الحال في الدنيا

الكاتب: المدير -
الحال في الدنيا
"الحال في الدنيا




هذه الحال في الدنيا:

فطورًا تراني في ظلالٍ ونعمةٍ
وطورًا تراني والعتاق ركابيا
ويومًا تراني في رحًى مستديرةٍ
تُخرِّق أطرافُ الرماحِ ثيابيا

 

تمرُّ على المرء لحظات وأحداث، يمسي فيها عزيزًا، ويصبح ذليلًا، ينام فيها آمنًا، ويقوم خائفًا، وهلَّم جرًّا.

 

من التناقضات التي يدور فيها.

 

تمرُّ عليه تلك التقلبات؛ لتوقظ فيه أمرًا لا يحسن غيابه عنه؛ وهو:

الوثبة والاستعداد للآخرة، مع ترك الركون إلى الدنيا المتغيِّرة، التي لا تدوم على حال، ولا يدوم فيها صفو البال!

ما أحرز المرء من أطرافها طرفًا

إلا تخوَّنه النقصان من طرف!

فتشبث القلب بالدنيا يمرضه.

وتصعيد النظر وتصويبه إليها يُرديه.

والأحسن من ذا وذاك هو: التشمير للآخرة.

 

قلبتُ ورقة التقويم صباح اليوم، فإذا بها قد ذيلت بهذا الحديث النبوي: وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه: ((كُنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))، وابن عمر إذ ذاك في شبابه، وفتوته، فقد خيَّره صلى الله عليه وسلم بين أمرين، لا يختلف الأول عن الآخر في النتيجة التي يؤدي إليها، فهو إما أن يكون غريبًا، أو عابرًا للسبيل، فإن كلًّا منهما قد خلا قلبه من التعلق بما يسكنه، وبمن يراه، وبما يملكه، قد جعل نصب عينيه داره التي طال بعده عنها، وأهله الذين ازداد شوقه إليهم.

 

وما عساه أن يفعل إلا التزود لرحلته حتى لا يُقطع عنها، ولا يحول بينه وبينها قلة الزاد، وانقطاع السبيل!

 

تعلق قلب الشاب بالآخرة، واستحضاره لها، نتيجته: التقوى، فمن كانت الآخرة نصب عينيه، كان حذرًا فيما يفعله، حذرًا فيما يقوله، حذرًا فيما يضمره.

 

إذًا العمل للآخرة وتذكرها، والتقلل من الدنيا ليس مقتصرًا على من شاب صدغاه، وغارت عيناه، واحدودب ظهره!

 

لكم - يا شباب اليوم - بقدر ما يكون في قلبك من التقوى:

يحفظك الله من النكسات في الدين، وتقلبات الأهواء.

 

قال ابن الجوزي رحمه الله:

ولازم التقوى في كل حال، فإنك لا ترى في الضيق إلا السعة، وفي المرض إلا العافية، هذا نقدها العاجل، والآجل معلوم. [صيد الخاطر/ ???].


"
شارك المقالة:
35 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook