الحرف والصناعات التقليدية ب مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 الحرف والصناعات التقليدية ب مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الحرف والصناعات التقليدية ب مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 

إن كثيرًا من الحرف قد اندثرت أو هجرت إلا أنه لا يزال بعضها يمارس في بعض مناطق المملكة على الرغم من المعوقات التي تحد من انطلاق مثل هذا النشاط. وهناك البعض الآخر يمكن تنميته وإعادة مزاولته من جديد. واستشعارًا من حكومة المملكة العربية السعودية لأهمية مثل هذه الحرف، سعت إلى المحافظة عليها من الاندثار وشجعت استمراريتها وذلك من خلال مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة على وجه الخصوص. وفي المضمار نفسه تقوم الهيئة العليا للسياحة بجهود حثيثة ودراسات متخصصة حول الحرف والصناعات التقليدية من أجل حصر ما هو قائم منها الآن، ودراسة العوائق التي تواجه هذا النشاط والجوانب الاقتصادية المتعلقة به، وهناك أيضًا التشجيع والدعم الذي يلاقيه هذا النشاط من خلال إقامة المهرجانات السياحية التي تتضمن عددًا من الفعاليات المشتملة على الحرف والصناعات التقليدية.
ويمكن الاستفادة سياحيًا من هذه الحرف والصناعات التقليدية من خلال عدة وسائل منها إقامة أمكنة متخصصة لبيع المنتج من تلك الحرف في مناطق إنتاجها إن كانت المنطقة ذات جذب سياحي، أو في مناطق قريبة منها. كما يمكن تأهيل هذه الحرف وتطويرها وإقامتها في أمكنة ملائمة وسهلة الوصول تمهيدًا لتشجيع الزيارات إليها ومن ذلك على سبيل المثال تقطير الورد واستخراج القطران وعصر السمسم وغيرها.
 

مكة المكرمة وجدة

 
تتعدد الحرف القديمة في مدينة مكة المكرمة ومحافظة جدة، وترتبط وتتداخل إلى درجة اعتماد بعضها على البعض الآخر. وتكاد تتشابه الحرف في المدينتين إلى حد كبير، لولا أن مدينة مكة المكرمة تميزت في الفترة الحالية بصناعة كسوة الكعبة،  في حين اتصفت محافظة جدة منذ القدم بمهنة الصيد التي كانت من المهن الرائدة، وما زالت تمارس إلى وقتنا الحاضر. وتعد حرفة النجارة إحدى أهم الحرف من خلال صناعة الرواشين والزخارف الخشبية لواجهات البيوت. كما ازدهرت الصناعات المتعلقة بالأنشطة البحرية وصيد الأسماك مثل السفن وشباك الصيد وغيرها. وما زال هناك بعض كبار السن الذين اشتغلوا في حرفة بناء السفن، بعضهم يمارسها إلى اليوم، ولكن في صورة ترميم وإصلاح للسفن أكثر منها صناعة، ويرى كثير من هؤلاء الحرفيين أن هذه المهنة في طريقها إلى الاندثار وأن ما بقي منها أقرب إلى ذكريات الماضي منه إلى الحاضر. كما اشتهرت حرفة الحدادة لصناعة السيوف والخناجر والأدوات المنـزلية، وكذلك صياغة الفضة التي لا تزال تمارس حتى الآن ولكن بشكل محدود، بالإضافة إلى حرف البناء القديم وتجهيز الحجارة. ومن الحرف التي كانت مزدهرة واستمرت حتى يومنا هذا حرفة العطارة، فقد اشتهرت قديمًا لما ارتبط بها من ممارسة للطب الشعبي وتداوٍ بالأعشاب وذلك قبل ظهور الطب الحديث. مثل هذه الحرفة كان لها دور كبير في تنشيط الحركة التجارية من ناحية، وتنشيط الانتقال من مكان لآخر بحثًا عن الأعشاب وشرائها أو بحثًا عن العلاج من قبل المرضى. أما اليوم فانحصرت هذه المهنة في البيع فقط بشكل رئيس وبخاصة بيع البخور. ومن المهن القديمة التي اختصت بها مكة المكرمة وجدة في منطقة مكة المكرمة منذ القدم مهنة الصرافة لقدوم الجنسيات المختلفة إلى هاتين المدينتين في مواسم الحج، ولا تزال هذه المهنة قائمة إلى وقتنا الحاضر حيث تتركز محلات الصرافة في جدة في شارع قابل وسط البلد، وهناك بعض المهن أو الأعمال التي ترتبط بموسم معين مثل المسحراتي في شهر رمضان.
 

 الطائف

 
عمل سكان محافظة الطائف قديمًا بعدد من الحرف والمهن اليدوية، وكانت التجارة والزراعة والصناعة اليدوية تسود نمط الحياة القديمة. وما ازدهار صناعة عطر الورد الطائفي إلا امتداد للماضي العريق لهذا النشاط. وتعد زراعة الورد والاعتناء بها، وكذلك طريقة استخلاص العطر من أنواع الزراعة والصناعة التقليدية القائمة في محافظة الطائف اليوم التي يمكن أن تكون من الجواذب السياحية المهمة سواء للشراء أو الاطلاع على مراحل العملية الفنية لتقطير الورد منذ مرحلة القطف حتى استخلاص العطر وتعبئته. كما أن تربية النحل وإنتاج العسل  من الحرف التي ما زال يمارسها كثير من سكان محافظة الطائف. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد النحالين في منطقة مكة المكرمة بلغ 2310، في حين بلغ عدد خلايا النحل البلدي 126300 خلية، والنحل الإفرنجي 26100 خلية وذلك عام 1421 - 1422هـ / 2000 - 2001م  .  وتعد الزراعة من أهم الأنشطة القديمة في محافظة الطائف خصوصًا في المراكز الجنوبية حتى بلاد بني مالك. وتشتهر الطائف بالعنب والرمان والتين (الحماط) والتين الشوكي (البرشومي)  والمشمش منذ القدم، وهي من المنتجات الرئيسة التي يقبل عليها زوار الطائف ويحملونها معهم هدايا خاصة إلى المدن المجاورة مثل جدة ومكة المكرمة والرياض وغيرها. من جانب آخر، لا تزال بعض الصناعات المعدنية اليدوية كصناعة السيوف والخناجر والحلي وصيانتها منتشرة، وتلقى إقبالاً واستحسانًا من الجمهور. وفي مناطق جنوب الطائف في ميسان بالحارث وبني سعد وبني مالك وثقيف تسود الحياة القديمة المتمثلة في الزراعة، ومن ذلك زراعة الورد، وتربية الأغنام والإبل والأبقار. وتنتشر تربية النحل في هذه المناطق بشكل كبير لتوافر البيئة الملائمة من أشجار السدر والطلح والأشجار والشجيرات والنباتات الزهرية من ناحية، ولمردوده الاقتصادي المشجع من ناحية أخرى. وما زالت حرفة الزراعة من الحرف الرئيسة في المنطقة، فتنتشر أشجار الفواكه بكثرة مثل اللوز، والخوخ، والتين، والبرشومي، والعنب، والرمان. كما تنتشر زراعة الخضراوات، والحبوب ومنها الحنطة الميسانية التي تشتهر بها منطقة ميسان، وورد ذكرها في كتب التاريخ. ويتم تسويق هذه المنتجات إلى مدينة الطائف وغيرها من مدن ومحافظات المنطقة.
 

رابغ والليث والقنفذة

 
لعب موقع المحافظات الساحلية على شاطئ البحر الأحمر دورًا مهمًا في نشاط التجارة عبر البحر، فقد مارسها السكان قديمًا، وارتبطت بها كذلك حرفة بناء السفن وصيانتها. كما مارسوا حرفة صيد الأسماك وجمع الصدف، وعملوا بالتجارة لمرور طرق الحجاج قديمًا ببعض هذه المناطق. وما زالت حرفة صيد الأسماك قائمة حتى الآن في جميع المحافظات الساحلية خصوصًا في رابغ والليث والقنفذة. كما أن امتداد هذه المحافظات عبر السهل الساحلي إلى الشرق، وغناء سهلها بالمقومات ساعد في قيام السكان بالزراعة وتربية الحيوانات. ويمكن إجمال الحرف القديمة والأنشطة التي مارسها سكان هذه المحافظات وما زالوا يمارسون بعضها اليوم في صيد الأسماك والزراعة وتربية الحيوان والتجارة. كما اشتهرت المحافظات الساحلية الجنوبية، وفي بعض أجزائها تحديدًا، ببعض المهن كالحدادة والصناعات اليدوية المعتمدة على الخامات المحلية. ومن الصناعات القائمة حتى الآن ولكن بشكل محدود صناعة بعض الأواني الفخارية، واستخراج زيت السمسم  ، والتحطيب والتفحيم، واستخراج القطران، وترميم السفن، وصناعة بعض مستلزمات الزراعة. وقد اشتهرت بعض هذه الحرف في محافظات وأمكنة دون أخرى.
 

تربة والخرمة ورنية

 
اشتهرت محافظات تربة والخرمة ورنية بحرف الزراعة، وتربية الحيوانات وبخاصة الأغنام والإبل إذ تمثل جزءًا مهمًا من حياة إنسان تلك المحافظات. وقد ارتبط مع هاتين الحرفتين عدد من الحرف اليدوية التي يمكن تقسيمها إلى حرف النجارة والحدادة والغزل والنسيج. وكل من هذه الحرف يخدم المهنة التي يقوم بها الناس، أو يعتمد على المهنة كمواد خام للحرفة أو الصناعة التي يقوم بها. وقد انتشرت في هذه المحافظات قديمًا المصنوعات الخشبية والأدوات الزراعية والغزل والنسيج خصوصًا من قبل النساء. ومثل هذه الحرف يمكن إعادة التأهيل أو التدريب على عملها واستثمارها، فقد كانت تشهد إقبالاً كبيرًا إلى فترة قريبة خصوصًا فيما يتعلق بالمنسوجات اليدوية البدوية التي تشمل المفارش وبعض القطع الصوفية الملونة التي تعتمد على صوف الأغنام والإبل كمادة خام. كما تعتمد كذلك على الأصباغ التي كانت تستخرج من بعض الأعشاب الصحراوية في عملية التلوين بالألوان الزاهية التي تتناغم مع طبيعة الحياة الصحراوية.
 
شارك المقالة:
259 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook