الحصون والقصور في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الحصون والقصور في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الحصون والقصور في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 
كانت الحصون والقصور من المظاهر العمرانية المميزة في هذه المنطقة خلال العصر الإسلامي، وقد برزت نتيجة الأوضاع السياسية غير المستقرة  وتكثر الحصون والقصور في المناطق الجبلية في منطقة عسير، ولا يزال ماثلاً للعيان عدد من الحصون والقصور التي تُشاهد في هذه المناطق، وقد أصابها الخراب والدمار، حتى إن بعضها لم يبقَ منه إلا جزء بسيط. وتاريخ بعض هذه الحصون والقصور ربما يعود إلى مئات السنين، ومما يؤكد ذلك ما ذكره ابن المجاور عندما وصف الحصون والقصور في بلاد السراة فقال: "... وقد بُني في كل قرية قصر من حجر وجص... ويكون أهل القرية محتاطين بالقصر من أربع ترابيعه "، أي: أركان القصر  .  وهذا الوصف الذي حفظه ابن المجاور من القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي لا يزال ينطبق على هيئة بعض الحصون المهجورة في عدد من القرى السروية في منطقة عسير.
 
وقد حظيت القلاع والحصون الحربية وأبراج المراقبة بعناية خاصة لدى سكان المنطقة، فلا تخلو منها قرية أو مدينة تقريبًا، بل إن بعض القرى ربما حظيت بعدد كبير من الحصون؛ خصوصًا القرى التي كانت تفصل بين قبيلة وأخرى، كما هي الحال في قرية زمرة الواقعة في بلاد خثعم.
 
وفي وادي عياء (أحد أودية بللسمر) تنتشر عشرات القصور  والحصون الحربية التي يصل ارتفاع بعضها إلى خمسة أدوار، وقد بُنيت بالحجارة، وزُينت جدرانها بأحجار المرو البيضاء، ويمثل القصر الموجود فوق قمة أحد الجبال المطلة على الوادي أبرز المباني من حيث اتساع مساحته، وكثرة زخارفه وجمالها، فقد وُظفت أحجار المرو البيضاء لتزيين جدرانه الخارجية بشكل جيد  وتختلط مواد بناء الحصون والقصور، وبخاصة في البلاد السروية، فبعضها مبني بالحجارة والطين معًا، وبعضها الآخر أساساته بطول مترين أو ثلاثة أمتار من الحجارة، ثم تُستكمل بالطين، ومنها ما هو مبني بالطين فقط. والحصون المشيدة من الحجر مع الطين تكثر في بلاد بلقرن، وشمران، وخثعم، وبلاد الحجر  ،  أما الحصون والقصور المبنية من الطين فتوجد بكثرة في بلاد قحطان وشمران، وغالبًا ما تُشيد هذه القصور والحصون على رؤوس الجبال، أو على ضفاف الأودية، أو بعض المناطق الإستراتيجية التي يستطيع المدافع استخدامها ضد العدو. وغالبًا يتم بناء هذه الحصون بطريقة جماعية يشترك فيها أهل القرية أو الفخذ أو العشيرة الواحدة، وهي تتفاوت في عدد طوابقها، وفي سعتها وضيقها  
 
أما القصور فتوجد - غالبًا - في المراكز الحضارية الكبيرة، مثل: بيشة، والنماص، وتنومة، وأبها، وغيرها، كما توجد في بعض القرى المجاورة لهذه المراكز  .  وتختلف أحجام القصور ونوعياتها من مكان إلى آخر، ومن أسرة إلى أخرى حسب الإمكانات والقدرات المادية، ومنها قصر شداد الشهير في مدينة أبها نسبة إلى شداد وهو جبل شامخ في تهامة بلاد زهران، فقد أراد الأمير عايض بن مرعي 1213 - 1272هـ/1798 - 1856م أن يخلد ذكرى حادثة تاريخية تزامنت مع إكمال بناء قصره الشهير في أبها، فأطلق عليه هذا الاسم. وقصر المفتاحة الذي أقامه الأمير علي بن مجثل في أبها، ويُسمى أحيانًا قصر النصر. وقصر قحطان الذي أقامه حسين بن هيف أحد زعماء رفيدة، ولا يزال هذا القصر قائمًا متميزًا ببنائه الرائع في قرية المضيق. وقصر الثغر الذي شيده القائد غشام بن عامر، في عهد الدولة السعودية الأولى. وقصر جُرعة الذي شيده الشيخ محمد بن علي بن سالم الملقب بأبي صلام حفيد غشام بن عامر، ولاتزال بقايا قصر جُرعة قائمة بملاحقه، ومرابط الخيل، وساحات الاستقبال إلى الوقت الحالي مع شدة ما تعرض له من قصف مدافع محمد علي باشا عام 1230هـ/1815م. وقصر أبي مسمار في السقا، وقصرا عابس وثربان من قصور أسرة العسابلة في النماص... وغيرها  
 
1 - المدرجات الزراعية: 
 
تشاهَد تلك المدرجات الزراعية في طول البلاد وعرضها، وبخاصة في الأجزاء السروية، فالأمكنة الزراعية تحيط بها من معظم الجهات أسوار مبنية بطريقة جميلة وجيدة، وقد يرجع تاريخ بناء تلك المدرجات إلى مئات السنين، وتتفاوت في الارتفاع بين نصف متر ومترين، وربما بلغ ارتفاع بعضها ثمانية أمتار أو عشرة. والفوائد التي يمكن استخلاصها من إنشاء هذه المدرجات الزراعية هي: أنها تدل على وجود حضارة قديمة، وعلى أن سكان المنطقة استطاعوا التكيف والتغلب على ما كان يقابلهم من مشكلات طبيعية وغيرها، كما أن بناء مثل هذه المدرجات يساعد على حفظ تربة المزارع من الضياع والاندثار، إلى جانب الحفاظ على كل قطعة زراعية بمعالم وحدود معينة تفصلها عن المزارع الأخرى المجاورة لها  
 
2 - أسوار الأحمية: 
 
كان سكان المنطقة يحمون بعض مواقعهم بأسوار تقع على رؤوس الجبال وقيعان الأودية، فقد كانوا يحيطون حماهم بأسوار يراوح ارتفاعها بين متر ومترين. وتوجد أسوار أخرى كانت تُبنى لبعض الأسر، أو القرى، أو العشائر، لتكون معالم حدود بين منطقين، والمميز في طبيعة هذه الأسوار أنها بسيطة في بنائها وتشكيلها، وغالبًا ما تُبنى بالحجارة فقط دون أن يُخلط معها التراب أو الطين خلاف ما يحدث في بناء المنازل، والحصون، والمدرجات الزراعية  
 
3 - الآبار: 
 
تُعد من المعالم الحضارية في منطقة عسير، إذ يصل عمق بعضها إلى 50م أو أكثر، وقد استُخدمت أدوات بدائية في حفر هذه الآبار، وعند الانتهاء من حفر أي بئر كانت تُطوى الأجزاء العلوية منها لحفظها من الأوساخ والأتربة والحجارة التي قد تتساقط من أطرافها العلوية  
 
4 - القبور المبنية فوق سطح الأرض: 
 
توجد بكثرة في بعض الأجزاء الشرقية من بلاد قحطان وشهران، وفي وادي عياء، ووادي ترج، ومنطقة الحدب من بلاد بللحمر، وبني شهر وبني عمرو؛ ويصل ارتفاع بعضها إلى ثلاثة أمتار أو أربعة تقريبًا، ويلاحَظ على هذه القبور جمال بنائها، واستخدام الجص الأبيض بطريقة التناوب. وإلى جانب هذه القبور السطحية توجد قبور أخرى مدفونة تحت الأرض  
 
شارك المقالة:
46 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook