التوزيع الجغرافي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
التوزيع الجغرافي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

التوزيع الجغرافي بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
 

 التوزيع النسبي لسكان المحافظات

 
جاء ترتيب محافظات منطقة مكة المكرمة من حيث التوزيع النسبي للسكان حسب نتائج تعداد عام 1425هـ / 2004م على النحو الآتي: جدة، مكة المكرمة، الطائف، القنفذة، الليث، الجموم، رابغ، خليص، رنية، تربة، الخرمة، والكامل، ونلحظ أن سكان جدة، أكبر محافظات المنطقة، يعادلون أضعاف سكان الكامل أصغر المحافظات، إذ بلغ الفرق بينهما 2.864.622 نسمة، وجاءت ثلاث محافظات فوق المتوسط العام البالغ 483.164 نسمة، ألا وهي محافظة جدة ومدينة مكة المكرمة ومحافظة الطائف، وما تبقى من محافظات فأعداد السكان فيها دون ذلك المتوسط، أما من حيث نسب التوزيع وفقًا للنتائج الأولية لتعداد 1425هـ / 2004م فقد كانت كما يأتي: محافظة جدة 49.7%، مكة المكرمة 23%، الطائف 15.3%، القنفذة 4.2%، الليث 1.9%، الجموم 1.3%، ورابغ 1.2%، وراوحت بقية المحافظات بين 0.3% و 0.9%
تفصيلٌ لهذه النسب، وترتيب كل محافظة حسب التوزيع النسبي للسكان فيها، ويتميز التوزيع النسبي للسكان بعدم التوازن فضلاً عن التركز الكبير للسكان في بعض المحافظات؛ فجدة هي المثال الصارخ لهاتين الخاصيتين، إذ تستأثر بنحو نصف سكان المنطقة، يليها مكة المكرمة والطائف فالقنفذة، وهكذا نجد أن أربع محافظات من بين 12 محافظة تضم نحو 90% من السكان، وعلى النقيض من هذا نلاحظ أن خمس محافظات هي: خليص، رنية، تربة، الخرمة، والكامل لم يصل عدد سكان أي منها إلى 1% من إجمالي سكان المنطقة
وتكشف النسب الموضحة في (جدول 39) عن ثلاثة أنماط لتغير نسب توزيع السكان على المحافظات: النمط الأول يوضح تراجعًا طفيفًا في نسبة السكان خلال الفترة من 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م، ثم ثبات تلك النسبة خلال الفترة من 1413 - 1425هـ / 1992 - 2004م، وتمثله محافظة واحدة هي مكة المكرمة، أما النمط الثاني فتمثله محافظة جدة التي عرفت تغيرًا كبيرًا في حجم السكان، إذ زاد نصيبها ليصل إلى 49.7% من سكان المنطقة، أما النمط الثالث فيمثل معظم المحافظات التي شهدت تناقصًا في نصيبها من إجمالي سكان المنطقة، وبشكل عام، فإن المحافظات ذات النسب المرتفعة - باستثناء جدة ومكة المكرمة - كان مستوى التراجع في نسب السكان فيها معتدلاً خلال الفترتين من 1394 - 1413هـ / 1974 - 1992م، ومن 1413 - 1425هـ / 1992 - 2004م، وتوفر محافظات الطائف والقنفذة، والليث شاهدًا مدعمًا لما ذكر، إلا أن التراجع قد يكون حادًا في نسب سكان بعض المحافظات، كما هو الحال في محافظتي الكامل وتربة
ومهما يكن من أمر فمعدل التغير في نسب التوزيع لا علاقة له بالأعداد المطلقة للسكان في كل محافظة لكن ثبات نسبة التوزيع أو تغيرها إيجابًا أو سلبًا إنما هو انعكاس لمدى ثبات أو تغير المناشط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى المشروعات التنموية المسببة للجذب في المحافظات المختلفة
وعلى الرغم من أن نسب التوزيع على مستوى المحافظة لا يبين حركة إعادة توزيع السكان داخل كل محافظة من خلال عملية الهجرة من الأرياف إلى المدن أو توطن البدو، إلا أن الصورة التوزيعية برمتها تتناغم مع الاتجاه القوي للتحضر وسكنى المدن
ولما كانت عوامل الجذب للمدن تتفاوت تفاوتًا كبيرًا ولأسباب مختلفة تتعلق في جوهرها بوظائف كل مدينة، فإن قدرة كل مدينة على استقطاب أعداد من سكان المحافظات الأخرى داخل المنطقة تظل هي المسبب الرئيس والمفسر الأساس للتباين في توزيع السكان، وتُعد جدة مثالاً على ذلك، إذ يقيم فيها نصف سكان المنطقة تقريبًا، وعلى النقيض منها سكان محافظة الكامل التي لا يقيم فيها سوى 0.3% من سكان المنطقة في عام 1425هـ / 2004م، وبالمثل، فهناك 8 محافظات من أصل 12 لا تصل نسبة سكان واحدة منها إلى 2%
هذا الواقع التوزيعي يطرح أسئلة ملحة حول مسارات التخطيط التنموي في المنطقة منذ أول خطة خمسية 1390 - 1395هـ / 1970 - 1975م، وصولاً إلى الخطة السابعة 1420 - 1425هـ / 1999 - 2004م التي انتهت منذ فترة قصيرة، وعما إذا كان مخططو التنمية أصلاً قد وضعوا في أذهانهم العلاقة بين مخرجات خطط التنمية وحركة السكان على مستوى مناطق المملكة ومن بينها هذه المنطقة، ليس هنالك تفسير لهذا التوزيع وتباينه وتطوراته سوى أن السبب الرئيس يكمن في التحولات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية والحضارية التي ترتبت على إنجازات خطط التنمية التي بدأت في عام 1390هـ / 1970م، وصولاً إلى خطة التنمية الثامنة الحالية 1425 - 1430هـ / 2004 - 2009م
ولا خلاف في أن جدة - مثلاً - التي هي المحافظة الأكثر سكانًا بسبب تركز الأنشطة الاقتصادية وخصوصيتها التجارية (المركز التجاري الأول على مستوى المنطقة والمملكة)، ثم مكة المكرمة العاصمة المقدسة التي يقوم اقتصادها بالأساس على الحج وما يصاحبه من أنشطة تتولد عنها فرص عمل تجذب إليها السكان، كما أن الطائف ذات القاعدة الاقتصادية المؤسسة على الزراعة والسياحة وما يتصل بذلك من خدمات، إلى جانب القنفذة (وفيها تركز كبير لنشاط زراعي وإنتاج سمكي) هي المحافظات الأربع الأكثر سكانًا من بين المحافظات الاثنتي عشرة
وعلى كلٍ فالناظر إلى صورة التوزيع يكتشف من الوهلة الأولى أن المحافظات البعيدة عن مقر إمارة المنطقة (رنية والخرمة وتربة والكامل) هي الأقل جذبًا للسكان، ويبدو أن غير السعوديين - وهم مكون أساسي في سكان المنطقة - يميلون إلى العمل في المدن الكبيرة (جدة ومكة المكرمة)؛ ففي محافظة جدة مثلاً كانت نسبة غير السعوديين إلى إجمالي السكان 48.1% عام 1425هـ / 2004م، وفي مكة المكرمة مثلوا 43.1% في السنة ذاتها، وهو ما سوف نتناوله تفصيلاً عند حديثنا عن تركيب السكان حسب الجنسية
 

 كثافة السكان

 
لما كانت الأعداد المطلقة لتوزيع السكان على المحافظات لا توفر إلا مؤشرًا محدود الدلالة كان لا بد من ربط التوزيع بمساحات المحافظات من خلال حساب كثافات السكان في السنتين 1394 و 1425هـ / 1994 و 2004م 
ويكشف الجدول عن تباين كبير في الكثافات السكانية، وتعطي هذه البيانات دلالة كافية على ارتفاع الكثافة في الكيلومتر المربع الواحد في كل من محافظة جدة ومدينة مكة المكرمة بخاصة، وأغلبية ما تبقى من محافظات بعامة، مما يؤكد تأثير عوامل الهجرة الداخلية والخارجية والزيادة الطبيعية
وتجدر هنا الإشارة إلى أن ارتفاع الكثافة السريع قد لا يستغرق فترات طويلة، فعلى سبيل المثال، ارتفعت الكثافة في جدة من 114 نسمة للكيلو متر المربع الواحد عام 1394هـ / 1974م إلى 433 نسمة عام 1413هـ / 1992م، ثم إلى 645.3 نسمة عام 1421هـ / 2000م، وصولاً إلى 686.5 نسمة عام 1425هـ / 2004م، وتكشف الكثافات السكانية عن غياب التجانس العددي أو التوازن السكاني في المنطقة، إذ تمثل المدن بؤرًا لتركز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والحضارية فتتحول إلى أقطاب للسكان. ويؤكد تباين الكثافة السكانية في عام 1425هـ / 2004م تنامي الحضرية والاتجاه نحو المدن بدلالة أن بعض المحافظات التي لا تضم تجمعات حضرية كبيرة تراجعت فيها الكثافة إلى ما دون عشرة أفراد في الكيلومتر المربع الواحد، ويمكن تصنيف الكثافة السكانية في عام 1425هـ / 2004م إلى أربعة أنماط رئيسة: كثافة عالية جدًا وتمثلها جدة 686.5 نسمة فأكثر، كثافة عالية وتمثلها مكة المكرمة، وتراوح بين 144 و 176 نسمة، وكثافة متوسطة تراوح بين 10 و 31 نسمة ويدخل تحتها القنفذة، الطائف، رابغ، خليص، وكثافة منخفضة أقل من 10 أفراد، وتمثلها بقية المحافظات
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الفترة من 1394 - 1425هـ / 1974 - 2004م ارتفعت كثافة سكان المنطقة من 13 نسمة في الكيلو متر المربع الواحد إلى 41.1 نسمة وهي زيادة كبيرة بلا شك تتناغم إلى حد كبير مع زيادة سكان المنطقة ومع التغيرات الكبيرة التي حدثت بسبب إعادة توزيع السكان على المحافظات
ويظهر (جدول 40) التغير الكبير الذي طرأ على كثافات السكان خلال الفترة المذكورة، ويتبين أن أعلى الكثافات في 1425هـ / 2004م كانت في جدة 686.5 نسمة /كم  ، وأدناها في رنية 2 نسمة /كم  ، وقد استطاعت محافظتان فقط تخطي متوسط الكثافة في المنطقة البالغ 41 نسمة
ويُعزى التغير في الكثافات السكانية إلى مجموعة من العناصر المتشابكة، وعلى رأسها العنصر الاقتصادي وما يتصل به من أنشطة، وهكذا نجد أن الكثافات في جدة قد تضاعفت خمس مرات تقريبًا في غضون 13 عامًا، وهذا ليس بمستغرب للأسباب التي أوردناها سابقًا، إذ جعلت من جدة القطب الجاذب الأعظم للسكان في منطقة مكة المكرمة، ولما كانت مساحة محافظة جدة صغيرة نسبيًا 4200كم  ، فقد ارتفعت الكثافة السكانية فيها بدرجة عالية، وعلى النقيض فإن محافظة رنية تتميز بمساحة كبيرة نسبيًا 22.000كم  مع قلة في أعداد سكانها
 
ج - حجم الأسرة:
في عام 1425هـ / 2004م بلغ عدد الأسر في منطقة مكة المكرمة 1.177.457 أسرة، بما يعادل نحو 30% من إجمالي عدد الأسر في المملكة، علمًا أن سكان منطقة مكة المكرمة يمثلون 26% من إجمالي سكان المملكة، وبالطبع فليس من الضروري تطابق النسبتين إلا أن كلتيهما تضع منطقة مكة المكرمة في الصدارة من بين المناطق الإدارية في المملكة من حيث العدد المطلق للسكان وعدد الأسر أو المساكن المشغولة
على مستوى المحافظات، كانت الأحجام الكبيرة في رنية والليث والخرمة وتربة والطائف وأقلها في مدينة جدة، ومن اللافت للنظر أيضًا أن خمسًا من المحافظات قد تخطت متوسط حجم الأسرة في المنطقة البالغ نحوًا من 5.3 نسمات، وهذه المحافظات هي: الطائف والليث والخرمة ورنية وتربة
شارك المقالة:
90 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook