الثروة المائية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 الثروة المائية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

 الثروة المائية بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
تصنف المنطقة الشرقية جغرافيًا بوصفها جزءًا من المملكة العربية السعودية إجمالا على أساس أنها من المناطق القاحلة، لعدم وجود الأنهار أو البحيرات فيها، والأمطار قليلة وغير منتظمة، وتهطل في أوقات متباعدة زمانًا ومكانًا، ودرجات الحرارة مرتفعة معظم شهور العام، كما أن الصحارى تغطي كثيرًا من أجزائها، ولوقوع المنطقة في النطاق الجاف، فقد ترك ذلك أثرًا كبيرًا في ندرة موارد المياه في المنطقة الشرقية، ويمكن تصنيف مصادر المياه إلى أربعة أقسام رئيسة هي: المياه السطحية، والمياه الجوفية، ومياه البحر المحلاة، ومياه الصرف الصحي المعالجة.
 
إن الكثافة السكانية المتزايدة يومًا بعد يوم تتطلب استمرارية توفير المياه لمقابلة الاحتياجات المتزايدة للأغراض المنـزلية والزراعية والصناعية، وقد أدت الظروف التنموية والاقتصادية والاجتماعية خلال العقود الماضية إلى زيادة كبيرة في استهلاك المياه في المنطقة الشرقية بشكل أثر كثيرًا في مخزونها من المياه الجوفية السطحية، وتتولى وزارة المياه والكهرباء تنمية موارد المياه في المنطقة ضمن مهامها في عموم المملكة، في حين تقوم المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بتشغيل محطات التحلية وصيانتها على ساحل الخليج العربي.
 
 

الموارد المائية

 
تتوافر في المنطقة الشرقية بعض موارد المياه السطحية والمياه الجوفية، حيث تنشأ المياه السطحية من انحدار المياه إلى الشعاب والأودية بعد سقوط الأمطار، ولكنها تفقد بسرعة نظرًا لارتفاع نسبة التبخر في المنطقة؛ حيث تبلغ 70% تقريبًا، بالإضافة إلى ما يتسرب منها إلى طبقة الطمي أو التربة السطحية في مجاري الأودية، فتختزن بها وتصبح مخزونًا نافعًا ورصيدًا من المياه الجوفية، وتتمثل أهم الأودية الجافة في المنطقة الشرقية في:
 
1 - وادي السهباء:
 
يجري شمال الربع الخالي في النطاق الجنوبي من المنطقة الشرقية، ويعد هذا الوادي امتدادًا لوادي حنيفة باتجاه الشرق ويبلغ طوله بما في ذلك الأجزاء المطمورة برمال صحراء الجافورة نحو 400كم، وقد أقيم في نطاقه مشروع الفيصل لتربية الأغنام النجدية في حرض الذي يمتد شرقًا تحت رمال الجافورة، ثم يظهر بشكل غير محدد المعالم في منطقة سبخية تصب في مياه الخليج العربي جنوب خور العديد.
 
2 - وادي الباطن:
 
يجري في الجزء الشمالي الغربي من المنطقة الشرقية ويفصل بين هضبة الدبدبة والهضاب الشمالية للمملكة، ويعد امتدادًا لوادي الرمة؛ حيث يظهر وادي الباطن بعد رمال الدهناء، ويمر بمدينة القيصومة، ثم الأرقعي عند تلاقي الحدود السعودية الكويتية، ويستمر محاذيًا لحدود الكويت حتى مدينة البصرة في جنوب العراق؛ ليصب في شط العرب، ويبلغ طوله 424كم.
ب - المياه الجوفية:
 
إن المياه الجوفية بالمنطقة الشرقية يمكن تقسيمها إلى قسمين: المياه الجوفية السطحية التي هي مياه الأمطار التي تسربت خلال طبقات الرمال والحصى وتجمعت فوق طبقة صخرية صماء على عمق متوسطه عشرات الأمتار، وهي مصدر أغلب العيون والآبار السطحية في المنطقة، والمياه الجوفية العميقة التي اختزنت في طبقات الصخور الرملية أو الجيرية، وهي من الصخور الرسوبية، وترتكز على صخور غير مسامية بعيدة عن سطح الأرض، وترجع إلى العصر المطير منذ الزمن الرابع، وتقدر مساحتها بآلاف الكيلومترات المربعة، كما يقدر سمكها بمئات الأمتار.
 
تعد المياه الجوفية المصدر الأساس للمياه في المنطقة سواء للاستخدام الزراعي أو العمراني، وتوجد في تكوينات الصخور الحاملة للماء أو الطبقات الحاملة له، وأهم الطبقات الرئيسة التي تغذي المنطقة بالمياه هي:
 
1 - طبقة النيوجين:
 
وهي الطبقة الرئيسة في الأحساء، ويراوح سمكها بين 20 و 125م، وتتدفق العيون منها بمعدل 10 - 30 لترًا /الثانية، ومن عمق يبلغ 95 - 180م، وتنتج 227 مليون متر مكعب /السنة ومعظمها يستغل للأغراض الزراعية، على حين ينقل 15 مليون متر مكعب للأغراض العمرانية مثل الشرب. وتعد ملوحة مياه هذه الطبقة عالية وتراوح بين 1000 و 4000ملجم /لتر.
 
2 - طبقة الدمام:
 
يراوح سمكها بين 0 و 83م، وعمق المياه بين 140و180م، ويستخرج منها في الأحساء 5 ملايين متر مكعب /السنة لأغراض الشرب، و 3 ملايين متر مكعب /السنة لأغراض الزراعة.
 
3 - طبقة أم رضمة:
 
يراوح سمك الطبقة بين 300 و 700م، وعمق المياه فيها بين 230 و 500م، ويتم استغلال هذه الطبقة بشكل جيد وعلى نطاق واسع في المشروع الزراعي بحرض، وقد قدرت المياه المسحوبة لهذا الغرض بـ80 مليون متر مكعب /السنة، وفي واحة الأحساء بلغ ما تم سحبه منها 152 مليون متر مكعب /السنة، وقد قدرت كميات مياه هذه الطبقة بنحو 16.000 مليون متر مكعب، حيث يتم تغذيتها سنويًا بمياه الأمطار بمعدل 400 مليون متر مكعب.
 
4 - طبقة الوسيع البياض:
 
يراوح سمك الطبقة بين 100 و 600م، وعمق المياه بين 100و 285م في منطقة خريص، وتعد ملوحتها عالية؛ إذ تصل إلى أكثر من 5000ملجم /لتر، وكانت حتى عام 1398هـ /1978م تستغل لحقول آبار الزيت في خريص.
 
وواحة الأحساء بطبيعتها أرض خصبة اكتسبت اسمها من مضمون طبيعتها الجغرافية، حيث وفرة المياه وعذوبتها؛ إذ توجد بها أكثر من 30 عينًا طبيعية التدفق، كانت تمد الواحة الزراعية بالمياه عبر مجموعة أنهر وجداول تشكل في مضمونها شبكة الري التقليدية في الأحساء قبل إقامة مشروع الري والصرف، ومن أهم هذه العيون: باهلة، برابر، البحيرية، القربات، الحقل، الحارة  ، الحويرات، الجوهرية، الخدود، المطيرفي، أم سبعة، وصويدرة. ومع إنشاء مشروع الري والصرف تم تحسين وضع هذه العيون بإقامة مسابح حولها وطرق تصريف مدروسة لإمداد قنوات الري، كما أدخلت الهيئة تقنيات حديثة لزيادة قدرات هذه العيون على إمداد قنوات الري بالمياه بعد حالة التراجع في مستويات تدفقها، وتعد الخدود من أكبر هذه العيون بالإضافة إلى عين الحقل وعين أم سبعة، أما عين النجم ذات المياه المعدنية الكبريتية والخاصية الدافئة فقد كانت لها مكانة مهمة، ثم ازدهرت في سنوات لاحقة بعد دخول الملك عبدالعزيز الأحساء، وأعيد بناء قبتها والمجالس المحيطة بها، وتم تطوير مسابحها والحدائق حولها.
 
أما في واحة القطيف، فقد كانت العيون الجارية التي تسقي سيحا، تشكل مصدر الري الوحيد الذي قامت عليه زراعة الواحة، وهي قديمة جدًا قدم الواحة نفسها، حيث تتوافر لدى سكان المنطقة منذ القدم تقنية متميزة وخبرة فائقة بمواطن المياه، بدليل تقارب بعض العيون من بعضها، إذ يصادف أن تتركز عيون كثيرة في بقعة لا تتعدى مساحتها كيلومترًا مربعًا كحمام أبو لوزة، وعين الحباكة، وعين البشري، وعين القصاري وعين الجنيز، وعين الحليلة، وعين الرواسية، في حين لا توجد عين في منطقة بأكملها كسيحة الشويكة أو تكون متباعدة كثيرًا.
 
كل ذلك يدل على خبرة جيولوجية متقدمة ومعرفة بمواقع وجود المياه، ويبلغ عدد العيون في الواحة نحو 170 عينًا، تختلف قوة وضعفًا، فمنها ما كان يتوزع ماؤه في سبعة روافد، كعين داروش في صفوى أو ما يصب في رافدين كعين أم عمار بحلة محيش، والقشورية في الجارودية، ومنها ما يجري في ساقية وحدة، وهو الغالب، إلا أن أكثر هذه العيون قد توقف عن الجريان في الوقت الحاضر، ويرجع السبب إلى الإسراف في حفر الآبار الارتوازية التي يصل عمقها إلى أربعمئة قدم وأكثر، حيث سحبت ضغط المياه الجوفية عنها، ولا سيما حينما استعملت آلات الضخ في مناطق الزيت لاستخراج المياه الجوفية ثم ضخها في آبار البترول للاحتفاظ بمنسوب تدفقه، وقد عجلت هذه العملية باستنفاد المياه المختزنة المحدودة في الطبقات الجيولوجية التي تعود إلى العصر الأيوسيني التي كانت تتناقص على مدى آلاف السنين، وهذه العيون كانت تسقي بشكل مباشر الجانب الغربي من الواحة، أما الجانب الشرقي منها فيسقى من فضلات المياه التي تتجمع من منازل الصرف، وتشكل روافد تسمى (سيبان) وأشهرها ساب أبو خمسة بالشويكة، وساب الدوبج بالتوبي، وساب الصوبية بالقديح، وكانت مياه العيون والسيبان يجمعها نظام موحد في توزيعها على البساتين خلال أيام الأسبوع ولياليه.
 
وإزاء تناقص المياه واستصلاح الأراضي البور في السنوات الأخيرة، عمد الناس إلى حفر الآبار الارتوازية بإسراف، وانتشرت الفوضى في نظام الري؛ إذ أصبح كثير من البساتين يشكو الجفاف، وفي الوقت نفسه تحولت البساتين التي تسقى من الآبار الارتوازية إلى مستنقعات، فعمدت وزارة الزراعة إلى تبني مشروع الري والصرف، فشقت الترع العميقة الكبيرة في أرجاء الواحة، ودفعت بمياهها نحو البحر، وقضت على المستنقعات التي كانت تشكل خطرًا على الصحة العامة، وضررًا على الزراعة، وذلك على مراحل.
 

 مياه الشرب

 
تعتمد المنطقة الشرقية على عدد من مصادر توفير مياه الشرب، ومن أهمها المياه المحلاة التي توفرها محطات التحلية المقامة في كل من: الخفجي والخبر والجبيل. كما تعتمد المنطقة على مياه الآبار الحكومية أو الأهلية، وتعد المياه الجوفية المصدر الأساسي الوحيد للمياه في محافظة الأحساء سواء للاستخدام الزراعي أو العمراني، وتوجد في تكوينات الصخور الحاملة للمياه أو الطبقات الحاملة لها، حيث تغطي الطبقات الحاملة للمياه الثانوية معظم القطاع الشمالي للمنطقة، في حين توجد مواقع بها طبقات رئيسة حاملة للمياه، وتشكل المياه المحلاة المنتجة من المياه المالحة بالسعودية ما نسبته 27% من الإنتاج العالمي الذي يبلغ 19.5 مليون متر مكعب يوميًا، ينتج منها بالسعودية ما يفوق 5.4 ملايين متر مكعب يوميًا. كما أن المياه المحلاة من مياه البحر في السعودية تشكل ما نسبته 72% من إجمالي المياه المستهلكة للأغراض المنـزلية في المدن والمناطق الرئيسة في السعودية التي تصل إليها مياه التحلية (الرياض، جدة، المدينة، ينبع، مكة المكرمة، الطائف، الدمام، الخبر، عسير)  .  ووفقًا للخطط المرسومة للتوسع في إنتاج المياه المحلاة فإن إنتاج محطات المؤسسة قد ازداد بنسبة 32% بعد اكتمال بعض مشروعات التوسعة.
 
وهناك مورد مهم آخر للمياه للأغراض الصناعية والزراعية وهو مياه الصرف الصحي المعالجة، لكن هذا المورد يمثل أقل من 1% من إجمالي الطلب الزراعي في عام 1420هـ /1999م على مستوى المملكة، وقد استهدفت خطة التنمية السابعة زيادة هذا المورد بنسبة 11.5% سنويًا ليصل إلى 340 مليون متر مكعب في السنة، عام 1440هـ /2019م، كما يوجد مشروع مياه الري والصرف بالأحساء؛ حيث تم توفير 32 مليون متر مكعب سنويًا بإعادة استعمال مياه الصرف الزراعي، وربما كان مناسبًا التوسع في بناء مشروعات الري والصرف في المناطق الزراعية الأخرى، وتمديد أنابيب لنقل مياه الصرف الصحي المعالجة من المدن إلى المناطق الزراعية بالقرب منها، لزيادة إعادة استخدام مياه الصرف في الأغراض الزراعية؛ لتكون موردًا مهمًا للقطاع الزراعي، (جدول 53) 
 
وقد أظهرت تقارير صادرة عن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة أن مياه التحلية تغطي نحو ثلثي احتياجات مياه الشرب في السعودية بنسبة 70%، وأشارت إلى وجود 25 محطة لتحلية المياه تنتج 520 مليون جالون ماء يوميًا، فيما بلغت الطاقة الكهربائية من محطات المؤسسة 2.6 ألف ميجاوات، تعادل 25% من الطاقة الكهربائية المنتجة في السعودية، وأنشأت المؤسسة شبكة خطوط أنابيب لنقل المياه إلى المناطق الداخلية بلغ مجموع أطوالها أكثر من ألفي كيلومتر بأقطار مختلفة تبلغ في بعض الأحيان ألفي ملليمتر، إضافة إلى 98 خزانًا تصل سعتها الاستيعابية إلى أكثر من ثلاثة ملايين متر مكعب، (جدول 54) 
 
تتولى معظم حكومات دول مجلس التعاون عملية الاستثمار في مجال توفير المياه لسكان دولها ودعم هذا القطاع بمبالغ طائلة، وهذا الدعم يمكّن في حال توظيفه من التوسع في توفير موارد مياه أخرى وتنميتها  ،  ويختلف سعر بيع المياه من دولة لأخرى من دول مجلس التعاون طبقًا لعدد من العوامل منها: سياسة الدولة في تسعير المياه، ونوعية المياه، وفئات المستهلكين، ومصدر المياه (تحلية، مياه جوفية)، فالمملكة تسعر المياه للمستهلك باستخدام نظم الشرائح، ويباع المتر المكعب من مياه البحر المحلاة بريالين، على حين تبلغ كلفة إنتاجه ما يعادل 5.6 ريالات؛ وهذا يعني أن الدولة تتحمل الفرق بين كلفة إنتاج المتر المكعب وسعر البيع  
 
ويبين (جدول 55) أن عدد المشتركين في عام 1415هـ /1994م كان 57254 مشتركًا في الدمام والخبر، أما كمية المياه المستهلكة فكانت 117046 ألف متر مكعب، وفي عام 1425هـ /2004م وصل عدد المشتركين إلى 81427 مشتركًا، أما كمية المياه المستهلكة فكانت 417875 ألف متر مكعب في الدمام والخبر.
 
شارك المقالة:
51 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook