الأهمية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأهمية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية

الأهمية الاقتصادية للمملكة العربية السعودية.

 
 
تمثل الأنشطة الاقتصادية محورًا أساسيًا في تطور الأمم والمجتمعات، فالأمم الغنية تستطيع تلبية المتطلبات والحاجات الأساسية لمواطنيها، وهي بذلك أقدر من غيرها على تحقيق التوازن وإشاعة العدل الاجتماعي  . 
 
وفي المملكة اتسمت المسيرة التنموية الاقتصادية بالتوازن والشمولية والاسترشاد بتعاليم الدين الإسلامي. وخلال مسيرة البناء نفذت المملكة - ولا تزال - خطط التنمية الخمسية بنجاح، وحققت من خلالها قفزات سريعة ونهضة حضارية شاملة نقلتها إلى مرحلة الإنماء السريع، وكذلك نفذت كثيرًا من البنى الأساسية؛ من طرق وموانئ ومطارات ومرافق عامة وخدمات أخرى ما ساعد على اختصار الجهد والوقت في تنفيذ المشروعات العملاقة التي اشتملت عليها خطط التنمية المتكاملة المتتالية، والتي تضاعَفَ الإنفاق عليها مع ازدياد دخل المملكة من النفط.
 
وقد حققت المملكة في مجال بناء القاعدة الاقتصادية نجاحًا كبيرًا؛ فعلى صعيد الصناعة صارت للمملكة مكانة اقتصادية دولية، فقد أصبحت صادرات المملكة من المنتجات الصناعية - وبخاصة البتروكيماويات - تُسوَّق في أكثر من 150 دولة، علاوة على تحقيق مزيد من الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع التي كانت تُستورد من الخارج  . 
 
ومن هذا المنطلق تمحورت الأهمية الاقتصادية للمملكة حول ثلاثة عناصر مهمة هي: تحقيق الأمن الاقتصادي، واستغلال المصادر الطبيعية لتحقيق التنمية والرفاهية للمجتمع السعودي، ومحاولة جذب الاستثمارات الأجنبية وما يترتب عليها من نقل للتقنية. ويمكن تناول هذه العناصر على النحو الآتي:
 
 

 الأمن الاقتصادي في السعودية

 
 
هيأ الله تعالى للمملكة نعمة الأمن الاقتصادي والاجتماعي؛ بفضل الاستقرار السياسي، والثروة الكبيرة التي مكَّنتها من التغلب على كثير من المشكلات التي لا تزال تُقلق كثيرًا من المجتمعات الأخرى. وإلى جانب اهتمامها بأمن المواطنين وسلامتهم؛ فقد امتد اهتمامها لتسهم في عمل الخير في جميع الدول ولا سيما دول الأقليات الإسلامية ودول العالم الثالث المحتاجة إلى الدعم والمساندة.
 
وإذا كان علماء السياسة يعدون الأمن والاستقرار الركيزتين اللتين تؤديان إلى التنمية والرخاء والنمو الاقتصادي؛ فإن حكومة المملكة استطاعت أن تحقق هذه المعادلة، وفي فترة قياسية من الزمن، فالإصلاح الزراعي والتنمية العقارية والصناعية سجلت أرقامًا قياسية بحسب كل ما هو متعارف عليه في العمليات التنموية الحديثة. وعلى الرغم من أن معظم أجزاء المملكة صحراوي؛ إلا أن الشيء الذي لم يكن متوقعًا هو أن تتحول هذه الصحراء إلى مصدر للرخاء، وأن تصدِّر المملكة - في مرحلة من مراحل التنمية - القمح والخضراوات والفواكه والأسمدة والزهور والأسماك والبتروكيماويات وغيرها من المنتجات الزراعية  والصناعية إلى كثير من الدول، بما في ذلك الدول المتقدمة صناعيًا، مثل: دول أوروبا، وأمريكا، واليابان، والصين، وروسيا الاتحادية  . 
 
وفي إطار الاهتمام الذي توليه المملكة للأمن الغذائي الذي هو القاعدة الأساسية للأمن الشامل؛ فإن وزارة الزراعة شجعت الصناعات الغذائية، ودعمت المزارعين السعوديين بقروض ميسرة من دون فوائد، كما وزعت الأراضي الصالحة للزراعة على المزارعين مجانًا، وتبنَّت سياسة طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ليس في مجال إنتاج القمح فحسب، وإنما في مجال إنتاج التمور والألبان ومشتقاتها واللحوم والخضار والفواكه والأسماك... وغيرها من المنتجات والمحصولات الزراعية.
 
ونتيجة لهذه السياسة الطموحة للمملكة في مجال التنمية الزراعية فقد احتلت المرتبة الأولى في العالم في إنتاج التمور، وكذلك أصبحت أكبر دولة منتجة للمياه المحلاة، وتمكنت من الحصول على كثير من شهادات التقدير الدولية في مجال الاكتفاء الذاتي وتطوير الخدمات الزراعية.ب - استغلال المصادر الطبيعية:
 
حبا الله المملكة كثيرًا من الثروات؛ إذ تتوافر تحت أرضها مصادر الطاقة من نفط وغاز، بالإضافة إلى المعادن المختلفة. وعندما اكتُشف النفط بكميات تجارية في المملكة في الستينيات من القرن الرابع عشر الهجري / الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي؛ استخدمت المملكة ثرواتها النفطية في تحقيق إنجازاتها التنموية في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات العامة، وكذلك في تنمية الإنسان بوصفه هدف التنمية وأداتها. ومنذ التسعينيات من القرن الرابع عشر الهجري / السبعينيات من القرن العشرين الميلادي إلى الوقت الراهن اكتسبت المملكة أهمية كبيرة في منظمة الدول المصدِّرة للنفط (أوبك)؛ إذ تُعد أكبر منتج للنفط وأكبر مصدِّر له في هذه المنظمة.
 
وقد اتضحت قوة المملكة ووزنها في أسواق النفط من خلال تأثيرها في سياسات النفط - سواء ما يتعلق بالإنتاج أو بالأسعار - خلال العقود الثلاثة الماضية؛ مما جعلها تؤدي دور صمام الأمان لسياسات منظمة (أوبك) وفي أسواق النفط العالمية؛ وذلك لعدد من الأسباب التي تأتي في مقدمتها قدرة المملكة العالية على التأثير في العرض الفعلي للنفط في الأسواق العالمية، وعلى الرغم من انخفاض الأهمية النسبية العالمية لـ (أوبك) من حيث كمية الإنتاج الفعلي، إلا أن الأهمية النسبية للمملكة تزداد من حيث حجم الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام؛ إذ يُقدر إجمالي احتياطيات المملكة بنحو 41% من إجمالي احتياطيات دول منظمة (أوبك) من النفط الخام التي تُقدر بنحو 640 مليار برميل.
 
كما أن المملكة تختزن كميات هائلة من الغاز  الذي يُتوقع له أن يصبح من أهم مصادر الطاقة. ويتوافر في المملكة أهم مصادر الطاقة المتجددة بل أصل معظم مصادر الطاقة؛ ألا وهي الطاقة الشمسية؛ إذ تستقبل المملكة كميات كبيرة من الطاقة التي تصدر عن أشعة الشمس، وتحتوي أراضيها على إمكانات تمنحها ميزة نسبية في إنتاج الطاقة الشمسية؛ بسبب وجود الأراضي الصحراوية الشاسعة التي تتعرض لكمية كبيرة من الطاقة الشمسية. وبناءً على ذلك بَنَت المملكة مدينة تعمل بالطاقة الشمسية غرب مدينة الرياض، تحت إشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وبدأ العمل في هذا المجمع العملاق لتوليد الطاقة الشمسية عام 1400هـ / سبتمبر 1980م. إن هذه الميزات التي لا تتوافر لكثير من الدول جعلت من المملكة محط أنظار دول كثيرة ذات مصالح اقتصادية معها قديمًا وحديثًا.
 
 
جذب الاستثمارات
 
 
في ظل النظام الاقتصادي المعاصر أصبح النشاط الاستثماري إحدى الظواهر الدولية؛ ففي الوقت الحالي قلما تخلو دولة من دول العالم من إسهامات استثمارية دولية في أنشطتها الاقتصادية، غير أن الأنشطة الاستثمارية الأجنبية في أي دولة من دول العالم وتوجهات المستثمرين لا تتم عادة عشوائيًا، بل تخضع لعوامل موضوعية متعددة؛ أي أن اتخاذ القرار الاستثماري والتدفق الرأسمالي يكون وفقًا لتوافر الظروف الملائمة، مثل: المناخ الاستثماري الملائم اقتصاديًا وسياسيًا، وسهولة الأنظمة والقوانين التي تنظم عمليات الاستثمار ووضوحها، وتوافر التسهيلات الاستثمارية من خدمات أساسية وثانوية، وأخيرًا توافر المؤسسات المساندة، مثل مؤسسات التمويل والتأمين وغيرها.
 
ومن هذا المنطلق تُعد المملكة إحدى أبرز دول المنطقة حديثة النمو التي قطعت شوطًا في استقبال موجات متتالية ومتنوعة من الاستثمارات العربية والدولية واستيعابها، سواء في القطاعات الإنتاجية أو القطاعات الخدمية. وقد استطاعت المملكة توفير المرونة اللازمة والاستمرارية لتدفق هذه الاستثمارات في كلتا المرحلتين الاقتصاديتين اللتين عاشتهما المملكة: مرحلة الشح الاقتصادي والنمو البطيء (ما قبل التدفق النفطي)، ومرحلة الانطلاق الاقتصادي الكبير والتنمية المتصاعدة (الدخول النفطية الكبيرة). وقد ساعد على تحقيق ذلك الجذب الاستثماري عدد من المزايا التي تتمتع بها المملكة، وأهمها:  
 
استقرار النظامين السياسي والاقتصادي بالمملكة عبر العقود الماضية.
الرصانة التي اتسمت بها المملكة في علاقاتها العربية والدولية، ودرجة الثقة العالية التي تحظى بها لدى المستثمرين عمومًا.
 
 اكتمال تجهيزات البنية الأساسية بمستويات راقية، خصوصًا بعد تشكيل الهيئة العامة للاستثمار.
 
توافر شبكة متكاملة من الأجهزة والمؤسسات المساندة، مثل: المصارف، وشركات النقل والصيانة والإنشاء، ومكاتب المحاسبة، والمحاماة والاستشارات، وشركات التأمين.
 
 وجود الهيئات الحكومية ذات الصلة بالاستثمار، مثل: صناديق الإقراض، ومراكز الأبحاث، والغرف التجارية والصناعية، وهيئة المواصفات والمقاييس، وشركة الصادرات، ومركز تنمية الصادرات والمعارض الدولية... وغيرها.
 
 اتساع السوق المحلية في العقود الماضية، ورسوخ الاتجاهات الاستهلاكية، وارتفاع القوة الشرائية بصورة متصاعدة، إضافة إلى ربط أسواق بعض الدول المجاورة بأسواق المملكة.
 
 التواكب في النمو بين مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية ما يتيح استفادة هذه القطاعات بعضها من بعض وانعدام الفجوات التي تعيق التكامل.
 
كما أن جميع المشروعات المشتركة لها حق الحصول على قروض حكومية ميسرة، إضافة إلى سهولة الحصول على القروض التجارية المحلية. ومن أجل تنظيم هذه الأنشطة والمحافظة على حقوق المستثمرين، وتحديد مجالات الاستثمار التي تخدم أهداف التنمية، فقد صدر نظام استثمار رأس المال الأجنبي عام 1399هـ / 1979م، وأنشأت الدولة أمانة لجنة استثمار رأس المال الأجنبي التي أجرت عددًا من الدراسات عن إعادة تقويم نظام استثمار رأس المال الأجنبي المعمول به حاليًا، ومحاولة تطوير الإجراءات المتَّبعة واختصار خطواتها. ويحظى الاستثمار المشترك في الحقل الصناعي - خصوصًا - بكثير من المزايا والحوافز.
 
ويُعد المناخ الاستثماري للمملكة جيدًا مقارنة بكثير من الدول، وقد شارك عدد كبير من الهيئات والأجهزة الحكومية وشبه الحكومية والخاصة في الجهود المبذولة لتشجيع النشاط الاستثماري، وترويج المشروعات المشتركة؛ إسهامًا منها في التنمية الاقتصادية للمملكة.
- منتدى مجموعة العشرين الاقتصادي:
 
تُعد عضوية المملكة في منتدى مجموعة العشرين الاقتصادي من أبرز الأدلة على ريادتها الاقتصادية عالميًا، إذ إن مجموعة الدول العشرين الكبرى كانت قد بدأت بوصفها منتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في أهم 20 دولة في العالم من حيث حجم الاقتصاد عام 1420هـ / 1999م؛ لمناقشة القضايا الرئيسة للاقتصاد العالمي من خلال تجمُّع يضم الدول الصناعية المتقدمة والدول الصاعدة.
 
وتضم مجموعة العشرين بالإضافة إلى المملكة والاتحاد الأوروبي الدول الآتية: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإندونيسيا، والصين، والأرجنتين، وكوريا الجنوبية، وجنوب إفريقية، وتركيا، والهند، واليابان، والبرازيل، وإيطاليا، وروسيا، والمكسيك، والتشيك.
 
وكانت المجموعة قد عقدت آخر قمة لها في لندن في عام 1430هـ / 2009م بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس وفد المملكة العربية السعودية في القمة الاقتصادية لمجموعة العشرين وقادة دول المجموعة، وناقشت عددًا من المقترحات والإجراءات التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد العالمي، وتحسين مسار الاقتصاديات الدولية، وتخفيض حدة الركود والانكماش الاقتصاديَّين، وتنشيط عمليات الإقراض لتوفير المصادر المالية للأفراد والعائلات والشركات، ودعم مسيرة الاستثمار المستقبلي، علاوةً على إصلاح الفجوات في المؤسسات الدولية، ومناقشة مقترح إنشاء نظام دولي للإنذار المبكر بشأن الوضع الاقتصادي والمالي الدولي  .  وكانت مشاركات المملكة محل اهتمام القمة؛ نظرًا إلى ما تتمتع به المملكة من اقتصاد قوي ومؤثر، ولدورها السياسي المتميز على جميع الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، ولمواقفها المتزنة والحكيمة وخصوصًا مايتعلق منها بالاقتصاد العالمي.
شارك المقالة:
138 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook