الاستقرار السياسي وممارسة الأعمال والاستثمار..!

الكاتب: رامي -
الاستقرار السياسي وممارسة الأعمال والاستثمار..!

الاستقرار السياسي وممارسة الأعمال والاستثمار..!

 
كثيرا ما تجمعني الظروف والمناسبات واللقاءات الدورية بمجموعة من السادة المعارف المستثمرين ورجال الأعمال، الذين غالبا ما أسعد بلقائهم ونقاشاتهم، رغم أنهم يتحدثون تلقائيا بـ”الملايين” أمامي، الأمر الذى يجعلني أشعر بـ “الفلس”، مقارنة بهم. ويتفاقم أسفي عندما لا أجد للتحدث معهم، والمشاركة فيما يخوضون فيه، سوى تقديم بعض الحكم و”النصائح” السياسية. فبضاعتي الكلام. ومن سوء الحظ أنهم لا يكترثون كثيرا بهذه البضاعة. ففي الوقت الذى يحرصون فيه على دراسة الجدوى الاقتصادية لما يعتزمون استثماره، لا يكترثون بـ”الجدوى السياسية”... فعلى سبيل المثال لا الحصر، أي “استقرار” في نظرهم هو “استقرار” كاف، يمكن في ظله “تصيد” بعض المشاريع المجزية، لهم ؟!
 
ولا شك أن للقطاع الخاص أهمية بالغة لأى بلد. فغالبية النشاط الاقتصادي في معظم البلدان، خاصة الآن، تعتمد على هذا القطاع الذى يمثل العمود الفقري لأى اقتصاد نشط حاليا. وأستذكر دائما ما قاله صاحبنا “ادم سميث” عام 1776م، في كتابه “ثروة الأمم” عن “اليد الخفية” (Invisible Hand) وكيف أن سعي المستثمر (رجل الأعمال) لخدمة مصالحه واكتساب رزقه يؤدي – بالضرورة غالبا– إلى خدمة مجتمعه ودعم اقتصاده ورفاهه.
 
ومعروف عن رجال الأعمال أنهم يغتنمون كل فرصة، وأي سانحة لزيادة أموالهم، وتنميتها. وهذا حق مشروع لهم، بل ويحمدون عليه، طالما لم يضروا أحدا. ومن الإيجابيات، أن معظم الدول “الرأسمالية” الحالية، أي التي تعتمد أكثر ما تعتمد على القطاع الخاص والمبادرة الفردية، لا تترك الحبل على الغارب، وتتبع الرأسمالية ذات الضوابط ... أي تلك التي تمنع على المستثمرين ورجال الاعمال الاحتكار، أو الاضرار بالمجتمع.
 
****
 
ومن الطبيعي أن يكون رأس المال “جبانا”. حيث إن صاحبه يتجنب تلقائيا المخاطرة غير المحسوبة ما أستطاع، ولا يقدم على استثمار أي مال له الا بعد التأكد أن لهذا الاستثمار مردود مجز، امن ومضمون. وهذا عين العقل. فرجل الاعمال الفاشل هو الذى يخسر... نتيجة استثمارات مرتجلة، أو متهورة. ومع ذلك، لا يعتبر معيار الكسب المادي هو المعيار الوحيد و”الأفضل” لمدى نجاح التاجر أو رجل الاعمال. فقد يكسب مستثمر قدرا من المال، يتسبب له في خسارة لاحقة لقدر أكبر من ماله. وقد يكسب ماديا، ولكن مجتمعه قد يتضرر من استثماره، أو لا يستفــــيد، بشكــل أو آخر. لذلك، لا بد من وجود عدة “معايير” لمدى نجاح أي عملية استثمارية، في مقدمتها: الكسب المادي المعقول، وخدمة المجتمع المعنى- المستثمر فيه.
 
ولعل أهم ما لاحظته في أحاديث ومناقشات هؤلاء هو تدني الوعى السياسي، رغم أن أغلبهم يحملون شهادات جامعية. انهم – على سبيل المثال - يعتبرون أي استقرار عابر هو استقرار سياسي، يوفر على المدى الطويل، بيئة امنة ومطمئنة للاستثمار. وبعضهم يتسابقون للاستثمار في دول تعانى من عدم استقرار سياسيي مبطن، ومزمن، وقابل للانفجار في أي لحظة. وأستغرب أنهم لا يصرون على أن تتضمن دراسات الجدوى الاقتصادية التي يحرصون على عملها قبل الشروع في تنفيذ مشاريعهم، دراسة للواقع السياسي والمستقبلي للبيئة التي يعتزمون الاستثمار فيها. أحدهم قال: نحــــــن نعتــمــــــد على متـــــابعة الاخبار السياسيــة للبيئــــة المستهـــــدفة ؟! وذلك غير كاف، على الاطلاق. إذ لا بد من “رأي علمي”... يقدمه خبير، أو مركز أبحاث متخصص.
 
****
 
ونستذكر فيما يلي بعض المعلومات التي قد تهم هؤلاء وأمثالهم، لعل فيها ما قد يفيد بشأن الاستقرار السياسي، الذي بدون توفر قدر مناسب منه في كل بلد، لا يمكن لدولاب الحياة، ومنها الاعمال والاستثمار، أن يدور بشكل طبيعي وسليم. يقول علماء السياسة : ان الحكم الجمهوري الديكتاتوري القمعي، وخاصة العسكري لا ولن يحقق “الاستقرار السياسي” الضروري، لأى بلد يبتلى به، في المدى الطويل. وما قد يتحقق في ظل هكذا نظام من “هدوء وأمن” إنما هو أمر ظرفي مؤقت ....لا يمكن أن يوصف بأنه استقرار حقيقي ثابت، ومستدام، بل هو عدم استقرار سياسي مبطن، يمكن أن يتحول الى عدم استقرار سياسي سافر في أي لحظة. ويمضى هؤلاء للقول بأن : ما يضمن تحقق الاستقرار السياسي الحقيقي فعلا، في المدى الطويل، هو رضاء غالبية المعنيين بالطريقة التي تدار بها بلادهم، وتساس بها شؤنهم، عبر نظام يمثلهم بالفعل.
 
ويبدو أن ما حصل ويحصل في بعض البلاد العربية من اضطرابات وقلاقل، وغيرها، يؤكد هذه النـــــظــــــــــرة. وكثيرا ما يؤدي تغير الأنظمة السياسية في أي بلاد إلى انهيارات لاقتصاداتها، وما فيها من استثمارات، محلية وأجنبية. هذا، إضافة الى ما ينتج عن عدم الاستقرار السياسي من فقدان للأمن والنظام، وانتشار الفوضى، والتسيب والفساد. الأمر الذى يجعل الخسارة، المادية والمعنوية في هكذا أجواء، أمرا حتميا، تقريبا.
 
شارك المقالة:
120 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook