حث الإسلام على سلامة الأجسام والعناية بها من خلال الرياضة والتربية البدنية عمومًا؛ لما تؤدي إليه من سلامة الجسم والعقل معًا؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"  ،  كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بالتربية البدنية ويحث على الرياضة التي تقوي الجسم؛ ومنها: الرماية، والسباحة، وركوب الخيل، والمصارعة، ومسابقات العَدْو.

 

 

مرت الرياضة في المملكة العربية السعودية بمراحل متعددة في بداياتها، فقد كانت ممارسة لعبة كرة القدم في مدن المملكة غير منظمة، إذ لم يكن في البدايات الأولى أي تنظيم رسمي لها، كما اقتصرت ممارستها على الأحياء والحارات والساحات المفتوحة سواء داخل المدن أو خارجها لعدم وجود ملاعب مخصصة لكرة القدم أو الألعاب الأخرى، كما لم تكن هناك أندية رياضية بالمفهوم العصري للأندية الرياضية، ومع هذا فقد أثمرت الجهود الفردية المبذولة في هذا المجال في ترسيخ مفهوم الرياضة وعملت على نشرها بين المواطنين؛ فنشأت الفرق الوطنية التي تطورت فيما بعد لتصبح أندية رياضية كبيرة  . وقد تلت هذه المرحلة مرحلة الإشراف الرسمي على أنشطة الرياضة والتنظيمات الأساسية، تنقلت فيها مرجعيتها الإدارية العليا بين جهات حكومية مختلفة؛ فمع تطور مرافق الدولة، وتزايد الحاجة إلى التنظيمات الحكومية لبعض الأنشطة في المملكة، فقد كان من الضروري أن تكون هناك جهة حكومية رسمية تشرف على الأنشطة الرياضية وتنظمها، تجاوبًا مع التطور الأهلي الداخلي المتمثل في ازدياد اهتمام المجتمع بالرياضة وخاصة كرة القدم، فقد وضع نظام للرياضة عام 1372هـ / 1953م؛ بتكوين الإدارة العامة للرياضة البدنية والكشفية بوزارة الداخلية تتفرع عنها إدارات خاصة بالأنشطة الرياضية المختلفة للإشراف على سن الأنظمة للأندية والألعاب وتنظيم المسابقات والبطولات وإعداد الحكام ومراقبتهم وتقديم المساعدات الفنية وإعداد الملاعب والمدربين وتمثيل المملكة في المؤتمرات والدورات العالمية، ثم تغير اسمها إلى "إدارة الشؤون الرياضية بوزارة الداخلية"، كما كونت لجنة استشارية تعمل لدراسة السياسة الرياضية العامة وتقديم المقترحات للإدارة العامة للشؤون الإدارية، وتتكون هذه اللجنة من الشخصيات الرياضية البارزة والخبراء الرياضيين، ورؤساء الأندية الرياضية  . وصدرت عام 1378هـ / 1959م لائحة شؤون اللاعبين التي أوضحت كيفية تسجيل اللاعبين واستقالاتهم وفقًا لنصوص مواد النظام  ،  ثم انتقلت مسؤولية رعاية الرياضة والكشافة إلى وزارة المعارف عام 1380هـ / 1960م (وزارة التربية والتعليم حاليًا) بدلاً من وزارة الداخلية، ومن أهم الإنجازات التي تمت في مدة إشراف اللجنة الرياضية العليا بوزارة المعارف: إصدار القرارات المنظمة لسير الحركة الرياضية وإعداد برامج نشاطاتها المختلفة ووضع اللوائح المناسبة، والعمل على دعم الحركة الرياضية والنهوض بها، وتكوين لجان فنية لدراسة أحوال الأندية في المنطقتين الوسطى والشرقية وتقويم نشاطها تمهيدًا لتسجيل مشاركتها رسميًا في الدوري العام على كأس الملك، وإقامة دوري المناطق  . وانتقل في أوائل عام 1382هـ / 1962م الإشراف الحكومي على شؤون الرياضة من وزارة المعارف إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي أنشأت إدارة رعاية الشباب، وشهدت الحركة الرياضية خلال إشراف إدارة رعاية الشباب بوزارة العمل مرحلة من التطور والتنظيم والإنجازات والاهتمام بالمنشآت الرياضية، ومن ذلك: إنشاء مكاتب لرعاية الشباب في المناطق الغربية والشرقية والوسطى، وتشكيل لجان إشرافية في بعض المناطق الأخرى، وإعادة تصنيف الأندية إلى درجتين أولى وثانية، وإنشاء اللجنة الأولمبية السعودية، ووضع حجر الأساس لمشروعات بعض المراكز الرياضية  . وقد وصل عدد الأندية الرياضية المرخص لها بمزاولة الأنشطة الرياضية عام 1386هـ / 1966م إلى 60 ناديًا نتيجة تطور الدعم لها من القطاعين الأهلي والحكومي أنشئ المجلس الأعلى لرعاية الشباب عام 1390هـ / 1970م ليقوم برسم السياسة العليا لكل نشاطات الشباب بالمملكة ويحدد أهدافها ويعمل على التنسيق بين كل الجهود المبذولة في هذا المجال، وتوحيد جميع أجهزة رعاية الشباب في جهاز واحد  . ثم صدر قرار مجلس الوزراء في تاريخ 23 / 4 / 1394هـ الموافق 1974م بتحويل "إدارة رعاية الشباب" إلى جهاز مستقل باسم "الرئاسة العامة لرعاية الشباب"،  وحدد مهامها الأساسية التي تتلخص في وضع السياسات العامة للخدمات الخاصة برعاية الشباب، وتطوير العمل في مجالات رعاية الشباب، والإشراف على جميع الجمعيات والأندية التي تعمل في مجال رعاية الشباب للنهوض بمستواها الإداري والمالي، والعناية بتمثيل المملكة في المؤتمرات الدولية، والإشراف على إعداد المنتخبات الوطنية في كل الألعاب الرياضية، والسعي إلى نشر الأنشطة الرياضية والترويحية بين جموع الشباب السعودي، ورعاية المتفوقين وتأهيلهم للمستويات الدولية والعالمية، والاهتمام بالأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية والرياضية والمعسكرات لصقل المواهب الشبابية وتنميتها في المجالات المختلفة  . 

 

 

أسست اللجنة الأولمبية السعودية عام 1384هـ / 1964م، بوصفها هيئة رياضية عليا ذات شخصية اعتبارية ومستقلة، وفي الدورة الأولمبية الثامنة عشرة التي أقيمت في طوكيو باليابان في العام نفسه وافقت اللجنة الدولية على عضوية المملكة مبدئيًا، وفي العام التالي في المؤتمر الأولمبي الذي انعقد في روما بإيطاليا أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية قبولها عضوية المملكة رسميًا  . 

وقد اشتركت المملكة لأول مرة وذلك في دورة طوكيو عام 1384هـ / 1964م، وكانت المشاركة الثانية في دورة مكسيكو عام 1388هـ / 1968م. وفي دورة ميونيخ عام 1392هـ / 1972م شهدت أول مشاركة سعودية بفريق ألعاب القوى، وفي دورة مونتريال عام 1396هـ / 1976م اشتركت المملكة أيضًا بفريق ألعاب القوى، وفي دورة لوس أنجلوس عام 1404هـ / 1984م اشتركت المملكة بوفد إداري ورياضي كبير  . 

 

 

أصبحت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بعد تأسيسها عام 1394هـ / 1974م هي الجهة المسؤولة عن رعاية الشباب وتوجيههم، ويقع على عاتقها مهمة رسم السياسة المتكاملة لاستغلال أوقات الفراغ لدى الشباب، بما ينمي مواهبهم ويقوي أجسادهم، ويؤصل في نفوسهم التقاليد الإسلامية والعادات العربية الأصيلة.

كما حرصت الرئاسة العامة لرعاية الشباب على أن تصل خدماتها إلى جميع الشباب السعودي في مختلف مناطق المملكة ومدنها، ومن أجل ذلك تم إنشاء مكاتب تابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب في مناطق المملكة للتنظيم والإشراف والنهوض بالأندية في مختلف النشاطات الشبابية والرياضية المتنوعة سواء في المدن أو القرى حتى أصبحت تغطي معظم مناطق المملكة.

وتقوم المكاتب التابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب بالمسؤوليات الآتية:

التنظيم والإشراف على جميع الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية لجميع أندية المملكة وشبابها.

 تنظيم المباريات الرياضية والمسابقات الثقافية والاجتماعية بكل أنواعها من أجل تحقيق التوازن الكامل والوصول إلى نقطة التوازن في جميع المجالات الشبابية المتعددة.

 تقوم بهمزة الوصل بين الشباب والرئاسة العامة لرعاية الشباب ونقل وجهات نظرهم ومقترحاتهم لدراستها وتحليلها بالأساليب العلمية، والعمل على وضع الحلول المناسبة لها  . 

و (جدول 41) يبين الإعانات التي قدمتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الاتحادات الرياضية في العام المالي 1428-1429هـ / 2007-2008م.

 

 

1 - بدايات الأندية الرياضية:

 

ضمن عملية التطور الرياضي المتواصل في المملكة، ومع تزايد الاهتمام بالأنشطة الرياضية والشبابية والجماهيرية عمومًا، سواء من قبل القطاعات الأهلية أو الرسمية، جرى تأسيس عدد من الأندية الرياضية خاصة في المدن الكبيرة، وفي مقدمتها مدينة جدة، بالإضافة إلى كل من: مكة المكرمة والطائف والمدينة المنورة والدمام وجيزان، ثم تلتها الرياض وبقية مدن المملكة الأخرى كالخبر، وعنيزة، وبريدة، وأبها، ونجران، وينبع، وتبوك، وخميس مشيط، على فترات زمنية متتابعة.

ولقد كان نادي الحجاز الرياضي في جدة هو أول فريق وطني تأسس عام 1346هـ / 1927م، تلاه نادي الاتحاد الرياضي بمدينة جدة أيضًا، وتأسس عام 1347هـ / 1928م، ثم نادي الأهلي بجدة عام 1357هـ / 1938م، ثم نادي الخليج بالمنطقة الشرقية عام 1364هـ / 1945م، ثم نادي الوحدة بمكة المكرمة عام 1366هـ / 1947م، ثم نادي الشباب بالرياض ونادي الاتفاق بالدمام عام 1367هـ / 1948م، ثم نادي أحد بالمدينة ونادي التهامي بجيزان عام 1370هـ / 1951م، ثم نادي هجر بالهفوف عام 1371هـ / 1952م، ثم تتابعت الأندية في معظم مدن المملكة ووصل عددها بعد ذلك إلى أكثر من 150 ناديًا  . 

 

 

انطلقت الرئاسة العامة لرعاية الشباب في تنفيذ خططها الخمسية على أساس أن الخدمات الرياضية والترويحية ضرورة لتنمية المجتمع وتساعد على تحقيق الرفاهية للمواطن؛ من منطلق اعتبار اللياقة البدنية في إطار اللياقة الشاملة التي تحققها النشاطات الرياضية والثقافية والاجتماعية، وباعتبارها ضرورة لا غنى عنها لعمليات الإنتاج والخدمات.

وقد وضعت الرئاسة العامة لرعاية الشباب في مقدمة اهتماماتها ضرورة العمل على تنمية قطاع البطولة والارتقاء بمراتبها والوصول بها إلى المستويات الدولية والعالمية، ومن هذا المنطلق كان الاهتمام بإعطاء أولوية متقدمة ضمن برنامج الإنشاءات لمقار الأندية الرياضية التي تضطلع بدور رئيس في قطاع البطولة، وتضمنت الخطة الخمسية الثالثة 1400- 1405هـ / 1980- 1985م إنشاء مقار جديدة للأندية الرياضية.