الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك

الكاتب: علا حسن -
الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك.

الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك.

 

 القرآن الكريم

أعظم كتاب على وجه الأرض وعلى مرِّ التاريخ وعلى مرَّ ما مضى من أيام وما سيأتي، كتاب الله المنزَّه عن أي خطأ أو سهوٍ أو نسيان، وهو آخر الكتب السماوية المنزلة على الأرض بعد صُحف نبيّ الله إبراهيم -عليه السَّلام- وبعد زَبور داود -عليه السَّلام- وبعد التوراة والإنجيل، وهو أعظم الكتب الموجودة في اللغة العربية وأبلغها وأفصحها وأعلاها بيانًا، وقد أعجز كتاب الله تعالى الناس أن يأتوا بسورة من مثله، فكان إعجازه بلاغيًا وتربويًا وعلميًا وغير ذلك، وهذا المقال سيتناول الحديث عن الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك في سورة لقمان.

 

سورة لقمان

تعدّ سورة لقمان من السور التي نزل القسم الأكبر من آياتها في مكة المكرمة، باستثناء الآيات 27-28-29 فهي آيات مدنية، نزلت على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المدينة المنورة، وهي من سور المثاني، يبلغ عدد آياتها أربعة وثلاثين آية، وهي السور الحادية والثلاثون من سور المصحف الشريف، حيث تقع في الجزء الواحد والعشرين والحزب الثاني والأربعين، وقد نزلت سورة لقمان بعد سورة الصافات، وسُمِّيت بهذا الاسم لأنَّها تضمنت في آياتها قصة لقمان الحكيم وتحدَّثت عن كثير من صفاته وذكرت وصايا لقمان لابنه أيضًا، وقد عالجت سورة لقمان مواضيع العقيدة شأنها في هذا شأن كل السور المكية، فتناولت الحديث عن البعث والنشور ووحدانية الخالق وغيرها، وقد جاء في فضل هذه السورة المباركة ما رواه البراء بن عازب -رضي الله عنه- حيث قال: "كنَّا نصلِّي خلفَ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وسلَّم- الظَُهرَ فنسمعُ منه الآيةَ بعد الآياتِ من سورةِ لقمانَ والذارياتِ" ، والله تعالى أعلم. 

 

شرح قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك

يقول الله -تبارك وتعالى- في سورة لقمان: "واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنَّ أنكر الأَصوَاتِ لصَوتُ الحميرِ" وهذه الآية قال الله تعالى على لسان لقمان لابنه، وقد جاء في تفسير هذه الآية الكريمة إنَّ القصد من قول الله تعالى: واقصد في مشيك واغضض من صوتك هو التواضع في المشي وعدم مشي مشية الكبر والغرور الذي نهى عنه الإسلام، فقد جاء فيما روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلِّم- في الحديث: "لا يدخلُ الجنَّةَ من كانَ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من كبرٍ، ولا يدخلُ النَّارَ يعني من كانَ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ من إيمانٍ، قالَ: فقالَ لَه رجلٌ: إنَّهُ يعجبني أن يَكونَ ثوبي حسنًا ونعلي حسنةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ يحبُّ الجمالَ، ولَكنَّ الكبرَ من بطرَ الحقَّ وغمصَ النَّاسَ" ، وقد قال مجاهد في تفسير الآية السابقة: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أي التواضع"، وقال قتادة: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ، نهاه عن الخيلاء"، وفي شرح قوله تعالى: "اغضض من صوتك"، يقول قتادة في شرحها: "أي أمره بالاقتصاد في صوته"، وقال ابن يزيد: "اخفض من صوتك"، ويقول قتادة في تكملة شرح هذه الآية الكريمة: "إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ" أي: أقبح الأصوات لصوت الحمير، أوّله زفير، وآخره شهيق، أمره بالاقتصاد في صوته"، والله تعالى أعلى وأعلم. 

 

الإعجاز في قوله واقصد في مشيك واغضض من صوتك

يقول الله -عزَّ وجلَّ- في سورة لقمان على لسان لقمان الحكيم: "واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنَّ أنكر الأَصوَاتِ لصَوتُ الحميرِ"  وفي هذه الآية الكريمة المباركة تتوضَّح صورة جديدة من صور الإعجاز في كتاب الله -تبارك وتعالى- الإعجاز التشريعي والتربوي أولًا، والإعجاز العلمي ثانيًا، ففي الآية السابقة يأمر الله تعالى على لسان عبده لقمان الحكيم، يأمر بالمشية الحسنة البعيدة عن التكبر والخيلاء، ويأمر أولًا بالقصد في الصوت والتكلم بطريقة لبقة دون رفع الصوت أثناء الحديث، فخفض الصوت لمستوى الحاجة من الأخلاق الحميدة التي يجب أن يتحلَّى بها الإنسان، وهذه هي أخلاق كتاب الله وقيمُه التي دعا الناس إلى الالتزام بها، وهي صورة ومثال حي من الصور والأمثلة على إعجاز كتاب الله التربوي والتشريعي في أوامر الله -سبحانه وتعالى- في هذه السورة.

شارك المقالة:
214 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook