الجيولوجيا بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الجيولوجيا بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الجيولوجيا بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
انفصلت شبه الجزيرة العربية عن إفريقية (كما هو معلوم)، ما نجم عنه نشأة كل من البحر الأحمر وخليج عدن، ولعل أبسط الأدلة على ذلك تطابق ساحلي هذا البحر، إضافة إلى استمرارية عدد من التراكيب الصخرية والبنيات التي يمكن تتبعها على الجانبين  ، فالدرع العربي هو استمرار للدرع النوبي الإفريقي، وكلاهما مكون من صخور نارية بلورية تعود إلى ما قبل الكامبري، ويشكل الأول ما يسمى بالصفيحة القارية العربية التي تغطس بشدة نحو الشرق والشمال الشرقي لتعلوها آلاف الأمتار من الصخور الرسوبية وتعرف بالرف العربي، في حين يشكل الدرع العربي القسم الغربي من هذه الصفيحة.
 
وقد نشأ الدرع العربي على شكل أقواس جزر بركانية داخل محيط الطرف الشمالي الشرقي للراسخ الإفريقي، وقد تعرض لعدد من عمليات التحول والتشوه والاقتحام من قبل صخور نارية اندفاعية شكلت جميعها خصائص هذا الدرع منذ نحو 550 - 870 مليون سنة.
 
ويتكون الدرع العربي الذي يحده إقليم الرف العربي الرسوبي من الشرق، وأخدود البحر الأحمر من الغرب من صخور رسوبية وبركانية تعرضت للتحول والطي عندما كانت في الأعماق نتيجة تعرضها لدرجات حرارة وضغط عاليين، وتتمثل هذه الصخور بمجموعات متحولة ومطوية بشدة، كما في كل من مجموعات بيش والباحة وجدة، تلتها مجموعات صخرية تشكلت في مراحل لاحقة، وهي أقل تحولاً وطيًا مثل مجموعات عبلة وحلبان والمردمة وشمر. وقد تداخلت ضمن الدرع العربي محقونات من الصخور النارية الباطنية كالجرانيت والديوريت والجرانوديوريت وغيرها.
 
وتشير الدراسات إلى وجود أكثر من نموذج لتطور الدرع العربي؛ يعتمد النموذج الأول منها على نظرية الصفائح التكتونية (Plate Tectonics)، ويتلخص في وجود أربع مراحل لتطوره تبدأ قبل 900 مليون سنة وتنتهي قبل 620 مليون سنة. وقد تكونت أقواس جزر من قشرة محيطية تلاها تطور للدرع العربي إلى قشرة متوسطة التركيب، ومن ثم ازدياد سمك قشرة الدرع العربي حتى التحمت مع القشرة القارية الإفريقية. وتخلل جميع هذه المراحل ترسب المجموعات الصخرية التي أشير إليها أعلاه 
 
أما النموذج الثاني لتطور الدرع العربي، فيفترض انشطارًا للصفيحة الإفريقية قبل 950 مليون سنة نجم عنه نشأة لوحات قارية مثل لوحة إقليم عفيف والدوادمي وغيرها، تلاه تطور للدرع العربي - النوبي حسب النموذج الأول، بين اللوحات العربية القارية المذكورة والصفيحة الإفريقية قبل أن تعود للالتحام مع هذه الأخيرة مرة أخرى. ومن ثم نشأ نظام صدوع نجد، وحدثت تسوية عامة للسطح نجم عنها أخاديد بركانية رسوبية فيما بين 640 و 550 مليون سنة تقريبًا.
 
وحدث هبوط قاري عام منذ نحو 550 مليون سنة أدى إلى ترسيب الصخور الرسوبية الباليوزوية فوق الدرع العربي  ،  وقد عاد الأخير للانفصال عن نظيره النوبي قبل 30 - 25 مليون سنة عندما بدأ البحر الأحمر في التشكل. 
 
وفي ضوء ما سبق فإن منطقة المدينة المنورة تقع في الجزء الغربي الأوسط والشمالي للدرع العربي، وتشغل تكتونيًا مساحات من ثلاثة أقاليم تكتوينة، ويشغل إقليم جدة التكتوني الأجزاء الجنوبية الشرقية لمنطقة المدينة المنورة. وإقليم الحجاز التكتوني يكاد ينحصر كله داخل المنطقة باستثناء جزء صغير يشغل محافظة رابغ في منطقة مكة المكرمة، ويمكن القول إن المساحات الشاسعة التي يشغلها إقليم الحجاز التكتوني في المنطقة تجعله إقليمًا مختصًا بها. أما الإقليم الثالث وهو إقليم مدين التكتوني، فيشغل الهوامش الشمالية الغربية لمنطقة المدينة المنورة.
 
وتتكون صخور الأقاليم التكتونية في منطقة المدينة المنورة من مجموعات صخرية متطبقة، وأخرى جوفية انبثقت مخترقة الصخور المتطبقة جميعها، كما أنها قد تخترق الصخور الجوفية الأقدم منها عمرًا.
 
وتنقسم صخور الدرع - ومنها منطقة المدينة المنورة - إلى ثلاث وحدات رئيسة متطبقة ومتتالية زمنيًا تفصل بينها فترات نشاط جوفي واسع النطاق، يتم خلال كل فترة منها حقن الصخور المتطبقة بأنواع الاندفاعات الجوفية. وقد حدث ذلك خلال حقب البروتيروزوي الأعلى.
 
شارك المقالة:
69 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook