الأمثال الشعبية في منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.
للأمثال في منطقة حائل ذائقة أدبية خاصة، فهي كثيرًا ما تحمل طابعًا شعريًا، وكثيرًا ما تُضرب الأمثال بشكل بيت أو نصف بيت من الشعر الشعبي؛ لأنه من واقع البيئة القريبة من البادية نتيجة الاتصال المباشر، فقد وُجدت أمثال باللهجة البدوية القريبة إلى لهجة بادية وسط الجزيرة العربية، وأمثال بلهجة بادية شمال الجزيرة والشام. وتأتي تلك الأمثال بشكل نصائح مباشرة، أو بشكل حكمة نادرة، ومنها ما يحمل التوبيخ واللوم لمن وقع في خطيئة، ومنها ما يشيد بمن فعل معروفًا... وغير ذلك.
بعض الأمثال الشعبية
يتداول أهالي حائل جملة من الأمثال العامية ومنها: عندما يكون الحديث عن النسب والمصاهرة فيقولون:
عـــرِّب وليـــدك عرّبــه والنـــار مـــن مقباســـها
بنـــت الـــردي لا تــاخذه لــو هــو طــويلٍ راســها
والمثل عبارة عن بيتين من الشعر الشعبي، يتردد على الألسنة في معرض الحديث عن أهمية حُسن اختيار الزوجة لأنها إنما تأخذ أخلاقها وطباعها من منبتها وأهلها، وتورِّثها لأبنائها.
وفيه حثٌّ على اختيار الزوجة من المنبت الحسن، والتحذير من ذات منبت السوء مهما كانت جميلة.
تبذر بسبخة:
يضرب فيمن يصنع المعروف فيمن لا يستحقه، فهو عمل لا يثمر كالذي يبذر في أرض لا تنبت وهو يرتجي إنباتها وثمرها.
لو تقلي له الشب بيديك:
ويُضرب فيمن لا يثمر فيه المعروف مهما كان هذا المعروف عظيمًا وكبيرًا.
فلان مثل هداج تيماء:
ويُضرب في التدليل على كرم الشخص المذكور وحُسن ضيافته.
رجـلٍ يبي الطولات نومه شلافيح مـا يهتنـي بـالنوم سرحان ذيبه
ويُضرب فيمن يطلب العلا والمجد، فهو يبذل لهما ثمنهما من الجهد حتى لو على حساب نومه وراحته.
الرجال مخابر ما هم مناظر:
أي أن قيمة الرجال ومعادنهم لا تُعرف بالمظاهر والأشكال الخارجية، إذ لا بد من التجربة والمعايشة.
لا تحكك بالزمل وأنت حويشي:
ويُضرب في التحذير ممن هو أقوى، وللحضِّ على أن ينـزل الإنسان نفسه منـزلته ولا يبالغ في تقدير قيمة نفسه وقدراته فيزاحم وينافس ويدافع من هم أعلى منه مكانة ومنـزلة وسطوة.
لو به خير ما عافه الطير:
ويُضرب في الشيء الذي أهمله الآخرون، للتدليل على أنه لو كانت له قيمة وأهمية لما أهملوه وزهدوا به.
فلان راس ضب ما به عراش:
ويُضرب في البخيل الذي لا تُرتجى منه فائدة.
صفاة صماء:
وهو يضرب أيضًا فيمن لا يُرتجى لفائدة تُذكر، ويُضرب أيضًا في البخيل.
من بغاه كله خلاه كله:
ويُضرب فيمن يطلب مطلبًا ويريده كاملاً غير منقوص، ويصرُّ على طلبه حتى يؤول به الأمر إلى فقده كاملاً، وهو يشبه مقولة: ما لا يُدرك كلُّه لا يُترك جُلُّه.
المراجل تروح وتجي:
ويُقال في الاعتذار عن الطيب، وفي التخفيف عمن أبدى تخوفًا في موقف يتطلب الشجاعة.
سبحان من لا يسهى:
يُضرب في الاعتذار عن النسيان، إذ إنه من طبيعة الإنسان، والمنـزَّه عنه هو الله - سبحانه - فقط.
ما يرد حذر عن قدر:
يُضرب عند وقوع محذور على الرغم من أخذ الاحتياطات الكافية لتجنب وقوعه، إذ إنه قدر لا بد منه.
لا بد للحجّاز من ضربة عصا:
يُضرب فيمن يتدخل فيما لا يعنيه.
شيء ما هو لك يهولك:
يُضرب في التحذير من التطاول والسيطرة أو السطو على ممتلكات الآخرين بغير حق، فهذا يعود على المعتدي بأسوأ العواقب.
اترك الترك يتركونك:
ويُضرب في الحض على عدم تدخل المرء فيما لا يعنيه، كما يُضرب في وجوب قطع دابر الشر حتى يقطعه الآخرون أيضًا.
طير كسع:
يضرب في الرجل كثير الكلام والادعاء ولكنه في المواقف التي تحتاج منه إلى شجاعة يجبن ويهرب من مواجهتها.
خله ياعله:
ويُضرب في الحض على إهمال المنازع وفي ذلك أبلغ الرد عليه.
الرقيبة تغفل:
يُضرب في التهوين من الغفلة والنسيان عند المرء؛ لأنهما من طبيعة الإنسان مهما كان حريصًا ودقيقًا ومتابعًا.
كل حريص عليه من الله آفة:
ومعناه أن الله يمحق مال البخيل، فقلما تجد بخيلاً إلا وقد أُرسل على ماله ما يُنقصه.
الذهانة ما نفعت إبليس:
يُضرب في الذكاء غير الموفَّق، إذ إن الذكاء والدهاء وحدهما لا يكفيان، فلا بد من الإخلاص وتوفيق الله تعالى، ومعناه أن دهاء إبليس لم ينفعه لأنه لم يستخدمه فيما ينفع.
النتوب ما تتوب والماء لو روب ما يروب:
يُضرب فيمن يعود إلى الخطأ نفسه مرات ومرات على الرغم من إعلانه التوبة وعدم الرجوع إلى الخطأ؛ ما يؤدي إلى يأس الآخرين من توبته وعدم تصديقهم إياها. ويعني أيضًا أن الطبع غلب التطبُّع فالطبع غلاّب.
الماء يريع لمنقعه:
ومعناه أن النتائج لا تأتي إلا لمن يبذل الجهد للحصول عليها.
كل جلد ينضح ما به:
ومعناه أن تصرفات الإنسان وسلوكه وأقواله تُنبئ عما في داخله من مفهومات وقناعات وقواعد تربَّى عليها.
من شبَّ على شيء شاب عليه:
ومعناه أن ما يعتاد عليه المرء في شبابه هو ما سيفعله في كهولته وشيخوخته؛ لأنه أصبح جزءًا من شخصيته. وفيه حضٌّ على غرس العادات الحميدة في المرء في شبابه حتى يستمر في الصلاح حتى آخر عمره ويعتاد عليه.
مظاهر الثبات والتغير
الأمثال الشعبية في منطقة حائل تُعد من العادات التي قل أن ينالها التغيير؛ لأنها من الأمور التي تُستخدم سواء من باب الحكمة أو من باب أخذ العظة والعبرة أو من باب إعطاء الموقف الذي يُعايَش نكهة خاصة، وهي كذلك من الأمور التي درج على استخدامها العرب وخصوصًا في المملكة العربية السعودية، فلا نـزال نسمع أبناء منطقة حائل يستخدمون الأمثال الشعبية سواء التي لديهم أو التي تأثروا بها من باقي مناطق المملكة.