الحرف والمهن بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
 الحرف والمهن بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية

 الحرف والمهن بمدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.

 
ترتبط الحرف والمهن في أي مجتمع من المجتمعات بطبيعة البيئة الاجتماعية والاقتصادية للأفراد في ذلك المجتمع، فحرف المجتمعات البدوية ومهنها تختلف عن تلك التي تمارس في المجتمعات القروية، وكذلك الحال في المجتمعات الحضرية. ومنطقة مكة المكرمة منطقة واسعة متنوعة البيئات الاجتماعية والاقتصادية، وتوجد بها مدن حضرية ذات طبيعة تجارية، وقرى ذات طبيعة زراعية، وأخرى ذات طبيعة بحرية، ومثل هذا النوع من التعدد انعكس - بلا شك - على طبيعة المهن والحرف السائدة في المنطقة. وسيتم تناول أبرز المهن التي كانت سائدة في المنطقة، سواء الحضرية منها أم القروية، أم ذات الطابع البدوي
 

 المهن في المدن

 
عرفت الكثير من المهن والحرف في منطقة مكة المكرمة منذ القدم؛ وذلك لأن مدن المنطقة تعد من أقدم مدن الجزيرة العربية وأكثرها تحضرًا، بحكم أنها قبلة للحجاج من كل الشعوب الإسلامية، ونتيجة لذلك فإن مدن المنطقة - وخصوصًا العاصمة المقدسة - عرفت الكثير من المهن والحرف التي لا تكاد توجد في غيرها من مدن المجتمع السعودي، أو حتى الجزيرة العربية. وفي هذا الجزء سيتم التناول بالوصف لأبرز المهن والحرف التي عرفت في مدن المنطقة الرئيسة (العاصمة المقدسة، ومحافظة جدة، ومحافظة الطائف) على النحو الآتي
 
أ - صناعة السُّبَح: 
 
تعد السُّبَح من الصناعات الموسمية في (العاصمة المقدسة)، ويروج بيعها في موسم الحج ومواسم العمرة، ويطلق المكيون على صانعي السبح (السبحية)، كما يطلقون على مصانع السبح (ورشات). وتصنع السبح من خامات متعددة كأخشاب الصندل، وخشب الحمر (التمر الهندي)، والعود، وغيرها من الأخشاب، كما تصنع أيضًا من نوى التمر. إلا أن الشائع في صناعة السبح هو السبح المصنوعة من (اليُسْر) وهو شجر بحري يجلب إلى مكة المكرمة من بعض سواحل البحر الأحمر، وتتم معالجته ونقعه في الماء لفترة من الزمن قبل تحويله إلى سبح. وبعد ظهور البلاستيك شاع استخدامه في هذه الصناعة لوفرته ورخص خامته
 
ب - السقاية:
ومن المهن التي كانت شائعة في العاصمة المقدسة مهنة السقاية، وكانت على نمطين
 
النمط الأول يتمثل في السقائين المختصين بسقي الحجاج أو من يسمون (الزمازمة)  نسبة إلى زمزم، ووظيفتهم سقي الحاج في المسجد من زمزم، أو إيصالها إلى بيوت الحجاج لمن يرغب في ذلك. ويقوم الزمازمة (أو السقاؤون) بوضع ماء زمزم في آنية من الفخار تسمى (دورق) وجمعها دوارق، وهي ذات شكل مخروطي، ويضيف بعض الناس إلى ماء زمزم بعض الروائح العطرية مثل ماء الورد وماء الكادي وماء الزهر، كما يتم تبخير (الجحلة) وهي الإناء الذي يوضع فيه الماء بالمستكة
وكان السقاؤون (أو الزمازمة) إضافة إلى سقي الحجاج يقومون بمهمة أخرى تختلف عن السقيا، إذ يعمد بعض الحجاج إلى شراء أكفان لهم من مكة المكرمة لتكفينهم فيها عند موتهم، ثم يعطونها للسقائين الذين يقومون بنقع تلك الأكفان في ماء زمزم ثم نشرها في ساحات المسجد أوقات الظهيرة لتجف مما يجعل ساحة الحرم تبدو وكأنها مغسلة
أما النمط الآخر من السقاة فهم السقاؤون الذين يقومون بإيصال الماء إلى المنازل مقابل أجر خاص يومي أو شهري، وهي من المهن الشائعة في معظم مدن المنطقة، ويعرف من يمارس هذه المهنة بـ (السقَّا)  الذي ينطق باللهجة المحلية في مكة المكرمة (سكَّا). ويقوم السقاؤون بنقل الماء من مورد الماء الذي يقع في الحي؛ فكل حي له مورد ماء يسمى (بازان) ويكون له شيخ مسؤول عن تنظيم أمور السقاية، فهناك أنظمة وأدوار يجب على السقائين احترامها، ولا يجوز تجاوزها أو اعتداء أحدهم على دور الآخر، ومن يخالف ذلك يتعرض للعقاب والإيقاف عن ممارسة المهنة حتى يتلقى الجزاء الذي يقرر بحقه
وينقل السقاؤون الماء في قِرَب خاصة من الجلد، ثم تطور الأمر بعد ذلك وأصبحوا يحملون الماء في (تنك) من الصفيح، إذ يحمل السقا (تنكتين) من الصفيح على كتفه بوضع حامل خاص من الخشب، بحيث تكون إحداهما أمامه، والأخرى خلف ظهره أثناء السير
 
ج - الطِّوَافة:
 
كانت مهنة الطوافة من أبرز المهن في العاصمة المقدسة؛ لكونها تختص بخدمة الحاج، ونظرًا إلى أهمية معرفة لغة الحجاج وعاداتهم فقد كان المطوفون غالبًا تمت أصولهم العرقية إلى من يرد إليهم من الحجاج، فالجاوية يقومون بخدمة حجاج شرق آسيا من إندونيسيا، والفلبين، والملايو، ويطلق على كل هؤلاء (جاوية). ويقوم المطوفون ذوو الأصول البخارية بخدمة حجاج بخارى، وذوو الأصول التركية يقومون بخدمة الحجاج الأتراك، وهكذا ذوو الأصول الهندية. وأما بقية الأقطار التي لا يوجد لها مطوف محدد من الجنسية ذاتها فيتبعون غالبًا لشيخ المطوفين. ولم يكن هناك أجر محدد لأتعاب الطوافة، بل جرى العرف أنه عند وصول الحجاج إلى مكة المكرمة يصنع لهم المطوف ضيافة، وبعد تناولهم لها يقوم أحدهم ممن سبق لهم الحج ويلم بالأعراف ويسمى (معاودي)، أو قد يكون من ذوي الجاه، فيفرد منديلاً ويدعو جماعته إلى إعطاء المطوف إكراميته كلٌّ بما تجود به نفسه وحسب إمكاناته
وكانت الطوافة من المهن المتوارثة، ولا يجوز لأي شخص يرغب في أن يكون مطوفًا القيام بذلك ما لم يكن من ممتهني الصنعة أبًا عن جد، ويسمح لبعض الأشخاص تجاوز هذا الشرط في حالة خدمته مدة خمسة عشر عامًا عند مطوف واحد، ويسمح له ذلك المطوف بامتهان الصنعة فيتخرج الخادم مطوفًا. ويتم ذلك بأن يجتمع المطوفون عند شيخهم ويوافقون على منح ذلك الشخص لقب (مطوف)، كما يسمحون له بممارسة المهنة، ويقومون برفع ذلك إلى الأمير لتأييده وصدور الموافقة عليه
 
د - تقطير الورد:
 
اشتهرت مدينة الطائف بزراعة الورد في منطقتي الهدا والشفا، ولذلك نشأت في هذه المدينة مصانع لتقطير الورد الطائفي تعتمد الأساليب البدائية مثل: استخدام القدور النحاسية والسلال السعفية. وتبدأ عملية التقطير في منتصف شهر مارس (آذار) من كل عام وتستمر شهرًا ونصف الشهر، يتم خلالها وضع نحو 20.000 - 30.000 وردة في قدور نحاسية كبيرة ومحكمة الإغلاق، ويجري تسخينها، فيبدأ عرق الورد في التصاعد والتكاثف، ثم ينفذ إلى القوارير مكونًا في أول الأمر ما يسمى (العروس) وهو الخلاصة الصافية لماء الورد النقية 100%، ثم يأتي بعده ماء الورد من الدرجة الثانية والثالثة وهكذا، ويعبأ ماء الورد في قوارير خاصة ومن ثم يتم تسويقه وبيعه 
 
هـ - السِّمانة:
 
هي من المهن الشائعة في مدن منطقة مكة المكرمة، وهي بيع السمن الطبيعي  الذي كان يجلب من البوادي والمناطق المجاورة لمكة المكرمة إلى السَّمَّانين في حواضرها، وهو أنواع منها: السمن البقري المستخرج من لبن البقر، وكان يرد إلى مكة المكرمة من الليث وما جاورها، والغنمي: وهو المستخرج من ألبان الأغنام، ويرد من جبال السراة والمناطق النجدية الشرقية من مكة المكرمة
ويجلب السمن ويباع في قِرَب فاتحة اللون تسمى (عكة). أما في أسواق مكة المكرمة فقد تخصص بضعة أشخاص بهذه المهنة في السوق الصغير في شارع المسعى، إذ يعرضون بضاعتهم في حُلَل من النحاس على (بنيكة): وهي حمالة أسطوانية من الجريد يضع عليها البائع المتجول دوارًا من الخشب عليه معروضاته. وكان لكل صنف موقع مخصص حيث كان يعرف بحلة البقري، وحلة الغنمي، والبحري وهكذا
 
و - الندافة أو التنجيد: 
 
تعد الندافة من المهن الشائعة إلى وقت قريب في معظم حواضر مكة المكرمة، والنِّدافة هي معالجة القطن بضربه بعصا خاصة لفك تشابكه وجعله أكثر نعومة وملاءمة لعملية حشو المطارح والمساند وغيرها من الفرش المحشوة بالقطن أو بعض النباتات التي يسمونها (الطرف). ويعرف الشخص الذي يمارس هذه المهنة بـ (النداف) أو (المنجد)  .
 
ز - الحجارون: 
 
يمارس الحجارون حرق (النورة) التي تتكون من أحجار يتم استخراجها من بعض الجبال المحيطة بمكة المكرمة بوادي سرف في الطريق إلى المدينة المنورة، وهي حجر كلسي يتشكل من المادة المتبقية بعد تسخين الحجر الجيري تسخينًا شديدًا، وبعد خروج بعض مكوناته بالحرق يتم تحويله إلى بودرة بيضاء يتم استخدامها لطلي المنازل وإكسابها اللون الأبيض الناصع، وتعد النورة من الأساسيات التي تستخدم في البناء في بيوت مكة المكرمة التقليدية
 
ح - الخياطة:
 
تعد الخياطة من المهن الشائعة في منطقة مكة المكرمة، فقد كان يخاط عدد من أصناف الملبوسات المكية، مثل: (الجُبَب) جمع جبة، و (الشابات) و (المياتين) و (الصديريات) وغيرها من الملبوسات. ويتفنن الخياطون المكيون  في تزيين الملبوسات حول الجيوب وعلى طول الصدر بأنواع القياطين المصنوعة من الحرير. وكان في العاصمة المقدسة موضع مخصص لباعة الصداري يعرف بـ (خان الصداري). كما كان هناك نوع من العمائم يصنع في مكة المكرمة يدعى (العمامة الألفي)، وكانت تشترى من قبل بعض الحجاج الأفارقة وشرق آسيا، ويتخذونها هدايا، أو رمزًا لإتمام مناسك الحج. فقد كان يعتقد بعض الحجاج أنه لا يتم حجهم إلا بشراء الزي المكي وارتدائه
 
ط - الفِرَانة: 
 
هي من المهن الشائعة في حواضر منطقة مكة المكرمة، وكانت على ثلاثة أنواع أو فئات؛ فهناك المتخصصون في صنع الكعك والشابورة والشريك وهي أنواع من الخبز، وفئة ثانية متخصصة في تجهيز احتياجات السوق من الخبز، وثالثة متخصصة في خبز عجين البيوت، فقد كانت النساء تقوم بإعداد العجين المراد خبزه، ثم إرساله إلى الفرن لخبزه مقابل قطعة من العجين تعطى للخباز يسمونها (جُعلة)، ويعمد الخباز إلى تجميع تلك الجُعَل وخبزها ومن ثم بيعها للانتفاع بثمنها. وقد يدفع بعض الناس نقدًا للخباز مقابل ما يقوم به من خبز العجين بشكل يومي أو شهري أو سنوي. وقد وجدت في حواضر مكة المكرمة جنسيات محددة مختصة في صنع أصناف معينة من الخبز، فاشتهر التركستانيون بصناعة نوع من الخبز يسمى (التميس)، إلا أنه لم يعد حصرًا عليهم في الوقت الحاضر. وترتبط بالفرانة مهنة أخرى هي طحن الحبوب، إذ كان بمكة المكرمة عدة طواحين تدار بالحيوانات، وقد كان يمتهنها بعض سكان السراة (سكان جبال الطائف وما حولها)، فقد كانوا يقدمون بعوائلهم في موسم الحج (خصوصًا إذا صادف موسم الحج وقت الشتاء، عندما تزيد برودة الطقس في السراة، ويعتدل في تهامة مكة المكرمة) فيسكنون ومعهم رحيهم، وتقوم نساؤهم بطحن ما يقدم لهم من حبوب
 
ي - العطارة: 
 
العطارة من المهن السائدة في حواضر منطقة مكة المكرمة، ويسمى من يمارسها (عطرجي)، بينما تسمى المهنة ذاتها (عطرجية) بمصطلح المكيين، ويقوم العطرجي ببيع أصناف متعددة من العطور والأطياب بمختلف أنواعها، مثل: عطر الورد والعود والياسمين، كما يقومون ببيع خشب العود، وتزداد هذه المهنة رواجًا في موسم الحج. وتختلف هذه المهنة عن مهنة (العطار) المعروفة في الوقت الحاضر، حيث كانت تمارس من قبل فئة أخرى يطلق على ممتهنيها اسم (العطارين)، وهم الذين يقومون ببيع العقاقير الطبية والبهارات والأعشاب الطبية والأدوية الشعبية وغيرها من الأصناف، وكان معظم من يمارس هذه المهنة هم من الجالية الهندية
 
ك - الحلاقة والحجامة: 
 
تعد مهنة الحلاقة من المهن الشائعة في معظم الحواضر والمدن، إلا أنها في العاصمة المقدسة تتخذ طابعًا خاصًا، إذ إن الحلاقة في الحرم المكي تعد أحد الأركان المهمة في الحج والعمرة، ولذلك فإنها من المهن الأكثر قدمًا في مكة المكرمة، فقد كان الحلاقون يشغلون دكاكين على مقربة من المروة لتسهيل عملية فك الإحرام
ولا يقتصر عملهم في حواضر مكة المكرمة على حلاقة الشعر، بل يتجاوزونها إلى مهن أخرى، إذ يمارس الحلاق إلى جانب الحلاقة عملية ختان الصبيان، والحجامة
 
ل - النجارة: 
 
النجارة ذمن المهن السائدة في مدن المنطقة وقراها الكبيرة؛ ففي حواضر مكة المكرمة كان النجارون يصنعون الكثير من الاحتياجات المنـزلية من أبواب وشبابيك، ومشربيات، ودكاك (جمع دكة): وهو السرير أو الكرسي الذي يستخدم للجلوس، وكذلك الكرويتات وغيرها، كما يصنع النجارون المكيون (الشقادف): وهي ما يستخدم في الحج لحمل الحجيج
 
م - الصرافة:
 
الصرافة من المهن المعروفة في مكة المكرمة، وقد فرضتها الحاجة نظرًا لقدوم عدد من الحجاج من مختلف الأقطار بعملات مختلفة ومتنوعة، مما اقتضى وجود صرافين يقومون باستبدال العملة المحلية بتلك العملات
 
ن - الحدادة والنحاسة: 
 
من المهن الشائعة في الحواضر، إذ يقوم الحدادون بتطويع الحديد الخام وتصنيع بعض الأدوات كالفؤوس، والسكاكين والمطارق، والمسلات وغيرها. كما كان النحاسون يقومون بصناعة الأواني النحاسية التي كانت غالبًا ما تفضل في الطبخ، ويقومون بجلي الأواني النحاسية وتلميعها
 
س - الصياغة: 
 
هي من المهن المشهورة في المدن كافة تقريبًا، وقد اشتهرت بعض مدن منطقة مكة المكرمة بدقة مصوغاتها من الذهب والفضة، وهناك شوارع معروفة للصاغة كانت لها شهرتها. ويقوم الصاغة بصوغ الحلي التقليدية مثل الخلخال: وهو ما تزين به المرأة قدميها، والرشرش: وهو طوق ذهبي أو فضي يتدلى من رقبة المرأة، ويغطي مساحة من صدرها، وكذلك البناجر: وهي نوع من الأساور الذهبية، وغيرها من الحلي المتعددة التي يتفنن الصاغة في صنعها، ومن ثم عرضها في محلاتهم أو صنعها بصفات مخصوصة لبعض العملاء من الوجهاء والأثرياء
 
ع - الصباغة: 
 
هي صباغة الأقمشة بالألوان المرغوبة، وكان التجار في العاصمة المقدسة يستوردون القماش الخام بسعر زهيد، ثم يقوم الصباغون بعد ذلك بصباغته. وتتم تلك العملية بأخذ الخيوط أو الأقمشة البيضاء التي يراد صبغها، ومن ثم وضعها في قدور خاصة مملوءة باللون المطلوب، ثم توضع على النار، ويتم تحريك محتويات هذه القدور بعصًا طويلة إلى أن تتشرب الخيوط باللون، ومن ثم يتم إخراجها وتجفيفها
 
ف - الحياكة: 
 
تعد الحياكة والغزل من المهن الشائعة في منطقة مكة المكرمة على اختلاف بيئاتها الحضرية والقروية والبدوية، ويمارسها الرجال والنساء على حدٍّ سواء، إلا أنه في المدن يمارس الذكور هذه المهنة بوصفها حرفة، ويقومون بحياكة المنسوجات والملبوسات والفُرُش. وتقوم المرأة في النواحي القروية والبدوية بهذا العمل بوصفه جزءًا من عملها المنـزلي، إذ تقوم بحياكة ملابس أفراد أسرتها، كما تقوم بحياكة الفرش والبسط والخيام
 
ص - الكُتُبية:
 
شاعت في مدن المنطقة مهنة بيع الكتب التي يطلق المكيون على ممتهنيها (الكُتُبية)، وقد كان لهم مقر خاص بهم بقرب الحرم عند باب السلام، وتنتشر حوانيت الكتب على جانبي ردهة مستطيلة واسعة. وهذه المهنة لا يمارسها الكثير، وإنما تقتصر على فئة محدودة برعت في هذا المجال. وهناك عائلات اشتهرت بها بحيث أصبحت لهم فروع في عدد من المدن في منطقة مكة المكرمة، ووجدت مكتبات كبيرة تعرف بأسماء أصحابها مثل مكتبة المؤيد ومرزا... وغيرها من المكتبات الخاصة
 
ق - الخردجية: 
 
مهنة (الخردجي) من المهن التي كانت شائعة في مدن المنطقة، وكان يطلق على بعض الأشخاص الذين يقومون ببيع أدوات الخياطة من إبر، ومقصات، وسكاكين، ومقالم، وأزرار. وقد اختصت بهذا النوع من المهن الجالية التركستانية، وهم من يطلق عليهم (البخارية). ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المصطلح حاليًا يطلق على من يقوم ببيع الأشياء القديمة المتعددة التي لا تنتمي لصنف محدد، وهي ما تعرف بـ (الخردة) أي القديمة والمتنوعة
 
ر - المسحراتية:
 
ومن المهن التي كانت شائعة في حواضر مكة المكرمة مهنة المسحراتي، وهو الشخص الذي ينبه الناس إلى موعد السحور في رمضان، ويتنقل بين الأزقة في الأحياء مناديًا بصوت عالٍ
اصحَ يا نايم وَحِّدِ الدايم وكان يقف بجوار كل بيت مرددًا أسماء سكانه كأن يقول: (فلان وفلان مسَّاكَ الله بالرضا والنعيم)، فتمطره النوافذ بالحلوى والنقود
 
ش - المزهدون:
 
التزهيد هو نوع من أناشيد الابتهالات، وكان من ينشد هذا النوع يسمى (المزهِّد)، وكان يؤتى بمثل هؤلاء المنشدين في بعض المناسبات، وخصوصًا مناسبات السفر، وكان الشخص الذي يعتزم السفر إلى المدينة يحضر المزهد فيقوم بإنشاد بعض الأناشيد التي تتضمن الدعاء للمسافر بالعودة سالمًا
 
ت - الحكواتية:
 
يمارس الحكواتي في مدن المنطقة مهنة سرد الحكايات والقصص، وكان الحكواتية يتمركزون في المقاهي ذات الكثافة العددية بعد صلاة العشاء يقرؤون على الزبائن سيرة عنترة بن شداد، أو الزير سالم، أو تغريبة بني هلال، ويحصلون مقابل ذلك على بعض النقود التي يقوم صاحب المقهى بجمعها لهم من الزبائن
 
ث - المنادون:
 
يمارسون مهنة المناداة، وهم أشبه ما يكونون بوسائل الإعلام في الوقت الحاضر. وقد كان المنادون في مدن منطقة مكة المكرمة (وبخاصة الساحلية منها مثل مدينة جدة) يجوبون الأسواق معلنين عن وصول البواخر ونوعية حمولتها. كما كانت لهم مهام أخرى شائعة في مدن المنطقة كافة، مثل المناداة والإعلان عن الحفلات ودعوة الناس إلى حضور حفلات الزواج، أو دخول الأهلة، أو الإعلان عن الأطفال المفقودين وغير ذلك من الأمور التي تقتضي الإعلان عنها
 
خ - عصر السمسم: 
 
من المهن التي كانت شائعة في بعض مدن المنطقة مهنة عصر السمسم واستخراج زيته، وكانت لا تخلو حارة من حارات جدة - على سبيل المثال - من وجود معصرة أو أكثر. ولا تزال هذه المهنة تمارس في بعض نواحي المنطقة الجنوبية المحاذية للسهول التهامية القريبة من منطقة عسير. ويستخدم العصارون في ذلك بعض الوسائل التقليدية، وتوضع حبوب السمسم في معاصر خاصة من الخشب تتم إدارتها بوساطة جمل معصوب العينين يظل يدور في حلقة مفرغة طوال اليوم، وفي نهاية اليوم يتم أخذ الزيت المستخلص من العصر، بينما يعطى الجمل البقايا والحثالة
 
شارك المقالة:
182 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook