الحمل الخارج رحمي

الكاتب: د. ايمان شبارة -
الحمل الخارج رحمي.

الحمل الخارج رحمي.

الحمل المنتبذ ectopic pregnancy أو الهاجر أو خارج الرحم هو الذي تعشش فيه البيضة الملقحة، وتنمو في موقع خارج موقعها الطبيعي الذي هو جوف الرحم.

التواتر:

تختلف نسبة حدوثه من بلد إلى آخر، وتراوح بين 1 من كل 300 و1 من كل 1000 حمل. ويبدو أن للأخماج الحوضية  ـ ولاسيما بالمكورات البنية  ـ الأثر الكبير في ازدياد نسبة حدوثه.

الأسباب

1 ـ العوامل التي تمنع هجرة البيضة الملقحة من المبيض إلى جوف الرحم، أو تعوق هذه الهجرة؛ وتشمل:

أ ـ الآفات الخمجية في البوقين بما تسببه من التصاقات في بطانة البوق وتضيق في لمعته.

ب ـ الالتصاقات حول البوقين في عواقب الأخماج النفاسية وتزوي البوق بسبب تشكل اللجم الالتهابية.

ج ـ الأورام الحوضية المجاورة التي تضغط البوق أو الورم العضلي الرحمي الذي يضغط فوهة البوق الرحمية، أو يسدها.

د ـ العمليات الجراحية السابقة على البوقين (تصنيع البوقين  ـ ربط مخفق للبوقين).

هـ ـ أسواء الشكل الخلقية في البوقين (تشعب البوق والرتوج البوقية ونقص التصنع في البوق).

و ـ ضعف الحركات الحوية للبوقين أو تشنج البوقين أو تخرب الخلايا المهدبة لبطانة البوقين.

2 ـ الهجرة الخارجية للبيضة: وذلك حين تنتقل من المبيض الذي نشأت منه عبر الصفاق البطني إلى الفوهة الصيوانية للبوق المقابل حيث تنمو وتعشش في الصفاق قبل وصولها للبوق.

3 ـ وجود جزيرات منتبذة من بطانة الرحم في لمعة البوق يشجع على تعشيش البيضة، وهو أمر صعب الإثبات.

تصنيف الحمل المنتبذ وموقعه

يصنف الحمل المنتبذ حسب موقعه إلى: حمل مبيضي وبوقي وصفاقي.

1 ـ الحمل المبيضي: تلقح البيضة، وتنمو داخل المبيض أو خارجه.

2 ـ الحمل البوقي: وله أربعة أنواع حسب موقعه من البوق.

أ ـ الحمل الخلالي: وتعشش فيه البيضة في القسم الخلالي من البوق الواقع في العضلة الرحمية.

ب ـ الحمل المضيقي: وتعشش فيه البيضة في القسم الإنسي من البوق (منطقة المضيق).

ج ـ الحمل المجلي: وتعشش فيه البيضة في القسم المتوسط من البوق (منطقة المجل).

د ـ الحمل الصيواني: وتعشش فيه البيضة في المنطقة الهدبية للبوق (صيوان البوق).

3 ـ الحمل الصفاقي: قد يكون بدئياً تعشش فيه البيضة في الصفاق البطني منذ إلقاحها أو ثانوياً تالياً لحمل بوقي أو مبيضي سقط في جوف الصفاق، ونما فيه.

4 ـ في حالات نادرة قد يقع الحمل المنتبذ في قرن رحمي ابتدائي ضامر أو في قناة عنق الرحم، أو بين وريقتي الرباط العريض، ويكون ثانوياً تالياً لحمل بوقي تمزق نحو الرباط العريض.

التبدلات التشريحية المرضية

1 ـ الحمل المبيضي: وهو نادر المصادفة، وفيه يتم إلقاح البيضة قبل انقذافها من جريب دوغراف، وينمو الحمل ضمن المبيض، أو يبرز على سطح المبيض، ويسطو على الصفاق، وينتهي النوعان حتماً بالتمزق المبكر، فتقع البيضة في جوف الصفاق.

2 ـ الحمل الصفاقي (البدئي): نادر جداً، وفيه يحدث إلقاح البيضة في جوف الصفاق في أثناء هجرة خارجية وتعشيشها ونموها في جوف الصفاق. أما الثانوي فيكون تالياً لتمزق حمل مبيضي أو حمل بوقي وسقوط البيضة في جوف الصفاق وتعشيشها ثانوياً ونموها على الأمعاء أو المثانة أو جدار الحوض، وتلتصق المشيمة بهذه الأحشاء بشدة، ويصعب فكها منها. أما الجنين فيكون هزيلاً وسيئ النمو، وكثيراً ما يبدي عيوباً خلقية.

3 ـ الحمل البوقي: وهو أكثر الحمول المنتبذة مصادفة؛ ولاسيما النوع المجلي أو الصيواني، وتكون البيضة محاطة بغشاءين فقط: السلوي والمشيمائي دون وجود غشاء ساقط، إنما قد توجد بعض الخلايا الساقطة؛ ممّا يفسر سرعة غزو الزغابات المشيمية لجدار البوق والأوعية الدموية الوالدية، ويسبب حصول نزف غزير يؤدي إلى تمزق البوق.

يحتقن البوق، وتزداد توعيته وتتوذم جدره، وتتضخم قطعته العضلية، وتتوسع لمعته بسبب نمو البيضة، ويثقل فينسدل في رتج دوغلاس خلف الرحم، وتتشكل حوله التصاقات صفاقية تحيط بالبيضة مشكلة ما يشبه كيس الحمل.

ويلاحظ تكون جسم أصفر حملي في المبيض كما في الحمل الطبيعي. وتتضخم الرحم قليلاً، وتتلين كما يتلين عنق الرحم. ويتضخم غشاء باطن الرحم، ويتحول إلى غشاء ساقط يتوسف أجزاءً متفرقة، أو ينسلخ، وينقذف قطعة واحدة متى ماتت البيضة، وتوقف الحمل عن النمو. أما الجنين فغالباً ما لا يكون موجوداً أو يكون متأخر النمو، وكثيراً ما يبدي عيوباً خلقية.

تطور الحمل البوقي وسيره

الحمل البوقي حمل غير طبيعي سواء في مكان تعشيشه أم في ظروفه، ونادراً ما يستمر الحمل في البوق إلى أكثر من ستة أسابيع، وغالباً ما ينتهي إما بتكون الورم الدموي في البوق؛ وإما بالإجهاض البوقي؛ وإما بتمزق البوق.

1 ـ الورم الدموي في البوق: إذا كانت جدر البوق متينة فقد تنفك البيضة عن موضع ارتكازها وتموت، ويترافق هذا الحدث بنزف يتراكم في لمعة البوق، ويتخثر مشكلاً ورماً دموياً، وتنحل المضغة وقد يرتشف هذا الورم الدموي.

2 ـ الإجهاض البوقي: يؤدي النزف الغزير إلى انفكاك البيضة عن جدار البوق. فإذا كان التعشيش في المجل أو قريباً من الصيوان؛ فإن البوق يدفعها بتقلصاته نحو الصيوان ومنه إلى جوف البطن، وهذا ما يدعى بالإجهاض البوقي، ويحدث عادة ما بين الأسبوعين السادس والثاني عشر من الحمل. وقد يكون الإجهاض تاماً يخف النزف بعده أو يتوقف، أو قد يكون الإجهاض ناقصاً، فيستمر النزف، ويتجمع في رتج دوغلاس مشكلاً القيلة الدموية.

3 ـ تمزق البوق: غالباً ما يؤدي النزف الغزير إلى تمزق البوق نحو جوف الصفاق إذا كان الحمل في منطقة المضيق، ويحدث عادة بين الأسبوعين الثالث والثاني عشر من الحمل. يتمزق البوق بسبب التبدلات النسيجية التي تصيب نسجه ولتمدده المفرط، ويكون النزف غالباً شديداً أو صاعقاً يملأ البطن مشكلاً الطوفان الصفاقي، ونادراً جداً ما تعشش البيضة من جديد، ويتم نمو الحمل في جوف الصفاق.

وفي أحوال أخرى قد يحصل التمزق في الجزء السفلي للبوق نحو الرباط العريض، فيشكل ورماً دموياً بين وريقتي الرباط العريض.

المظاهر السريرية والأعراض

يتظاهر الحمل المنتبذ بشكلين هما: الشكل الحاد أو الصاعق، والشكل الهادئ أو المزمن.

1 ـ الشكل الحاد: وتكون الأعراض قسمين؛ منها ما يشير إلى حصول الحمل؛ ومنها ما يدل على أن هذا الحمل غير طبيعي.

فالأعراض التي تشير إلى حصول الحمل هي الأعراض المعروفة (انقطاع الطمث، والأعراض الودية، وإيجابية الاختبارات المخبرية للحمل والعلامات الفيزيائية وما إلى ذلك).

أما الأعراض التي تدل على أن هذا الحمل غير طبيعي فهي أعراض وظيفية وعلامات فيزيائية.

أ ـ الأعراض الوظيفية: هي الضائعات الدموية والآلام. فالضائعات الدموية تنشأ من الرحم، وهي قليلة ومتقطعة ويكون لون الدم قاتماً كطحل القهوة. أما الآلام فهي بطنية تتوضع في أحد الجانبين، وتختلف شدتها، وتنشأ من تقلصات البوق ومن الالتصاقات الصفاقية، وقد يرافقها الميل للغشي حين ينصدع البوق، فيكون من علامات التمزق. وعند تمزق البوق يصبح الألم حاداً كطعنة الخنجر، وكثيراً ما ينتشر إلى الكتف والعنق بسبب تخريش الدم الحجاب الحاجز. وتظهر أعراض النزف الباطن والصدمة النزفية (انخفاض الضغط الشرياني وتسرع النبض وضعفه والشحوب).

ب ـ العلامات الفيزيائية: يكون عنق الرحم بالفحص النسائي أقل ليناً مما هو في الحمل الطبيعي، مؤلم الحركة، ويكون جسم الرحم متضخماً قليلاً لا تتناسب ضخامته مع السن المقدرة للحمل، وتدرك بالمس المهبلي بجوار الرحم أو خلفه كتلة رخوة ملتصقة بالرحم هي الكيس الحملي إذا لم يكن قد تمزق، أو القيلة الدموية في الرتج الخلفي. وتوقظ الأصبع الماسة ألماً حاداً تصرخ منه المريضة؛ وقد دعيت هذه العلامة صيحة دوغلاس. وقد تظهر كدمات زرق خفيفة حول السرة ناجمة عن النزف الباطن، وتسمى هذه العلامة علامة كولن، وتكتمل الصفحة السريرية بانقذاف الغشاء الساقط الرحمي على هيئة كيس مثلث يشبه جوف الرحم؛ وهي علامة ذات قيمة تشخيصية مهمة.

2 ـ الشكل المزمن: يرافق حالات الإجهاض البوقي حين يكون النزف داخل البوق ضئيلاً نسبياً؛ ولكنه متكرر يتجمع في رتج دوغلاس، ويتخثر محدثاً التصاقات عديدة. وكثيراً ما يتوقف النزف، وتموت البيضة، وتكون الأعراض الألمية خفيفة، ويرتشف الانصباب الدموي في مدى أشهر دون معرفة التشخيص الحقيقي، أو تحدث إصابة بالإنتان والتقيح تؤدي إلى حالة خمجية حادة وأعراض التهاب الصفاق الحوضي.

التشخيص

يتم التشخيص من القصة السريرية والأعراض والعلامات والفحص النسائي الدقيق. والتشخيص المبكر للحمل المنتبذ أمر مهم. وفي التأخر بالتشخيص أو المعالجة خطر الوفاة؛ ولاسيما في الشكل الحاد الصاعق.

ويكون التشخيص صعباً أحياناً إذ يلتبس الحمل المنتبذ بحالات عديدة؛ أهمها حالات الإجهاض، وانفتال كيسة مبيض أو ورم ليفي مذنب؛ أو بتمزق كيسة وظيفية في المبيض مع نزف صفاقي أو تمزق كيسة انتباذ بطاني رحمي أو بالتهاب الملحقات أو الزائدة الدودية أو أي حالة نزف باطن (انثقاب قرحة، تمزق طحال وغير ذلك).

الاستقصاءات المساعدة على التشخيص:

1 ـ اختبار الحمل: ويكون إيجابياً في 50% من الحالات والنتائج الإيجابية لا تفرق بين الحمل الطبيعي والحمل المنتبذ، كما يمكن اللجوء إلى عيار موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (H.C.G.) في الدم.

2 ـ تجريف الرحم الاستقصائي: للتأكد من وجود غشاء ساقط رحمي دون زغابات مشيمية، وهو لا يعطي أي فائدة حقيقية.

3 ـ الفحص تحت التخدير العام: ويجب إجراؤه بلطف وحذر شديدين خوف تمزق البوق وحصول نزف حاد.

4 ـ بزل رتج دوغلاس: وهو استقصاء سهل وسريع ونادر المضاعفات ويكشف عن وجود دم صريح في رتج دوغلاس يؤكد التشخيص في معظم الحالات.

5 ـ تنظير البطن: ويفيد بوصفه وسيلة تشخيصية وعلاجية للحمل المنتبذ.

6 ـ فتح البطن الاستقصائي حين وجود الشك.

7 ـ الفحص بما فوق الصوت: وهو وسيلة تشخيصية مفيدة جداً، وتتم عبر البطن أو المهبل وهو الأفضل، وتكشف خلو جوف الرحم من الحمل وكتلة الحمل جانب الرحم أو خلفه والقيلة الدموية في رتج دوغلاس.

الإنذار

يرتبط فيما يخصّ الحامل بالتشخيص المبكر للحالة قبل التمزق والإسراع بالمعالجة، ويكون حسناً في هذه الحالة غير أن التأخر في التشخيص أو المعالجة يعرض حياة الحامل للخطر. أما فيما يخصّ الجنين فالإنذار وخيم دوماً.

المعالجة

حين التأكد من الحمل المنتبذ أو الشك به يجب إدخال المريضة فوراً المستشفى حيث يبادر لتحسين الحالة العامة ومعالجة الصدمة النزفية بنقل الدم أو معيضاته، والإسراع بالمعالجة الجراحية أو الدوائية أو المحافظة حسب ما تستدعي الحالة.

1 ـ المعالجة الجراحية: تتم بفتح البطن في الحالات الحادة أو المختلطة أو بالتنظير البطني في الحالات المبكرة قبل أن يتمزق البوق، ويجرى استئصال البوق، مع المبيض الموافق أو من دونه. أو المحافظة على البوق إذا كان سليماً بتوليد البيضة بتمسيد البوق ودفعها باتجاه الصيوان أو بخزع البوق واستخراجها أملاً بتحسين إنذار الإخصاب مستقبلاً لدى المريضة. وفي الحمل الخلالي المنفجر أو تمزق القرن الرحمي الضامر تكون الخطورة شديدة بسبب النزف الصاعق، وقد يستدعي الأمر استئصال الرحم.

وفي الحمل الصفاقي:  ـ وهو قليل المشاهدة ـ تكون المعالجة بفتح البطن واستخراج الجنين، ويربط الحبل السري، وتترك المشيمة في موضعها لتمتصها العضوية بالتدريج، أو بإجراء التوخيف marsupialization بخياطة حواف الأغشية الجنينية إلى حواف الجرح البطني مع دك الجوف بالشاش بانتظار انطراح المشيمة عفوياً.

2 ـ المعالجة الدوائية:  وهي معالجة حديثة أصبحت شائعة في الحمل المنتبذ غير المنفجر؛ وذلك باستعمال الميتوتريكسات methotrexate، وهو من مضادات الانقسام الخلوي، ويعطى حقناً عضلياً بجرعة وحيدة أو متعددة بمقادير تختلف بالنظر إلى وزن المريضة، أو تحقن موضعياً ضمن كيس الحمل مباشرة بتنظير البطن أو عبر المهبل بالإبرة الموجهة بما فوق الصوت. ويجب إجراء الفحوص المخبرية اللازمة لتقييم حالة وظائف الكليتين والكبد ونقي العظام قبل البدء بالمعالجة؛ والانتباه للتأثيرات الجانبية المرافقة للمعالجة بالميتوتريكسات كالإقياء والتهاب الأغشية المخاطية للجهاز الهضمي وتثبيط نقي العظام ومعالجتها.

ويراقب نجاح المعالجة بقياس تراجع  موجهات الغدد التناسلية المشيمائية البشرية في الدم والفحص بما فوق الصوت.

وقد تكون المعالجة بالميتوتريكسات هي المفضلة في حالة الحمل المنتبذ حين ترى المريضة بعد مدة من حصول الإجهاض البوقي وتوقف النزف وموت البيضة، وتكون حالة المريضة العامة حسنة ومستقرة، فيمكن انتظار ارتشاف الدم النازف ارتشافاً عفوياً مع المراقبة الجدية ومعالجة الفاقة الدموية والوقاية من الخمج.

شارك المقالة:
172 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook