الجغرافيا الطبيعية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الجغرافيا الطبيعية في المملكة العربية السعودية

الجغرافيا الطبيعية في المملكة العربية السعودية.

 
 
 

التاريخ الجيولوجي للمملكة العربية السعودية

 
كانت الجزيرة العربية في حقبة ما قبل الكمبري - أي منذ أكثر من 4600 مليون سنة - تشكل جزءًا من قارة كبيرة تُعرف بقارة (جندوانا لاند) التي كانت تشغل أجزاءً كبيرة من قارتَي آسيا وإفريقية. وفي مستهل حقب الحياة القديمة (في زمن الكمبري) تَكَوَّن بحر (تيثس) إلى الشمال من الجزيرة العربية، وهو حوض رسوبي عظيم كان يغطي مساحات واسعة شملت المواقع الحالية لتركيا وشمال العراق وجنوب غرب إيران. وخلال الحقب الجيولوجية الثلاث: القديمة (الباليوزوي)، والوسطى (الميزوزوي)، والحديثة (الكانيوزوي) تراكمت الرواسب البحرية والقارية في هذا البحر، وتمخَّض عن ذلك انخفاض قاع البحر، ونشوء البحار القارية التي امتدت من بحر (تيثس) صَوْبَ الأجزاء الشرقية من الجزيرة العربية والتي غُطيت بطبقات رسوبية مستوية. أما في الداخل البعيد عن الساحل فقد استقرت ترسبات قارية، وكان خط الساحل عرضة للتقدم والتراجع والارتفاع والانخفاض، وذلك بتأثير الحركات الرأسية التي أوجدت عدم انسجام في الطبقات؛ بسبب صراع الحركات الباطنية، وعوامل التعرية في تكوين تلك الطبقات.
وكان لحركات نشوء الجبال في الحقب الجيولوجية التالية تأثيرات مباشرة في التواء الطبقات الرسوبية البحرية السميكة في قاع بحر (تيثس)، وما نجم عنها من تقليص مساحة بحر (تيثس) وانقسامه إلى حوضين: شمالي شغله البحر المتوسط، وجنوبي شغله الخليج العربي، كما نجم عنها ميل طبقات الجزيرة العربية نحو الشرق. وتم ذلك عبر مرحلتين: كانت المرحلة الأولى في آخر حقب الحياة الوسطى (في زمن الكريتاسي) إذ شهدت ظهور جبال الألب والهمالايا، وكانت المرحلة الثانية في بداية حقب الحياة الحديثة (في الزمن الثلاثي)، إذ نشأت جبال طوروس وزاغروس وعُمان.
وفي منتصف الزمن الثلاثي وفي خضمِّ العمليات الكبرى بالغة الشدة والعنف في باطن الأرض؛ تصدعت الهضبة العربية الإفريقية بسبب صلابة صخورها، ونجم عن ذلك انكسار أخدودي عظيم ترك تغييرات عميقة على السطح تَمَثَّل أهمها في انفصال الجزيرة العربية عن إفريقية عبر تكوُّن البحر الأحمر، وارتفاع الجزء الغربي من الجزيرة العربية، وانفجارات بركانية هائلة تدفقت على إثرها الحمم من جوف الأرض إلى السطح مكوِّنةً مساحات واسعة من الحرَّات، ومالت الطبقات الرسوبية إلى الشرق والشمال الشرقي، فظهرت بها الالتواءات المحدبة التي أصبحت فيما بعد مواطن استقطاب للنفط والمياه الجوفية.
وفي آخر حقب الحياة الحديثة (في الزمن الرباعي) اكتملت التطورات الجيولوجية المتتالية لصياغة الشكل الحالي لتضاريس الجزيرة العربية، عبر تعاقب دورات الرطوبة والجفاف، ونشاط عمليات التعرية التي كوَّنت شبكات الوديان وعمَّقتها، ونحتت الأجزاء المرتفعة، وكوَّنت الكثبان الرملية.
 
 

التكوينات الجيولوجية للمملكة العربية السعودية

 
بناءً على ما تقدم من رصد أهم التطورات في التاريخ الجيولوجي يمكن تقسيم أرض المملكة إلى أربعة تكوينات جيولوجية رئيسة هي: الدرع العربي، والرف العربي، وأخدود البحر الأحمر، والحرَّات؛ (خريطة 4) .
 
الدرع العربي:
 
هو إقليم الكتلة الصلبة القديمة، ويقع في النصف الغربي من الجزيرة العربية مستحوذًا على نحو ثلث مساحة المملكة، ويمتد من السهول الساحلية للبحر الأحمر غربًا إلى وسط هضبة نجد شرقًا، ومن خليج العقبة شمالاً حتى الحدود مع الجمهورية اليمنية جنوبًا، وتشمل كل هذه المساحة أقاليم المرتفعات الغربية، والقسم الغربي من هضبة نجد.
ويتكون سطح الدرع العربي من الصخور النارية - وهي أصل الصخور كلها وأقدمها - مثل: الجرانيت والبازلت وغيرها، ومن الصخور المتحولة عن أصل ناري نتيجةً للضغط والحرارة، ومن أهمها: الصخور المتحولة عن الحجر الرملي (الكوارتزيت)، وعن الرخام، وعن الطَّفَل (الإردواز).
وتُعد صخور الدرع العربي ذات قيمة اقتصادية كبيرة؛ إذ تحوي ثروات معدنية كثيرة، فقد ساعد التكوين الجيولوجي في أمكنة التحام الصخور النارية بالصخور المتحولة على وجود عروق المعادن، مثل: الذهب، والفضة، والنحاس، والحديد، والرصاص، والكروم، والزنك... إلخ، ومجموعات من الأحجار الكريمة، مثل: الزبرجد، والزمرُّد، والعقيق، والمرجان.2 -
 
الرف العربي:
 
وهو إقليم الصخور الرسوبية، ويقع إلى الشرق من الإقليم السابق حتى الخليج العربي، وشمالاً من الحدود مع العراق والأردن حتى الحدود مع اليمن وعُمان جنوبًا، ويشكل نحو ثلثَي مساحة المملكة، وبما أن هذا الإقليم كان جزءًا من قاع بحر (تيثس) - أي رفًا قاريًا - فقد غُطيت مساحاته خلال الحقب الجيولوجية بطبقات رسوبية شبه مستوية، تتكون من الصخور الرملية والجيرية والطَّفَلية والطينية ومن أصداف الحيوانات، ثم ارتفعت هذه الطبقات الرسوبية، فظهرت فوق سطح الماء، وكوَّنت أرضًا يابسة يزداد سُمك طبقاتها في الاتجاه نحو الشرق حتى يصل إلى 10000م عند شواطئ الخليج العربي.
ويكمن في إقليم الرف العربي كثير من الثروات مثل النفط والغاز الطبيعي، وثروات أخرى مثل: الملح الصخري، والجبس، والكبريت، والفوسفات، والرمال التي تصلح لصناعة الزجاج، والصخور اللازمة لصناعة الأسمنت، بالإضافة إلى المياه الجوفية المرتبطة بالتكوينات الجيولوجية، حيث تخزنت المياه في طبقات الصخور المسامية أو المتشققة، مثل الصخور الرملية والكلسية المرتكزة على طبقات صخرية صماء.
 
 أخدود البحر الأحمر
 
يمثل البحر الأحمر أخدودًا تكتونيًا تَكَوَّن عندما انفصلت الجزيرة العربية عن قارة إفريقية في أواخر الزمن الثاني وبداية الزمن الثالث. وقد حدث عدد من التطورات في وضع البحر الأحمر، فقد كان حوضًا شبه مغلق تتراكم في قاعه الأملاح والصخور الرملية والجيرية، وكان آنذاك منفصلاً عن المحيط الهندي بيابسة في منطقة باب المندب الحالي، لكنه كان مرتبطًا بالبحر المتوسط القديم الذي كان جزءًا من بحر (تيثس) عبر برزخ السويس. وأدى استمرار تمدد القشرة إلى تكوين أخدود البحر الأحمر بشكله الحالي، وصاحَبَ ذلك رفع للأراضي على جانبَي البحر الأحمر نتج منه انفصال البحر الأحمر عن البحر المتوسط ببرزخ السويس، وحدث انكسار شق باب المندب، فتدفقت مياه المحيط الهندي إلى البحر الأحمر.
ويُعد البحر الأحمر محيطًا في طور النمو، فهو يتوسع بمعدل يراوح بين 1 و 1.5سم في العام، وفي حالة استمرار هذا التباعد من دون انقطاع فقد يتشكل محيط في مكان البحر الأحمر بحجم المحيط الأطلسي في نحو 150 مليون سنة.4 - الحرَّات:
يُطلق اسم الحرَّات على حقول الصهير البركاني (اللافا) التي خرجت من جوف الأرض إبَّان الثورات البركانية العنيفة التي صاحبت تكوُّن أخدود البحر الأحمر، وقد غطت التدفقات البركانية مساحات شاسعة زادت على 82000كم  ، وينتشر على سطوح الحرَّات كثير من الفوهات والمخاريط البركانية العملاقة، كما يجري فيها كثير من الأودية والشعاب. وتتوزع الحرَّات على شكل مجموعات ممتدة من أقصى الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وهي على الترتيب حرَّات: الحرَّة  ، والرَّحا، والعُوَيْرِض، وهُتَيم (الاثنين)، وخَيْبَر، ولُنَيِّر، وكُشُب، وحَضَن، والنُّواصِف، والبُقُوم، والبِرْك، والسَّراة. وتتفاوت في مساحاتها بين 750كم  في حرَّة السَّراة و 21400كم  في حرَّة خَيْبَر، وتراوح ارتفاعاتها فوق مستوى سطح البحر بين 1100 و 2000مج 
شارك المقالة:
92 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook