الاستيطان في الإقليم الجنوبي الغربي في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الاستيطان في الإقليم الجنوبي الغربي في المملكة العربية السعودية

الاستيطان في الإقليم الجنوبي الغربي في المملكة العربية السعودية.

 
 
عُثر في المناطق الجنوبية الغربية من المملكة في موقع (قاعدة الحرَّة) على بعض الأدوات الحجرية، وكِسَر الفخار، وبقايا المنشآت والدوائر الحجرية، والمدافن؛ وتُؤرَّخ جميعها بعصر حضارة العُبيد؛ أي أواسط الألف الرابع قبل الميلاد (3600 - 3400 ق.م تقريبًا)، كما عُثر على بقايا أوانٍ فخارية في بعض المواقع الساحلية لمنطقة جازان، ترجع إلى العصر الحجري الحديث الفخاري، وتُؤرَّخ بالألف السادس قبل الميلاد  .  وتبرز من الشواهد الاستيطانية للجماعات السكانية المتحضرة مجموعة من المعثورات الفخارية وبقايا الأدوات النحاسية المتقنة من موقع (سهي) بالقرب من ساحل البحر الأحمر في منطقة جازان   ،  والتي يعود تأريخها إلى النصف الأخير من الألف الثاني قبل الميلاد. كذلك تُنبئ الأعداد الكبيرة من الرسوم الصخرية ذات الموضوعات المتنوعة، والنقوش التي كُتبت بالخط الثمودي وخط المسند في مرتفعات عسير، وجازان، والباحة، وفي تثليث وبيشة؛ عن كثافة الاستيطان في أجزاء متفرقة من المناطق الجنوبية الغربية.وفي النطاق الجغرافي للمناطق الجنوبية الغربية يبرز موقع نجران بوصفه واحدًا من أقدم المواقع الاستيطانية في الجزيرة العربية عمومًا، فقد كُشف هناك في شعيب دحضة (أحد فروع وادي نجران) عن أدوات حجرية تعود - وفق التصنيف النمطي والمقارنة مع مثيلاتها من موقع أولدفاي في تنـزانيا - إلى أقدم ما صنعه الإنسان من أدوات حجرية. وتُؤرَّخ ببداية العصر الحجري القديم الأسفل  ،  واستمرت دلائل الثقافات المتعاقبة منذ تلك الفترة معبِّرةً عن نفسها في مواقع متعددة من نجران والربع الخالي، وصولاً إلى أدوات العصر الحجري الحديث، وبقاياه الفخارية المختلفة، مصحوبة بكثير من الرسوم الصخرية من الفترة نفسها، وبخاصة حول بئر حمى  . وفي ارتباط وثيق بازدهار التجارة العربية القديمة، وعمران طرقها ودروبها؛ ازدادت أهمية نجران مع مطلع الألف الأول قبل الميلاد  ؛  فقد كانت نجران آنذاك محطة رئيسة تلتقي فيها جميع الطرق التجارية القادمة من الجنوب. وتتفرع منها في مسارين رئيسين: الأول: مسار الطريق الشرقي الذي يمتد بمحاذاة سلسلة جبال طويق مرورًا بقرية (الفاو) ثم اليمامة وإلى هجر في شرق الجزيرة العربية ثم بلاد الرافدين، والثاني: مسار الطريق الغربي باتجاه تثليث حتى يصل إلى يثرب ومنها إلى دادان (العُلا حاليًا) ثم البتراء وإلى غزة على السواحل الفلسطينية. ونظرًا إلى تزايد الأهمية السكانية والاقتصادية لنجران آنذاك فقد شهدت تنافسًا إقليميًا ودوليًا بين القوى السياسية، وصراعًا على السلطة. فقد سعى حكام الدولة السبئية منذ مطلع القرن السابع قبل الميلاد خلال عهد الملك السبئي (كرب إل وتر) إلى السيطرة على نجران. التي خضعت في القرن الثالث الميلادي لنفوذ الدولة الحميرية. ثم أصبحت في القرن الرابع الميلادي مسرحًا للتنافس السياسي الديني البيزنطي والفارسي والحبشي   حتى دخول أهل نجران في الإسلام مع مطلع السنة العاشرة للهجرة / ثلاثينيات القرن السابع الميلادي.
 
شارك المقالة:
69 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook