روى الإمام البخاري في صحيحه حديثاً عن النبي عليه الصلاة والسلام في مسألة حجاب المرأة المسلمة، ففي الحديث: (أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: لما نزلت هذه الآية (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ).أخذن أُزُرَهن (نوع من الثياب) فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها).ومعنى اختمرن بها أي غطين وجوههن بها، وقد علق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي على هذا الحديث بقوله أن نساء الصحابة اللاتي خوطبن بهذه الآية الكريمة أدركن المقصود من ضرب الخمار على الجيوب حينما شقق أزرهن وغطين وجوههن بها، ولا شك بأن ذلك يدل على أن السنة الصحيحة أشارت إلى وجوب تغطية الوجه أمام الرجال الأجانب، وأن مقتضى فهم الصحابيات لهذا المعنى يدل على ذلك، فنساء الصحابة كن حريصات على سؤال النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ما يشكل عليهن من أمر دينهن، ولا شك بأن فعلهن ذلك يدل على أنهن سألن الرسول عن معنى الاختمار ولم يتصرفن من تلقاء أنفسهن.
أجمع علماء الأمة الإسلامية على وجوب تغطية المرأة لبدنها ورأسها وقدميها لعموم النصوص التي دلت على وجوب ذلك، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ).والجلباب هو اللباس الساتر للرأس والبدن، أما حكم تغطية الوجه والكفين فقد كانت من المسائل التي اختلف فيها علماء الأمة، فذهب بعضهم إلى وجوب تغطيتها أمام الرجال الأجانب، بينما ذهب آخرون إلى القول بعدم وجوب تغطيتها استناداً إلى قوله تعالى عن إبداء الزينة: (إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا).وأن المقصود من الزينة الظاهرة هي الوجه والكفين، كما احتج إصحاب هذا القول بحديث أسماء الذي جاء فيه (يا أسماءُ إنَّ المَرأةَ إذا بلغتِ المَحيضَ لم يَصلُحْ أن يُرى منها إلَّا هذا وَهَذا، وأشارَ إلى وجهِهِ وَكَفَّيهِ). وقيل بجواز كشف المرأة لوجهها إذا خلا من المساحيق والزينة.
من الفوائد الكثيرة لحجاب المرأة المسلمة أنه يحقق طهارة القلوب، ويبعد عن النفوس الريبة، وخواطر السوء، ويحقق العفة للرجل والمرأة على حد سواء، كما أن الحجاب هو طاعة لله ورسوله، وعلامة على الإيمان، ودليل على الحياء والعفة، وهو كذلك متناسب مع فطرة الرجال التي جبلت على الغيرة وحب التستر والعفاف.
موسوعة موضوع