الاغتسال من الجنابة

الكاتب: مروى قويدر -
الاغتسال من الجنابة

الاغتسال من الجنابة.

 

 

معنى الجنابة:

 

أصل الْجَنَابَة البعد، وَكَأَنَّهُ من قَوْلك: جانبت الرّجل إذا أَنْت قطعته وباعدته، وقول وَلَج فلَان فِي جناب أَهله إذا لَجّ فِي مباعدتهم، وَلذَلِك قَالُوا للغريب: جنب وللغربة: الْجَنَابَة. يُقال: رجل غرُوب جنب إذا كَانَ غَرِيباً، وَنعم الْقَوْم هم لِجَار الْجَنَابَة أَي: لِجَار الغربة، فَسُمِّيَ النّاكح مَا لم يغْتَسل جنباً لمُجانبته النَّاس وَبعده مِنْهُم وَمن الطَّعَام حَتَّى يغْتَسل، كَمَا سُمِّيَ الْغَرِيب جنباً لبعده من عشيرته ووطنه. وَرجل جُنُب وَامْرَأَة جُنُب وقوم جُنُب -هَذَا أَعلَى اللُّغَات الْمُذكّر والمُؤنّث وَالْجمع وَالْوَاحد فِيهِ سَوَاء- إِذا أَصَابَته جَنَابَة، وَقد أجنب الرّجل إِذا أَصَابَته الْجَنَابَة.

 

كيفيّة الاغتسال من الجنابة:

 

رُوي عن السّيدة عائشة رضي الله عنها في ذكر غُسل رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - من الجنابة قولها: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ. ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. وفي رواية: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ أبِي مُعَاوِيَةَ ولَمْ يَذْكُرْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ)، ويمكن تفصيل كيفيّة الغُسُل من الجنابة كما ذكرها ابن قدامة المقدسي في كتابه المُغْنيّ حيث قال: الكامل يأتي فيه بعشرة أشياء:

  • النّية: فلا تُقبل عِبادةٌ ولا طاعة ولا عمل بلا نيّة، ويكفي لها مُجرّد العزم على فعل الشّيء وقصد فعله ابتداءً.
  • التّسمية: وهي نفسها البَسملة، أو قول الشّخص: بسم الله الرّحمن الرّحيم.
  • غسل يديه: ويغسلهما ثلاث مرات.
  • غسل ما به من أذى: ويُقصد به الفَرج تحديداً، فيُسَنّ لمن أراد الغُسل من الجنابة غَسلُ موضع الجنابة وهو الفرج، كما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - سالف الذّكر.
  • الوضوء: والمقصود به الوضوء المعتاد بأركانه وسُننه، ويُسَنّ تأخير غسل القدمين إلى آخر الاغتسال.
  • أن يَحثي على رأسه ثلاث حثيات: بحيث يروي بها أصول الشّعر.
  • يفيض الماء على سائر جسده: وهو الرّكن الأساسيّ في غسل الجنابة، فإن اكتفى به أجزأه ذلك؛ لأنّ المقصود في الغُسل تعميم الماء على الجسم لإزالة النّجاسة وتحقق الطّهارة.
  • أن يبدأ بشقّه الأيمن ويدلّك بدنه بيده: ثم ينتقل إلى شِقّه الأيسر حتّى ينتهي من غسل جميع بدنه.
  • أن ينتقل من موضع غسله فيغسل قدميه: ويكون ذلك في نهاية الاغتسال حتّى يكون غسل القدمين بماءٍ طاهرٍ لم تُصِبه نجاسةٌ.
  • أن يُخلّل أصول شعر رأسه ولحيته بماء قبل إفاضته عليه.

 

مُوجبات الاغتسال من الجنابة:

 

ذَكَر الفقهاء للاغتسال ستّ مُوجباتٍ، هي:

  • خروج المنيّ بشهوة: فإن كان من نائمٍ فلا يُشترط وجود الشّهوة، وهو ما يسمّى بالاحتلام.
  • التقاء الختانين: أي مُجرّد الجماع سواء أأنزَل أم لم يُنزِل، لقوله - عليه الصّلاة والسّلام -: (إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ثمّ جَهَدَها فقد وَجَبَ الغُسل وإن لم يُنزِل).
  • إسلام الكافر: فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واثلة بن الأسقع، وقتادة الرهاوي بالاغتسال عندما أسلموا.
  • انقطاع الحيض ودم النّفاس: ولا خلاف في ذلك.
  • الموت: وقد حكى المهدي الإجماع على وجوب غسل الميت.

 

حكم الاغتسال من الجنابة:

 

غسل الجنابة فرض بإجماع المسلمين، قال تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ)، فلا يحلّ للمسلم أن يترك غسل الجنابة بأيّ حال،</ref> ولا يجب الترتيب في غسل الجنابة لأن الله تعالى قال (وإن كنتم جنبا فاطهروا)، وقال (حتى تغتسلوا) فكيفما اغتسل فقد حصل التطهير ولا نعلم في هذا خلافاً ولا تجب فيه موالاة.

 

فوائد الاغتسال من الجنابة:

 

الاغتسال من الجنابة ذو حكمٍ جليلةٍ وفوائد جَمَّةٍ عظيمة، وقد نبّه على بعضها الإمام ابن قيّم الجوزيّة في إعلام الموقعين بعد أن أورد جواباً على تساؤلٍ بخصوص إيجاب المُشرِّع - عليه الصّلاة والسّلام - الغُسلَ من المنيّ دون البول حيث قال: (فهذا من أعظم محاسن الشّريعة وما اشتملت عليه من الرّحمة، والحكمة، والمصلحة، فإنّ المنيّ يخرج من جميع البدن، ولهذا سمّاه الله سبحانه وتعالى سلالةً، لأنّه يسيل من جميع البدن، وأمّا البول فإنّما هو فَضلة الطّعام والشّراب المُستحيلة في المعدة والمثانة، فتأثّر البدن بخروج المنيّ أعظم من تأثّره بخروج البول، وأيضاً فإنّ الاغتسال من خروج المنيّ أنفع شيء للبدن، والقلب، والرّوح، بل جميع الأرواح القائمة بالبدن، فإنّها تقوى بالاغتسال، والغُسُل يَخلُف عليه ما تَحلّل منه بخروج المنيّ، وهذا أمر يُعرَف بالحسّ، وأيضاً فإنّ الجنابة توجب ثقلاً وكسلاً، والغسل يُحدِث له نشاطاً وخفّةً، ولهذا قال أبو ذر لمّا اغتسل من الجنابة: (كأنّما ألقيت عنّي حملاً)، وقد صرّح أفاضل الأطباء بأنّ الاغتسال بعد الجماع يُعيد إلى البدن قوّته، ويخلف عليه ما تحلّل منه، وإنّه من أنفع شيء للبدن والرّوح، وتركه مُضرّ، ويكفي شهادة العقل والفطرة بحُسنه)

شارك المقالة:
102 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook