الحرف التي تشتهر بها منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الحرف التي تشتهر بها منطقة حائل في المملكة العربية السعودية

الحرف التي تشتهر بها منطقة حائل في المملكة العربية السعودية.

 
وتُعد منطقة حائل من أهم مناطق المملكة التي اشتهرت بالصناعات والحرف اليدوية، فقد نشأت فيها الصناعات والحرف اللازمة لتوفير الأدوات الضرورية للاستعمال المحلي، ولقد اعتُمد في ذلك على المواد الأولية الخام البسيطة المتوافرة لتُصنع يدويًا وفق رغبات السكان وحاجاتهم.
 
وتميزت مدينة حائل بتوطن معظم هذه الصناعات والحرف فيها، لذلك اشتهرت فيها أسر وعائلات توارثت هذه الصناعات والحرف أبًا عن جد، واحتكرت كلٌّ منها صناعة أو حرفة ما. ونتناول هنا أهم المهن والصناعات التي كانت تشتهر بها منطقة حائل، حيث كانت توجد مجموعة من الحرف الشعبية التي كان الناس يمارسونها في الماضي في المنطقة، نذكر منها:
 
التجارة
 
لم تكن هناك تجارة بمعناها المتعارف عليه اليوم، لكن كان في المنطقة بعض الأفراد الذين انصرفوا لفتح دكاكين صغيرة في سوق (برزان) بحائل  أو في قفار... وغيرهما من القرى الكبيرة في المنطقة لبيع القهوة والطعام، مثل: القمح، والشعير، والذرة، ويقومون أيضًا ببيع العباءات الصوفية، وتقوم ربات بيوتهم بمساعدتهم في صبغ الثياب بمادة الزاج وقشور الرمان والقرمز؛ لتحويل قماش ثياب الرجال إلى ملابس للنساء، ويقمن بخياطتها بشكل أثواب واسعة يسمون الثوب الواحد منها (المعورج) ويُخاط أحيانًا بالخيوط الملونة، ويتولى الرجال بيعها بالدكاكين لنساء البادية اللائي يفدن إلى المدينة بعد بيع مجلوباتهن لشراء احتياجاتهن من الثياب والمستلزمات الأخرى.
 
وفي قسم من السوق توجد بعض الدكاكين والمباسط لبيع أغراض النساء، مثل: الأطياب القديمة، والأصباغ، والتوابل... وغير ذلك، ويقوم على إدارتها والإشراف عليها بعض النساء من المسنات. وكانت تُوجد غرب حي برزان سوق تسمى (سوق المشاهدة) نسبة إلى (المشهد)؛ وهو (النجف) في العراق، وقد توافد أهل هذا الحي إلى حائل للعمل فيها إبان ازدهارها، في التجارة والأعمال والحرف المختلفة، وهم من أسر عريقة في (النجف)  
 
ويمكن إجمال أنواع التجارة في المنطقة في المناشط الآتية:
 
تجارة المنتجات الحيوانية
 
تتمثل تجارة المنتجات الحيوانية بشكل رئيس في السمن، والأقط (البقل)، وأشياء ثانوية، مثل: المنسوجات الصوفية، والجلود المدبوغة، والصوف. ويقصد التجار - عادة - مضارب البادية لغرض التبادل التجاري، وإما أن يكون شراء هذه المنتجات نقدًا بالعملة المتداولة بسعر الصاع من السمن والأقط والقطعة من المنسوجات والجلود.
 
 تجارة المنتجات الزراعية
 
القطاع الثاني من التجارة في المنطقة، وهي تجارة موسمية، إذ يقوم التجار في موسم تصفية غلة الزراعة الشتوية (الصايرة) بشراء الحبوب بمختلف أنواعها: القمح بنوعيه الطري والصلب (اللقيمي)؛ والشعير بنوعيه، وذلك بسعر الصاع (الصاع= 3كجم) بالعملة المتداولة، ويجمع التجار كميات كبيرة من الحبوب، ويتم تخزين كل نوع على حدة تمهيدًا للبيع والمبادلات التجارية مع رواد السوق من سكان البادية.
 
وتنشط كذلك من المنتجات الزراعية تجارة التمور بأنواعها، ويشتريها التجار من الفلاحين في موسم الجذاذ (الصرام)، ويتم شراؤها إما بالصاع، أو الوزنة، أو الزنبيل، أو بالنخلة، وربما مجموعة النخل.
 
تجارة الكماليات
 
كانت تجارة الكماليات في منطقة حائل تتمثل في تجارة الأقمشة، وأدوات الزينة، والعطورات بمختلف أنواعها ومستوياتها، والمصوغات الذهبية والفضية، والعطارة  
 
الجمَّالة
 
كلمة (الجمَّالة) مشتقة من الجمل، و (الجمَّال) هو الرجل الذي لديه مجموعة من الجمال ينقل عليها البضائع من مكان إلى آخر، وهي في الواقع ليست مهنة لها أسرارها أو فنِّياتها التي لا يعرفها إلا أصحابها، وإنما هي نوع من الخدمة ذات مصلحة مشتركة. و (الجمَّالة) هي تهيئة بعير أو مجموعة من الإبل لنقل البضائع والسلع من مكان إلى آخر، وبين مدينة وأخرى، وهي بمنـزلة شركات النقل في الوقت الحاضر، والواقع أنها كانت تُعد في ذلك الوقت عصبًا ضروريًا في الحياة. ويجب أن يكون الجمَّال قوي البنية نشيطًا مفتول العضلات كي يستطيع - مع رفاقه - وضع الأحمال على الإبل وتنـزيلها عنها وقت الراحة  
 
النجارة 
 
تشغل مهنة النجارة موقعًا مهمًا من المهن في المنطقة، إذ يترتب عليها كثير من الضروريات التي لا غنى عنها، فالفلاح لا يمكنه الاستغناء عن النجار، وصاحب البيت في أمس الحاجة إليه، وأبناء البادية يحتاجون إليه، وكذلك التاجر... وغيرهم، ويتقاضى النجار على هذه الخدمات أجرًا مناسبًا. ومعظم الأعمال التي يقوم بها هي من الضروريات؛ فالفلاح يحتاج إلى تركيب المعدات الخاصة بالبئر بشكل جيد وسليم ومريح من محالة، ودراجة، وأعمدة، وأقتاب... وغيرها، وصاحب البيت يحتاج إلى صنع الأبواب ومتطلباتها وتركيبها، وكذلك النوافذ والسقوف وغيرها، وساكن البادية يحتاج إلى الأقتاب، والأشدة، والهوادج، وبكرات الماء... إلخ.
 
الحدادة 
 
تشغل الحدادة في المنطقة حيزًا مهمًا بين المهن في ذلك الوقت، إذ يقوم الحداد بعمل المستلزمات الضرورية والكمالية لفئات المجتمع كافة يستوي في ذلك الفلاحون وأبناء البادية والتجار وغيرهم، ولا يستغني بيت واحد عن الحداد على مدار السنة سواء في صنع السلع الجديدة، أو صيانة السلع الموجودة، أو صنع تحفة من التحف الفنية النحاسية. فالفلاح بحاجة إليه على الدوام لصنع معدات الزراعة أو تهذيبها، والأمير يحتاج إليه لصنع السيوف والأسلحة الأخرى ولوازم الخيل، والتاجر لا يستغني عن الحداد لعمل السلاسل والمفاتيح الحديدية وغيرها، وربة البيت بأمس الحاجة إليه لتأمين الأواني المنـزلية بمختلف أحجامها وأشكالها  
 
البناء
 
لما كانت المباني السائدة في المنطقة مكونة من الطين والحجر والجص فإن البنَّاء يقوم - في الغالب - بتنفيذ أساسات البيت من الحجر والجص، ويرفع الأساسات عن خطر السيل والرطوبة، ويكون ارتفاع الأساس بمقدار متر أو يزيد وربما ينقص، وأحيانًا يكون الأساس فقط من الحجر والباقي من الطين فقط، ويكون بناء الطين بشكل قوالب معينة، أو بشكل مداميك عروق، ويتفنن البنَّاء في اختيار التصميم المناسب مع مراعاة رأي صاحب البيت وذوقه، ويبدي براعة في استقامة الجدار، واعتدال زواياه، وتناسق المداميك العروق لتمثل قمة جمال التنسيق، وما بصمات أصابع البناء التي تبقى على جانب المدماك إلا نوع من الزخرفة الطبيعية التي تبقى منظرًا جميلاً  
 
الخرازة 
 
تحتل مهنة الخرازة أهمية في منطقة حائل، إذ تحتاج إليها فئات الناس المختلفة، فهم يستخدمون إنتاج الخراز من الأحذية ما يقيهم حرارة الرمضاء ولسع برد الشتاء، والأشواك التي تنتشر على الطرقات. والمواد التي يستخدمها هي الجلود المدبوغة والمدهونة، سواء أكان ذلك من جلود الغنم، أم من البقر، أم من الإبل، وكذلك الجلود اللينة التي يحوّلها إلى شرائح رفيعة، ويستخدمها سيورًا يخصف بها الأحذية. والخرازون من أقل المهنيين عددًا. وتتكون أدوات الخراز من السكاكين مختلفة الأشكال والأحجام، والمقصات على اختلاف أحجامها، والمخاريز على أنواعها  
 
 الغزل (الحياكة) 
 
تقوم مهنة الحياكة بدور لا يُستهان به، وذلك من واقع الخدمات التي يقدمها أرباب هذه المهنة، والواقع أنها مهنة نسائية أكثر من كونها رجالية إلا بنسبة ضئيلة. وتقوم الحياكة بسد احتياج الناس في ذلك الوقت من البُسُط والمفارش على اختلاف ألوانها وأشكالها، والخروج (جمع خُرج)، والأوعية المختلفة. هذا بالنسبة إلى الحضر، أما في البادية فإن للحياكة دورًا رئيسًا في صنع بيوت الشعر التي تُعد المساكن الأساسية لهذه الفئة، بالإضافة إلى الفُرُش والأوعية اللازمة لتعبئة تموينهم. والمواد الرئيسة التي تقوم عليها مهنة الحياكة هي: صوف الغنم، وشعر المعز، ووبر الإبل، وأحيانًا القطن. وتُستخدم في الحياكة أدوات بسيطة جدًا تتكون من القضبان الخشبية، والأوتاد، والأنوال الخشبية، و (المنشاز) و (الشاصين)، وتعتمد بدرجة رئيسة على الفن اليدوي الدقيق في طريقة صف الخيوط للسدى واللحمة في النسيج، ووضع الزخارف والنقوش الزاهية البديعة ذات الألوان الزاهية. 
 
الصياغة 
 
الصياغة من المهن الفنية الدقيقة، والكمالية في المنطقة، ولها أهميتها في ذلك الوقت، وأكثر زبائن الصائغ من النساء وخصوصًا العرائس، والنساء ذوات الثراء والجاه، واللائي يستطعن شراء المصوغات منه، وكذلك نساء سائر طبقات المجتمع كلٌّ منهن على قدر طاقتها، ولا سيما أن مصوغاته لا تقتصر على الذهب، وإنما تشمل الذهب والفضة معًا، وربما النحاس أحيانًا  
 
الدّباغة
 
كانت الجلود سلعة ضرورية للإنسان في ذلك الوقت ومن هنا جاءت أهمية دباغتها؛ إذ يترتب على هذه السلعة كثير من متطلباته اليومية والسنوية؛ فالفلاح يعدها من ضرورياته الملحة لاستعمالها في إخراج الماء من الآبار، وكذلك سائر الناس الذين لا يستغنون عن قربة لحفظ الماء وتبريده، وهي من الجلد بطبيعة الحال، فضلاً عن المستلزمات الأخرى الخاصة بالألبان ومشتقاتها... وغير ذلك من الأغراض التي تتطلب الأوعية الجلدية، بالإضافة إلى الأحذية، ويشترك في هذه المهنة الرجل والمرأة 
 
صناعة الدِّلال
 
كانت صناعة الدِّلال النحاسية (أواني القهوة) تتم في قرية من قرى حائل تُسمى (القصر) شرقي جبل أجا، وكانت تُصنع بشكل بديع وبنقوش بارزة  
 
 الرعي  
 
تُعدّ حرفة الرعي قوام حياة سكان البادية الاقتصادية، وأساس حياتهم المعيشية، فأبناء البادية يعتمدون على ما لديهم من إبل، وغنم، في مأكلهم، وملبسهم، وأغراضهم الأخرى، فمن وبر الإبل، وصوف الغنم، وشعر المعز ينسج ساكن البادية بيته، ومعطفه الثقيل الذي يقيه شدة البرد القارس، بالإضافة إلى الاستفادة من لحومها وألبانها، وتُقاس ثروته وغناه بمقدار ما يملكه من هذه الحيوانات. وموسم الأضاحي هو أهم المواسم عندهم؛ إذ يجلبون ما لديهم من حيوانات إلى المدن والقرى؛ ليبيعوها، ويستفيدوا من أثمانها.
 

مظاهر الثبات والتغير

 
لقد استمرت هذه الصناعات اليدوية البسيطة بإشباع حاجة الاستهلاك المحلي حتى دخول صناعة النفط، إذ زادت القوة الشرائية للسكان فأُغرقت الأسواق السعودية بالصناعات الأجنبية لإشباع حاجات السكان المتزايدة، عند هذا لم تصمد الصناعات القديمة أمام الصناعات الحديثة، وأخذت في الاندثار، وإن كان لا يزال بعضها باقيًا يسد حاجة القبائل الرعوية، فلا يزال لمهنة الرعي حضورها في المنطقة، كما أن الإبل ما زالت تحتل المنـزلة العالية في نفوس أبناء البادية، وما زالت مصدر فخر واعتزاز لديهم على الرّغم من تضاؤل أهميتها في الوقت الحاضر.
 
شارك المقالة:
439 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook