مغلوطة عندما يكتشفها الناس يلومونه وينقصون من قدره ومكانته. ويُقال هذا المثل أيضًا للحض على حفظ السر، وعدم إفشائه.
 
 ما انشق ضرع ولا انكفح لبن:
 
يستخدم سكان منطقة الباحة كلمة (كفَح) بمعنى كفأ، فيقولون: كفح الماء، بمعنى: كفأ الماء وأراقه. ويُقال هذا المثل في عدم حصول ما يوجب استمرار الفتنة بين المتخاصمين؛ لأنه لم يقع بينهما قتال وإراقة دماء، ويُرمز هنا للمضاربة والقتال بالضرع، وللدم باللبن. ويكثر المتوسطون في الصلح بين المتخاصمين من استخدام هذا المثل للترغيب في قبول صلحهم وللتقريب بين الطرفين، وتذكيرهما بأن الموضوع بسيط ولا يوجب القطيعة والاستمرار في الخصومة والعداء.
 
 ما تطفر الدَّلة إلا في المَلَّة:
 
عندما يغلي الماء في الدلة يخرج الماء الحار من أطرافها، ويُقال هنا: طفرت، والمَلَّة: مكان إيقاد النار وإعداد القهوة والطعام.
 
ويُضرب هذا المثل للمتباهي بنفسه، الذي يرى أنه فوق الجميع، وشُبه سلوكه هذا بالماء الذي يخرج من الدلة وقت الغليان فهو يقع في المَلَّة، وفي المَلَّة - كما معروف - يوجد الرماد، أي أن مصير المتكبر والمتعجرف أن يقع في مكان أقل بكثير مما يمكن أن يقع فيه الإنسان العادي، أو أن يلحقه الضرر، ومثله قولهم: (آخر الكبر الهلاك). ويدعو هذا المثل إلى التواضع والاعتدال والوسطية في كل شيء.
 
 مدّ الساق والله الرزَّاق:
 
مدّ الساق: أي تحرك وابذل الجهد. والمثل يدعو إلى الاجتهاد وبذل الأسباب في طلب الرزق، فإذا بذل الإنسان الجهد فإن الله - سبحانه وتعالى - سوف ييسر رزقه ويفتح له من أبواب رحمته، ولكن الإنسان الكسول والمتواكل والذي لا يبذل جهدًا ثم يقول: (اللهم ارزقني)، أنى له ذلك؟!، فالسماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ويدعو المثل إلى النشاط والحركة وبذل الجهد والأسباب في طلب الرزق، وإلى السفر والترحل إذا اقتضى الأمر.
 
 ما يمدح السوق إلا من ربح فيه:  
 
يُقال إن أصل هذا المثل أن اثنين هبطا بأحد الأسواق الأسبوعية للبيع والشراء، فعاد أحدهما مادحًا والثاني ذامًّا لذلك السوق، ولما سُئل الثاني عن سبب ذمه قال: (ما يمدح السوق إلا من ربح فيه).
 
ويُضرب فيمن يمدح جهة ما: فردًا، أو قبيلة، أو بلدًا من البلدان، أو مؤسسة بسبب ما لقيه منها من فوائد، ولمصلحة جناها منها.
 
 مثل الأرنب تتعرض للحذفة:  
 
ويُضرب فيمن يتدخل فيما لا يعنيه.
 
 من بعره فتّ على ظهره:  
 
بعض الأغنام كانت تُصاب بمرض في ظهورها، وتتم معالجتها بفتِّ بعرها على مكان الداء. ويُضرب هذا المثل فيمن يتم الصرف عليه من ماله، أو من ريع جهده.
 
 مشعاب سعدون:  
 
كان سعدون هذا يحمل مشعابه معه أينما ذهب ليخوِّف به الآخرين، وفي يوم من الأيام اشتبك في قتال مع شخص آخر، وتمكن ذلك الشخص من أخذ المشعاب وضرب سعدونًا به. ويُضرب فيمن تُستخدم أدواته وحيله ضده.
 
مظاهر الثبات والتغير
 
لا يزال كثير من شرائح المجتمع تستخدم الأمثال الشعبية أثناء الحديث لتقوية وجهة نظرها، ولإظهار معرفتها بتلك الأمثال، ويحرص الكبار على استخدامها أمام الصغار وشرحها لهم حتى يفهموا مغزاها ومعناها. ومن الملاحظ أن الأجيال الشابة أقل استخدامًا للأمثال من الأجيال السابقة.
 
شارك المقالة:
793 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook