التوكل على الله

الكاتب: مروى قويدر -
التوكل على الله

التوكل على الله.

 

 

تعريف التوكل على الله:

 

إنّ التوكل على الله عبادةٌ أمر الله بها عباده المؤمنين، وحقيقته تكون بالثقة بما عند الله واليأس بما في أيدي الناس، والثقة بأنّ الله جالب المصالح ودافع المضارّ، وتحقيق التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب، فكما أنّ التوكل عبادةٌ فالأخذ بالأسباب عبادةٌ أيضاً.

 

كيفية التوكل على الله:

 

هنالك عدة أمور يجب على العبد فعلها لتحقيق التوكل، ونذكر منها:

  • توحيد الله وتخليص النفس من أدران الشرك.
  • الإيمان بكمال ربوبية الله وأنّه بيده كل شيء.
  • حسن الظن بالله.
  • استشعار العبد فقره وحاجته لله، واستشعاره ضعف المخلوقين وأنه لا شيء بيدهم.
  • الأخذ بالأسباب دون الاعتماد عليها، فمن الناس من اعتمد عليها دون الاعتماد على الله فوقع بالشرك، فلذلك يجب على الإنسان الأخذ بالأسباب ثم الاعتماد على الله، فإن شاء الله رتّب عليها مسبباتها، وإن لم يشأ فلا.ودليل ذلك ما قاله رجلٌ لرسول الله: (يا رسولَ اللهِ أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ قال اعقِلها وتوكَّلْ)
  • التعرّف على أسماء الله وصفاته.
  • التأمّل في فضل التوكل، واستشعار عظيم أثره على العبد.
  • التفكر في علم الله وقدرته وإحاطته بكل شيء.


وكما أنّ للتوكل أموراً تحققه فإنّ له أموراً تنافيه أيضاً، منها:

  • الاعتماد على الناس في قضاء الحاجات وتحقيقها.
  • ارتكاب الذنوب والمعاصي والغرق بالشهوات.
  • ضعف إيمان العبد وعدم طاعته لله.
  • الجهل بأسماء الله، وصفاته، وعلمه، وقدرته، وإحاطته بكل شيءٍ.
  • اغترار الإنسان بما يملك من مال وجاه، فيظنّ أنّها السبب في تحقيق ما يريد فيتكل عليها.
  • الاعتماد الكليّ على الأسباب اعتقاداً من فاعلها أنها تحقق ما يريد.
  • الاعتماد على أمرٍ ليس سبباً شرعياً، مع الاعتماد على الله كالاعتماد على التمائم.
  • الاعتماد على سببٍ غير مؤثرٍ كالأموات والغائبين.

 

أقسام التوكل على الله:

 

إنّ للتوكل على الله عدة أقسام، منها:

  • توكل العبد على ربه في إصلاح نفسه دون غيره.
  • توكل العبد على ربه في إصلاح نفسه وإصلاح غيره وإزالة الضلال عن الأرض.
  • توكل العبد على ربه في جلب مصالحه الدنيوية كالزواج والعمل.
  • توكل العبد على ربه في دفع المحرمات عنه.


والناس في التوكل على الله أقسامٌ:

  • صنف اعتمد على الله بقلبه ولم يأخذ بالأسباب، ولم يبذل مجهوداً في تحقيق ما يريد، فما يفعله هذا القسم من الناس مذموم، وهو ما يسمى التواكل على الله وليس التوكل، فعن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: (كان أهلُ اليمنِ يَحُجُّون ولا يَتَزَوَّدون، ويقولون: نحن المُتَوكِّلون، فإذا قَدِموا مكةَ سألوا الناسَ، فأَنْزَلَ اللهُ تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).
  • صنف عمل بالأسباب، واعتمد عليها، وترك الاعتماد على الله، وعمله مذموم؛ لأنّ فاعله جعل الأسباب هي السبب المؤثر في جلب الخير ودفع الشر، ونسي أنّ الله هو خالق الأسباب.
  • صنف جمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله؛ لأنّ الله هو السبب في النفع والضر، وهذا مسلك أهل التوحيد والسنة وهو فعل محمودٌ.

 

ثمرات التوكل على الله:

 

إنّ التوكل على الله من أهمّ أعمال القلوب، وهو من العبادات التي يؤجَر عليها صاحبها، كما أنّه سببٌ في زيادة إيمان العبد، وهو صفةٌ من صفات المؤمنين؛ لقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). يقول سهل بن عبد الله: من طعَن في الاكتساب، فقد طعَن في السنة، ومن طعَن في التوكل، فقد طعن في الإيمان ويقول ابن عباس: التوكّل جماع الإيمان، والدليل على أهميّة التوكل على الله أن الله أمر به نبيّه والأنبياء من قبله، وللتوكل على الله ثمار منها:

  • كفاية الله للمتوكل وحمايته له حيث يقول الله تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
  • طمأنينة النفس.
  • سبب في جلب النفع ودفع الضر.
  • سبب في محبة الله للعبد؛ حيث يقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
  • شجاعة النفس وقوة القلب والروح.
  • حماية الإنسان من وساوس الشيطان.
  • وقاية الإنسان من شر الحسد والعين، ومن الأمراض القلبية، كالعجب، والكبر، والتشاؤم.
  • الرضا بقضاء الله وزيادة الإيمان به.
  • دخول المتوكلين للجنة أول الناس، وتكون وجوههم مضيئة؛ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أولُ زُمرَةٍ تَدخُلُ الجنةِ على صورةِ القمَرِ ليلةَ البدرِ، والذين على آثارِهم كأحسنِ كوكبٍ دُرِّيٍّ في السماءِ إضاءةً).
  • الثقة بالله وعدم اليأس.

 

نماذج في التوكل على الله:

 

يجب على المسلم أن يتّكل على الله في أمره كلّه عند النوم، وعند الخروج من المنزل، وعند نزول الفاقة، وعند نزول المصائب والمحن، وعند دخول شيء مذموم شرعاً للنفس كالتطير، وعند الدخول إلى المنزل والخروج منه، وعند إعراض الناس عنه، ولنا في الأنبياء والصالحين خير نموذج في التوكل، فقد جعلوا التوكل سلاحاً يُستخدم في كل مصيبةٍ نزلت بهم، وعند محاربة الأعداء وأهل المكائد لهم، ومن هذه النماذج:

  • عندما اجتمع قوم سيدنا إبراهيم عليه السلام عليه فأشعلوا النار به فنُجّي بتوكله على الله.
  • عندما لحق فرعون وجنوده بموسى عليه السلام ومن معه، وكان البحر من أمامهم، والأعداء من خلفهم، فظنوا أنّهم هالكون، ولكنّ توكل سيدنا موسى عليه السلام كان عاصماً لهم من ذلك.
  • عندما اجتمعت الأحزاب للهجوم على سيدنا محمد ومن معه من المؤمنين، فخذلهم الله تعالى بتوكل الرسول عليه.
  • عندما وقف المشركون على باب الغار يبحثون عن الرسول وصاحبه، فكما ورد عن أبي بكر أنّه قال: (قُلْت للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا في الغارِ: لو أن أحَدَهُم نظرَ تحتَ قدَمَيْهِ لأبْصَرَنا، فقال: ما ظَنُّكَ يا أبا بكرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثالِثُهُما).
  • عندما بُشِّر عثمان رضي الله عنه بالجنة بسبب بلوى تصيبه استعان بالله وتوكل عليه، ولم يسأل ما هي تلك البلوى وما سببها.
شارك المقالة:
67 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook