شهر رمضان هو الشهر الذي أَنزل فيه الله -سبحانه وتعالى- القرآن على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون هدىً ورحمةً للناس جميعاً، ومنهجاً يتَّبعونه في حياتهم، قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، ويُعدّ صيام شهر رمضان ركناً من أركان الإسلام الخمسة؛ فالمرء لا يُعدّ مسلماً إلّا بإيمانه بهذه الأركان الخمسة والقيام بها، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
وعلى المسلم إذا أقبل شهر رمضان المبارك أن يتهيّأ ويستعدَّ له بما آتاه الله من طاقة لصيام نهاره وقيام ليله دون جهد أو عناء، وليغتنم المرء دقائق ولحظات شهر رمضان في عبادة الله تعالى؛ ليدرك الأجر الذي جعله الله -تعالى- لمن صام رمضان وقامه إيماناً به واحتساباً للأجر والمثوبة من الله تعالى، فكيف يكون الاستعداد لرمضان، وما هي الوسائل التي تُعين المسلم على استقبال شهر رمضان بالصيام والقيام والعبادة دون تعب أو فتور؟
رمضان مصطلح جمعُه رَمَضانات، وأرمضاء، وأرمضة، ورماضين، وشهر رمضان هو الشهر التاسع من شهور السنة الهجرية، ويأتي من حيث ترتيب الأشهر بعد شهر شعبان ويليه مباشرة شهر شوال، وشهر رمضان هو شهر الصيام والغفران، حيث جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين).
الصيام في شهر رمضان المبارك أو غيره من أيام وأشهر السنة هو في الحقيقة مدرسة روحيّة ربانيّة؛ ففي الصيام علاقة وثيقة بين المسلم وخالقه، وفي الصيام يتعلَّم المسلم الكثير من الأخلاق والآداب الحميدة، ويتدرب على العديد من الخصال والأخلاق الحسنة التي يحتاجها المسلم في جميع أحواله وأوقاته كخلق الصبر، فالمسلم يحتاج إلى الصبر وقت الشدائد والمِحن، وللصبر الأجر العظيم من الله تعالى، حيث قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، والصّوم كذلك ينمّي في النفس خلق الأمانة، ويدفعها إلى المراقبة الذاتيّة عن طريق العلم اليقينيّ بأنَّ الله -تعالى- يرى الإنسان ويراقبه ويطّلع عليه في جميع أوقاته وأحواله سرّاً وعلناً؛ فالصائم أثناء امتناعه عن الطعام والشراب وسائر الطيّبات لا أحد يعلم بحقيقة صيامه إلّا الله وحده.
كما أنَّ الصيام يقوّي الإرادة لدى العبد المؤمن ويشحذ عزيمته ويزيد من رحمة الناس بعضهم على بعض، ويزيد أيضاً التآخي بين الناس، والصيام في حقيقته جهاد للنفس على كبح شهواتها وملذّاتها، وصفاء للروح والنفس، وزيادة في الخير لدى العبد، ومنع النفس من الوقوع في الشرور والسيئات، فكلُّ تلك الأمور العظيمة هي فضائل يحصل عليها الصائمون في دنياهم، وفي الآخرة فإنّ لصائمي رمضان احتساباً لأجر الله تعالى، وإيماناً وتصديقاً والتزاماً لما أمرهم به الله -تعالى- الأجرَ العظيمَ منه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عزّ وجلّ: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي، والصوم جُنَّة، وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر، وفرحة حين يلقَى ربَّه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)
إنّ الاستعداد لشهر رمضان المبارك يكون بالعديد من الوسائل، منها ما يأتي:
موسوعة موضوع