التعليم عن طريق الكتاتيب في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
التعليم عن طريق الكتاتيب في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية

التعليم عن طريق الكتاتيب في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.

 
في أزهى العصور الإسلامية وفي أكثرها تدهورًا على حدٍّ سواء كانت الكتاتيب والمساجد مراكز تعليمية، وهذا ما نجده في منطقة تبوك؛ إذ بدأ التعليم فيها على شكل (كتَّاب) بمعلم واحد، والكتَّاب: هو حجرة مفروشة، تجاورها أزيار مصفوفة يشرب منها الأطفال.
 
أما صفة التعليم فقد كان الطلاب يستيقظون مبكرين، ويصلون إلى المسجد الذي يُقام فيه الكتَّاب أو إلى بيت الفقيه مع شروق الشمس بعد أن يكونوا قد أفطروا مع أسرهم ومع كل منهم قطعة خبز للغداء، فإذا وصلوا جلسوا على الأرض التي تكون في بعض الأحيان من دون فراش وأحيانًا مفروشة بالخصف وهو فراش مصنوع من سعف النخل، أما الفقيه فإنه يجلس عادة على صندوق أو كرسي خشبي يرفعه عن الأرض.
 
يبدأ الفقيه بالقراءة عليهم من المصحف، ويظلون في جلستهم أمام الفقيه من الصباح حتى أذان الظهر لا يتحركون إلا إلى الخلاء، وإذا ما تحرك الطالب أو تلفَّت فإن الفقيه يقوم بمعاقبته بضربه بعصاه الطويلة أو قد يفلقه بالفلقة (الفلكة) وهي عصا متينة بطول متر، مربوط بطرفها حبل متين، تُدخَل قدما الطالب بين الحبل والعصا، ثم تُفتَل العصا على الحبل حتى تُشَد قدماه وتُرفَع إلى أعلى من قِبَل طلاب من زملائه ويتولى الفقيه الضرب الذي يكون في بعض الأحيان مبرحًا، وحين أذان الظهر يقوم الطلاب لأداء الصلاة جماعةً، ثم يواصلون القراءة إلى ما قبل الغروب بدقائق، ثم ينصرفون ويعودون للصلاة مع الإمام، وكان الإمام يتفقد طلابه في الصلوات الخمس فمن لم يحضر فريضة يُعاقَب في اليوم التالي بالضرب ما لم يكن له عذر يقبله الفقيه.
ويتعلم الطلاب القراءة عن طريق تعلُّم حروف الهجاء التي يكتبها الفقيه في ألواح أمامهم، إذ يكون مع كل طالب لوح خاص بهذا الغرض.
 
ثم يبدأ الطالب في حفظ القرآن، فيبدأ بجزء (عمَّ)، وكلما حفظ الطالب جزءًا من الآيات حدد له الفقيه بالقلم الأحمر آيات أخرى، وحين يختم الطالب جزءًا من القرآن يحتفل بذلك بوليمة للفقيه، وعادة ما يوجد اختلاف بين الطلاب في المستويات، إذ إن كل طالب يُحدَّد له برنامج لوحده، فهذا يقرأ في سورة الفجر، وزميله في سورة الضحى، وثالث ما زال في الفلق، لأنَّ التعليم يعتمد على الأسلوب الفردي وليس الجماعي، وعادة ما يراعي معلم الكتَّاب مبدأ الفروق الفردية بين تلاميذه، فيكتب لكل تلميذ درسه على لوح من الخشب، ويقوم التلميذ بمحوه فور الانتهاء من دراسته ليخط له المعلم عليه الدرس الذي يليه.
 
أما طريقة قراءة الطلاب أثناء الدرس فكلها جهرية حتى مع أنفسهم، فيقرأ كل منهم ما يخصه بصوت جهري، كما كان الطلاب يقومون ببعض الخدمات للفقيه مثل جلب ماء الشرب، وبناء سور، ونحو ذلك.
 
وفي الحضر لا يختلف الوضع كثيرًا عما عليه الحال في القرى، إلا أن الكتَّاب في المدن كان أكثر شمولية من حيث نوعية المواد التي تُدرَس في القرى وعددها، إذ وُجد عدد من الكتاتيب التي تكون غرفة مستقلة أو ملحقة بأحد المنازل أو المساجد يقوم فيها المعلم بتعليم الصبية مبادئ القراءة والكتابة، والقرآن الكريم، والإملاء، والخط، والحساب.
 
وقد أُسست أول مدرسة في مدينة تبوك عام 1355هـ / 1936م، وكان مديرها محمد علي كابلي في عهد الأمير عبد الله السديري، وعدد طلابها لا يتجاوز الأربعين  
 
وسبقت هذه المدرسة في المنطقة (المدرسة الأميرية) في مدينة الوجه، وكانت موجودة إلى جانب الكتاتيب، وكانت في بداياتها مدرسة خاصة، ثم تحولت إلى مدرسة حكومية.
 
ونظرًا إلى الحاجة إلى توفير الكوادر اللازمة للعمل في مجال أجهزة اللاسلكي التي عُرفت قديمًا بـ (المبرقات) افتُتحت عام 1336هـ / 1916م مدرسة لتعليم الشباب الضرب على آلة (المنبلة)، وانخرط في هذه المدرسة عدد كبير من شباب مدينة الوجه والمدن المجاورة لها، وتخرج منهم كثير ووُزِّعوا للعمل في مناطق المملكة في مجال الاتصالات اللاسلكية، وأُرسل جزء منهم للعمل في سفارات المملكة في الخارج  
 
شارك المقالة:
55 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook