الثدييات بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الثدييات بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الثدييات بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
تشكل الثدييات عنصرًا مهما وفريدًا من المجموعة الحيوانية في منطقة المدينة المنورة، وتأتي أهميتها من ارتباط عدد من أنواعها بحياة الإنسان؛ فمنها الطرائد التي يبحث عنها هواة الصيد والقنص مثل: الظباء والوعول والأرانب، ومنها المفترسات التي يخشاها على نفسه وماشيته مثل: النمر، والذئاب، والضباع. وكان تعامل الإنسان مع الطرائد المختلفة يسير بتوازن دقيق، حيث يصيد الإنسان ما يحتاجه، فبقيت الأنواع واستمرت حتى وقت قريب. ولا شك أن البيئة الجبلية المتمثلة بامتداد جبال الحجاز شكلت بيئة ممتازة وفرت الحماية لعدد من الأنواع مثل: النمر، والوعل، والوبر، والأرانب البرية وغيرها.
 
تضم منطقة المدينة المنورة نحو 36 نوعًا من الثدييات التي تشكل ما نسبته 47% من عدد الأنواع الموجودة في المملكة والبالغ عددها نحو 76 نوعًا تضمها ثماني رتب  ،  وتعدّ رتبة الخفاشيات أكثرها أنواعًا؛ إذ تضم ما يقرب من 24 نوعًا، اثنان منها تتبع مجموعة الخفافيش الكبيرة أو آكلة الثمار، وهي نهارية المعيشة وتتغذى على الثمار والفواكه. أما الأنواع الأخرى فتتبع مجموعة الخفافيش الصغيرة أو آكلة الحشرات، وهي ليلية المعيشة تعتمد على الصدى في طيرانها، وتتغذى على الحشرات الليلية. والخفافيش منتشرة في معظم مناطق المملكة وبخاصة في المناطق الجنوبية الغربية والشمالية الغربية، وفي واحات المنطقة الشرقية، وعلى الرغم من كثرة أنواعها إلا أن معظم الناس لا يعرفون عنها إلا القليل؛ إذ إنها ليلية المعيشة وتسكن الأمكنة المهجورة والمزارع والخرب.
 
تأتي رتبة القوارض في المرتبة الثانية من حيث عدد الأنواع؛ إذ تضم نحو 22 نوعًا، وهي ثاني أكبر الرتب حسب عدد الأنواع، وتشمل عائلة العضلان  ، وعائلة الفئران والجرذان، وعائلة الجرابيع، وعائلة النيص، وعائلة زغبة الحدائق. وهي منتشرة في جميع مناطق المملكة وبخاصة المناطق السهلية والرملية والمناطق الجبلية وحول التجمعات السكانية. عدا العائلة الأخيرة حيث يقتصر وجودها على جبال الحجاز وجبال السروات.
 
وتأتي رتبة اللواحم في المرتبة الثالثة من حيث عدد الأنواع، إذ تضم نحو 14 نوعًا في المملكة، وتشمل هذه الرتبة عائلة القطط مثل: النمر، والقطط البرية، والعائلة الكلبية التي تضم الذئب، وابن آوى، والثعالب، كما تشمل الرتبة عائلة العرسيات ومنها الضربان، وعائلة الزباديات ومنها الزريقاء، والعائلة الضبعية ومنها الضبع. وتعيش أنواع هذه الرتبة في بيئات المملكة المختلفة. وتعدّ العائلة القطية أكثر عوائل اللواحم تهديدًا، وتحتاج إلى اهتمام عاجل لحمايتها من الانقراض وبخاصة النمر العربي الذي يوجد في مناطق كثيرة من منطقة المدينة.
 
أما رتبة مزدوجة (شفعية) الحافر فيوجد منها خمسة أنواع تضمها العائلة البقرية، وتشمل: المها أو الوضيحي، والظباء، والوعول. وكلها أنواع لها أهمية تراثية صيدية كبيرة، وقد انقرضت كل أنواع هذه العائلة من بيئاتها الطبيعية عدا الوعل، ولكن الجهود الكبيرة التي بذلت بعد إنشاء الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية أعادت معظم الأنواع المنقرضة إلى بيئاتها في المحميات الطبيعية التي أنشأتها.
 
تضم رتبة آكلة الحشرات خمسة أنواع تضمها عائلتان هما: عائلة القنافذ، وعائلة الزباب، وتنتشر القنافذ في معظم مناطق المملكة وبخاصة القنفذ الإثيوبي, أما الزبابات فهي حيوانات جحرية تنتشر بشكل خاص حول المناطق الساحلية وفي بعض الواحات الداخلية. أما رتب الأرنبيات والرئيسيات والوبريات فيوجد من كل منها نوع واحد فقط في المملكة. وتعدّ رتبة فردية الحافر - التي تضم الحصان العربي والحمار الأخدري - منقرضة من بيئاتها الطبيعية منذ وقت طويل.
 
تقع منطقة المدينة ضمن إقليم الدرع العربي الذي يتكون بشكل رئيس من الصخور النارية، وتشكل مرتفعات الحجاز العالية جزءًا مهمًا من مظاهر السطح في هذه المنطقة، وتتفاوت جبال الحجاز في الارتفاع ويزيد الارتفاع كلما اتجهنا جنوبًا, كما أنها تنحدر بشكل متدرج نحو الشرق. وقد شكلت هذه الجبال بيئات وفرت المعيشة والحماية لعدد من أنواع الثدييات مثل: النمر العربي، والوعل، والذئاب، والضباع، وعدد من الحيوانات الثديية الصغيرة الأخرى. ومما لا شك فيه أن هذه البيئات مكنت هذه الأنواع من البقاء وحمتها من الانقراض بسبب الصيد الذي قضى على مثيلاتها من الثدييات التي تعيش في السهول والوديان، مما سهل الوصول إليها ومن ثم القضاء عليها.
 
ينتشر إلى الشرق من جبال الحجاز  عدد من الحرات البركانية شديدة الوعورة مثل: حرة عويرض غرب العلا، وحرة خيبر شمال المدينة، وحرة رهط جنوب المدينة، وكانت هذه البيئات مأوى للكبش البري الذي انقرض منذ فترة، وكذلك كانت تعيش فيها أنواع من الظباء، والثعالب، والذئاب، والضباع وغيرها. وقد وفرت هذه الحرات أيضًا حماية ممتازة للأنواع التي تعيش فيها نظرًا لوعورتها الشديدة وعدم توافر المسالك فيها.
 
يمتد السهل الساحلي بمحاذاة جبال الحجاز، وهو سهل مستوٍ يتسع كلما اتجهنا جنوبًا، ويخترقه عدد من الأودية المنحدرة من الجبال باتجاه البحر، وتوجد في بعض المناطق تجمعات رملية تشكل بيئة مناسبة لبعض أنواع الثدييات المتوسطة والصغيرة.
 
وعلى الرغم من محدودية البيئات التي تعيش فيها الثدييات في المنطقة إلا أن هناك عددًا لا بأس به منها، فقد سجل نوعان من القنافذ، ونوع من الزباب، كما سجلت نحو ستة أنواع من الخفافيش الكبيرة والصغيرة، ونحو ثلاثة عشر نوعًا من القوارض، وسبعة أنواع من اللواحم، بالإضافة إلى أربعة أنواع من العائلة البقرية معظمها انقرضت من البيئة الطبيعية في الوقت الحاضر. كما ينتشر الأرنب البري والوبر في أمكنة متعددة من المنطقة، وقد وصل البابون مؤخرًا لجنوب المنطقة على امتداد طريق مكة السريع.
 
شارك المقالة:
55 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook