الإعجاز العلمي جزءٌ من الإعجاز الثابت للقرآن الكريم على أنّه منزّل من عند الله تعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ليكون معجزته الكبرى، ويُقصد بالإعجاز العلميّ الوارد في القرآن الكريم هو ذكره لحقائق علمية بحتة أثبتها العلمي التجريبي والتطبيقي في العصر الحديث بحيث لم تكن مُدركةً في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- مما يدلل على صدقه وأنّ القرآن الكريم من عند رب العباد وليس من عند أحدٍ من البشر، وتنوعت أشكال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ومنها الإعجاز العلمي في قوله يسألونك عن الأهلة.
قال الله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" يذكر المفسرون في كتبهم أنّ هذه الآية نزلت حينما سأل أُناسٌ النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مسألة زيادة الهلال ونقصانه، فنزلت آية يسألونك عن الأهلة وقيل: إنّ السائلين هما معاذ بن جبل وثعلبة بن غنمة الأنصاري -رضي الله عنهما-، أمّا السبب الآخر في نزول هذه الآية أنّ نفرًا سألوا النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الحكمة من طلوع الأهلة وتعاقبها فنزلت هذه الآية لتوضيح الحكمة من ذلك، والأهلة جمع هلالٍ.
القمر هو أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض، وحركته بالنسبة لأهل الأرض هي أكثر الحركات الفلكية ثباتًا بحيث يستطيع الإنسان مراقبتها بالعين المجردة، ففي أثناء دورانه حول الأرضيمر بعدة مراحل أولها: يقع في وضعٍ وسطيٍّ بين الأرض والشمس على استقامةٍ واحدةٍ وفي هذه الحالة يواجه القمر الأرض بوجهٍ مظلمٍ تمامًا وتسمى هذه المرحلة باسم مرحلة الاقتران أو المحاق، ثم يتحرك القمر ليخرج عن حالة الاستقامة مع الأرض والشمس فيتولَّد الهلال، ومع استمرار حركة القمر حول الأرض تزداد مساحة الجزء المضيء من وجه القمر المقابل للأرض تدريجيًّا حتى يصل إلى مرحلة التربيع الأول في ليلة السابع من الشهر.
ثمّ يتابع القمر دورانه حتى يصل إلى مرحلة الأحدب الأول في ليلة الحادي عشر، ثم إلى مرحلة البدر الكامل في ليلة الرابع عشر، وفيها تكون الأرض بين الشمس والقمر،وبمزيد من تحرك القمر حول الأرض، تبدأ مساحة الجزء المنير من وجهه المقابل للأرض بالتناقص تدريجيًّا حتى يتحول البدر الكامل إلى الأحدب الثاني في ليلة الثامن عشر من الشهر ثم إلى التربيع الثاني في ليلة الثالث والعشرين، ثم إلى الهلال المتناقص في ليلة السادس والعشرين من الشهر، ويستمر هاى هذه الحالة مدة ليلتيْن حتى يصل إلى مرحلة المحاق في آخر ليلة أو ليلتين من الشهر حين يعود القمر إلى وضع الاقتران الذي بدأ الشهر منه، ومن هذا الوضع يتولَّد الهلال الجديد للشهر القمري التالي وهكذا
في عصر الرموز والشعارات الدينية ارتبط رمز الهلال بالديانة الإسلامية والمسلمين في غالبية بلدان العالم الإسلامي وغير الإسلامي في تمييزٍ لهم عن غيرهم من الديانات السماوية كاليهودية ورمزها النجمة السداسية والمسيحية ورمزها الصليب، ومن الناحية الشرعية فإتخاذ الهلال رمزًا للإسلام لا أساس له من الصحة ولا من الشرعية إذ لم يثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده في عهد الخلافة الراشدة إتخاذ رمز الهلال للإشارة إلى الدولة الإسلامية كما لم يُتخذّ هذا الرمز في الدولة الأموية وإنما بدأ في الظهور بعد ذلك حتى عمّ وانتشر حين بدأ المسلمون في فتح الأقطار والأمصار ووضع رمز الهلال بدلًا من الصليب في مباني ومعابد تلك المناطق، وأحيانًا تضاف النجمة الخماسية إلى الهلال في إشارةٍ إلى الإسلام وكل هذا لا صحة له وهو إلى الابتداع أقرب من الاتباع
العربية
