تقع منطقة جازان  في المنطقة الأخدودية لأخدود البحر الأحمر الانكساري، والبحر الأحمر أخدود تكتوني تكوَّن عندما انفصلت شبه الجزيرة العربية عن قارة إفريقية، وكان في مرحلته الأولى خسفًا قاريًا ولكنه تحوَّلَ فيما بعد إلى خسف بين قارات؛ وذلك عندما نجح هذا الخسف في عزل شبه الجزيرة العربية عن قارة إفريقية. ويعد أخدود البحر الأحمر جزءًا صغيرًا من حركة تكتونية عالمية تمتد من الشمال إلى الجنوب وتبدأ من جنوب إفريقية عبر منطقة الأخدود الإفريقي لشرق إفريقية ثم عبر أرض عفار. ومن هذا الملتقى الثلاثي يتجه صدع البحر الأحمر إلى الشمال، وصدع خليج عَدَن إلى الشرق؛ حيث يلتقي بسلاسل المحيطات الجبلية وبخاصة جبال كارلسبرج  

 

وقد بدأت مرحلة الانفصال في أواخر الزمن الثاني وأوائل الزمن الثالث بتقبب الدرع العربي الإفريقي وبداية شرخ على طول قمة القبة المستطيلة. وفي أواخر الأيوسين والأليجوسين من الزمن الثالث حدثت عملية شد وإجهاد للتحدب المتقبب على طول الدرع العربي الإفريقي من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي نتج عنه صدع سلَّمى، وخسف على طول منطقة الشرخ السابقة. وخلال هذا الوقت تدفقت اللابة في الجنوب مكوِّنة هضابًا بازلتية، وقد تكون هذه بداية انفصال شبه الجزيرة العربية عن إفريقية في الشمال الشرقي كذلك. وخلال عصر المايوسين كان البحر الأحمر هادئًا، ولكن تجدَّد نشاطه خلال المايوسين الأعلى والبلايوسين وتسبب في كسر القاعدة المتبلورة وبدأت حركة توسع في قاع البحر وهي حركة لا زالت مستمرة  

 

وفي الواقع فالبحر الأحمر هو محيط في طور النمو، فكما ذكرنا يعود أصل تشكُّلِهِ إلى ضعف في القشرة الأرضية على طول محوره حدث في الزمن الثاني ربما قبل 180 مليون سنة، ولكنه لم يبرز بوصفه أخدودًا واضحًا إلا في عصر الأليجوسين قبل نحو 38 مليون سنة، وخلال مراحل تشكله طغى البحر على الدرع العربي الإفريقي في فترات قليلة، ولكنه بقي جافًا معظم الوقت. وخلال عصر المايوسين من الزمن الثالث حدث تحول عظيم في وضع البحر الأحمر فقد أصبح حوضًا شبه مغلق يصل فيه التبخر إلى معدلات هائلة، وهذا الوضع أدى إلى تراكم الأملاح والمتبخرات الأخرى. فقد كان البحر الأحمر منفصلاً عن المحيط الهندي بقطعة من الأرض اليابسة في منطقة باب المندب الحالي، ولكنه -على أي حال- كان يرتبط عبر برزخ السويس بالبحر المتوسط القديم الذي كان جزءًا من بحر تِثِس ولم يكن هذا الاتصال قويًا؛ إذ في فترات مختلفة كان معدل التبخر يزيد على معدل تزويد البحر الأحمر بالمياه، وكان من المتوقع أن يصبح البحر الأحمر بحيرة شديدة الملوحة إلى درجة أن معظم الأحياء البحرية قد لا تتمكن من تحملها. ولكن تمدد القشرة الذي توقف خلال عصر المايوسين تجدد قبل نحو خمسة ملايين سنة، ونتج عنه الأخدود الحالي للبحر الأحمر، كما صاحبه رفع للأراضي على جانبي البحر الأحمر نتج عنه انفصال البحر الأحمر عن البحر المتوسط ببرزخ السويس، وانكسر ما يمنع المحيط الهندي من الوصول إلى البحر الأحمر عند مضيق باب المندب فاتصل المحيط الهندي بالبحر الأحمر وقدمت معه أحياء متعددة تمثل بيئة المحيط الهندي  

 

وبالنسبة إلى الجيولوجيا فالبحر الأحمر محيط، وهذا الإهمال لحجم البحر الأحمر - مقارنة بالمحيط - مردُّهُ إلى أن الجيولوجيين يعتقدون أن البحر الأحمر هو محيط في بداية نشوئه. ففي عام 1333هـ / 1915م تقدم ألفرد فجنر (Alfred Wegener) بنظرية عن زحزحة القارات وفيها ذكر أن المحيط الأطلسي تشكل بعد انكسار كتلة قارية واحدة وزحزحتها نحو الغرب. ولم تجد هذه النظرية قبولاً واسعًا إلا في الخمسينيات والستينيات من هذا القرن بعد تطوير ما يُعْرَفُ الآن بنظرية الصفائح التكتونية (Plate Tectonics)، وهذه النظرية تفترض أن سطح الكرة الأرضية ينقسم إلى 12 صفيحة رئيسة مع صفائح أخرى. ويقع البحر الأحمر بين الكتلة أو الصفيحة الإفريقية وكتلة شبه الجزيرة العربية، وهو في الحقيقة نتاج تباعد إحداهما عن الأخرى. ويعتقد أن توسع البحر الأحمر يتم بمعدلات مختلفة تراوح بين 1.0 و 1.5سم في السنة. وعلى الرغم من صغر تأثير هذا التباعد، إذا قيس بمعدل حياة الإنسان؛ فإنه في حال استمرار مثل هذا التباعد دون انقطاع فقد يتشكل محيط في مكان البحر الأحمر في مثل حجم المحيط الأطلسي في نحو 150 مليون سنة  

 

 

 

من الجدير بالذكر أن انفصال شبه الجزيرة العربية عن إفريقية قد قسَّم الدرع العربي الإفريقي إلى قسمين، يُطْلَقُ على الجزء العربي (الدرع العربي) بينما يُطْلَقُ على الجزء الإفريقي (الدرع الإفريقي أو النوبي). والدرع العربي هو الأساس الذي بنيت عليه الطبقات الرسوبية، ويتكون بصورة رئيسة من صخور جوفية (بلوتونية) قبل كمبرية ومتحولة إلى جانب بعض هضاب البازلت من الزمن الثالث، وقد استقر هذا الدرع منذ العصر الكمبري  .  وبعد ذلك تكوَّن سهل تحاتي كبير ضم بعض الجبال المنفردة، وأصابت التعرية معظم أجزاء الدرع منذ الزمن الباليوزوي الوسيط حتى الزمن الثالث الوسيط ليصير كتلة منخفضة التضاريس قريبة من مستوى سطح البحر. وقد تمخض عن تكوُّن البحر الأحمر في الزمن الثالث ارتفاع في الدرع لا يزال مستمرًا، وتأثر بهذه العملية نظام الصرف، فالمصارف العميقة الضيقة التي تتحكم فيها بنية الأرض تتدفق خلال هذه الجروف شديدة الانحدار  .  فالأودية التي تنحدر من الدرع العربي وتجري غربًا قد لا يتعدى طولها 120كم إلى البحر الأحمر، ولكن على العكس منها الأودية التي تجري إلى الشرق والشمال الشرقي فقد يصل مدى مجراها إلى أكثر من 1200كم، ومن أمثلتها وادي الرمَّة، ووادي الدواسر  . 

 

وتعد مجموعات الصخور في الدرع العربي متنوعة ويمكن تناولها على النحو الآتي:

 

أ - مجموعات الصخور المتطبقة قبل الكمبرية: 

 

يشتمل الدرع العربي على مجموعات من الصخور النارية والصخور المتطبقة المتحولة قبل الكمبرية، كما سماها الجيولوجيون الذين عملوا في المملكة خلال الأربعين سنة الماضية، وكلما تقدَّم الكشف الجيولوجي وتقدَّمت وسائل الرصد والتحليل قام الجيولوجيون بمراجعة ما أُنجز وإعادة تسمية بعض المجموعات، وضم بعض المجموعات القديمة بعضها إلى بعض، وفصل بعضها الآخر إلى وحدات منفصلة. وقد قُسِّمت مجموعات الصخور النارية والمتحولة الرئيسة في الدرع العربي إلى 10 مجموعات، ومما يوجد في منطقة جازان مجموعة حَلِي، ومجموعة صخور البازلت المتحولة والجروق، والصوان، ومجموعة بَيْش  

 

ب - تكوينات الصخور الرسوبية فوق الدرع العربي: 

 

هناك رواسب أحدث من رواسب الزمن الأول تنتشر فوق الدرع العربي وبخاصة على طول حافة الأخدود، وليس لها ذلك الامتداد العظيم والسُّمْكُ الكبير الذي تمثله التكوينات التابعة للزمن الأول، فقد جرى إرسابها أثناء بعض الطغيانات البحرية المحدودة خلال الزمنين الثاني والثالث عبر أذرعة خليجية من بحر تِثِس قادمة من الشمال قبل رفع الدرع العربي حينما كان سهلاً تحاتيًا، ومنها في منطقة جازان: تكوين الخُمْس، وتكوين عِمْرَان، وتكوين بَيْض، ومجموعة جَازَان  

 

ج - صخور اللابة (البازلت):

 

توجد بعض آثار البراكين في منطقة جازان خصوصًا في العكوتين شمال شرق صبيا.