التعليم في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
التعليم في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

التعليم في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 

التعليم غير النظامي

 
كان قد تبقى لعسير من العهود التي سبقت تأسيس المملكة العربية السعودية أُسر عُرفت بالعلم والاهتمام به، وقد أسهم كثير من أفرادها في الحياة الفكرية في هذه المنطقة، ومن هذه الأسر: أسرة آل الحفظي، وآل عباس، وآل الزميلي، وآل مسبل، وآل درع، وآل المعوك، وآل مجدوع، وآل موسى، وآل القاضي  ...،  وقد اشتهر منها أشخاص استطاعوا أن يبقوا على شيء من إشعاع العلم في مواطنهم  ،  وقد تميزت الحياة العلمية في منطقة عسير بثلاثة مظاهر تقليدية  ،  تمثلت في:
 
 الكتاتيب.
 
 الحِلَق العلمية.
 
 الهجرة في طلب العلم.
 
 
1- الكتاتيب: 
 
كان أغلب التعليم مقصورًا على الكتاتيب؛ لذلك كانت الأكثر انتشارًا بين القبائل والقرى نظرًا إلى كثرة الصبية الذين أخذوا يتوافدون عليها صباحًا ومساء، وقبيل موعد انصرافهم من كتاتيبهم - أي قبيل غروب الشمس - كانوا يعمدون إلى الوقوف في صفوف مرصوصة قائلين:  
 
(غفر الله لمعلمنا ولوالديه.. ولوالدينا مع والديه.. والمعلامة بين يديه.. يا تواب، تب علينا.. وارحمنا وارضَ علينا.. حِنَّا عبيدك.. يا مولانا.. يا رب الحرم والبيت..)
 
وهذا النشيد يختلف من كتّاب معلامة إلى آخر، فقد يُزاد فيه وقد يُنقص منه، وقد لا يردد الطلاب شيئًا؛ مهابة ومخافة من (المطوع) أو (المعلم) أو (الجد) على اختلاف في التسمية  . 
 
ومن نماذج هذه الكتاتيب: كُتّاب مدينة أبها، ومن معلميها: إبراهيم بن فرج وأخوه ناصر، وعبدالرحمن المطوع، وكُتَّاب علي بن عمر بالعلاية، وكُتَّاب قريتَي رحبان والمسقوي ببلاد ربيعة ورفيدة، وكُتَّاب محمد بن سعد بن سلطان بقرية آل مسلي. وفي بلاد قحطان: كُتَّاب البربر وابن الشيبة في العسران، وكُتَّاب القرحاء، وكُتَّاب مسجد درب آل موسى ببني بشر، وكتَّاب مسجد آل عبيدية وآل خلف، وكُتَّاب وقشة، والوهابة، وآل بسام، وآل عابس. وفي وادعة كُتَّاب ظهران الجنوب، وهناك كتاتيب أخرى في الحرجة، وقرى آل بلحي، وطريب، والمضة، والعرين، وأحد رفيدة. وفي رجال الحجر: كتَّاب المعلم عبدالله بن عبدالرحمن بن مسبل، وكتَّاب ابن فايزة، وكتّاب محمد التهامي، ومسفر الأسمري، وكتَّّاب الشريف علي بن صالح، وكتَّاب المعلم فواز الشهري، وكتَّاب الشيخ محمد الجداوي...، وفي بيشة: كتَّاب المعلم غرم بن جعيلان، وكتّاب عبدالله بن حسن. وفي تهامة عسير كتَّاب المعلم محمد بن قابض، وعبدالله بن حمزة، وعلي بن فاهمة، وكتَّاب الحكمي، وكتَّاب عبدالله بن حسن الأهدل، وكتَّّاب الشيخ عبدالباري بن حسن الحفظي، وكتَّاب الشيخ علي بن سليم، ويوسف المناخلي. وفي بلاد شهران: كتَّاب الخميس وتمنية والمسقي...  . 
 
وإذا كانت هذه الكتاتيب تهتم بأمر الصغار من الأولاد؛ فإن تعليم الفتاة كان أيضًا موجودًا إذ لم تخلُ المنطقة منه، فقد كانت توجد كتاتيب تهتم بأمورهن، ففي قرية (رُجال) كانت توجد امرأة تسمى (عزيزة) تدرس البنات، وفي قرية (عثالف) في ضاحية الشعبين كانت تتولى تعليمهن امرأة من آل الحفظي تسمى (فاطمة بنت محمد بن حسن الحفظي)، كما عُرفت مدرسة أخرى في قرية حوراء في (بللسمر) وكانت تعلم فيها امرأة تسمى (قطمة)، وفي بيشة كانت توجد معلمة تدعى (سعيدة بنت غرم بن عجيلان) تعلم النساء في بني سلول  . 
 
وسواء أكانت هذه الكتاتيب للصِّبْية أم للبنات والنساء فإنها كانت تدرِّس - في الغالب - القرآن الكريم مع حفظه، وقد يُدرِّس بعضها الفقه، والحديث، والتوحيد، والحساب، فهي - والحالة هذه - أكثر تطورًا مثلما هو الحال في كُتّاب أبها، وكتّاب (طبب) وكتاب (السقا) وكتاب (رُجال). وقد يتخرج الطالب في كتَّاب قريته وهو قادر على قراءة القرآن وحفظه لا كتابته فقط   وذلك في مدة غير محددة، قد تزيد على ثلاث سنوات، أو تنقص حسب مقدرة الطالب واستمراريته في هذا الكتَّاب أو ذاك ومتابعة الفقيه - أو الجد أو الشيخ أو المطوع 
 
2- الحِلَق العلمية:  
 
انتاب هذا النوع من النشاط العلمي في منطقة عسير ضعف بسبب الخوف الذي دَبَّ في قلوب الناس بعد استيلاء العثمانيين على عسير سنة 1289هـ/1872م، إلى درجة أن المتصرف - بعدما رأى انصراف الناس عن العلم - قرر راتبًا للعلماء في عسير لتشجيعهم على القيام بالنصح والإرشاد في قراهم، ولكن هذا الأمر اقتصر على أبها وما حولها، دون غيرها من قرى المناطق الأخرى  
 
أما بعد توحيد المنطقة ضمن أجزاء البلاد في عهد الملك عبدالعزيز فقد نشطت الحياة الفكرية منذ عام 1338هـ/1920م، حيث أرسل الملك عبدالعزيز في عام 1339هـ/1921م إلى أبها بعضًا من العلماء للقيام بإرشاد الناس وتعليمهم أمور دينهم مما كان له الأثر في نشاط الحركة الفكرية، وبرز دور الأسر العلمية التي أسهم كثير من أفرادها في إحياء الفكر، وظهرت الحِلَق العلمية، وهنا ظهر دور المسجد منارة للعلم إضافةً إلى كونه مكانًا للعبادة، فقد اتخذه العلماء مقرًا للتوجيه والتعليم. وعرفت عسير عددًا من الحِلَق العلمية في مساجد (طبب) و (السقا)، وعُمرت هذه المساجد بمجالس التدريس والفتيا وقد عُرفا بها منذ العهود السابقة، فقد شهد مسجد (طبب) عددًا من علماء (آل الحفظي) الذين قاموا بالتدريس والفتيا فيه  ،  كما قامت حِلَق للتدريس في مساجد أبها والسقا وريدة، ولعل أشهر الحِلَق العلمية في عسير تلك التي كان يقوم بها علماء آل الحفظي في بلدة (رُجال) حيث كان للتعليم في هذه البلدة نظام يقضي بأن من تخرج في حلق التعليم وأراد أن يحصل على إجازة علمية من علمائها لزمه الأخذ عن شيخه في داره، ثم يهاجر بعد ذلك لطلب العلم إن رغب في الهجرة، ويُؤهَّل عادة من تخرج في حلقة التعليم للإمامة، ومن أخذ عن شيخه في داره ومُنح إجازة علمية أُهِّل للقضاء أو الإفتاء  
 
إن هذه الحلقة التي كانت في (رُجال) - وهي (تهامة) - تعد حالة تطورية للحِلَق الموجودة في المساجد، إذ اتجهت إلى تخريج العلماء والموجِّهين، وتعد أيضًا حالة نادرة في منطقة كان الجهل يعمها إبان عهد العثمانيين الذي تميز بالتوترات والنـزاعات 
 
وقد حَوَّل القضاة مساجد عسير السراة إلى حِلَق للعلم، ولعل أشهرهم الشيخ (عبدالله بن يوسف الوابل) الذي كان يبدأ صلاة الفجر إمامًا في مسجد (مناظر) في أبها ثم يعقد حلقة درس إلى ما بعد شروق الشمس، ثم يتجه إلى المحكمة للقضاء، وبعد الفراغ من العمل القضائي ينبري للدرس في الحلقات المستمرة من بعد صلاة العصر إلى قرب العشاء، إلى جانب ما يلقيه من وعظ وإرشاد وتوجيه وتوعية دينية لجماعة المسجد  ،  بيد أنه لم يكن يقبل في حلقته إلا الطلبة المتميزين ليتلقوا عنه دروسًا في التوحيد، واللغة العربية، والعلوم الشرعية، ثم يتخرج الطالب إمامًا أو قاضيًا أو واعظًا حسب المقدرة العلمية  
 
وكان الشيخ يسعى إلى تشجيع طلابه، فقد طلب من الدولة تخصيص مكافأة مالية شهرية لهم، وكان طلبته من خارج المنطقة ومن داخلها، واشتهر كثير منهم، ومن بينهم القضاة: محمد بن عتيق، وحسن العتمي، وهاشم النعمي، وعبدالله بن مهدي الحكمي، ومن الدعاة: سعيد بن مسفر القحطاني  
 
أما الشيخ (سليمان بن جمهور) فقد كان يقيم حلقة علمية في داره، حيث يعطي طلابه درسًا يوميًا بعد العصر، وكان يشجعهم على الحضور ويربطهم بالدرس من خلال منحهم مكافأة نقدية  .  كما كانت توجد حلقة درس مفتوحة يحضرها أمير أبها آنذاك، وذلك تحت قصر الإمارة في أعلى ساحة السوق، وقد استمرت فترة طويلة، وكان يحضرها الخاصة والعامة، ويلقي الدرس فيها أحد الدعاة  
 
 
3- الهجرة في طلب العلم:
 
هي مرحلة تأتي بعد الحِلَق والكتاتيب، فقد كانت هجرة الطلاب في سبيل العلم من عسير تقليدًا علميًا لمن أراد الاستزادة من العلم والتعمق في علوم الدين، " فقد كان بعض منهم يتجه إلى الحرمين الشريفين، والآخر إلى (تهامة) لقربها وتوفر المعونات المادية والمعيشية المخصصة للطلاب الغرباء "  ،  كما كان بعضهم الآخر يسافر إلى اليمن. فالهجرة لا تتأتى إلاّ لمن أراد الاستزادة الذاتية من العلم، وهم قلة من طلاب كُثُر اندرجوا في مسالك التعليم عبر الحِلَق العلمية. ومن العلوم التي يتعلمونها خارج منطقتهم: الحديث، والتفسير، والفقه، والفرائض، وعلم القراءات، والتجويد، والنحو، والصرف، والمنطق، والبلاغة، والعروض....، ولذا فإن الهجرة كانت في أساسها بسبب محدودية المعرفة في المنطقة، ولعدم توافر المعلمين الذين يعلمونهم هذه العلوم التي تُعد مرحلة متطورة بالنسبة إلى واقع منطقة كانت تواجه شظف العيش، الأمر الذي جعل الهجرة تتمحور حول عائلات معينة مثل آل مسبل في بلاد بللحمر، و (أسرة الفقهاء) في بني شهر، وأسر أخرى من بللسمر وبلاد بني عمرو وبلاد بلقرن  ،  وقبلهم آل الحفظي في (رُجال) الذين كانوا يسافرون إلى مكة، وإلى اليمن.
 

التعليم النظامي

 
1- مدارس القرعاوي:  
 
كان الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي 1315 - 1389هـ/1897 - 1969م قد طلب من الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الموافقة على ما عزم عليه من نشر التعليم في جنوب المملكة، وخصوصًا تهامة، وفعلاً سافر في عام 1358هـ/1939م واستوطن (صامطة) وافتتح بها مدرسة انطلقت من (دكان) له فيها، وعلّم فيها القرآن الكريم، والثلاثة الأصول، والأربعين النووية، والتجويد، والفرائض. ثم افتتح بعد هذه المدرسة النواة الأخرى في (فرسان) ثم في (مزهرة)، ثم تتابعت مدارسه في جازان وتهامتها حتى وصلت معظم القرى والهجر، وما يهمنا هنا ما له علاقة بعسير؛ فقد التقى هذا الشيخ بأمير أبها إذ ذاك الأمير تركي السديري عام 1365هـ/1946م، ولأن الأمير قد سمع ما سرّه عن سير الدراسة في مدارس الشيخ في جازان فقد طلب منه أن يجعل نصيبًا من نشاطه في التعليم في منطقة عسير، فاستحسن الشيخ الأمر، وعندئذ أبرق للملك عبدالعزيز - رحمه الله - يطلب منه السماح له بالعمل في منطقة عسير والبقاء مؤقتًا فيها، وفعلاً سمح له الملك رحمه الله. ولأنه قد وجد أرضية علمية جيدة للبدء في مدارس، وكان قد مهد لها الشيخ الوابل والشيخ الحميد والشيخ التويجري؛ فقد أحيا هذه الأرضية بالتعليم وباشر في تدريس الطلاب بنفسه، فعلم القرآن الكريم، ومبادئ التوحيد، والفقه، والحديث، والخط، والإملاء... إلى غير ذلك من الدروس المهمة، وقد وجد الشيخ من طلبة الوابل من يملكون القدرة على التدريس والتعليم، فأخذ يشجع على بعثهم لتعليم طلاب القرى والهجر، وأخذهم برفقته ليباشروا التعليم تحت إشرافه.
 
اجتهد الشيخ القرعاوي في نشر العلم في هذه المنطقة، إذ لم يتوقف نشاطه على أبها، بل تعدى إلى تهامة عسير، فنشر مدارسه هناك، وقد أدت دورًا فاعلاً في تصحيح المفاهيم، وقد حظيت سراة عسير أيضًا ببعض هذه المدارس، وانتشرت مدارسه حتى إنها وصلت قرى شهران. وإجمالاً بلغت مدارس القرعاوي في المنطقة وفي جازان أكثر من 1000 مدرسة، يعلِّم فيها أكثر من 3000 مُعلم، وقد أدت دورًا مهمًا في تثقيف المجتمع، وإحياء ما انطمر من علم بسبب الجهل الذي كان سائدًا في ذلك الوقت، وبعد أن نعمت المنطقة بالاستقرار والأمن في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، تخرج من هذه المدارس كثير من الطلاب الذين كانوا نواة ساعدت على بناء مجتمع يسعى إلى التزود بالعلم ويكافح من أجله، وهي بذلك جمعت بين الكتاتيب والحِلَق و (الهجرات)، لتنتهي هذه المدارس وتلك بما عُرف بـ (المدارس النظامية) التي كانت تطورًا لبعض الكتاتيب والحلق ومدارس القرعاوي في منطقة كثر طلاب العلم فيها.
 
2- المدارس النظامية: 
 
بعد الاعتماد على وسائل التعليم وطرائقه التقليدية، وبعد التوقف عند مواد محددة خاضعة لرؤى هذا المعلم أو ذاك، ظهرت المدارس النظامية لتقدِّم تعليمًا جديدًا، ورؤى جديدة عامة تُطبق في أنحاء البلاد كلها، وهو تعليم حرص الملك عبدالعزيز - رحمه الله - على إيجاده ليمضي بوسائل تعليم أحدث، إنه تعليم أخذ ينتشر في عسير، بعد أن وجد مجتمعًا يستقبل هذا النظام بشكل طبيعي، وكانت الحِلَق والكتاتيب وأروقة المساجد قد هيَّأت لهذه المرحلة، خصوصًا إذا ما علمنا أن بعض الكتاتيب والحِلَق كانت تعلم بطريقة متطورة، الأمر الذي جعلها النواة الحقيقية للمدارس النظامية، ومن بينها كتَّاب الشيخين ناصر الفرج وعبدالرحمن المطوع، وحِلَق الحفظي والوابل، ومدارس القرعاوي التي اندرجت ضمن المدارس النظامية بعد تأسيسها؛ لأنها كانت تدرِّس المواد التي اعتمدتها المدارس النظامية، ومن هنا لم يجد طلبتها صعوبة في اندماجهم ضمن هذه المدارس، بل إنهم كانوا يتفوقون في العلوم الدينية والعربية على غيرهم.
 
كان عام 1354هـ/1935م منطلقًا للمدارس النظامية في هذه المنطقة، فقد تأسست أول مدرسة ابتدائية في هذا العام في بيشة، أما أبها فقد فُتحت فيها المدرسة الأميرية التي تغير اسمها إلى (السعودية الأولى) في عام 1355هـ/1936م، وهي امتداد لكتّاب المعلمَين ابن فرج والمطوع، وقد بلغ عدد طلابها خمسين طالبًا تقريبًا، ثم تتابع افتتاح المدارس؛ ففي محائل فُتحت مدرسة عام 1358هـ/1939م، وفي خميس مشيط ورُجال والنماص عام 1359هـ/1940م، وافتتحت مدارس أخرى في خميس مشيط في عام 1365هـ/1946م، وفي شمران عام 1366هـ/1947م، وفي عام 1368هـ/1949م فُتحت مدارس في ظهران الجنوب والشّعف والعسران، وفي عام 1369هـ/1950م فُتحت مدارس أخرى في أبها وفي بيشة، ومدارس أولى في أحد رفيدة، وآل سرحان، وسبت العلايا، وفي عام 1370هـ/1951م فُتحت مدرسة في المجاردة، وفي عام 1372هـ/1953م فُتحت مدارس أخرى في النقيع ببيشة، وفي البيان بأبها، ومدرسة في الشعبين بتهامة، وفي العام نفسه تأسست المدرسة الحربية في أبها وهي خاصة بمنسوبي الجيش، وفي عام 1373هـ/1954م فُتحت مدرسة في سراة عبيدة، وكان عام 1369هـ/1950م قد شهد افتتاح أول مدرسة متوسطة في أبها، ثم ثانوية في عام 1372هـ/1953م، ثم أخذت المدارس في الانتشار في البلدات والقرى المتناثرة. ونظرًا إلى كثرة المدارس وتعددها فقد أُنشئت في عسير معتمدية للمعارف تابعة لمديرية المعارف في مكة المكرمة في عام 1369هـ/1950م، ومع مرور الأيام وتحول المديرية إلى وزارة للمعارف تحولت المعتمدية إلى إدارة للتعليم في عام 1376هـ/1957م. ونظرًا إلى الحاجة المتزايدة للمعلمين فقد افتُتح معهدان للمعلمين للمرحلة الابتدائية في أبها وبيشة عام 1377هـ/1957م، وثالث في النماص عام 1382هـ/1962م، ثم في خميس مشيط، ثم طُورت هذه المعاهد إلى معاهد ثانوية لا تقبل إلا خريجي الكفاءة المتوسطة بعد أن كانت تقبل شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، وفي عام 1381هـ/1961م أُنشئ أول معهد علمي في أبها وهو تابع للرئاسة العامة للكليات والمعاهد العلمية إذ ذاك (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حاليًا)، وفي عام 1386هـ/1966م افتُتح معهد آخر في بيشة، أما عام 1398هـ/1978م فقد شهد افتتاح ثلاثة معاهد علمية في كل من: النماص والشعبين ومحايل عسير، ثم في خميس مشيط عام 1399هـ/1979م، وفي قنا والبحر عام 1401هـ/1981م وفي سبت العلايا في بلقرن.
 
أما تعليم البنات؛ فقد بدأ عام 1380هـ/1960م عندما افتُتحت أول مدرسة في أبها، وقد بدأت بنحو 150 طالبة، ثم في خميس مشيط عام 1382هـ/1962م، وفي بيشة عام 1383هـ/1963م، وفُتحت مدرسة في النماص، وفي ظهران الجنوب عام 1385هـ/1965م، وفي محايل عسير عام 1386هـ/1966م، وفي أبها أيضًا عام 1387هـ/1967م، وفي بلقرن ورُجال وأحد رفيدة عام 1388هـ/1968م، وفي عام 1389هـ/1969م فُتحت مدرسة ثالثة في أبها، وفي العام نفسه فُتحت مدارس في كل من: سراة عبيدة، وبللسمر، وتنومة، والشعبين، ثم تتالى افتتاح المدارس في كل قرية، ثم تبع ذلك افتتاح المدارس المتوسطة والثانوية ومعاهد معلمات المرحلة الابتدائية، فأُنشئت معاهد في كل من أبها، وخميس مشيط، وبيشة، والنماص، وسراة عبيدة، وظهران الجنوب، والعسران، وبعد الاكتفاء طُورت هذه المعاهد إلى كليات متوسطة مع نقل المعهد من المنطقة المكتفية إلى الأخرى غير المكتفية، وكذا في معاهد المعلمين التي تحولت إلى كليات للمعلمين.
 
واتجه التعليم إلى إيجاد ثقافة مهنية وتقنية من خلال التعليم المتخصص، حيث بدأ إنشاء مراكز للتدريب المهني في أبها عام 1392هـ/1972م، ثم أُنشئ المعهد الثانوي الصناعي عام 1395هـ/1975م، فمعهد ثانوي للمراقبين الفنيين عام 1397هـ/1977م، وفي عام 1402هـ/1982م تم إنشاء معهد صحي ثانوي للبنين، ومدرسة ثانوية تجارية في أبها، وقد طور التعليم بهذه المعاهد إلى التعليم العالي بافتتاح كلية العلوم الصحية وكلية التقنية في أبها.
 
كما حظيت المنطقة بافتتاح عدد من مدارس تحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات، ومعاهد لذوي الاحتياجات الخاصة مثل معهد النور، وكذلك أُنشئت معاهد مختصة بالبنات مثل معهد البنات لتعليم الخياطة والتفصيل  
 
3- التعليم الأهلي:  
 
لم تخلُ منطقة عسير من هذا النوع من التعليم الذي ساعد على دفع عجلة التعليم وانتشاره، ففي أبها وحدها يوجد أكثر من مدرسة أهلية للبنين وللبنات تضم في جنباتها جميع المراحل التعليمية. ومن أقدم هذه المدارس (منارات عسير) التي تأسست عام 1400هـ/1980م، ثم أُنشئت بعدها (المدارس الأهلية بأبها)، ومدارس المناهل، ومدارس النجاح التابعة للجمعية التعاونية الأولى في أبها. ولم يقتصر هذا النوع من التعليم على أبها بل انتشر أيضًا في خميس مشيط وبيشة ومحايل عسير... وغيرها.
 
ج - التعليم الجامعي:
 
كانت أبها نموذجًا مصغرًا من الرياض في التعليم، وذلك من خلال افتتاح فروع الجامعات والكليات فيها، فقد عرفت التعليم الذي عرفته عاصمة البلاد، إذ افتُتح فيها فرعان لأعرق جامعتين في البلاد وهما: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك سعود.
 
ففي عام 1396هـ/1976م اُنشئت في أبها كلية للتربية لتكون أول فرع لجامعة الملك سعود في عسير، لتقوم بتخريج المعلمين - خصوصًا المتخصصين في الدراسات النظرية والعلمية - من خلال سبعة أقسام أكاديمية هي: التاريخ، والجغرافيا، واللغة الإنجليزية، والرياضيات، والأحياء، والكيمياء، والفيزياء. وتحولت هذه الكلية إلى جامعة بعد أن أُلحقت بها ثلاثة أقسام هي: قسم مناهج التدريس وطرقه، وقسم التربية، وقسم علم النفس. وبتعدد الأقسام توسع قبول الطلاب، وتبعًا لذلك سعت الكلية في إيجاد خدمات مساندة تساعد الأقسام الأكاديمية، وذلك بإيجاد مكتبة مركزية، ومركز للحاسب، ومركز للبحوث، ومركز للدورات التدريبية، ومركز لتكنولوجيا التعليم، ومتحف للتاريخ الطبيعي، ومتحف للتراث الشعبي، ومختبرات مختصة بالأقسام العلمية.
 
وفي عام 1397هـ/1977م تم افتتاح فرع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من خلال إنشاء (كلية الشريعة واللغة العربية) لتبدأ بأربعة أقسام علمية هي: قسم الكتاب والسنة والعقيدة، وقسم الفقه وأصول الدين، وقسم النحو والصرف وفقه اللغة، وقسم الأدب والبلاغة والنقد. وفي عام 1398 - 1399هـ/1979م تم إضافة قسمين آخرين هما: قسم أصول الدين وقسم التاريخ. وفي عام 1400هـ/1980م أُنشئت في المنطقة أول كلية للطب باسم (كلية العلوم الطبية) وهي تابعة لوزارة التعليم العالي، وفي عام 1401هـ/1981م ضُمت لجامعة الملك سعود - فرع أبها. وفي عام 1402هـ/1982م تغير اسمها إلى (كلية الطب)  لتشمل أحد عشر قسمًا هي: علم وظائف الأعضاء، والتشريح، والكيمياء الحيوية والإكلينيكية، والأمراض، والكائنات الدقيقة، والطفيليات الإكلينيكية، وعلم الأدوية، والعلاج الإكلينيكي، وطب الأسرة والمجتمع، والطب الباطني، والجراحة، إضافة إلى توابعها مثل: الطب النفسي، والأمراض الجلدية، والأشعة، وجراحة العظام، وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، وأمراض العيون، والتخدير، وأمراض النساء والولادة وصحة الطفل. وقد حوت الكلية - إضافة إلى هذه الأقسام - الخدمات المساندة مثل: المكتبة الطبية، ووحدة التعليم الطبي، ووحدة بيت الحيوان، والتصوير.. وغيرها.
 
وفي عام 1401هـ/1981م صدرت الموافقة على فصل كلية (الشريعة واللغة العربية) التابعة لجامعة الإمام إلى كليتين هما: كلية الشريعة وأصول الدين، وكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية. وفي عام 1403هـ/1983م تم إنشاء إدارة متخصصة بالإشراف على الكلِّيتين، وكذلك أُنشئت في جامعة الملك سعود إدارة متخصصة بالإشراف على فرعها، وقد قام الفرعان بخدمة المنطقة في هذا الجانب التعليمي المهم.
 
وللتوسع المطرد في القبول، ولكثرة الطلاب، ولحاجة المنطقة إلى جامعة مستقلة؛ فقد صدر الأمر الملكي في 11/3/1419هـ الموافق 1998م بدمج فرعي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك سعود بأبها باسم (جامعة الملك خالد)، والتي استقلت لتشرف على مجموعة من الكليات هي: الشريعة وأصول الدين، واللغة العربية، والعلوم الاجتماعية والإدارية، والطب، والهندسة، والتربية، والحاسب، واللغات، والصيدلة، والعلوم، إضافة إلى كليات خدمة المجتمع، والمستشفى الجامعي، ومستشفى عسير المركزي، والعمادات المساندة، كما ضمت لها لاحقًا كليات المعلمين وكليات البنات.
 
وقد أُنشئت كلية المعلمين في أبها عام 1397هـ/1977م باسم (الكلية المتوسطة لإعداد المعلمين)، يُمنح المتخرج بعدها دبلوم الكليات المتوسطة. وفي عام 1409هـ/1989م تطور برنامج الكلية شأن الكليات الأخرى المماثلة في المملكة، وأصبحت تمنح خريجيها (درجة بكالوريوس)، وتغير اسمها إلى (كلية المعلمين)، وتضم عدة أقسام هي:
 
الدراسات القرآنية، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية، والدراسات الاجتماعية، والرياضيات، والعلوم: الكيمياء والفيزياء والأحياء، والتربية الفنية، والتربية البدنية، والتربية وعلم النفس، والتربية الميدانية وطرق التدريس.
 
وكانت بداية التعليم العالي للبنات عام 1401هـ/1981م بافتتاح (كلية التربية للبنات) في أبها وكانت تابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات سابقًا ثم ضُمت وقُسمت إلى قسمين هما: كلية التربية (الأقسام العلمية) وتشتمل على الكيمياء، والأحياء، والفيزياء، والرياضيات، والحاسب. وكلية التربية (الأقسام الأدبية) وتشتمل على الدراسات الإسلامية، واللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والتاريخ، والجغرافيا، والاقتصاد، والتربية الفنية.
 
كما أُنشئت كليات المعلمات والتربية في كل من: خميس مشيط، وبيشة، وسراة عبيدة، وظهران الجنوب، وسبت العلايا، والنماص، ومحايل عسير، وتشمل الأقسام التي تضمها كلية التربية بقسميها العلمي والأدبي.
 
كما افتتح في أبها تعليم جامعي فريد من نوعه في المملكة بل في العالم العربي، بعد أن رأت اللجنة المشرفة على السياحة في منطقة عسير أن المنطقة مقبلة على نشاط سياحي، وبالتالي لا بد من وجود أشخاص يتعلمون ما يتعلق بالسياحة بطرق علمية، خصوصًا الفندقة وخدماتها، ولذا تم إنشاء كلية أهلية تقبل خريجي الثانوية العامة باسم (كلية الفندقة والسياحة)  ، وتحولت فيما بعد إلى اسم (كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة) وذلك في عام 1420هـ/1999م لتمنح درجة البكالوريوس في إدارة السياحة والضيافة، وتضم التخصصات الآتية:
 
 الإدارة الفندقية.
 
 الإدارة السياحية.
 
 العلوم الإدارية.
 
 الحاسب الآلي والدراسات المساندة.
 
وقد كان لتطور التعليم وتنوع المعارف التي تتناولها الكلية الجامعية أثره في إثراء الحركة التعليمية والثقافية في المنطقة.
 
 
 
شارك المقالة:
446 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook