التعدين بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 التعدين بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

 التعدين بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 
 
عرف سكان منطقة مكة المكرمة عملية استخراج المعادن واستخلاصها من مناجمها في الفترة ما قبل الإسلام وفي العصر الإسلامي أيضًا، وفي هذا دلالة على حرصهم على الاستفادة مما أودعه الله عز وجل في الأرض. ولم تقتصر عملية استخراج المعادن واستخلاصها على نوع معين من المعادن فحسب، بل شملت استخراج أنواع كثيرة بحسب ما يتوافر في باطن الأرض من معادن، وقد استخرجت معادن الذهب، والفضة، والحديد، والرصاص، والكحل وغيرها.
وقد أشارت المصادر إلى بعض مواقع التعدين في منطقة مكة المكرمة كما كشف المسح الأثري الذي أجرته وكالة الآثار والمتاحف عن مجموعة من مواقع التعدين مما لم يرد ذكره في تلك المصادر، ففي ظلم الواقعة على بعد 250كم شمال الطائف على طريق الطائف - الرياض، تم العثور على عدد من مواقع التعدين، أحدها في بلدة ظلم نفسها، وهو منجم ذهب اتضح من أطلاله الحديثة أنه كان مستخدمًا حتى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي. والثاني في الطويلة جنوب ظلم. والثالث في الشختلية بالمويه القديم، إذ تتناثر في هذا الموقع كسر الزجاج والفخار وخبث المعادن والسراديب والأرحية، والمؤشرات على الأرض تشير إلى ازدهار هذه المناجم في العهد العباسي، وإن كانت هذه المناجم عُرفت منذ العصر الروماني - البيزنطي
أما في غرابة  جنوب شرق الطائف على بعد ثلاثين كيلومترًا منها، فيبدو أن هذا المنجم على جانب كبير من الأهمية، ويحتوي الموقع، الذي يقع على قمة جبل يشرف على القرية، على بقايا أثرية مصنوعة من الصخور المحلية، وقطع من الحجر الصابوني تمثل مختلف مراحل التصنيع، وخبث الحديد، وقطع زجاجية جميلة، وكمية كبيرة من الفخار، من أبرزها نوع من الأواني غير المزخرفة ذات اللون الأصفر البرتقالي المشكلة على دولاب سريع، ونوع آخر مصقول بطبقة لامعة، وكميات من الفخار المطلي المزخرف، ونـزر يسير من الفخار العباسي المصقول باللون الأزرق 
كما لا يفوتنا أن نشير إلى معدن البرام الواقع على بعد خمسة كيلومترات في قرية تعرف باسم المعدن، ذكره عدد من القدامى 
أما في الوقت الحاضر فإن الدلائل على سطح الأرض تؤكد على أهمية هذا المنجم، حيث عُثر على كميات كبيرة من الأواني المتعددة الاستخدام، والمباخر، والرحي المصنوعة من الحجر الصابوني  .  كما أشار الكندي، وابن الفقيه إلى معدن للبلور في سراة عدوان جنوب شرق الطائف
وفي تربة كشف المسح الأثري عن وجود موقعين بمنطقة شجنة تفصل بينهما مسافة 600م تقريبًا، بكل منهما فوهة اتساعها يراوح ما بين 20 و 25م وطولها 300م، ودلت على أنهما فوق عرق هائل من الكوارتزيت. كما عُثر في الموقعين على أطلال مبانٍ متهدمة وأحجار شحذ متآكلة، وكسر فخارية غير مزخرفة على نوعين، أحدهما أوانيه حمراء ذات عجينة ممزوجة بحجر صابوني، والآخر أوانيه ذات لون أصفر، أو أصفر برتقالي بعجينة ممزوجة بالقش
وبالإضافة إلى ذلك فهناك عدد من مواقع التعدين في المنطقة الواقعة بين رنية وتربة والخرمة، مثل: العبلة الذي استخرجت منه معادن الفضة والحديد  ،  وكذلك توجد عدة مواقع للتعدين جنوب تربة مثل: أم الدمار، والسوط، والمعملة بأعلى وادي جفير، وكذلك في حرة البقوم شمال غرب تربة، وفي الجنوب الغربي من رنية
أما تهامة فقد اشتهرت بمناجمها، مثل: ثميد الواقع بالعرضية الجنوبية، وقد اختص هذا المنجم باستخراج الكحل والرصاص، وعُثر فيه على عدد من الأرحية ومصبات الرصاص. وكذلك حول مسعودة الواقعة إلى الشمال الشرقي من عشم بنحو عشرة كيلومترات، عُثر فيها على عدد كبير من الأرحية التي يظن أنها كانت تستخدم لسحن الذهب
كما كان لمخلاف عشم الذي كان تابعًا لمكة المكرمة شهرة كبيرة في مجال استخراج المعادن، لكثرة ما به من مواقع التعدين، وبخاصة معدن الذهب، ولاتزال الأرحية والمساحن منتشرة في وادي الأحسبة شمال شرق القنفذة  ،  مما يؤكد على نهضة صناعة المعادن في العصر الإسلامي في هذه المنطقة.
 
شارك المقالة:
51 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook