بيّن الفقهاء فضل صلاة التراويح ومكانتها؛ فذهب المالكية إلى أنّ التروايح من السُّنَن المُؤكَّدة، في حين رأى الحنابلة أنّ صلاة التطوُّع التي تُسَنّ صلاتها جماعة أفضل من غيرها من النافلة؛ وذلك لمُشابهتها الفرائض من الصلوات، وصلاة التراويح من النوافل التي تُسَنّ صلاتها جماعة، أمّا الشافعية فيَرون أنّ التراويح من الصلوات التي تُسَنّ فيها الجماعة، إلّا أنّها ليست أفضل من الرواتب، لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- واظب على السُّنَن الرواتب، ولم يُواظب على التراويح، وقد ورد الترغيب فيها، وهي تُعَدّ من قيام رمضان، قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (من قامَ رمضانَ وصامهُ إيمانا واحتسابا ، غُفِرَ لهُ ما تقدمَ من ذنبهِ).
وجاء في وقت تشريع صلاة التراويح ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى في المَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم. قالَ: وَذلكَ في رَمَضَانَ.)؛ فكان أوّل تشريعها في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وفي العام الرابع عشر من الهجرة وتحديداً في السنة الثانية من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- جُمِع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد.
ورد في صفة صلاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من الليل أنّه كان يُصلّيها إحدى عشرة ركعة، إلّا أنّه لا حرج على مَن زاد على ذلك؛ إذ لم يُحدّد النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لصلاة التراويح عدداً يجعل الزيادة عنه ممنوعة، وللعلماء في عدد ركعات التراويح آراء، وهي كما يأتي:
يجوز للمسلم أن يُصلّي صلاة نافلة بعد التراويح، وهي زيادة في الفضل،كما أنّ صلاة التطوُّع جماعة بعد التروايح جائزة وليست مكروهة؛ سواء كان ذلك بعد التروايح مباشرةً، أو كان بينهما فاصل زمنيّ، وإن قسَّمَ المسلم صلاته بين صلاة جزء منها جماعة في المسجد، وجزء منها بعد أن يرتاح فترة، فلا بأس في ذلك، وله أن يزيد عن العشرين ركعة، ويُسَنّ له أن يختم بصلاة الوَتر.
موسوعة موضوع