عُرِف عن منطقة القصيم أن سكانها أهل حذق بالتجارة، وأنهم (عصاميون) وصلوا إلى درجة عالية من الثراء عن طريق اغترابهم عن بلادهم سنوات عديدة قد تصل إلى أكثر من ثلاثين سنة، وقد يستقر بعضهم لممارسة تجارته في بلدان خارج الجزيرة العربية. وعند الحديث عن التجارة في القصيم يبرز (العقيلات) بوصفهم فئة خاصة من التجار في منطقة القصيم وبخاصة في بريدة، وسوف نتحدث بشيء من التفصيل عن نشاطهم التجاري؛ إذ إن الحديث عن العقيلات (عقيل) جزء مكمل للحديث عن التجارة في المنطقة من جهة، وعن رجالات بريدة من جهة أخرى.

 

"العقيلات من رجال بريدة الأشداء الذي عُرفوا بالشجاعة، وركوب المخاطر، والبراعة في التجارة، ورحلاتهم في فجاج الأرض لطلب الرزق والاتجار، وشهرتهم دليل على ملكتهم التجارية وشجاعتهم وقوة بأسهم، وتتميز تجارتهم بأنها عامة وشاملة؛ إذ إنهم يجلبون ما يفيض عن حاجة بريدة من المواشي والطعام، ويجلبون ما يحتاجه الأهالي من سائر المزروعات والمنسوجات والمصنوعات.

 

وكان العقيلات يعتمدون على المضاربة التي يسميها الفقهاء (شركة العنان) ويسميها العامة (البضاعة)، وفي المثل العامي (البضايع مال ضايع)، والعقيلي يأخذ المال بالثلث: ثلث له، وثلث للمصاريف، وثلث لأهل رأس المال مع جزء من الربح يعود إلى صاحب المال. وقد يأخذ أموالاً كثيرة لأناس كثيرين، وربما يأخذ نقدًا أو عينًا بثمنها، ولما كانت رحلات عقيل في الفيافي والقفار تتعرض للسطو والضياع والخلاف كان لا بد من اختيار أمير للقافلة، وغالبًا ما يكون هذا الأمير أكبرهم سنًا، وأكثرهم ثراءً، وأبعدهم نظرًا، وأكثرهم خبرة، وأبصرهم بحل المشكلات ومواجهة المخاطر وتدارُك الأمور في ساعات الشدة"