الصيام هي الفريضة التي اشتركت في أدائها أقوام مختلفة ممن تنزلّت عليهم الرسالات السماويّة كما جاء في القرآن الكريم مع اختلاف طرق الصيام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، فالله -سبحانه وتعالى- فرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، ووضحت الشريعة الإسلامية أركان هذه الفريضة والمتمثلة في النية على الصيام ليلًا قبل طلوع الفجر الصادق والإمساك أي الامتناع عن الجماع وتناول الأطعمة والأشربة من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس مع اختلاف عدد ساعات الصيام من دولةٍ إلى أخرى بحسب موقعها الجغرافي، وهذا المقال يسلط الضوء على الإعجاز العلمي في فرض الصيام على المسلمين.
شرع الله -سبحانه وتعالى- الصيام كغيره من العبادات لغايةً أوضحها سبحانه في آية فرض الصيام ألا وهي غاية التقوى، فالصيام من أعظم العبادات المعينة على تحقيق معنى التقوى -تنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه مع الاعتقاد الجازم بأنّ الله هو الرقيب على العبد في كل زمانٍ ومكانٍ-، فاستشعار وجود الله ومراقبته في السر والعلانية من أعظم معاني التقوى التي فرض الصيام من أجلها، كما يساعد الصيام على اجتناب المحرمات والنواهي والمكروهات، والقدرة على التحكم في رغبات النفس وشهواتها وملذاتها، والتغلب على الشيطان وقهره بالانصراف إلى عبادة الله التي تكبر هو عنها، كما للصيام دورٌ في الشعور بحاجة الفقراء والمساكين إلى الطعام والشراب، إلى جانب تعويد الصائم على المداومة على الأعمال الصالحة كالإكثار من الاستغفار والدعاء وقراءة القرآن الكريم.
فرض الله -سبحانه وتعالى- العبادات على المسلمين للحصول على الثواب والأجر في الآخرة دون إلحاق الضرر أو الأذى به في الدنيا جرّاء تطبيق تعاليم وأحكام أيٍّ من العبادات، بل وعلى العكس أثبتت النظريات الحديثة والآراء الطبية والعلمية أنّ كل فريضةٍ من الفرائض وكل ما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية يخفي خلفه إعجازًا بشكلٍّ أو بآخر قد لا تدركه العقول والأبصار، وتتمثل أوجه الإعجاز العلمي في فرض الصيام من خلال فوائده الجمّة على الفرد والمجتمع، ومنها: