البرك في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
البرك في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

البرك في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
حينما تهطل الأمطار وتسيل الأودية والشعاب فإن الماء يتوافر ويسهل الحصول عليه فيتزود الناس به كل حسب حاجته واستخدامه، فأهل الزروع يستفيدون منه لري أراضيهم، وأهل الأنعام يستغلونه لسقيا أنعامهم، وبُعيد توقف المطر بوقت قصير تبدو الحاجة ملحة إلى هذا الماء الذي لم يكن بالإمكان حفظ كميات كبيرة منه لسد الحاجة المستمرة، ولا سيما في الأمكنة التي تقل فيها مصادر المياه الأخرى كالعيون والسدود والآبار، مما أدى إلى إنشاء البرك والأحواض التي تعد بمنـزلة خزانات المياه الدائمة في الصحراء، وقد جرت العادة أن يتم حفر البرك في مواقع منخفضة على مقربة من مجاري الأودية، لكي تصلها السيول بسهولة، وقد يحدد حجم الموقع وطبيعته حجم البركة التي سيتم حفرها فيه، ثم تُبْنى جدران البركة بأحجار محلية من الجبال أو المحاجر القريبة بشكل منتظم، وترص الأحجار بعضها فوق بعض على هيئة مداميك يربط فيما بينها بمونة جصية قوية، وعند اكتمال بناء الجدران تكسى بطبقة جصية سميكة تمنع تسرب الماء منها، كما تفرش أرضيتها بألواح حجرية كبيرة، وتغطى بطبقة جصية مدكوكة، وقد يكتفى بالطبقة الجصية فقط، وقد تزود البركة من الخارج بذراع جانبية تشيد بالأحجار لتحبس أكبر قدر ممكن من المياه إليها، وقد يزود بعضها بمصفاة خارجية لتنقية المياه من الشوائب، أما من الداخل فتزود بمصب مناسب للمياه، وبدرج يستخدم عند اغتراف الماء في الأوعية، كما يستخدم لتنظيف البركة وصيانتها.
 
وتحتوي المنطقة على عدد من البرك والأحواض المائية شيدت على مر العصور الإسلامية بشكل انتقائي، ولا سيما في تلك الأمكنة التي تقل فيها العيون والآبار، وتتوافر فيها العوامل المواتية لإنشاء البرك، كوجود الأودية أو ندرة المصدات والحواجز المائية، ومن أشهر البرك الموجودة في المنطقة: بركة طخفة والحميمة، والعوسجة، والأسياح، وقرورى، والنقرة، ورامة، وغيرها.
 
وتعد بركة طخفة الدائرية  الواقعة في الفرع الشرقي الصغير من وادي طخفة من أبرز نماذج البرك التي لاتزال تحتفظ بمعظم عناصرها المعمارية حتى اليوم، وقد اختير موقعها في مكان منخفض تحيط به بعض الهضاب المرتفعة على بعد 300م، من مجرى الوادي الرئيس باتجاه الشرق، وهي ذات شكل دائري قطرها 40م، في حين يبلغ سُمْك جدارها المبني بأحجار كبيرة ومتوسطة الحجم نصف متر، واستخدمت المونة الجصية للربط بين مداميكها المرصوفة، وكذلك لكسوتها من الداخل، وإن كانت هذه الأخيرة قد تساقطت كليًا، وتصل المياه إليها من خلال قناتين: الأولى تقع في الجهة الشرقية، وهي مجرى مكشوف يحجز المياه المنحدرة من الهضاب الكلسية الجيرية القريبة منها، كما أنها تصرف مياه السيول الزائدة أحيانًا. والقناة الثانية تقع في الجهة الغربية، وتمتد إلى مسافة أطول من الأولى وذلك صوب مجرى الوادي الرئيس ويبلغ عرضها 3م. والبركة مزودة من الداخل بدرج عريض يستخدم لجلب الماء، ولصيانتها بين حين وآخر. وقد اختير موقع الدرج في الجهة الشرقية المواجهة لفوهة القناة الغربية، ويبدو أن هذا الاختيار متعمد لكي يحمي جدار البركة المقابل من قوة دفع تيار الماء المتدفق داخلها  
 
ومن نماذج البرك العديدة التي يمكن عرضها في المنطقة، هناك بركة الحميمة (الحسني)، التي قال عنها صاحب المناسك: "وعلى ستة أميال من قرورى من طريق النقرة بركة مدورة تسمى الحسني  .  وهي تقع شرق بلدة النقرة على مسافة 23كم، وعلى بعد 4كم شمال شرقي بلدة الجفن، وقد شيدت البركة بأحجار جلبت من الجبال القريبة، بعضها ذو لون أحمر وبعضها الآخر أسود اللون، ويبدو أنها مزودة من الخارج بأكتاف تدعم جدرانها. وعلى الرغم من أن الرمال والطمي الذي تجلبه معها سيول الوادي قد طمر البركة بالكامل، إلا أنها عميقة جدًا، بدليل مادة حفيرها المتراكمة قريبًا من جنباتها  .  وتوضح الأطراف العلوية لجدران البركة أنها ذات شكل دائري ويبلغ قطرها 28.5م. وتتمثل طريقة البناء برص جدارين متوازيين بالأحجار، ثم يملأ الفراغ بينهما بكسر الأحجار الصغيرة والجص، ولذلك بلغ سُمْك الجدار 60سم، وللبركة حاجز يمتد باتجاه الغرب بطول 19م، وينتهي بشكل مقوس، الهدف منه جرّ مياه السيول صوب البركة. ويبدو أن للبركة مصفاة مستطيلة الشكل تبلغ أبعادها 7.4×7م، وذلك في الجهة الغربية منها  
 
شارك المقالة:
58 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook