الأوضاع الداخلية بعد الهجرة بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأوضاع الداخلية بعد الهجرة بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الأوضاع الداخلية بعد الهجرة بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
من معالم مرحلة تاريخ المدينة المنورة بعد الهجرة، تغير الأوضاع السياسية داخلها وصورة العلاقات بين عربها، ما أزعج البطون اليهودية التي كانت تفتعل النـزاعات بين الأوس والخزرج حتى لقد عمد بعضهم إلى إثارتها بعيد الهجرة غير أن النبي صلى الله عليه وسلم احتوى تلك الفتنة المثارة  .  فمن متغيرات الواقع السياسي الداخلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح، يقوم بمهام القيادة والإدارة في المدينة المنورة ويستجيب له عن قناعة ويقين الأنصار والمهاجرون، كذلك نتج عن وجود النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة المصالحة بين الأوس والخزرج وإنهاء الخصومة التاريخية بين الطرفين والالتقاء على قاعدة الإسلام، حيث حمل الجميع اسم (الأنصار) ذي النشأة الإسلامية والدلالات العظيمة
 
كذلك دخل المدينة المنورة عنصر جديد هم المهاجرون من أهل مكة المكرمة، فقد كان لهم دور في إنضاج تجربة المسلمين السياسية والإدارية في هذه المرحلة مشاركة مع زعماء الأنصار وبإشراف النبي صلى الله عليه وسلم، كما كان لهم دور في النشاط الاقتصادي والتجاري بالمدينة المنورة، إذ لم يظلوا عالة على إخوانهم الأنصار فقد عملوا في السوق ومزارع الأنصار ثم تنامت ثرواتهم حتى أصبح مثل عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان في مقدمة أثرياء المدينة المنورة وأنفقا مالاً عظيمًا على بعض الغزوات  ،  وعلى وجوه البر والخير الأخرى  
 
ولا يكتمل الحديث عن الأوضاع السياسية الداخلية بالمدينة المنورة بعيد الهجرة دون الإشارة إلى وجود عناصر مثيرة لقلق المسلمين داخل المدينة المنورة وهم من عرفوا بمجموعة المنافقين الذين يمثلون أقلية من الأوس والخزرج ممن لم يدخل الإيمان في قلوبهم، وجزء منهم رأى أن وجود الرسول صلى الله عليه وسلم يفوّت عليه مصالح رئاسية ونفعية، ومن هؤلاء زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول  .  وإلى جانب هؤلاء هناك العناصر اليهودية التي تشكل مجتمعات قائمة بذاتها يلازمها شعور بالتفوق على الآخرين، وقد أزعجها أشد الإزعاج المصالحة الأوسية الخزرجية تحت لواء الإسلام وحمل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة وأمانة التبليغ عن الله، ولقد أسلم عدد قليل منهم من أبرزهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه من بني قينقاع، إذ أسلم أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة  .  ولقد ظلت بطون اليهود تثير القلاقل والمشكلات داخل المدينة المنورة إلى السنة الخامسة للهجرة 627م حتى تخلص المسلمون من آخر تلك البطون الباقية بعد غزوة الأحزاب.
 
أما بالنسبة إلى القوى الخارجية (خارج المدينة) التي تتربص بالوضع الجديد في المدينة المنورة وأهمها قريش بأغلبيتها الكافرة، ثم تلك القبائل المتناثرة بين مكة المكرمة والمدينة التي يخضع جزء منها لنفوذ قريش، فقد نظر نظام الزعامة المكي إلى قيام دولة في شمالي الحجاز أسهمت في تكوينها عناصر معارضة لها، تحمل ثقافة مغايرة لأنظمة قريش الدينية والسياسية على أنها خطوة تؤذن بتقلص سيادتها ونفوذها على تلك القبائل. كما يعني وجود النبي صلى الله عليه وسلم زوال الوضع المضطرب في المدينة المنورة الذي أفاد منه زعماء قريش كثيرًا، وسيأتي الحديث عن المواجهات بين المدينة المنورة، وتلك القوى التي أزعجها الوضع الجديد في المدينة المنورة.
 
نجح رسول الله صلى الله عليه وسلم في معالجة بؤر التوتر والقلق الداخلية وترتيب الوضع الداخلي وضبط العناصر المثيرة للقلق والإرباك للجبهة الداخلية فتعامل مع أقلية المنافقين بكل حكمة وواقعية  
 
ومن خلال ما عُرف بمعاهدة المدينة المنورة أُلزمت العناصر اليهودية وغيرها بعدم التعاون مع قريش وإجارة قوافلها  .  ولما ظهر من البطون اليهودية مثل: بني قينقاع وبني النضير ما يخل بالأمن في المدينة المنورة تم إخراجهم  .  وفي غضون ذلك عمل الرسول صلى الله عليه وسلم على ترسيخ قيم الإسلام بين المهاجرين والأنصار من خلال تعهده المستمر لمختلف شرائحهم، ومما يسر ذلك، منهج النبي صلى الله عليه وسلم الحكيم، وتدرج الأحكام الشرعية النازلة عليه صلى الله عليه وسلم بشكل يسر انتقال أهل المدينة المنورة المسلمين من العادات المألوفة إلى الأحكام الشرعية، ولا جدال في أن تعهد النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين والأنصار ونشاطه التعليمي والتربوي بينهم ونـزول القرآن مقومًا لكثير من السلوكيات كان من العوامل الأساسية التي دعمت كيان المدينة المنورة الإسلامية وحصنته ضد مؤثرات الكتابيين والمنافقين الذين عملوا على هز تلك الوحدة وذلك التآلف.
 
ولقد قام الوضع الجديد في المدينة المنورة بعد الهجرة من الناحية العملية وبصورة جوهرية على التحالف والإخاء بين المهاجرين والأنصار، فهذا الترابط العضوي الذي رسمت أسسه في بيعة العقبة الثانية وفّر للإسلام بيئة تطبقه وتذود عنه واحتفظ زعماء الأنصار بدور كبير في إدارة بلدتهم وفي القضايا التي تمسها كقضية المواجهة في بدر،  إذ كان الأنصار أكثرية الجيش  .  وقضية مصالحة غطفان في أثناء غزوة الأحزاب. وفضلاً عن الزعماء هناك نقباء اختارتهم عشائرهم ليكونوا همزة وصل بينها وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، كما تجلى ذلك في بيعة العقبة الثانية  
 
وتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إدارة المدينة المنورة والإشراف على مجتمعها يؤازره كبار صحابته الكرام وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر من المهاجرين وسعد بن معاذ وسعد بن عبادة من الأنصار وغيرهم من كبار الصحابة الذين استشارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضايا كثيرة. يروى عن أبي هريرة قوله: ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم  
 
وثمة صحابة آخرون من شباب المدينة المنورة كانوا بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خدموه ولازموه وكتبوا له الوحي، والعقود وغير ذلك مثل: أنس بن مالك وزيد بن ثابت وأبي بن كعب. وكان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة المنورة استعمل أحد أصحابه عليها؛ فعندما خرج إلى بدر في رمضان من السنة الثانية استعمل عبد الله بن أم مكتوم على الصلاة بالناس ثم رد أبا لبابة الأنصاري من الروحاء واستعمله على المدينة المنورة، وعند ما خرج إلى الحديبية في العام السادس استعمل على المدينة المنورة نميلة الليثي  ،  وعندما خرج إلى خيبر في أول العام السابع استعمل على المدينة المنورة سباع بن عرفطة الغفاري  
 
واجهت المدينة المنورة في العهد النبوي قوى خارجية، داخل إقليم الحجاز وخارجه، ولعل أبرز تلك القوى ما يأتي:
 
 قريش المتمركزة في مكة المكرمة بأغلبيتها المشركة وزعامتها المتعنتة.
 
 يهود خيبر شمال المدينة المنورة.
 
 قبائل عربية يغلب عليها طابع البداوة وقد امتدت مراعيها إلى شرق وشمال المدينة المنورة كفزارة الغطفانية وبعض بطون سليم الذين تمدروا بالقرار في بئر معونة.
 
 القبائل العربية المتنصرة ومن ورائها الروم في شمالي الجزيرة العربية، وليس بوسعنا الإتيان على تفاصيل المواجهات والغزوات التي دارت بين المسلمين وخصومهم - فهذا مبسوط في مظانه   - على أنه لا بد من الإشارة إلى الحقائق الآتية:
 إن قريشًا قد بدأت العدوان على المسلمين عندما حاولت فتنتهم في دينهم ثم حاولت منعهم من الهجرة ثم إنها أخذت تسير قوافلها قرب المدينة المنورة دون تفاهم مع المسلمين، ثم سارت إليهم بكامل طاقتها في بدر
 
 إن علاقات المدينة المنورة بغيرها من القوى والإمارات لا يمكن اختزالها في المواجهات العسكرية، فقد خرج من المدينة المنورة قراء ومفقهون ومبعوثون يحملون الدعوة حيث لقي بعضهم مصرعه على يد بعض القبائل كما حدث لأصحاب بئر معونة وهم سبعون من القراء جلهم من الأنصار  
 
وكانت المواجهة مع قريش من شواغل القيادة النبوية الأساسية؛ إذ صعّدت الزعامة المكية قبيل بدر المواجهة وأصرت على مقاتلة المسلمين   فتلقت هزيمة مريرة أثرت على أوضاع مكة المكرمة العامة. ثم جاءت غزوة أحد  في شوال من العام الثالث للهجرة 625م حيث وقفت القوات المكية على تخوم المدينة المنورة عند جبل أحد. وعلى الرغم من تفوق جيش قريش في الجولة الثانية من القتال إلا أنها بادرت بالانسحاب بعد أن استشهد عدد من المسلمين في مقدمتهم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير، وجرح النبي صلى الله عليه وسلم جراحًا بليغة، فقد ورد أنه شج في وجهه وكسرت سنّه الرباعية وتفرق عنه الصحابة ولم يبق معه إلا قلة لم يلبثوا أن تكاثروا  
 
لقد نكبت أسر المدينة المنورة، وبخاصة الأسر الأنصارية، بسقوط عدد من الأبناء والآباء شهداء في هذه المعركة فقد استشهد من الأنصار ما يزيد على الستين  .  وقد قابلت الأسر المدينية تلك الفاجعة وذلك (القرح) بالصبر والاحتساب وبمعنويات عالية متذكرة ما أعد الله للمجاهدين والشهداء من المنازل والدرجات في الدار الآخرة.
 
كما أن مجتمع المدينة المنورة المتشرب لقيم الإسلام أولى رعاية الأيتام والسعي على الأرامل عناية بالغة امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين...)، (والساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل)  
 
وفي شوال من العام 5هـ / 627م واجهت المدينة المنورة حصارًا لا سابق له من قبل قريش وحلفائها من اليهود وغطفان وأسد وسليم، فقد أرادت قريش وحلفاؤها من اليهود الذين نـزلوا خيبر إنـزال هزيمة مدوية بأهل المدينة المنورة، وكان ليهود بني النضير دور في التحريض والدفع بفكرة التحالف ضد المسلمين إلى الظهور.
 
وشاركت في ذلك التحالف قبائل عربية تم إغراؤها بالدخول في ذلك المشروع الذي بلغ عدد من شارك فيه عشرة آلاف مقاتل تولى قيادتهم العامة أبوسفيان بن حرب، وقد عسكرت هذه الحشود في شمال المدينة المنورة بمجمع الأسيال من رومه   (قريش)، وذنب نقمي (غطفان)، وكان من الطبيعي إزاء هذه الحشود أن يتبنى المسلمون في المدينة المنورة خطة دفاعية من مقتضياتها:
 
 حفر خندق شمال المدينة المنورة، بمشورة سلمان الفارسي، وجاء حفر الخندق من الجهة الشمالية لأنها الجهة المكشوفة، حيث لا توجد حرات ولا بساتين ولا حصون تعوق حركة الجيوش، ويربط ذلك الخندق بين حرة واقم وحرة الوبرة (في شرق المدينة) وحرة المدينة المنورة الغربية، ويبلغ طول الخندق 5000 ذراع وعرضه 9 أذرع وعمقه من سبعة إلى عشرة أذرع   ويقدر بعض الدارسين امتداده بما يزيد على ستة كيلومترات  
 
 عسكر الرسول صلى الله عليه وسلم بجيشه عند جبل سلع إذ جعلوا ظهورهم إلى ذلك الجبل. وتشير بعض الروايات إلى أن عدد من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ ثلاثة آلاف   كذلك اقتضت خطة المسلمين إبقاء النساء والذرية في الحصون مخافة العَدْوِ عليهم  .
 
لقد وقعت المدينة المنورة تحت وطأة حصار شديد وتأزم الموقف بأهل المدينة المنورة، ولا أبلغ من وصف القرآن لحال المسلمين آنذاك، وما زاد في صعوبة وضع أهل المدينة المنورة نقض بني قريظة العهد، وهم الطائفة اليهودية الباقية التي تقبع حصونها داخل المدينة المنورة، فاشتد البلاء والخوف بأهل المدينة المنورة وأضيف إلى ذلك أن الجبهة الداخلية للمدينة عانت من عنصر المنافقين الذين ورد في القرآن الكريم حكاية عن حالهم في قوله تعالى: ﭲﯹﭔ ﮢﮥﰴﮤﯚﮩﮂﮤﭔ ﭓﭔﭑﯻ ﮢﮥﯢﮥﯪﰰﮡﭑﰹﭖﰴﰍﱐ ﭙﰟﮧﯯ ﰿﰵﯠﰲﮢﯢﮉﭓ ﰙﰜﰛﰘ  ،  فقد أظهروا استهتارًا واستهزاء بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد به أصحابه من حيازة كنوز كسرى الفرس وقيصر الروم في إشارة إلى امتداد الأمة القريب خارج الجزيرة وحيازة المسلمين الإمكانات المادية الكبيرة التي كانت للساسانيين (ملوك الفرس) وللروم بمصر والشام، وما زاد في تأزم الموقف في الجبهة الإسلامية محاولات فرسان قريش عبور الخندق، إذ تصدى لهم فرسان المسلمين  
 
وقد واكب حصار المدينة المنورة من جانب الأحزاب أن المسلمين واجهوا مشكلة قلة الغذاء والأقوات، فقد قلت الأطعمة وكان الطعام الذي يأكله أهل المدينة المنورة في ظل تلك الظروف قوت الشعير ومعه دهن متغير الريح، ما يوجد بشاعة في الحلق مع ريح منكرة  
 
عالجت القيادة النبوية الهادية ذلك الموقف المتأزم بوسائل مختلفة، ومن ذلك التصدي لأولئك المهاجمين ومشاغلتهم حتى كان المسلمون لا يستريحون ليلاً أو نهارًا، وروي أن أولئك الأحزاب شغلوا المسلمين عن صلاة العصر  
 
كذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلم على بث الطمأنينة في قلوب المسلمين وتوطينهم على الثبات مؤكدًا صدق وعد الله تعالى، فكان يعد الناس بالفتوحات وبنصر الله عز وجل وسط هذا الكرب الشديد  .  كذلك حاول النبي صلى الله عليه وسلم استمالة غطفان، الطرف الأضعف في الحلقة بحكم أنهم جاؤوا لأهداف مالية ليس إلا، وقد عرض عليهم النبي صلى الله عليه وسلم جزءًا من تمر المدينة المنورة مقابل رحيلهم، إلا أنه قبل أن يبرم الصلح والاتفاق عرض الأمر على زعيمي الأنصار، سعد بن معاذ الأوسي وسعد بن عبادة الخزرجي فأبيا وقالا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله تعالى به لا بد لنا من العمل به؟ أم شيئًا تصنعه لنا؟ قال: (بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم)، فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعًا أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجة  .  وقد ظلت المدينة المنورة تحت وطأة الحصار مدة تقدرها بعض الروايات بعشرين يومًا وقيل خمسة عشر يومًا وهو ما يرجحه الواقدي   ثم فرج عن المدينة المنورة بجلاء الأحزاب عندما سلط الله عز وجل عليهم الريح الشديدة بالإضافة إلى طغيان الشكوك وانعدام الثقة في العلاقة بين المتحزبين المحاصرين للمدينة، إذ عمل نعيم بن مسعود الأشجعي الغطفاني - وقد أسلم حديثًا - على إيجاد تلك الحالة  
 
وبعد جلاء الأحزاب عن المدينة المنورة زال كابوس ثقيل ظل يهدد أمن حاضرة الإسلام ومعقله الرئيس، وتنفس الأهالي الصعداء. ولا تكمن أهمية الحدث بنتائجه الميدانية فحسب بل إن انسحاب الأحزاب أكد لقريش استحالة تحقيق أي نصر على المسلمين وأدى إلى نهاية مرحلة كانت فيها المدينة المنورة تتحمل مدافعة الجيوش القادمة من مكة المكرمة إلى مرحلة تفوقت فيها كفة المسلمين، بحيث أصبحوا يسيرون من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة لا للتشفي والانتقام وإنما لإظهار تعظيم البيت وأداء العمرة كما حدث في العامين السادس والسابع للهجرة إبان صلح الحديبية وعمرة القضاء. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم)  
 
وثمة تطور أمني وعسكري حدث عقب الخندق مباشرة، وهو القضاء على يهود بني قريظة في أواخر ذي القعدة وأوائل ذي الحجــة من السـنة 5هـ / 627م  ،  بعد محاصرتهم خمسًا وعشرين ليلة  .  وهذه الخطوة تتكافأ مع خيانتهم للمسلمين وكانوا على عهد معهم في أحرج اللحظات، فنقضوا العهد وانضموا إلى الأحزاب المحاصرين للمدينة وبذلك طُهِّرت المدينة المنورة من آخر بؤر القلق والعدوان الظاهرة.
 
شارك المقالة:
59 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook