البيع الرابح (1)

الكاتب: المدير -
البيع الرابح (1)
"البيع الرابح (1)

 

المقدمة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

قال الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ? [الصف: 10 - 13].

 

وفي رحاب الآيات الكريمة يبيِّن لنا الله جلَّ جلاله السبيلَ الأمثل للتجارة المُنجية من العذاب الأليم، وهذه النَّجاة هي ثمرة الإيمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، والجهاد في سبيل الله العليم الحكيم بكلِّ وسائله، مِن أموال وأنفس، وهذه هي العاقبة الخيِّرة لمن علم الأمر وقدره حق قَدرِه، فنالَ الفضل، واغتنَم الأجر، ومَن يَسلكْ سبيل هذه التجارة، يَنعمْ برضا الله سبحانه، ويتمتَّعْ بعاقبتها من فوز عظيم، وثواب كبير.

 

قال الله تعالى: ? إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ? [التوبة: 111].

 

وفي ظلال الآيات الكريمة قال الشيخ السعدي: يُخبر تعالى خبرًا صدقًا، ويعد وعدًا حقًّا بمُبايَعة عظيمة، ومعاوَضة جسيمة، وهو أنه ? ‏اشْتَرَى‏ ? [التوبة: 111] بنفسه الكريمة ‏? ‏مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ‏ ?‏ [التوبة: 111] فهي المثمن والسلعة المَبيعة،‏ ? ‏بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ‏ ?‏ [التوبة: 111]التي فيها ما تَشتهيه الأنفس، وتلذُّ الأعيُن مِن أنواع اللذات والأفراح والمسرَّات، والحور الحسان، والمنازل الأنيقات‏،‏ وصفة العقد والمبايَعة بأن يَبذُلوا لله نفوسهم وأموالهم في جهاد أعدائه، لإعلاء كلمته وإظهار دينه فـ? ‏‏يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ‏ ? ‏[التوبة: 111]، فهذا العقد والمبايعة قد صدرت من الله مؤكدة بأنواع التأكيدات‏؛ تفسير السعدي[1].

 

قال الله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ? [فاطر: 29]، وفي رحاب الآية الكريمة يبيِّن الله جلَّ جلاله الأسس الربانية التي أقرَّها الله سبحانه لعباده المؤمنين، لكي يتعرَّفوا على التجارة المضمونة الربح، وهي تلاوة كتاب الله الكريم، وإقامة الصلاة والوفاء بهذه العبادة العظيمة، والإنفاق والصدقة في سبيل الله تعالى في السر والجَهر، ومَن وفَّى بهذه الشروط ربحت تجارته، ولم تكسد بضاعته.

 

بفضل الله الكريم، هذه السلسلة الدعوية موجهة لبيان الأعمال الصالحة، وتوضيح فَضلِها من القرآن الكريم والسنَّة النبوية، وتعزيز السبُل التي تؤدي إلى فعلها، والحث على ملازمتها، والأعمال الصالحة هي البَيع الرابح الذي لا يَكسد، فعلينا أن نتعرف عليها، ونستثمر أوقاتنا وأموالنا وأنفسنا لنكون في زمرة المفلحين، وفي روضة العابدين، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين شرَّفهم بالدعوة إلى دينه العظيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.




[1] موقع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود.


"
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook