البيئات الساحلية والبحرية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
البيئات الساحلية والبحرية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

البيئات الساحلية والبحرية بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 
تتنوع البيئات الساحلية والبحرية في منطقة مكة المكرمة، وتتدرج مواقعها باتجاه البحر، حيث توجد البيئات السبخية وبيئات مسطحات النباتات الملحية في المناطق الخلفية للشاطئ، وتليها نباتات المانجروف في محاذاة الشاطئ في منطقة المد والجزر، وقد تليها الحشائش البحرية والأعشاب البحرية ثم الشعاب المرجانية. وقد توجد بعض هذه البيئات مجتمعة في بعض المواقع أو بعضها. وتكمن أهمية هذه البيئات في أنها مأوى لكثير من الأحياء البحرية، وهي بيئات ذات إنتاجية عالية مقارنة بالبحر المفتوح، ومن أهم البيئات الساحلية والبحرية في منطقة مكة المكرمة ما يأتي:
 
أ - السبخات: 
 
توجد السبخات البحرية في المنخفضات المستوية في المنطقة الشاطئية، إذ تغمرها مياه البحر في بعض المواسم. وعند انخفاض سطح البحر تبقى هذه المياه على شكل مستنقعات، ونتيجة للبخر العالي تتركز الأملاح لتكوِّن طبقة سطحية بيضاء من الأملاح البحرية، وأهمها أملاح كلوريد الصوديوم والهالايت، وتتكون السبخات من الرسوبيات الكربوناتية ذات الأصل البحري مختلطة مع رسوبيات أرضية من الكوارتز وبعض المعادن الثانوية الأخرى. ونتيجة لارتفاع الملوحة تقل نسبة الأكسجين المذاب في مياه السبخات إلى ربع ما هو موجود في البحر المفتوح عند نفس درجة الحرارة، لذا فإن معظم الأحياء الموجودة في هذه البيئات لا هوائية تعتمد على كبريتيد الهيدروجين المتوافر من تحلل المواد العضوية كمانح للهيدروجين بدلاً من الماء في عمليات البناء وينتج عن هذه العملية تحرير الكبريت. وتعد السبخات بيئة مناسبة للطحالب الخضراء المزرقة وتوجد السبخات غالبًا خلف أشجار الشورة. بيئات السبخات من أهم وأنسب البيئات لإقامة المزارع السمكية، ومن أهم السبخات تلك الموجودة شرق شرم سراج  ،  وحول خليج سلمان وكشران.
 
ب - بيئات نباتات المانجروف: 
 
تنمو نباتات المانجروف في منطقة المد والجزر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وتتميز بمقاومتها الشديدة للملوحة. وهناك نوعان من نباتات المانجروف في البحر الأحمر هما الشورة (Avicennia marina) والقندل (Rizophora mucronata) والنوعان ينموان على ساحل منطقة مكة المكرمة، حيث تسود نباتات الشورة جميع أرجاء المنطقة ما عدا نباتات القندل التي توجد في منطقة الليث.
 
تؤدي نباتات المانجروف دورًا بارزًا في توفير المأوى والمكان المناسب لصغار الأسماك والقشريات، وكذلك تعمل على حماية الشواطئ من التعرية، حيث تساعد جذورها على تماسك التربة بجانب عملها كمصائد للرسوبيات فلا تصل الرسوبيات إلى بيئة الشعاب المرجانية. وتتغذى بعض الحيوانات الأرضية مثل الغزلان والأغنام والإبل على أوراق وثمار هذه النباتات، كما تستغل أخشابها في صناعة القوارب وتستخدم في الوقود.
 
1 - نباتات الشورة: 
 
تنمو نباتات الشورة في منطقة المد والجزر التي تشبه المستنقعات، حيث التربة رديئة التهوية وتحلل المواد العضوية مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، فلا تجد جذور هذه النباتات كفايتها من الأكسجين اللازم للتنفس، وتنمو جذور عرضية تنفسية تتجه إلى الأعلى تسمى الجذور الهوائية (Pneumatophores) فيتم التنفس وتبادل الأكسجين عن طريق هذه الجذور.
 
وتنمو نباتات الشورة في منطقة مكة المكرمة على شكل تجمعات متفرقة حول رابغ وجدة والشعيبة والليث والقنفذة وتبلغ كثافتها من متوسط - كما في الليث - إلى قليل جدًا، كما في رابغ وبعض مناطق القنفذة. ويصل أطول ارتفاع لها في القنفذة بنحو 7.45م بمتوسط طول 5.30م  
 
2 - نباتات القندل: 
 
تتميز هذه النباتات بوجود الجذور الدعمية التي تسقط من الأعلى إلى الأسفل، وتنمو في المناطق المنخفضة لمناطق المد والجزر وفي القنوات والخلجان، وتكون مصاحبة لنباتات الشورة، حيث توجد في المنطقة الداخلية منها.
 
وهي أقل انتشارًا من نباتات الشورة وتوجد في موقعين جنوب الليث: وهما رأس أم الربيس وجزيرة أم الربيس. وهي نباتات أكثر ارتفاعًا وإنتاجية من نباتات الشورة، ويبلغ ارتفاعها في المنطقة بنحو 7.8م  . ج - بيئات الحشائش البحرية:
 
تنمو الحشائش البحرية فوق الطبقات السفلية الطرية، وتكون أوراق النبات أعلى الأرض وترتبط بالسيقان والجذور أسفل التربة، والحشائش البحرية موجودة في جميع البحار ماعدا القطبين.
 
وهي تعد من أغنى وأكثر البيئات إنتاجية ومثلها مثل الأعشاب البحرية، وتكمن أهميتها في أنها مصدر غذائي مباشر لكثير من الأسماك والقشريات والسلاحف وعرائس البحر، كما أنها ملجأ ومأوى لتكاثر عدد من الأحياء البحرية، إضافة إلى أنها تثبت تربة قاع البحر من التعرية. ولقد تم تسجيل 10 أنواع   من الحشائش البحرية في البحر الأحمر.
 
وتقع أهم مناطق الحشائش البحرية في منطقة مكة المكرمة جنوب مدينة مستورة، ومرسى السراح ومرسى أم مسك شمال ثول وكشران شمال الليث.
 
د - بيئات الشعاب المرجانية: 
 
توجد الشعاب المرجانية في المياه الاستوائية وشبه الاستوائية التي يقل عمقها عن 50م، وتراوح درجة الحرارة المثلى لنمو المرجان بين 525 و 529م. وتنمو الشعاب رأسيًا ببطء شديد بمعدل يراوح بين 0.2 و 0.7سم / السنة  . 
 
وتعد الشعاب المرجانية من البيئات البحرية المهمة ذات الإنتاجية العالية والتنوع الكبير، حيث تضم مجموعة كبيرة من الحيوانات مقارنة بما تحتويه البيئات البحرية الأخرى. كما أنها بيئة مهمة لنمو وتغذية وتكاثر الأسماك، وتوفر الشعاب المرجانية الحماية للسواحل من تأثير الأمواج.
 
يضم البحر الأحمر تنوعًا عاليًا من الشعاب المرجانية يصل إلى نحو 260 نوعًا من المرجان الصلد لـ 59 جنسًا و 15 عائلة  .  (ويوجد في منطقة مكة المكرمة) التي تمثل معظم وسط البحر الأحمر نحو 167 نوعًا  ،  ولا يقتصر وجود هذه الأنواع على منطقة مكة المكرمة الساحلية، ولكن هنالك تداخل في تركيب مكونات الأنواع مع بقية المناطق الساحلية الواقعة على طول البحر الأحمر.
 
وهنالك أشكال مختلفة للشعاب المرجانية، حيث يسود الحاجز المرجاني (Fringing reef) الذي يوجد على طول الساحل، ويتقطع عند الشروم، كما توجد الحواجز المرجانية حول الجزر القريبة والبعيدة عن الشاطئ. كذلك توجد القطع المرجانية (batch reef) والحواجز المرجانية (Barrier reef) البعيدة عن الشاطئ في المنطقة الساحلية، حيث توجد الحواجز المرجانية في مناطق متفرقة على طول المنطقة، وتبعد عن الشاطئ من 10 - 40كم عن الساحل، وتوجد هذه على قاعدة عمقها من 30 - 60م، وهذه القاعدة متطابقة مع مستوى سطح البحر الذي كان في عصر البلستوسين أي قبل 30 ألف سنة  ،  حيث تغير العمق منذ ذلك الوقت عبر السنين حتى أصبح في مستواه الحالي.
 
وفي المنطقة يقل التنوع المرجاني في المسطحات الشعابية الواقعة خلف الحيود البحرية، ويزداد عند القمم الشعابية. كما يزداد التنوع المرجاني عند المنحدر الشعابي في المناطق الضحلة، وتستمر الزيادة إلى أعماق تصل نحو 5 - 30م، ومن ثم يقل التنوع مع زيادة العمق وقلة الضوء  
وفي المنطقة قطع مرجانية عالية التنوع توجد في أعماق تراوح بين 5 و 20م تسود فيها أنواع مرجان (Pocillopora damicornis) و (Acropora eurysloma) وأنواع أخرى من المرجان المصطبي مثل: (A. pharaonis) و (A. valenciennesi)، كما تسود في مناطق أخرى أكثر عكارة لقطع وحواجز مرجانية لأعماق تراوح بين 5 و 20 مراجين (Pocillopora verrucosa) و (Acropora hemprichii)، وهنالك بعض الشعاب تسود في مناطق مفتوحة ومياه أقل شفافية، وهي مناطق قليلة تسود فيها المراجين (Acropora) المقاومة للأمواج وفي المناطق ذات العكارة تسود مراجين (A.hyacinthus A. humilis) و (A. digilifera) وفي المناطق الأقل عرضة للأمواج تسود مراجين (A. hemprichii) و (Pocillopora verucosa)  
 
شارك المقالة:
64 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook