الاحتفال بالمولود بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الاحتفال بالمولود بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الاحتفال بالمولود بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
جرت العادة عند أهل المدينة المنورة أن تتولى الداية العناية بالمرأة الحامل، كما أنها هي التي تباشر عملية التوليد مع بعض المقربات مثل: الأم أو الخالة أو أم الزوج، كما أنها أيضًا هي التي تتولى العناية بالمولود وأمه، خصوصًا في الأيام الأولى، وعند انتهاء عملية الولادة يفرح الجميع وينتشر الخبر بين الأهل والجيران وتبدأ المباركة والتهنئة لوالد المولود وأمه، وقد يقوم الوالد بذبح ذبيحة في اليوم الأول ويتصدق بلحمها على الفقراء شكرًا لله - تعالى - على ما أعطاه وعلى سلامة زوجته، وفي الغالب تكون الفرحة أكبر عندما يكون المولود ذكرًا. ويتم الاحتفال الرسمي بالمولود على مرحلتين هما:
 

الأسبوع (الرحماني)

 
وهو يوم تسمية المولود وذبح العقيقة. فبعد مضي سبعة أيام على المولود يقوم والده باتخاذ بعض الخطوات التمهيدية لعمل حفلة (اليوم السابع) وتسمية المولود.
 
ففي صباح ذلك اليوم يُحلق شعر رأس المولود، ويتم وزنه بما يعادله من الذهب ويتم توزيع ذلك صدقة لوجه الله - تعالى، ويقوم البيت بإجراء الاستعدادات اللازمة لـ (السابع) ويتم ذبح شاتين (وهو ما يعرف شرعًا بالعقيقة) ودعوة المدعوين والمدعوات لتناول طعام الغداء بمناسبة سابع المولود أو (الرحماني)، وتقتصر الدعوة على الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء الخلّص، وتحضر الداية مع بداية اليوم على رأس المدعوات لكي تقوم بتهيئة المولود وإلباسه الملابس المزركشة المصنوعة من الحرير والتل والقصب بنوعيه الفضي والذهبي، التي عُملت له خصوصًا للاحتفال به في هذه المناسبة السعيدة، ويكون بذلك قد اكتملت شرعته وتهيئته على أحسن وجه، وحان وقت حضور المدعوين والمدعوات من بعد صلاة الظهر مباشرة. ويتم استقبال الرجال في (قاعة البيت) الواسعة واستقبال النساء في الدور العلوي من البيت، وعند ذلك ترسل (الجدة) أحد الأطفال لكي ينادي والد المولود، فتسلمه إياه، ويقوم بتسليمه إلى جده فيتسلمه جده ويؤذن في أذنه اليمنى، ويقيم الصلاة في أذنه اليسرى، ويسميه الاسم الذي اتُّفق عليه من قِبل جميع العائلة ويقول: (سميتك كما سماك الله فلانًا)، وعند ذلك يبدأ الحاضرون يباركون ويهنئون ويحمدون الله - تعالى - ويشكرونه على تمام فضله وإنعامه، ثم يسلمه جده لمن كان جالسًا على يمينه، وكل واحد يسلمه للآخر، حتى يتم عرضه على جميع الحاضرين فيتلقونه واحدًا واحدًا وهم يقولون (بسم الله الرحمن الرحيم، ما شاء الله لا قوة إلا بالله، اللهم احفظه يا رب العالمين)، وهناك من يضع على المولود هدية تسمى (لصقًا)، فبعض المدعوين يضعون ريالاً فضيًا، أو جنيهًا ذهبيًا، وبعضهم يضع عليه قطعًا مختلفة من المعادن الثمينة، كلٌّ حسب قدراته وإمكاناته، ثم يسلم المولود إلى والده الذي يقوم برده إلى أمه.
 
ويوضع للرجال طعام الغداء، ويتناولون بعده الشاي ثم ينصرفون، وأثناء ذلك تقوم جدة المولود ووالدته بعرضه على النساء، فيحتفين به كثيرًا، وتقوم كل مدعوَّة بوضع هديتها عليه تعبيرًا عن فرحتها الغامرة، ووفاءً بحق والدته، ثم يتناولن طعام الغداء، ويشربن الشاي في بهجة وحبور، وبعد صلاة العصر تتسلم الداية المولود، وتقوم بتجديد ملابسه و (تشريعه) من جديد على الهيئة السابقة، استعدادًا للرحماني.
 
ويكون البيت خاليًا تمامًا من جميع الرجال، حتى من الأقارب والأصدقاء عدا الأطفال الصغار، فتقوم الداية بحمل المولود ووضعه بين يديها بكل عطف ورحمة، ويلتف الأطفال من حولها وبأيديهم الشموع الكبيرة والصغيرة وهي مضاءة، كما تتجمع الأسرة والمدعوَّات في جوٍّ من الفرح والسعادة، وتبدأ الداية تمشي الهوينى مخترقة جميع غرف البيت وفسحاته صعودًا وهبوطًا وهي تنشد الأناشيد والأهازيج المشهورة بالرحماني ومنها:
 
 
يــــا  رب يــــا رحمــــاني     خـــــلي لنـــــا الــــغلام
يـــــا  رب يــــا باريــــه     خـــــلي  لنـــــا أبويــــه
 
والأطفال الصغار والمدعوَّات والأهل والأحباب يرددون وراءها هذه المقاطع في نغم بديع متناسق ومنسجم، وقبيل المغرب تقوم والدة المولود وجدته بتوزيع قراطيس الحلوى والورود على الأطفال ونثر الملبسات عليهم، وعند ذلك ينتهي الاحتفال بالمولود والرحماني ويتم توديع المدعوات والداية، وينشد الأطفال في مرح وبهجة عند مغادرتهم: (يا داية إلهي يخليك.. يا داية ويبارك فيك)  
 

الأربعون

 
بعد مضي أربعين يومًا على ولادة الأم وليدها تقيم العائلة وليمة صغيرة تقتصر على الأهل من النساء فقط، إذ يتناولن طعام الغداء وتجتمع العائلة في بيت المولود احتفاء بالأربعين، وقبيل صلاة العصر يقمن بتهيئة المولود وإلباسه ثيابًا بيضاء، ويُلف في (كافولة) من القماش الأبيض، ويوضع عليه قليل من أريج الورد والفل والمسك، وتحمله والدته بصحبة جدته لأمه وجدته لأبيه، وتسير به صوب المسجد النبوي الشريف للصلاة فيه والسلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعند وصولهن إلى المسجد النبوي الشريف يصلين ركعتي السنة، ويؤدين صلاة العصر مع الجماعة، وبعد صلاة العصر يقمن بتسليم المولود إلى (أحد الأغوات) المقيمين بالمسجد النبوي، فيدخله الحجرة النبوية الشريفة، ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، نيابة عن المولود، ثم يخرج الآغا المولود من الحجرة ويستقبل القبلة، ويدعو لنفسه وللمولود ولأهله بالصحة والعافية وطول العمر بالعمل الصالح، وبعدها يسلم الآغا المولود إلى أهله، وهو بذلك لا يطلب أجرًا ولا يبتغي مالاً، ولكن إذا أعطي شيئًا هدية فإنه يقبله بنفس زكية، وبعد ذلك تعود الأسرة إلى بيتها وهي في غاية الحشمة والوقار  
 
وليس كل ما ذُكر متبعًا في القرى المجاورة للمدينة المنورة، بل هناك اختلافات بسيطة وتفاوت بين أهل كل بلدة وأخرى في مدى العناية بهذه المناسبة.
 
 
شارك المقالة:
61 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook