الاستيطان بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الاستيطان بالرياض في المملكة العربية السعودية

الاستيطان بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
 
أبانت الدراسات العلمية المختلفة، مثل: الجيولوجية والجغرافية والآثارية - على ندرتها - التنوع الواضح في التضاريس الطبيعية لهذه المنطقة؛ إذ يقع جزؤها الغربي في منطقة الدرع العربي، والجزء الشرقي في منطقة الرف العربي. فشجعت الظروف المناخية المناسبة التي تمتعت بها المنطقة الإنسان القديم على الاستيطان، وتحديدًا في الفترات المبكرة لعصور ما قبل التاريخ، فقد استوطن الإنسان المرتفعات الجبلية، والمناطق السهلية المنخفضة أيضًا، بالإضافة إلى مناطق الأودية والتجمعات المائية. ومن أبرز هذه الأودية وادي حنيفة  الذي انتشرت على ضفافه المواقع الدالة على استيطان الإنسان  .  فقد اُستوطنت المنطقة كما دلت الدراسات الآثارية القليلة نسبيًا منذ العصور الحجرية القديمة، فالمواقع العائدة إلى هذا العصر تُعد بالمئات  ،  وأبرزها موقع صفاقة  الذي يقع في محافظة الدوادمي   الذي أثبتت الدراسات العلمية لمعثوراته وملتقطاته السطحية أنه يعود إلى العصر الآشولي. وهذا العدد من المواقع التي تعود إلى العصر الحجري القديم، بدأ يتناقص في العصرين الوسيط والحديث، ليس بسبب - كما يرى بعضهم - استمرار النمط المعيشي لفترة العصر الحجري القديم لفترة أطول  ،  بل لظهور الجفاف التدريجي نتيجة لقلة الأمطار، وكان لهذا التغيُّر المناخي الواضح الدور الرئيس في دفع الإنسان - آنذاك - إلى الهجرة من وسط شبه الجزيرة العربية (منطقة الرياض) حاليًا إلى مناطق أخرى، مثل: بلاد الرافدين، وسورية الكبرى، ومصر، بالإضافة إلى الشمال والغرب والجنوب من شبه الجزيرة العربية 
ومن المواقع التي تعود إلى العصر الحجري الحديث: هضبة العرمة، وادي حنيفة، وادي الخرج، ووادي العتك بالقرب من مطار الملك خالد الدولي  .  وهناك موقع معروف باسم (الطراق)، وهو يتكون من تلال صغيرة تقع على هضبة شمال شرق الرياض، فقد تميز عن غيره من المواقع العائدة إلى العصر الحجري الحديث باحتوائه على ورش لتصنيع الأدوات الحجرية التي عُدت بالآلاف، بالإضافة إلى ظهور الأحجار الخام المناسبة للتصنيع  
 
وقد أظهرت معثورات هذه المواقع التي تُعد بالمئات أن إنسان ذلك العصر لم يكن منعزلاً عن بيئته، فقد تفاعل معها تفاعلاً لم يدفعه فقط إلى الاستيطان والاستقرار المؤقت، بل الدائم، فما كثرة المنشآت الحجرية، مثل: المقابر الركامية،  والمنشآت المذيلة، والمباني الدائرية والدوائر الحجرية التي تُعد بالآلاف  ،  إلا دليل واضح على استقراره الدائم، ونجاحه في تطويع بيئته لما فيه مصلحة إنسان ذلك العصر. فقد عُثر على الآلاف من الأدوات الحجرية التي جسدت نمط حياته وأنشطته واحتياجاته اليومية، مثل: التقطيع، والقتال، والصيد وخلافه، ومن هذه الأدوات: الفؤوس اليدوية، والسواطير، والمعاول، والمثاقب، والمناقش، والأزاميل، ورؤوس الحراب، والسهام الطويلة، والسكاكين المختلفة الأحجام وغيرها 
 ومما خلفه إنسان ذلك العصر الرسوم الصخرية التي أظهرت تفاعله مع ظروفه المحيطة به، فها هو ينجح في استئناس عددٍ من الحيوانات، ويستفيد منها في أعماله، مثل: المعز، والجمال، والبقر، والغزلان، بل تعدت الرسوم الصخرية التي تبين نجاحه في استئناس الحيوانات لتكشف لنا عن بعض المظاهر الاجتماعية السائدة آنذاك، مثل: المناظر الراقصة التي جاءت من موقع جبل مريبيخ، وكانت تلك المناظر ذات بُعد ديني واجتماعي، وكذلك المناظر التي جاءت من وادي الدواسر، واقترنت بارتباط إنسان ذلك العصر بالآلهة والأرباب، لكونها مناظر تعبدية، بل إن هذا النشاط والتفاعل الإنساني أدى لاحقًا إلى استخدام إنسان هذه المنطقة الكتابة للتعبير عن رغباته وهمومه. فالنقوش الثمودية ظهرت في عددٍ من المواقع، مثل: جبل البيضتين، الواقع إلى الجنوب الغربي من الدوادمي بنحو 13كم، وموقعي ملهم وقرينة اللذين يقعان على بُعد 70كم شمال مدينة الرياض، بالإضافة إلى عددٍ من الجبال الواقعة في الثمامة شمال شرق الرياض  
 
شارك المقالة:
49 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook