الأنظمة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأنظمة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية

الأنظمة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية.

 
 
سعت حكومة المملكة خلال العقدين الماضيين إلى تحفيز الاقتصاد السعودي وزيادة الإنتاجية والعائد الاقتصادي من خلال سَنِّ عدد من الأنظمة والتشريعات التي تسهم في زيادة حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية؛ حرصًا من المملكة على تنويع مصادر الدخل فيها عن طريق الاستثمار الأجنبي، ورغبةً في عضوية منظمة التجارة العالمية، وحرصًا على أن تكون تشريعات المملكة متوافقة مع التشريعات الاقتصادية السارية في الدول الصناعية الأخرى. ويمكن الإشارة إلى الأنظمة المرتبطة بالقطاع الاقتصادي على النحو الآتي:
 
 

نظام المجلس الاقتصادي الأعلى

 
 
صدر الأمر الملكي في 17 / 5 / 1420هـ الموافق 1999م بتنظيم أول مجلس اقتصادي أعلى في المملكة وتشكيله برئاسة الملك  وولي العهد نائبًا للرئيس. وتأكيدًا لأهمية الدور القيادي للمجلس الجديد في إدارة الشؤون الاقتصادية في المملكة؛ فقد ضم المجلس عشرة وزراء بالإضافة إلى عضوية محافظ مؤسسة النقد السعودي. كما ضمت اللجنة الدائمة للمجلس عشرة وزراء، بالإضافة إلى تعيين أمين عام للمجلس بالمرتبة الممتازة؛ ما يوضح الأهمية التي أُعطيت للمجلس الجديد المكون من: المجلس، واللجنة الدائمة، والهيئة الاستشارية، والأمانة العامة للمجلس المكونة من خمسة وعشرين موظفًا. وحدد الأمر الملكي غايات السياسة الاقتصادية للمملكة في اثنتي عشرة نقطة، أهمها: تنمية الاقتصاد الوطني بصفة منتظمة، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وضبط الدَّيْن العام والسيطرة عليه. كما أشارت المادة الثالثة من الأمر الملكي إلى تكوين هيئة استشارية للشؤون الاقتصادية من عشرة أعضاء من الاقتصاديين السعوديين، يُجرون الدراسات ويطرحون المقترحات، ويرتبطون مباشرة برئيس المجلس  . 
وحددت المادة الخامسة من الأمر الملكي اختصاصات المجلس في مهمات رئيسة هي: بلورة السياسة الاقتصادية للمملكة، والتنسيق بين الجهات الحكومية في كل الأعمال ذات الصلة بالاقتصاد الوطني، ومتابعة تنفيذ السياسة الاقتصادية وقرارات مجلس الوزراء، ودراسة الإطار العام لخطة التنمية، والإطار العام لمشروع الميزانية، والسياسة المالية للدولة، وكذلك وضع أطر السياسة التجارية للمملكة على الصعيدين المحلي والدولي، ودراسة ما ترفعه اللجان والجهات الحكومية إلى مجلس الوزراء من تقارير وغيرها فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية، ودراسة ما ترفعه اللجنة الوزارية للتخصيص ولجنة التوازن الاقتصادي وأعمال اللجان الاقتصادية المشتركة بين المملكة وغيرها من الدول، ودراسة مشروع الحساب الختامي للدولة والحسابات الختامية لمؤسسات القطاع العام.
وأعطت المادة العاشرة من الأمر الملكي للمجلس الحق في تكوين لجنة تحضيرية من بين أعضائه، وله أن يدعو من يراه من الوزراء والمسؤولين في الدولة أو من ذوي الخبرة خارجها لسماع ما لديهم من معلومات.
 
 

 نظام الهيئة العامة للاستثمار

 
 
في إطار الاهتمام الذي أبدته المملكة تجاه تسريع وتيرة النمو الاقتصادي فيها صدر قرار مجلس الوزراء في 5 / 1 / 1421هـ الموافق 2000م بتنظيم جديد للهيئة العامة للاستثمار؛ لكي تحل محل الدار السعودية للخدمات الاستشارية، وإعطاء امتيازات جديدة للاستثمار الأجنبي في المملكة، فتتحمل الدولة نسبة 15% من الضرائب المفروضة على أرباح الشركات التي تزيد على مئة ألف ريال في السنة، والتي كانت تصل في الماضي إلى 25% على أرباح هذه الشركات الأجنبية التي تستثمر رؤوس أموالها في المملكة، بعد فترة سماح تصل إلى خمسة أعوام.
 
كما أجاز النظام الجديد لهذه الشركات أن ترحِّل خسائرها في ميزانياتها إلى سنوات قادمة دون تحديد مدة معينة أو سقف زمني لهذا الترحيل.ج - نظام الاستثمار الأجنبي:
 
صدر نظام الاستثمار الأجنبي في 5 / 1 / 1421هـ الموافق 2000م في 18 مادة رئيسة، ويهدف بصفة أساسية إلى تبسيط الإجراءات الإدارية للمستثمر الأجنبي، ويحدد سقفًا أعلى لا يتجاوز ثلاثين يومًا لإصدار رخصة للاستثمار من قِبَل الهيئة العامة للاستثمار. ويسمح النظام للمستثمرين الأجانب لأول مرة بتملك رأس المال المستثمر في المملكة كاملاً، وتعطي المادة الرابعة من النظام الجديد الحق للمستثمر الأجنبي في الحصول على أكثر من ترخيص في أنشطة مختلفة. وتضمن المادة السادسة من النظام تمتع المشروع المرخص له بجميع الحوافز والمزايا والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني. كما تسمح المادة الثامنة للمنشأة الأجنبية المرخص لها بتملك العقارات اللازمة لمزاولة أنشطتها المرخص لها، وكذلك تملك العقارات اللازمة لسكن الموظفين والعمال التابعين لها.
 
كما يحق للمستثمر الأجنبي كفالة الموظفين غير السعوديين على المنشأة المرخص لها. وتحرم المادة الحادية عشرة من النظام مصادرة الاستثمارات الأجنبية أو نـزع ملكيتها إلا للمصلحة العامة، ومقابل تعويض عادل وفقًا للأنظمة والتعليمات. وعند مخالفة المستثمر الأجنبي نظام الاستثمار يجوز للهيئة العامة للاستثمار حجب بعض المزايا أو الحوافز التي يتمتع بها ذلك المستثمر، وفي الحالات القصوى فرض غرامة مالية عليه لا تتجاوز خمسمئة ألف ريال، أو إلغاء ترخيص الاستثمار الذي يتمتع به، وله أن يتظلم من أي قرار صدر في حقه أمام ديوان المظالم بالمملكة  . 
 
وحث واضع النظام الجهات المعنية على تسوية الخلافات التي قد تنشأ بين الحكومة وأحد المستثمرين الأجانب بشكل ودِّي قدر الإمكان. كما سمح لهؤلاء المستثمرين - أو المستثمرين السابقين الذين استثمروا أموالهم تحت النظام السابق - بأن يستفيدوا من النظام الجديد في حال زيادة رؤوس أموالهم المستثمرة في مشروعات قائمة في المملكةد - نظام تملُّك غير السعوديين العقار واستثماره:
 
استكمالاً لنظام الاستثمار الأجنبي صدر نظام تملُّك غير السعوديين للعقار واستثماره في 8 / 4 / 1421هـ الموافق 2000م، وسمحت المادة الأولى لأي مستثمر غير سعودي بتملُّك العقار في المملكة إذا كان تابعًا للنشاط الذي يمارسه بصفة مباشرة أو بوصفه سكنًا للعاملين لديه. كما حددت التكلفة الإجمالية للمشروع العقاري الذي يمتلكه غير السعودي بأن يكون في حدود ثلاثين مليون ريال (أرضًا وبناءً)، وعلى أن يتم استثمار ذلك العقار خلال خمس سنوات من ملكيته.
 
وأجازت المادة الثانية من النظام للمقيمين ذوي الصفة الطبيعية أن يمتلكوا عقارًا خاصًا بسكنهم الخاص بعد الترخيص لهم من وزارة الداخلية. ومنع النظام غير السعوديين من تملك الأراضي والعقارات داخل حدود مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلا إذا كان ذلك عن طريق الميراث  . 
 
واستثنى النظام الجديد الميزات التي تضمنتها القواعد المنظمة لتملك العقار لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.هـ - نظام الهيئة العامة للسياحة والآثار:
 
حرصًا من المملكة على تطوير المجالات المختلفة للاستثمار وضمان تدفق الأموال الخاصة والعامة إلى الأسواق السعودية، سواء في المجال الإنتاجي أو في مجال الخدمات. ولما كانت السياحة تُعد واحدًا من أهم القطاعات الاقتصادية الخدمية التي تنمو بشكل مطرد في جميع أنحاء العالم؛ فقد سعت حكومة المملكة إلى تشجيع هذا القطاع الوليد، وذلك بما حباها الله من وجود الحرمين الشريفين اللذَين يؤمهما الملايين من البشر طوال العام بقصد الحج والعمرة على أراضيها. وبالإضافة إلى هذه السياحة للأغراض الدينية فإن الآثار المنتشرة في جميع أرجاء المملكة تمثل رصيدًا ثقافيًا هائلاً يجذب إليه كثيرًا من السياح الذين يتوقون إلى زيارة هذه الأمكنة التاريخية، والإقامة في جنبات صحرائها وجبالها الساحرة ومصائف المناطق الجنوبية الغربية؛ لهذا فقد سعت حكومة المملكة إلى إصدار نظام جديد للسياحة في 12 / 1 / 1421هـ الموافق 2000م ينص على إنشاء هيئة عليا للسياحة مرتبطة برئيس مجلس الوزراء لها شخصية اعتبارية مستقلة، وعدل اسمها بالقرار رقم 78 وتاريخ 16 / 3 / 1429هـ الموافق 2008م إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار  . 
 
تضع هذه الهيئة السياسة العامة لتنمية قطاع السياحة وتطويره، بما في ذلك تقويم مشروعات البنية الأساسية للمناطق والأمكنة السياحية المختلفة، ووضع البرامج لاكتمالها، وتذليل المعوقات التي يتعرض لها النشاط السياحي، وتقديم الحوافز للمستثمرين، وإقامة مركز معلومات شامل للسياحة، وإجراء مسح شامل للمناطق السياحية في المملكة، والمحافظة على المواقع السياحية والحرف والصناعات والأسواق الشعبية وحمايتها من الاندثار، وتنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والأهلية في هذا المجال، وكذلك التعاون والتنسيق بين المملكة والدول الأخرى بما يحقق أهداف القطاع السياحي بالمملكة.
 
ونصت المادة الخامسة من النظام على إنشاء مجلس إدارة للهيئة العامة للسياحة والآثار يتولى رئاسته وزير الداخلية، وبعضوية وزير الخارجية، والرئيس العام لرعاية الشباب، وعشرة وزراء آخرين، بمن فيهم سمو الرئيس العام للهيئة.
 
وأُنيط بمجلس الإدارة رسم السياسة العامة لتنمية القطاع السياحي في المملكة، وتكوين لجان استشارية من خبراء متخصصين، واقتراح مشروعات الأنظمة واللوائح المتعلقة بمجال السياحة  . 
 
 

نظام مكافحة غسل الأموال

 
 
صدر نظام مكافحة غسل الأموال لضبط وتنظيم انتقال الأموال بين بلدان العالم لمنع استغلالها في أعمال غير مشروعة مثل: تمويل أعمال إرهابية، أو لأغراض إجرامية أخرى تتعلق بغسل الأموال. ولما كانت المملكة حريصة على مكافحة الإرهاب ومكافحة جرائم غسل الأموال فقد أسست إدارة خاصة في مؤسسة النقد العربي السعودي لمراقبة التدفقات المالية الإلكترونية بين المملكة والبلدان الأخرى، وأصدرت عددًا من القواعد المنظمة للبنوك بضرورة التحقق من شخصيات المودعين وأصحاب الحسابات البنكية، ومراقبة تحويل الأموال، وعدم السماح بذلك إلا من قِبَل مؤسسات مالية متخصصة  . 
 
ثم صدر في 25 / 6 / 1424هـ الموافق 2003م مرسوم ملكي بالموافقة على قرار مجلس الوزراء باعتماد نظام مكافحة غسل الأموال. وتعرِّف المادة الأولى من النظام المصطلحات القانونية الخاصة بالأموال والمتحصلات والوسائل والمؤسسات المالية، وعمليات التصرف في الأموال من إيداع وسحب وتحويل وغيرها، كما تعرِّف مصطلح النشاط الإجرامي، ومصطلح الحجز التحفظي، والمصادرة، والجهات الرقابية، والسلطات المختصة. وتحدد المادة الثانية من النظام الأفعال التي تُعد جرائم غسل للأموال، ومنها تمويل الإرهاب والعمليات الإرهابية. وتمنع المادة الرابعة المؤسسات المالية وغير المالية من أن تُجري أي تعامل مالي أو تجاري باسم مجهول أو وهمي، وتطلب من هذه المؤسسات (حسب المادة الخامسة) الاحتفاظ بسجلات مالية كاملة لمدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ انتهاء العملية أو قفل الحساب. وتجبر المادة السادسة المؤسسات المالية في المملكة على ضرورة وضع إجراءات احترازية ورقابة داخلية لكشف أي جرائم محتملة من هذا النوع، وإذا ما شعر البنك (حسب المادة السابعة) بشبهة أو شكوك من أي عملية مالية فإن عليه إبلاغ وحدة التحريات المالية بمؤسسة النقد العربي السعودي.
 
وتنص المادة العاشرة على ضرورة أن تقدم البنوك والمؤسسات المالية برامج تدريبية مستمرة لموظفيها في هذا الشأن؛ لإحاطتهم بالمستجدات في مجال عمليات غسل الأموال. ونصت المادة الحادية عشرة على ضرورة أن تنشئ مؤسسة النقد وحدة متخصصة فيها تُسمى (وحدة التحريات المالية)، ونظمت المادة الثالثة عشرة تبادل المعلومات بين المؤسسات المالية في هذا الشأن. وحددت المادة الخامسة عشرة حق السلطات السعودية في مصادرة الأموال والمتحصلات، أو اقتسامها مع الدول الأخرى حسب الاتفاقات والمعاهدات المعقودة بين المملكة وهذه الدول. ونصت المادة السادسة عشرة من النظام على سجن من يرتكب مثل هذه الجريمة مدة لا تزيد على عشر سنوات، وفرض غرامة مالية عليه لا تزيد على خمسة ملايين ريال، كما نصت المادة السابعة عشرة على عقوبات أشد في حال استخدام العنف من قِبَل الجاني، أو كان مسرح الجريمة من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية. وأجازت المادة الثالثة والعشرون للسلطة القضائية - بناءً على طلب من محكمة أو سلطة مختصة بدولة أخرى تربطها بالمملكة اتفاقية أو معاهدة سارية المفعول - التحفظ على الأموال أو المتحصلات أو الوسائط المرتبطة بجريمة غسل الأموال، وفق الأنظمة المعمول بها في المملكة.
 
وأعطت المادة السابعة والعشرون للمحاكم العامة الحق في الفصل في جميع الجرائم الواردة في هذا النظام، كما جعلت المادة السابعة والعشرون هيئة التحقيق والادعاء العام هي الجهة الرسمية المخولة بالترافع في هذه القضايا
 
شارك المقالة:
340 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook