يعرف التسامح الديني على أنّه محبة الناس جميعاً، وإلقاء السلام عليهم دون الالتفات لدينهم، ويقوم التسامح الديني على أساس تقبل الآخر واحترام معتقداته بعدم إجباره على الدخول إلى دينه أو السخررية منه وإعطائه الأمان، كما يعتبر التسامح الديني نقيضاً للتعصب.
لعلّ أجمل ما قيل حول التسامح الديني في الأدبيات، قول محيي الدين بن عربي: لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
وقد صار قلبي قابلا كلّ صورة
وبيتٌ لأوثان وكعبةُ طـــائــفٍ
أُدين بدين الحُبّ أنَّــى توجَّهَتْ
يعترف الإسلام بوجود جماعات مختلفة عن الدين الإسلامي، ويعترف بشرعيتهم استناداً على قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ) [البقرة: 256]، كما يضمن الإسلام حرية ممارسة الشعائر الدينية لمعتنقين الديانات الأخرى، فحث على أن تقوم العلاقات بين المسلمين وغيرهم على أساس الإحسان، وذلك استناداً على قوله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8]، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام دائماً ما يعلم المسلمين خلق التسامح الديني.
يزخر الدين المسيحي بمبادئ التسامح بأنواعه، ومن دلالات التسامح في الإنجيل: (كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ)، فقد نادت المسيحية بنشر المحبة والسلام، ومنع الظلم، والصفح عن الظالم وطلب المغفرة له.
أوصت اليهودية بالتسامح، ومن هذه الوصايا: (اغتسلوا وتطهّروا وأزيلوا شرَّ أفكاركم، وكفّوا عن الإساءة، وتعلّموا الإحسان والتمسوا الإنصاف)، لكن لا بد من الإشارة إلى تشدد الدين اليهودي في تقبل الديانات الأخرى، إذ إنّها ترفض تعدد التيارات في داخل الدين اليهودي نفسه، كما تعتبر أنّ الدين الوحيد عند الله هو الدين اليهودي فقط.
يعتبر التعصب الديني نقيضاً للتسامح الديني، وهو يعبر عن رفض المعتقدات الدينية المختلفة عن إيمان الشخص، ومن ذلك اعتبار جماعات معينة نفسها فوق الديانات الأخرى، فتنادي برفض الديانات الأخرى. وقد يتطور التعصب لدرجة المنادى بقتل الآخر، وتشتيته، وجعله دوماً في دائرة الخطر، وعلى الرغم من وجود التعصب الديني البحت، إلا أن في كثير من الأحيان يعتبر التعصب الديني غطاءً لدوافع سياسية وثقافية.
موسوعة موضوع